The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منازلة (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) هذا قول الله الصادق

الخاص الذي من الله لعبده لا يطلع على ذلك الوجه إلا صاحبه إذا اعتنى الله به وما من مخلوق إلا وله ذلك الوجه ويعلمه الله منه أمورا كثيرة ولكن لا يعرف بعض العبيد أنه أتاه ذلك العلم من ذلك الوجه وهو كل علم ضروري يجده لا يتقدم له فيه فكر ولا تدبر وصاحب العناية يعلم أن الله أعطاه ذلك العلم من ذلك الوجه‏

ثم قال له الخضر أيضا وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا

فإن كان موسى قد علم وجهه الخاص عرف ما يأتيه العلم من ذلك الوجه وإن كان لم يعلم ذلك فقد نبهه الخضر عليه ليسأل الله فيه فإذا علم الأشياء كلها من ذلك الوجه فهو ملازم لتلك المشاهدة والشئون الإلهية والأشياء تتكون عن الله وهو ينظر إليها فلا تشغله مع كثرة ما يشاهد من الكائنات في العالم وهو مقام الصديق في قوله ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله وذلك لما ذكرناه من شهوده صدور الأشياء عن الله بالتكوين فهو في شهود دائم والتكوينات تحدث فما من شي‏ء حادث يحدث عن الله إلا والله مشهود له قبل ذلك الحادث وما نبه أحد فيما وصل إلينا على هذا الوجه وما يتكون منه في قلب المعتكف على شهوده إلا أبو بكر الصديق ولكن نحن ما أخذناه من تنبيه أبي بكر الصديق عليه لكوننا ما فهمنا عنه ما أراد ولا فكرنا فيه وإنما اعتنى الله بنا فيه ففاجأنا العلم به ابتداء ولم نكن نعرفه فأنكرنا ذلك وقلنا هذا من أين ففتح الله بيننا وبينه ذلك الباب فعلمنا ما لنا من الحق على الخصوص وعرفنا إن هذا هو الوجه الخاص الذي من الله عز وجل لكل كائن عنه فلزمته واسترحت وعلامة من يدعيه لزوم الأدب الشرعي وإن وقعت منه معصية بالتقدير الإلهي الذي لا بد من نفوذه فإن كان يراها معصية ومخالفة للأمر المشروع فيعلم أنه من أهل هذا الوجه وإن كان يعتقد خلاف هذا فنعلم إن الله ما أطلعه قط على هذا الوجه الخاص ولا فتح له فيه وأنه شخص لا يعبأ الله به فإنه ما من أحد أعظم أدبا مع الشرع ولا اعتقادا حقيقيا فيه إنه الحق كما يعلمه العامي سواء إلا أهل هذا الوجه فإنهم يعلمون الأمور على ما هي عليه فيعلمون إن حظهم من هذا الأمر المشروع والتكليف وحظ الآتي به وهو الرسول وحظ العامة المخاطبين أيضا به على السواء لا فضل لأحدهم على الآخر فيه لأنه لذاته ورد لا لأمر آخر فالذي يحرم بالعموم في الخطاب المشروع على واحد يعم جميع المكلفين من غير اختصاص حتى لو قال بتحليل ذلك في حق شخص يتوجه عليه به لسان الذم في الظاهر كان كافرا عند الجميع وكان كاذبا في دعواه إنه من أهل هذا الوجه فإن أخص علوم هذا الوجه ما جاءت به الشرائع ولذلك‏

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لما خطب الناس في حق علي بن أبي طالب إذ قيل له إنه يخطب ابنة أبي جهل على ابنته فاطمة!!! فقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن فاطمة بضعة مني يسوءني ما يسوءها ويسرني ما يسرها وأنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولا تحليل ما حرم الله‏

فمع معرفته بالوجه الخاص الإلهي لم يعطه إلا إبقاء ما هو محرم على تحريمه وما هو محلل على تحليله فما حرم على علي نكاح ابنة أبي جهل إذ كان حلالا له ذلك ولكنه قال إن أراد ذلك يطلق ابنتي فو الله ما تجتمع بنت عدو الله وبنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم تحت رجل واحد وأثنى على زوج ابنته الأخرى خيرا فرجع علي بن أبي طالب عن ذلك‏

فلو كان ذلك الوجه يعطي ما يزعم هذا المجادل أنه أعطاه لكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أولى بذلك وما فعل وله الكشف الأتم والحكم الأعم والحظ الأوفر إذ هو السيد الأكبر ولا بد لكل شخص من خصوص وصف ينفرد به يعطيه الله ذلك من ذلك الوجه وبه يسعد الله في المال من يقال فيه إنه لا يسعد ولا تناله رحمة الله التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فإنها صدرت من وجوه الاختصاص فعمت العالم والجاهل والطائع والعاصي جعلنا الله ممن نالته في أحواله كلها فيلقي الله ولم يجر عليه لسان ذنب بعد معرفته بهذا الوجه وأحكام المجتهدين وجميع الشرائع من هذا الوجه الخاص صدورها والتعبير للرؤيا بالقوة من غير نظر في كتاب ولا استدلال من هذا الوجه الخاص يكون فمن أراد تحصيله فليلزم ما قررناه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السابع والتسعون وثلاثمائة في معرفة منازلة إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ هذا قول الله الصادق»

إن الرجال رجال الله كلهم *** والعارفين ومن يبقى ومن غبرا

ما منهم أحد يدري حقيقته *** إلا الذي جمع الآيات والسورا

وقام بالحق سباقا على قدم *** وما يبالي بمن قد ذم أو شكرا

من الإله علينا في خلافتنا *** بخاتم الحكم لم يخصص به بشرا

ولا نريد بذا فخرا فيلحقنا *** نقص لذلك أو يلحق بنا غيرا

[مهاجر إلى الله‏]

اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله عز وجل يقول ومن يَخْرُجْ من بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى الله ورَسُولِهِ وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فمن كانت هجرته إلى الله‏

ثم‏

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا هجرة بعد الفتح‏

يعني فتح مكة فإنه ما ثم إلى أين وقد جعل الله بيوت النفوس الإنسانية هذه الأجسام الطبيعية التي خلقها وسواها وعدلها بالبناء لسكنى هذه النفوس الإنسانية التي هي من جملة كلهم الحق فلما نفخها فيها وأسكنها

[أوقات التدبير ومقادير ذلك وجهاته‏]

واعلم هذه النفس بما لها عند الله في تدبير هذه المملكة التي ملكها الله وركز في جبلتها علم التدبير مطلقا ثم عين لها في تدبيرها الخاص والعالم أوقات التدبير ومقادير ذلك وجهاته بلسان الشرع موافقا لميزان الطبع فيحمد ذلك التدبير الخاص والعالم فقال أهل هذا الشأن من علماء الطبيعة ما قال أحد في أصل هذا العلم أجمع ولا أبدع من‏

قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذ قال المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وأصل كل داء البردة وأمر في الأكل إن كثر ولا بد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس‏

وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه‏

هذا في تدبير هذا البيت فما زال يحكم فيه بحكم الله إلى أن انقدح له في سره أنه وإن حكم فيه بحكم الله إنه إنما يحكم فيه الله بحكم الله مع ثبوت عينه عنده فلما عاين ذلك أنف من الحصر في ظلمة هذا الهيكل وطلب التنزيه عنه فوجد الله قد هيأ له من عمله مركبا ذلولا غير جموح برزخيا دون البغل وفوق الحمار سماه براقا لأنه تولد من عالم الطبيعة كما يتولد البرق في عالم الجو فأعطاه الله السرعة في السير فيضع حافره عند منتهى طرفه يراكبه فخرج مهاجرا من مدينة جسمه وأخذ في ملكوت الملإ الأعلى وآياته بعين الاعتبار لما تعطيه الآيات من العلم بالله فتلقاه الحق عند وروده عليه من أكوانه وأكوان الموجودات فأنزله عنده خير منزل وعرفه بما لم يكن قبل ذلك يعرف معرفة خطاب إلهي وشهود مشيئة من أجل المناسبة حتى لا يفجئوه الأمر بغتة فيهلك عند ذلك كما صعق موسى عليه السلام فإنه تعالى ما يتجلى له إلا في صورة محمدية فيراه برؤية محمدية وهي أكمل رؤية يرى فيها الحق وبها فيرفعه بها منزلا لا يناله إلا المحمديون وهو منزل الهوية فلا يزال في الغيب مشهده فلا يرى له أثر في الحس وهذا كان مشهد أبي السعود ابن الشبل ببغداد من أخص أصحاب عند القادر الجيلي فإذا كان صاحب هذا الشهود غير صاحب هوية بل يشهده في الملكوت مليكا وكل مشاهد لا بد أن يلبس صورة مشهوده فيظهر صاحب هذا الشهود بصورة الملك فيظهر بالاسم الظاهر في عالم الكون بالتأثير والتصريف والحكم والدعوى العريضة والقوة الإلهية كعبد القادر الجيلي وكأبي العباس السبتي بمراكش لقيته وفاوضته وكان شياعي الميزان أعطى ميزان الجود وعبد القادر أعطى الصولة والهمة فكان أتم من السبتي في شغله وأصحاب هذا المقام على قسمين منهم من يحفظ عليه أدب اللسان كأبي يزيد البسطامي وسليمان الدنبلي ومنهم من تغلب عليه الشطحات لتحققه بالحق كعبد القادر فيظهر العلو على أمثاله وأشكاله وعلى من هو أعلى منه في مقامه وهذا عندهم في الطريق سوء أدب بالنظر إلى المحفوظ فيه وأما الذي يشطح بالله على الله فذلك أكثر أدب مع الله من الذي يشطح على أمثاله فإن الله يقبل الشطح عليه لقبوله جميع الصور والمخلوق لا يقبل الشطح عليه لأنه مربوط بمقام إلهي عند الله مجهول من الوجه الخاص فالشاطح عليه قد يكذب من غير قصد ولا تعمد وعلى الله فما يكذب كالهيولى الكل التي تقبل كل صورة في العالم فأي صورة نسبت إليها أو أظهرتها صدقت في النسبة إليها وصدق الظهور فإن الصور تظهرها والهيولى الصناعية لا تقبل ذلك وإنما تقبل صورا مخصوصة فقد يمكن أن يجهل إنسان في النسبة إليها فينسب إليها صورا لا تقبلها الهيولى الصناعية هكذا هو الأمر فيما ذكرناه من الشطح على الله والشطح على أهل الله أصحاب المنازل وكان عبد القادر الجيلي رحمه الله ممن يشطح على الأولياء والأنبياء بصورة حق في حاله‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!