The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى سبب بدء العالم ومراتب الأسماء الحسنى من العالم كله

(الذراع)

ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ضرس الكافر في النار مثل أحد وكثافة جلده أربعون ذراعا بذراع الجبار

هذه إضافة تشريف مقدار جعله الله تعالى أضافه إليه كما تقول هذا الشي‏ء كذا وكذا ذراعا بذراع الملك تريد الذراع الأكبر الذي جعله الملك وإن كان مثلا ذراع الملك الذي هو الجارحة مثل أذرع الناس والذراع الذي جعله مقدارا يزيد على ذراع الجارحة بنصفه أو ثلثه فليس هو إذن ذراعه على حقيقته وإنما هو مقدار نصبه ثم أضيف إلى جاعله فاعلم والجبار في اللسان الملك العظيم وهكذا

(القدم)

يضع الجبار فيها قدمه القدم الجارحة ويقال لفلان في هذا الأمر قدم أي ثبوت والقدم جماعة من الخلق فتكون القدم إضافة وقد يكون الجبار ملكا وتكون هذه القدم لهذا الملك إذ الجارحة تستحيل على الله تعالى وجل‏

(و الاستواء)

أيضا ينطلق على الاستقرار والقصود والاستيلاء والاستقرار من صفات الأجسام فلا يجوز على الله تعالى إلا إذا كان على وجه الثبوت والقصد هو الإرادة وهي من صفات الكمال قال ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ أي قصد واسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ أي استولى‏

قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق‏

والأخبار والآيات كثيرة منها صحيح وسقيم وما منها خبر إلا وله وجه من وجوه التنزيه وإن أردت أن يقرب ذلك عليك فاعمد إلى اللفظة التي توهم التشبيه وخذ فائدتها وروحها أو ما يكون عنها فاجعله في حق الحق تفز بدرجة التنزيه حين حاز غيرك درك التشبيه فهكذا فافعل وطهر ثوبك ويكفي هذا القدر من هذه الأخبار فقد طال الباب‏

نفث الروح الأقدس في الروع الأنفس [المعنى الرمزى لالفاظ التشبيه بلسان الشرع‏]

بما تقدم من الألفاظ لما تعجب المتعجب ممن خرج على صورته وخالفه في سريرته ففرح بوجوده وضحك من شهوده وغضب لتوليه وتبشبش لتدليه ونسي ظاهره وتنفس فأطلق مواخره وثبت على ملكه وتحكم بالتقدير على ملكه فكان ما أراد وإلى الله المعاد فهذه أرواح مجردة تنظرها أشباح مسندة فإذا بلغ الميقات وانقضت الأوقات ومارت السماء وكورت الشمس وبدلت الأرض وانكدرت النجوم وانتقلت الأمور وظهرت الآخرة وحشر الإنسان وغيره في الحافرة حينئذ تحمد الأشباح وتتنسم الأرواح ويتجلى الفتاح ويتقد المصباح وتشعشع الراح ويظهر الود الصراح ويزول الإلحاح ويرفرف الجناح ويكون الابتناء بالضراح من أول الليل إلى الإصباح فما أسناها من منزله وما أشهاها إلى النفوس من حالة مكملة متعنا الله بها

«الباب الرابع في سبب بدء العالم ومراتب الأسماء الحسنى من العالم كله»

في سبب البدء وأحكامه *** وغاية الصنع وإحكامه‏

والفرق ما بين رعاة العلى *** في نشئه وبين حكامه‏

دلائل دلت على صانع *** قد قهر الكل بأحكامه‏

[خواص المكان وإحساس الجنان‏]

قد وقف الصفي الولي أبقاه الله على سبب بدء العالم في كتابنا المسمى بعنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب وفي كتابنا المسمى بإنشاء الدوائر الذي ألفنا بعضه بمنزله الكريم في وقت زيارتنا إياه سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ونحن نريد الحج فقيد له منه خديمه عبد الجبار أعلى الله قدره القدر الذي كنت سطرته منه ورحلت به معي إلى مكة زادها الله تشريفا في السنة المذكورة لأتممه بها فشغلنا هذا الكتاب عنه وعن غيره بسبب الأمر الإلهي الذي ورد علينا في تقييده مع رغبة بعض الإخوان والفقراء في ذلك حرصا منهم على مزيد العلم ورغبة في أن تعود عليهم بركات هذا البيت المبارك الشريف محل البركات والهدى والآيات البينات وأن نعرف أيضا في هذا الموضوع الصفي الكريم أبا محمد عبد العزيز رضي الله عنه ما تعطيه مكة من البركات وإنها خير وسيلة عبادية وأشرف منزلة جمادية ترابية عسى تنهض به همة الشوق إليه وتنزل به رغبة عليه فقد قيل لمن أوتي جوامع الكلم وكان من ربه في مشاهدة العين أدنى من قاب قوسين ومع هذا التقريب الأكمل والحظ الأوفر الأجزل أنزل عليه وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ومن شرط العالم المشاهد صاحب المقامات الغيبية والمشاهد أن يعلم أن للامكنة في القلوب اللطيفة تأثيرا ولو وجد القلب في أي موضع كان الوجود الأعم‏

فوجوده بمكة أسنى وأتم فكما تتفاضل المنازل الروحانية كذلك تتفاضل المنازل الجسمانية وإلا فهل الدر مثل الحجر إلا عند صاحب الحال وأما المكمل صاحب المقام فإنه يميز بينهما كما ميز بينهما الحق هل ساوى الحق بين دار بناؤها لبن التراب والتبن ودار بناؤها لبن العسجد واللجين فالحكيم الواصل من أعطى كل ذي حق حقه فذلك واحد عصره وصاحب وقته وكثير بين مدينة يكون أكثر عمارتها الشهوات وبين مدينة يكون أكثر عمارتها الآيات البينات أ ليس قد جمع معي صفي أبقاه الله أن وجود قلوبنا في بعض المواطن أكثر من بعض وقد كان رضي الله عنه يترك الخلوة في بيوت المنارة المحروسة الكائنة بشرقي تونس بساحل البحر وينزل إلى الرابطة التي في وسط المقابر بقرب المنارة من جهة بابها وهي تعزى إلى الخضر فسألته عن ذلك فقال إن قلبي أجده هنالك أكثر منه في المنارة وقد وجدت فيها أنا أيضا ما قاله الشيخ وقد علم وليي أبقاه الله أن ذلك من أجل من يعمر ذلك الموضع إما في الحال من الملائكة المكرمين أو من الجن الصادقين وإما من همة من كان يعمره وفقد كبيت أبي يزيد الذي يسمى بيت الأبرار وكزاوية الجنيد بالشونيزية وكمغارة ابن أدهم باليقين وما كان من أماكن الصالحين الذين فنوا عن هذه الدار وبقيت آثارهم في أماكنهم تنفعل لها القلوب اللطيفة ولهذا يرجع تفاضل المساجد في وجود القلب لا في تضاعف الأجر فقد تجد قلبك في مسجد أكثر مما تجده في غيره من المساجد وذلك ليس للتراب ولكن لمجالسة الأتراب أو هممهم ومن لا يجد الفرق في وجود قلبه بين السوق والمساجد فهو صاحب حال لا صاحب مقام ولا أشك كشفا وعلما أنه وإن عمرت الملائكة جميع الأرض مع تفاضلهم في المعارف والرتب فإن أعلاهم رتبة وأعظمهم علما ومعرفة عمرة المسجد الحرام وعلى قدر جلساتك يكون وجودك فإنه لهمم الجلساء في قلب الجليس لهم تأثيرا وهممهم على قدر مراتبهم وإن كان من جهة الهمم فقد طاف بهذا البيت مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي سوى الأولياء وما من نبي ولا ولي إلا وله همة متعلقة بهذا البيت وهذا البلد الحرام لأنه البيت الذي اصطفاه الله على سائر البيوت وله سر الأولية في المعابد كما قال تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ ومن دَخَلَهُ كانَ آمِناً من كل مخوف إلى غير ذلك من الآيات فلو رحل الصفي أبقاه الله إلى هذا البلد الحرام الشريف لوجد من المعارف والزيادات ما لم يكن رآه قبل ذلك ولا خطر له بالبال وقد علم رضي الله عنه إن النفس تحشر على صورة علمها والجسم على صورة عمله وصورة العلم والعمل بمكة أتم مما في سواها ولو دخلها صاحب قلب ساعة واحدة لكان له ذلك فكيف إن جاور بها وأقام وأتى فيها بجميع الفرائض والقواعد فلا شك أن مشهده بها يكون أتم وأجلي ومورده أصفى وأعذب وأحلى وإذ وصفيي أبقاه الله قد أخبرني أنه يحس بالزيادة والنقص على حسب الأماكن والأمزجة ويعلم أن ذلك راجع أيضا إلى حقيقة الساكن به أو همته كما ذكرنا ولا شك عندنا إن معرفة هذا الفن أعني معرفة الأماكن والإحساس بالزيادة والنقص من تمام تمكن معرفة العارف وعلو مقامه وإشرافه على الأشياء وقوة ميزه فالله يكتب لوليي فيها أثرا حسنا ويهبه فيها خيرا طيبا إنه الملي بذلك والقادر عليه‏

[الأسماء الإلهية والحقائق الوجودية]

اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين أن أكثر العلماء بالله من أهل الكشف والحقائق ليس عندهم علم بسبب بدء العالم إلا تعلق العلم القديم بإيجاده فكون ما علم أنه سيكونه وهنا ينتهي أكثر الناس وأما نحن ومن أطلعه الله على ما أطلعنا عليه فقد وقفنا على أمور أخر غير هذا وذلك أنك إذا نظرت العالم مفصلا بحقائقه ونسبه وجدته محصور الحقائق والنسب معلوم المنازل والرتب متناهى الأجناس بين متماثل ومختلف فإذا وقفت على هذا الأمر علمت إن لهذا سرا لطيفا وأمرا عجيبا لا تدرك حقيقته بدقيق فكر ولا نظر بل بعلم موهوب من علوم الكشف ونتائج المجاهدات المصاحبة للهمم فإن مجاهدة بغير همة غير منتجة شيئا ولا مؤثرة في العلم ولكن تؤثر في الحال من رقة وصفاء يجده صاحب المجاهدة فاعلم علمك الله سرائر الحكم ووهبك من جوامع الكلم أن الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الإحصاء عددا وتنزل دون أسماء الإحصاء سعادة هي المؤثرة في هذا العالم وهي المفاتح الأول التي لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وأن لكل حقيقة اسما ما يخصها من الأسماء وأعني بالحقيقة حقيقة تجمع جنسا من الحقائق رب تلك الحقيقة ذلك الاسم وتلك الحقيقة عابدته وتحت تكليفه ليس غير ذلك وإن جمع لك شي‏ء ما أشياء كثيرة فليس الأمر على ما توهمته فإنك إن نظرت إلى‏

ذلك الشي‏ء وجدت له من الوجوه ما يقابل به تلك الأسماء التي تدل عليها وهي الحقائق التي ذكرناها مثال ذلك ما ثبت لك في العلم الذي في ظاهر العقول وتحت حكمها في حق موجود ما فرد لا ينقسم مثل الجوهر الفرد الجزء الذي لا ينقسم فإن فيه حقائق متعددة تطلب أسماء إلهية على عددها فحقيقة إيجاده يطلب الاسم القادر ووجه إحكامه يطلب الاسم العالم ووجه اختصاصه يطلب الاسم المريد ووجه ظهوره يطلب الاسم البصير والرائي إلى غير ذلك فهذا وإن كان فردا فله هذه الوجوه وغيرها مما لم نذكرها ولكل وجه وجوه متعددة تطلب من الأسماء بحسبها وتلك الوجوه هي الحقائق عندنا الثواني والوقوف عليها عسير وتحصيلها من طريق الكشف أعسر

[أمهات الأسماء الإلهية]

واعلم أن الأسماء قد نتركها على كثرتها إذا لحظنا وجوه الطالبين لها من العالم وإذا لم نلحظ ذلك فلنرجع ونلحظ أمهات المطالب التي لا غنى لنا عنها فنعرف إن الأسماء التي الأمهات موقوفة عليها هي أيضا أمهات الأسماء فيسهل النظر ويكمل الغرض ويتيسر التعدي من هذه الأمهات إلى البنات كما يتيسر رد البنات إلى الأمهات فإذا نظرت الأشياء كلها المعلومة في العالم العلوي والسفلي تجد الأسماء السبعة المعبر عنها بالصفات عند أصحاب علم الكلام تتضمنها وقد ذكرنا هذا في كتابنا الذي سميناه إنشاء الدوائر وليس غرضنا في هذا الكتاب في هذه الأمهات السبعة المعبر عنها بالصفات ولكن قصدنا الأمهات التي لا بد لإيجاد العالم منها كما إنا لا نحتاج في دلائل العقول من معرفة الحق سبحانه إلا كونه موجودا عالما مريدا قادرا حيا لا غير وما زاد على هذا فإنما يقتضيه التكليف فمجي‏ء الرسول عليه السلام جعلنا نعرفه متكلما والتكليف جعلنا نعرفه سميعا بصيرا إلى غير ذلك من الأسماء فالذي نحتاج إليه من معرفة الأسماء لوجود العالم وهي أرباب الأسماء وما عداها فسدنة لها كما إن بعض هذه الأرباب سدنة لبعضها فأمهات الأسماء الحي العالم المريد القادر القائل الجواد المقسط وهذه الأسماء بنات الاسمين المدبر والمفصل فالحي يثبت فهمك بعد وجودك وقبله والعالم يثبت أحكامك في وجودك وقبل وجودك يثبت تقديرك والمريد يثبت اختصاصك والقادر يثبت عدمك والقائل يثبت قدمك والجواد يثبت إيجادك والمقسط يثبت مرتبتك والمرتبة آخر منازل الوجود فهذه حقائق لا بد من وجودها فلا بد من أسمائها التي هي أربابها فالحي رب الأرباب والمربوبين وهو الإمام ويليه في الرتبة العالم ويلي العالم المريد ويلي المريد القائل ويلي القائل القادر ويلي القادر الجواد وآخرهم المقسط فإنه رب المراتب وهي آخر منازل الوجود وما بقي من الأسماء فتحت طاعة هؤلاء الأسماء الأئمة الأرباب‏

[أئمة الأسماء الإلهية]

وكان سبب توجه هؤلاء الأسماء إلى الاسم الله في إيجاد العالم بقية الأسماء مع حقائقها أيضا على إن أئمة الأسماء من غير نظر إلى العالم إنما هي أربعة لا غير اسمه الحي والمتكلم والسميع والبصير فإنه إذا سمع كلامه ورأى ذاته فقد كمل وجوده في ذاته من غير نظر إلى العالم ونحن لا نريد من الأسماء إلا ما يقوم بها وجود العالم فكثرت علينا الأسماء فعدلنا إلى أربابها فدخلنا عليهم في حضراتهم فما وجدنا غير هؤلاء الذين ذكرناهم وأبرزناهم على حسب ما شاهدناهم فكان سبب توجه أرباب الأسماء إلى الاسم الله في إيجاد أعياننا بقية الأسماء فأول من قام لطلب هذا العالم الاسم المدبر والمفصل عن سؤال الاسم الملك فعند ما توجه على الشي‏ء عنه وجد المثال في نفس العالم من غير عدم متقدم ولكن تقدم مرتبة لا تقدم وجود كتقدم طلوع الشمس على أول النهار وإن كان أول النهار مقارنا لطلوع الشمس ولكن قد تبين أن العلة في وجود أول النهار طلوع الشمس وقد قارنه في الوجود فهكذا هو هذا الأمر فلما دبر العالم وفصله هذان الاسمان من غير جهل متقدم به أو عدم علم وانتشأت صورة المثال في نفس العالم تعلق اسمه العالم إذ ذاك بذلك المثال كما تعلق بالصورة التي أخذ منها وإن كانت غير مرئية لأنها غير موجودة كما سنذكره في باب مم وجد العالم‏

[أول أسماء العالم‏]

فأول أسماء العالم هذان الاسمان والاسم المدبر هو الذي حقق وقت الإيجاد المقدر فتعلق به المريد على حد ما أبرزه المدبر ودبره وما عملا شيئا من نش‏ء هذا المثال إلا بمشاركة بقية الأسماء لكن من وراء حجاب هذين الاسمين ولهذا صحت لهما الإمامة والآخرون لا يشعرون بذلك حتى بدت صورة المثال فرأوا ما فيه من الحقائق المناسبة لهم تجذبهم للتعشق بها فصار كل اسم يتعشق بحقيقته التي في المثال ولكن لا يقدر على التأثير فيها إذ لا تعطي الحضرة التي تجلى فيها هذا المثال فأداهم ذلك التعشق والحب إلى الطلب والسعي والرغبة في إيجاد صورة عين ذلك المثال ليظهر سلطانهم ويصح على الحقيقة وجودهم‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!