The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الجمع وأسراره

نسبة الربوبية والسيادة إليه فإن قلت فالفناء راجع إلى العبودة ولازم قلنا لا يصح أن يكون كالعبودة فإن العبودة نعت ثابت لا يرتفع عن الكون والفناء قد يفنيه عن عبودته وعن نفسه فحكمه يخالف حكم العبودة وكل أمر يخرج الشي‏ء عن أصله ويحجبه عن حقيقته فليس بذلك الشرف عند الطائفة فإنه أعطاك الأمر على خلاف ما هو به فألحقك بالجاهلين والبقاء حال العبد الثابت الذي لا يزول فإنه من المحال عدم عينه الثابتة كما أنه من المحال اتصاف عينه بأنه عين الوجود بل الوجود نعته بعد أن لم تكن وإنما قلنا هذا لأن الحق هو الوجود ولا يلزم أن تكون الصفة عين الموصوف بل هو محال والعبد باقي العين في ثبوته ثابت الوجود في عبودته دائم الحكم في ذلك إِنْ كُلُّ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ الله باقٍ فنحن عنده وهو عندنا فالحق النفاد والبقاء بمن ألحقته هذه الآية والنفاد فناء والبقاء نعت الوجود من حيث جوهره والفناء نعت العرض من حيث ذاته بل نعت سائر المقولات ما عدا الجوهر وقد أومأنا إلى ما فيه غنية لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ لخطاب الحق وهُوَ شَهِيدٌ

«الباب الثاني والعشرون ومائتان في معرفة الجمع وأسراره»

إذا سمعت بحق أو نظرت به *** فهو السميع البصير الواحد الأحد

وأنت لا فيه والأعيان قائمة *** والنفس والعقل والأرواح والجسد

فإن أخذت بجمع الجمع تصحبه *** به فأنت هناك السيد الصمد

وإن علمت بهذا واتصفت به *** حالا عليك جميع الأمر ينعقد

[ما المراد بالجمع‏]

اعلم أن الجمع عند بعض الطائفة إشارة من أشار إلى حق بلا خلق وقال أبو علي الدقاق الجمع ما سلب عنك وقالت طائفة منهم الجمع ما أشهدك الحق من فعله بك حقيقة وقال قوم الجمع مشاهدة المعرفة وحجته إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال بعضهم الجمع إثبات الخلق قائما بالحق وجمع الجمع الفناء عن مشاهدة كل شي‏ء سوى الحق وقال بعضهم الجمع شهود الأغيار بالله وجمع الجمع الاستهلاك بالكلية وفناء الإحساس بما سوى الله عند غلبات الحقيقة وقال بعضهم الجمع مشاهدة تصريف الحق الكل ومن نظم القوم في الجمع والفرق‏

جمعت وفرقت عني به *** ففرط التواصل مثنى العدد

فهذا قد ذكرنا بعض ما وصل إلينا من قولهم في الجمع وجمع الجمع والجمع عندنا أن تجمع ما له عليه مما وصفت به نفسك من نعوته وأسمائه وتجمع مالك عليك مما وصف الحق به نفسه من نعوتك وأسمائك فتكون أنت أنت وهو هو وجمع الجمع أن تجمع ما له عليه وما لك عليه وترجع الكل إليه وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الْأُمُورُ فما في الكون إلا أسماؤه ونعوته غير أن الخلق ادعوا بعض تلك الأسماء والنعوت ومشي الحق دعواهم في ذلك فخاطبهم بحسب ما ادعوه فمنهم من ادعى في الأسماء المخصوصة به تعالى في العرف ومنهم من ادعى في ذلك وفي النعوت الواردة في الشرع مما لا يليق عند علماء الرسوم إلا بالمحدثات وأما طريقنا فما ادعينا في شي‏ء من ذلك كله بل جمعناها عليه غير أنا نبهنا أن تلك الأسماء حكم آثار استعداد أعيان الممكنات فيه وهو سر خفي لا يعرفه إلا من عرف إن الله هو عين الوجود وأن أعيان الممكنات على حالها ما تغير عليها وصف في عينها ويكفي العاقل السليم العقل قولهم الجمع فإنه لفظ مؤذن بالكثرة والتمييز بين الأعيان الكثيرة فمن حيث التمييز كان الجمع عين التفرقة وليست التفرقة عين الجمع إلا تفرقة أشخاص الأمثال فإنه جمع وتفرقة معا وإن الحد والحقيقة بجمع الأمثال كالإنسانية وأشخاص ذلك النوع يتصفون بالتفرقة فزيد ليس بعمرو وإن كان كل واحد منهما إنسانا وهكذا جميع الأمثال وأشخاص النوع الواحد قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ على وجوه كثيرة قد علم الله ما يؤول إليه قول كل متاول في هذه الآية وأعلاها قولا أي ليس في الوجود شي‏ء يماثل الحق أو هو مثل للحق إذ الوجود ليس غير عين الحق فما في الوجود شي‏ء سواه يكون مثلا له أو خلافا هذا ما لا يتصور فإن قلت فهذه الكثرة المشهودة قلنا هي نسب أحكام استعدادات الممكنات في عين الوجود الحق والنسب ليست أعيانا ولا أشياء وإنما هي أمور عدمية بالنظر إلى حقائق النسب فإذا لم يكن في الوجود شي‏ء سواه فليس مثله شي‏ء لأنه ليس ثم فافهم‏

وتحقق ما أشرنا إليه فإن أعيان الممكنات ما استفادت إلا الوجود والوجود ليس غير عين الحق لأنه يستحيل أن يكون أمرا زائدا ليس الحق لما يعطيه الدليل الواضح فما ظهر في الوجود بالوجود إلا الحق فالوجود الحق وهو واحد فليس ثم شي‏ء هو له مثل لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان فالجمع على الحقيقة كما قررناه أن تجمع الوجود عليه فيكون هو عين الوجود وتجمع حكم ما ظهر من العدد والتفرقة على أعيان الممكنات إنها عين استعداداتها فإذا علمت هذا فقد علمت معنى الجمع وجمع الجمع ووجود الكثرة وألحقت الأمور بأصولها وميزت بين الحقائق وأعطيت كل شي‏ء حكمه كما أعطى الحق كل شي‏ء خلقه فإن لم تفهم الجمع كما ذكرناه فما عندك خبر منه وأما إشارات الطائفة التي سردناها فإن لهم في ذلك مقاصد أذكرها إن شاء الله مع معرفتهم بما ذهبنا إليه أو معرفة الأكابر منهم وأما قول من قال منهم إن الجمع حق بلا خلق فهو ما ذهبنا إليه أن الحق هو عين الوجود غير أنه ما تعرض لما أعطته استعدادات أعيان الممكنات في وجود الحق حتى اتصف بما اتصفت به وأما قول الدقاق في الجمع إنه ما سلب عنك فإنه يقتضي مقامه أن يريد سلب ما وقعت فيه الدعوى منك وهو له كالتخلق بالأسماء الحسنى ونسبة الأفعال إليك وهي له هذا يعطيه حال الدقاق لا الكلام فإنه لو قال غيره هذه الكلمة ربما قالها على أنه يريد بقوله ما سلب عنك عين الوجود فإنه الذي سلب عنك إذ كان عين الوجود وأما قول الآخر إن الجمع ما أشهدك الحق من فعله بك حقيقة فإنه يريد أنك محل لجريان أفعاله والأمر في الحقيقة بالعكس بل هو المنعوت بحكم آثار استعدادات أعيان الممكنات فيه إلا أن يريد بقوله من فعله بك أي بك ظهر الفعل ولم يتعرض لذكر فيمن ظهر الأثر فقد يمكن أن يريد ذلك وهو ما ذهبنا إليه وما تعطيه الحقائق فلو علمنا من هو صاحب هذا القول حكمنا عليه بحاله كما حكمنا علي الدقاق لمعرفتنا بمقامه وحاله وأما قول من قال الجمع مشاهدة المعرفة

[أن المعرفة بالله يؤدى أن العبد عمل عملا صحيحا]

فاعلم إن المعرفة بالله تعطي أن للعبد نسبة إلى العمل صحيحة أثبتها الحق ولذلك كلفه بالأعمال وللحق تعالى نسبة إلى العمل أثبتها الحق لنفسه وشرع لعبده أن يقول في عمله وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال موسى كليم الله وأعلم الخلق بالله رسل الله فقال لقومه اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا ولا فرق عندنا بين ما يقوله الله أو يقوله رسول الله من نعت الله في الصحة والنسبة إليه وقال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي‏

ثم فصل سبحانه وبين ما يقول العبد ويقول الله فنسب القول إلى العبد نسبة صحيحة والقول عمل وهو طلب العون من الله في عمله ذلك فصحت المشاركة في العمل فهذا قد جمعت في العمل بين الله وبين العبد فهذا معنى الجمع فقد قررت إن عين العبد مظهر بفتح الهاء وأن الظاهر هو عين الحق وأن الحق أيضا عين صفة العبد وبالصفة وجد العمل والظاهر هو العامل فإذا ليس العمل إلا لله خاصة قلنا وعند ما قررنا ما ذكرته قررنا أيضا أن عين العبد لها استعداد خاص مؤثر في الظاهر وهو الذي أدى إلى اختلاف الصور في الظاهر الذي هو عين الحق فذلك الاستعداد جعل الظاهر أن يقول وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يخاطب ذلك الظاهر بأثر استعداد هذا العين المصلية حكم الاسم المعين أن يعينه على عمله فإن عين الممكن إذا كان استعداده يعطي عجزا وضعفا ظهر حكمه في الظاهر فقول الظاهر هو لسان عين الممكن بل قول الممكن بلسان الظاهر كما أخبر الحق أنه قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده فأعطت المعرفة أن تجمع العمل على عامله لما وقع في ذلك من الدعاوي بما قد ذهب إليه أصحاب النظر القائلين بإضافة الأفعال إلى العباد مجردة والقائلين بإضافة الأفعال إلى الله مجردة والحق بين الطائفتين أي بين القولين فللعبد إلى العمل نسبة على صورة ما قررناها من أثر استعداد عين الممكن في الظاهر وللحق نسبة إلى العمل على صورة ما قررناه من قبول الظاهر لتأثير العين فيه فإن العبد قال على لسان أثره في الظاهر إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وهذا مذهبنا في الجمع فإن كان صاحب القول في الجمع أراد أنه مشاهدة المعرفة ويعرف معنى مشاهدة المعرفة فهو على ما قلناه فنحن إنما تكلمنا على معنى مشاهدة المعرفة لا على مقام قائلها إذ لهذه اللفظة وجوه نازلة عما ذهبنا إليه في شرحها فشرحناها على أتم الوجوه وأكملها وهو الذي الأمر عليه في نفسه ومن أجل بعض تلك الوجوه اعترضنا على قائل هذه اللفظة في مختصر هذا الكتاب وإلى ما قررناه وذهبنا إليه في الجمع ترجع أقوال الجماعة التي ذكرناها وحكيناها في أول الباب والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!