The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الملامية من الحضرة المحمدية وهذا مقام رسول الله --ص--

وعلم الإحسان وعلم التجلي الوسط الأوسط الذي بين الذوق والري في مذهب من يقول بالري وعلم ثلج برد اليقين من أين حصل وعلم العبودية لله دون غيره من الأشياء وما لهذه العبودية من الآثار في العلوم وعلم ما يعطيه أداء الواجبات وعلم الآخرة وعلم الهبات من العطايا واختلاف أحوال العطاء وعلم التقوى وأصناف الوقايات وعلم نعيم الأرواح وعلم العرش والرفارف والمنابر والأسرة والكراسي والمراتب وأين حظ كل واحد منها وعلم النقيضين وعلم التداني الأعلى من التداني الأنزل وعلم الظلالات وعلم الانقياد بطريق الذلة وعلم الطواف بالبيت والطائفين ولما ذا يطاف به وبما ذا يطاف وعلم الاصطلام وعلم اللآلي والسلوك وعلم الرتبة الإلهية والدنياوية وتنوعاتها وما المحمود منها وعلم التحجيل وعلم تقديس التجلي وعلم الجزاء الإلهي وعلم تنزيل الغيوب وعلم التكليف وعلم الإرادة وعلم التبديل والإبدال وعلم الاختصاص وفي كل صنف مما ذكرناه من العلوم علوم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب التاسع وثلاثمائة في معرفة منزل الملامية من الحضرة المحمدية»

وهذا مقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وممن تحقق به من الشيوخ حمدون القصار وأبو سعيد الخراز وأبو يزيد البسطامي وكان في زماننا هذا أبو السعود بن الشبل وعبد القادر الجيلي ومحمد الأواني وصالح البربري وأبو عبد الله الشرفي ويوسف الشبربلى ويوسف بن تعز وابن جعدون الحناوي ومحمد بن قسوم وأبو عبد الله بن المجاهد وعبد الله بن تاخمست وأبو عبد الله المهدوي وعبد الله القطان وأبو العباس الحصار وما يضيق الكتاب عن ذكرهم‏

كل من أقسم بالخلق فما *** يلزم الحنث له مهما حنث‏

فأنا أقسم بالله الذي *** أسكن الأرواح أجداث الجثث‏

وبآيات الهدى من نوره *** إنه ما خلق الخلق عبث‏

وإذا لم يكن الأمر كما *** قلت يا سندي لا تكترث‏

خاب عقل عاهد الشرع على *** عقد ما قرره ثم نكث‏

أ ترى يحصد شخص زرع من *** بذر الحب ونقي وحرث‏

لا وحق الحق ما يملكه *** أخبر الروح به حين نفث‏

أودع الأرواح روحا واحدا *** بين زوجين نكاحا ثم بث‏

كتم السر الذي فيه له *** غيرة منه زمانا ثم بث‏

لم يسو الله في أحكامه *** حكمة ما بين شيخ وحدث‏

ثم إن جاء بحكم جامع *** لهما كان لأمر قد حدث‏

فكان بالطفل قد حل به *** هرم والشيخ قد حل الجدث‏

كان حيا ثم ميتا ثم من *** بعد موت عاد حيا فبعث‏

[أن رجال الله ثلاثة]

اعلم وفقك الله أن رجال الله ثلاثة لا رابع لهم رجال غلب عليهم الزهد والتبتل والأفعال الطاهرة المحمودة كلها وطهروا أيضا بواطنهم من كل صفة مذمومة قد ذمها الشارع غير أنهم لا يرون شيئا فوق ما هم عليه من هذه الأعمال ولا معرفة لهم بالأحوال ولا المقامات ولا العلوم الوهبية اللدنية ولا الأسرار ولا الكشوف ولا شيئا مما يجده غيرهم فهؤلاء يقال لهم العباد وهؤلاء إذا جاء إليهم أحد يسألهم الدعاء ربما انتهره أحدهم أو يقول له أي شي‏ء أكون أنا حتى أدعو لك وما منزلتي حذرا أن يتطرق إليهم العجب وخوفا من غوائل النفس لئلا يدخله الرياء في ذلك وإن كان منهم أحد يشتغل بقراءة فكتابه مثل الرعاية للمحاسبي وما جرى مجراه والنصف الثاني فوق هؤلاء يرون الأفعال كلها لله وإنه لا فعل لهم أصلا فزال عنهم الرياء جملة واحدة وإذا سألتهم في شي‏ء مما يحذره أهل الطريق يقولون أَ غَيْرَ الله تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ويقولون قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ وهم مثل العباد في الجد والاجتهاد والورع والزهد والتوكل‏

وغير ذلك غير أنهم مع ذلك يرون أن ثم شيئا فوق ما هم عليه من الأحوال والمقامات والعلوم والأسرار والكشوف والكرامات فتتعلق هممهم بنيلها فإذا نالوا شيئا من ذلك ظهروا به في العامة من الكرامات لأنهم لا يرون غير الله وهم أهل خلق وفتوة وهذا الصنف يسمى الصوفية وهم بالنظر إلى الطبقة الثالثة أهل رعونة وأصحاب نفوس وتلامذتهم مثلهم أصحاب دعاوى يشمرون على كل أحد من خلق الله ويظهرون الرئاسة على رجال الله والصنف الثالث رجال لا يزيدون على الصلوات الخمس إلا الرواتب لا يتميزون عن المؤمنين المؤدين فرائض الله بحالة زائدة يعرفون بها يمشون في الأسواق ويتكلمون مع الناس لا يبصر أحد من خلق الله واحدا منهم يتميزون عن العامة بشي‏ء زائد من عمل مفروض أو سنة معتادة في العامة قد انفردوا مع الله راسخين لا يتزلزلون عن عبوديتهم مع الله طرفة عين ولا يعرفون للرئاسة طعما لاستيلاء الربوبية على قلوبهم وذلتهم تحتها قد أعلمهم الله بالمواطن وما تستحقه من الأعمال والأحوال وهم يعاملون كل موطن بما يستحقه قد احتجبوا عن الخلق واستتروا عنهم بستر العوام فإنهم عبيد خالصون مخلصون لسيدهم مشاهدون إياه على الدوام في أكلهم وشربهم ويقظتهم ونومهم وحديثهم معه في الناس يضعون الأسباب مواضعها ويعرفون حكمتها حتى تراهم كأنهم الذي خلق كل شي‏ء مما تراهم من إثباتهم الأسباب وتحضيضهم عليها يفتقرون إلى كل شي‏ء لأن كل شي‏ء عندهم هو مسمى الله ولا يفتقر إليهم في شي‏ء لأنه ما ظهر عليهم من صفة الغني بالله ولا العزة به ولا أنهم من خواص الحضرة الإلهية أمر يوجب افتقار الأشياء إليهم وهم يرون كون الأشياء لا تفتقر إليهم ويفتقرون إليها كون الله قال للناس أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فهم وإن استغنوا بالله فلا يظهرون بصفة يمكن أن يطلق عليهم منها الاسم الذي قد وصف الله نفسه به وهو الاسم الغني وأبقوا لأنفسهم ظاهرا وباطنا الاسم الذي سماهم الله به وهو الفقير وقد علموا من هذا أن الفقر لا يكون إلا إلى الله الغني ورأوا الناس قد افتقروا إلى الأسباب الموضوعة كلها وقد حجبتهم في العامة عن الله وهم على الحقيقة ما افتقروا في نفس الأمر إلا إلى من بيده قضاء حوائجهم وهو الله قالوا فهنا قد تسمى الله بكل ما يفتقر إليه في الحقيقة والله لا يفتقر إلى شي‏ء فلهذا افتقرت هذه الطائفة إلى الأشياء ولم تفتقر إليهم الأشياء وهم من الأشياء والله لا يفتقر إلى شي‏ء ويفتقر إليه كل شي‏ء فهؤلاء هم الملامية وهم أرفع الرجال وتلامذتهم أكبر الرجال يتقلبون في أطوار الرجولية وليس ثم من حاز مقام الفتوة والخلق مع الله دون غيره سوى هؤلاء فهم الذين حازوا جميع المنازل ورأوا أن الله قد احتجب عن الخلق في الدنيا وهم الخواص له فاحتجبوا عن الخلق لحجاب سيدهم فهم من خلف الحجاب لا يشهدون في الخلق سوى سيدهم فإذا كان في الدار الآخرة وتجلى الحق ظهر هؤلاء هناك لظهور سيدهم فمكانتهم في الدنيا مجهولة العين فالعباد متميزون عند العامة بتقشفهم وتبعدهم عن الناس وأحوالهم وتجنب معاشرتهم بالجسم فلهم الجزاء والصوفية متميزون عند العامة بالدعاوي وخرق العوائد من الكلام على الخواطر وإجابة الدعاء والأكل من الكون وكل خرق عادة لا يتحاشون من إظهار شي‏ء مما يؤدي إلى معرفة الناس به قربهم من الله فإنهم لا يشاهدون في زعمهم إلا الله وغاب عنهم علم كبير وهذا الحال الذي هم فيه قليل السلامة من المكر والاستدراج والملامية لا يتميزون عن أحد من خلق الله بشي‏ء فهم المجهولون حالهم حال العوام واختصوا بهذا الاسم لأمرين الواحد يطلق على تلامذتهم لكونهم لا يزالون يلومون أنفسهم في جنب الله ولا يخلصون لها عملا تفرح به تربية لهم لأن الفرح بالأعمال لا يكون إلا بعد القبول وهذا غائب عن التلامذة وأما الأكابر فيطلق عليهم في ستر أحوالهم ومكانتهم من الله حين رأوا الناس إنما وقعوا في ذم الأفعال واللؤم فيما بينهم فيها لكونهم لم يروا الأفعال من الله وإنما يرونها ممن ظهرت على يده فناطوا اللؤم والذم بها فلو كشف الغطاء ورأوا أن الأفعال لله لما تعلق اللؤم بمن ظهرت على يده وصارت الأفعال‏

عندهم في هذه الحالة كلها شريفة حسنة وكذلك هذه الطائفة لو ظهرت مكانتهم من الله للناس لاتخذوهم آلهة فلما احتجبوا عن العامة بالعادة انطلق عليهم في العامة ما ينطلق على العامة من الملام فيما يظهر عنها مما يوجب ذلك وكان المكانة تلومهم حيث لم يظهروا عزتها وسلطانها فهذا سبب إطلاق هذا اللفظ في الاصطلاح عليهم وهي طريقة مخصوصة لا يعرفها كل أحد انفرد بها أهل الله وليس لهم في العامة حال يتميزون بها

[أن الحكيم من العباد هو الذي ينزل كل شي‏ء منزلته‏]

واعلم أن الحكيم‏

من العباد هو الذي ينزل كل شي‏ء منزلته ولا يتعدى به مرتبته ويعطي كل ذي حق حقه لا يحكم في شي‏ء بغرضه ولا بهواه لا تؤثر فيه الأعراض الطارئة فينظر الحكيم إلى هذه الدار التي قد أسكنه الله فيها إلى أجل وينظر إلى ما شرع الله له من التصرف فيها من غير زيادة ولا نقصان فيجري على الأسلوب الذي قد أبين له ولا يضع من يده الميزان الذي قد وضع له في هذا الموطن فإنه إن وضعه جهل المقادير فأما يخسر في وزنه أو يطفف وقد ذم الله الحالتين وجعل تعالى للتطفيف حالة تخصه يحمد فيها التطفيف فيطفف هناك على علم فإنه رجحان الميزان ويكون مشكورا عند الله في تطفيفه فإذا علم هذا ولم يبرح الميزان من يديه لم يخط شيئا من حكمة الله في خلقه ويكون بذلك إمام وقته فأول ما يزن به الأحوال في هذا الموطن فإن اقتضى وزنه للحال إظهار الحق لعباده وتعريف الخلق به عرفهم وذلك في الموطن الذي لا يؤدي ذكره إلى أذى الله ورسوله فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وهذا الذي اقتضى له اسم الصبور والاسم الحليم وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ليس شخص أصبر على أذى من الله‏

وقد كذب وشتم‏

أخبر الله بذلك في الصحيح من الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عن ربه فقال كذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك‏

وهذا القول إنما تكلم به الاسم اللطيف ولهذا أكسبه هذا اللطف في العتب في دار الدنيا ووقع به التعريف ليرجع المكذب عن تكذيبه والشاتم عن شتمه فإنه موطن الرجوع والقبول منه والآخرة وإن كانت موطن الرجوع ولكن ليست موطن قبول فمن الميزان أن لا يعرض الحكيم بذكر الله ولا بذكر رسوله ولا أحد ممن له قدر في الدين عند الله في الأماكن التي يعرفها هذا الحكيم إذا ذكر الله فيها أو رسوله أو أحدا ممن اعتنى الله به كالصحابة عند الشيعة فإن ذلك داع إلى ثلب المذكور وشتمه وإدخال الأذى في حقه ففي مثل هذا الموطن لا يذكره‏

أ لا تراه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد نهانا أن نسافر بالقرآن الذي هو المصحف إلى أرض العدوفإنه يؤدي ذلك إلى التعرض لإهانته وعدم حرمته مما يطرأ عليه ممن لا يؤمن به فإنه عدو له وهذا مقام الملامي لا غيره فالشريعة كلها هي أحوال الملامية

سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن خلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقالت رضي الله عنها كان خلقه القرآن‏

ثم تلت قوله تعالى وإِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ فالأصل الإلهي الذي استندت إليه هذه الطائفة هو ما ذكرناه من أن الحق سبحانه يجب لجلاله من التعظيم والكبرياء ما تستحقه الألوهة ومع هذا فانظر موطن الدنيا ما اقتضاه في حق الحق من دعوى العبيد فيها الربوبية ومنازعة الحق في كبريائه وعظمته فقال فرعون أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏ وتكبر وتجبر وسبب

ذلك أن الموطن اقتضى أن ينحجب الخلق عن الله إذ لو أشهدهم نفسه في الدنيا لبطل حكم القضاء والقدر الذي هو علم الله في خلقه بما يكون عنهم وفيهم فكان حجابه رحمة بهم وإبقاء عليهم فإن تجليه سبحانه يعطي بذاته القهر فلا يتمكن معه دعوى فلما كانت الألوهية تجري بحكم المواطن كان هذا الأصل الإلهي مشهود الملامية إذ كانوا حكماء علماء فقالوا نحن فروع هذا الأصل إذ كان لكل ما يكون في العالم أصل إلهي ولكن ما كل أصل إلهي يكون في حق العبد إذا اتصف به محمودا فإن الكبرياء أصل إلهي بلا شك ولكن إن اتصف به العبد وصير نفسه فرعا لهذا الأصل واستعمله باطنا فإنه مذموم بكل وجه بلا خلاف ولكن إن استعمله ظاهرا في موضع خاص قد عين له وأبيح له فيه استعماله صورة ظاهرة لا روح لها منه كان محمودا لنفس الصورة ولهذا رأت الطائفة أن خرق العوائد واجب سترها على الأولياء كما أن إظهارها واجب على الأنبياء لكونهم مشرعين لهم التحكم في النفوس والأموال والأهل فلا بد من دليل يدل على إن التحكم في ذلك لرب المال والنفس والأهل فإن الرسول من الجنس فلا يسلم له دعواه ما ليس له بأصل إلا بدليل قاطع وبرهان والذي ليس له التشريع ولا التحكم في العالم بوضع الأحكام فلأي شي‏ء يظهر خرق العوائد حين مكنه الله من ذلك ليجعلها دلالة له على قربه عنده لا لتعرف الناس ذلك منه فمتى أظهرها في العموم فلرعونة قامت به غلبت عليه نفسه فيها فهي إلى المكر والاستدراج أقرب منها إلى الكرامة فالملامية أصحاب العلم الصحيح في ذلك فهم الطبقة العليا وسادات الطريقة المثلى والمكانة الزلفى في العدوة الدنيا والعدوة القصوى ولهم اليد البيضاء في علم المواطن وأهلها وما تستحق أن تعامل به ولهم علم الموازين وأداء الحقوق وكان سلمان الفارسي من أجلهم قدرا وهو من أصحاب رسول الله ص‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!