The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى المكاشفة

سماء وأرض فإنها في السماء والأرض معنى وصورة وهما في الناس معنى لا صورة والجامع بين المعنى والصورة أكبر في الدلالة ممن انفرد بأحدهما ولهذا قال ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فالحمد لله الذي جعلنا من القليل الذي يعلم ذلك فجمع الجبل بين الصورة والمعنى فهو أكبر من جبل موسى المعنوي إذ هو نسخة من العالم كما هو كل إنسان فإذا كان الجامع بين الأمرين وهو الأقوى والأحق باسم الجبل صار دكا عند التجلي فكيف يكون موسى حيث جبليته التي هي فيه معنى لا صورة ولما كانت الرؤية لا تصح إلا لمن يثبت لها إذا وقعت والجبل موصوف بالثبوت في نفسه وبالإثبات لغيره إذ كان الجبل هو الذي يسكن ميد الأرض ويقال فلان جبل من الجبال إذا كان يثبت عند الشدائد والأمور العظام فلهذا أحاله على الجبل الذي من صفاته الثبوت فإن ثبت الجبل إذا تجليت إليه فإنك ستراني من حيث ما فيك من ثبوت الجبل‏

فرؤية الله لا تطاق *** فإنها كلها محاق‏

فلو أطاق الشهود خلق *** أطاقه الأرض والطباق‏

فلم تكن رؤيتى شهودا *** وإنما ذلك انفهاق‏

قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أ رأيت ربك قال نوراني أراه‏

وذلك أن الكون ظلمة والنور هو الحق المبين والنور والظلمة لا يجتمعان كما لا يجتمع الليل والنهار بل كل واحد منهما يغطي صاحبه ويظهر نفسه فمن رأى النهار لم ير الليل ومن رأى الليل لم ير النهار فالأمر ظاهر وباطن وهو الظاهر والباطن فحق وخلق فإن شهدت خلقا لم تر حقا وإن شهدت حقا لم تر خلقا فلا تشهد خلقا وحقا أبدا لكن يشهد هذا في هذا وهذا في هذا شهود علم لأنه غشاء ومغشي‏

«بسم الله الرحمن الرحيم»

«الباب العاشر ومائتان في المكاشفة»

إذا الحق أعطاك أسماءه *** فخذها أمانة من قد فهم‏

بأن الأمانة محمولة *** وحاملها جاهل قد ظلم‏

فإن أنت أفهمت مقصوده *** فأنت المكاشف فلتلتزم‏

بأحكامها فمتى ما دعي *** بها فأجب أمره واحتشم‏

من أجل التصرف فيها ولم *** يكن ينبغي لك أن تحتكم‏

فإنك عبد وأسماؤه *** ربوبية عرضت فاحترم‏

مقام الأمانة أوردها *** إلى ربها أولا واعتصم‏

بما زادك الحال في أمرها *** وحقق إشارتها واغتنم‏

فهذي مكاشفة ترتضي *** وصاحبها سيد قد عصم‏

[المكاشفة تطلق بإزاء الأمانة بالفهم وتطلق بإزاء تحقيق زيادة الحال وتطلق بإزاء تحقيق الإشارة]

اعلم أن المكاشفة عند القوم تطلق بإزاء الأمانة بالفهم وتطلق بإزاء تحقيق زيادة الحال وتطلق بإزاء تحقيق الإشارة اعلم أن المكاشفة متعلقها المعاني والمشاهدة متعلقها الذوات فالمشاهدة للمسمى والمكاشفة لحكم الأسماء والمكاشفة عندنا أتم من المشاهدة إلا لو صحت مشاهدة ذات الحق لكانت المشاهدة أتم وهي لا تصح فلذلك قلنا المكاشفة أتم لأنها ألطف فالمكاشفة تلطف الكثيف والمشاهدة تكثف اللطيف وبقولنا هذا تقول طائفة كبيرة من أهل الله مثل أبي حامد وابن فورك والمنذري وقالت طائفة بالنقيض وإنما قلنا إنها أتم لأنه ما من أمر تشهده إلا وله حكم زائد على ما وقع عليه الشهود لا يدرك إلا بالكشف فإن أقيم لك ذلك الأمر في الشهود من حيث ذاته صحب ذلك المشهود حكم ولا بد لا يدرك إلا بالكشف هكذا أبدا فالمكاشفة إدراك معنوي فهي مختصة بالمعاني ومثال ذلك إذا شاهدت متحركا يطلب بالكشف محركه لأنه يعلم أن له محركا كشفا ولهذا يتعلق العلم بمعلومين ويتعلق البصر الذي هو للمشاهدة بمعلوم واحد فيدرك بالكشف ما لا يدرك بالشهود ويفصل الكشف ما هو مجمل في الشهود

[المكاشفة على ثلاثة معان‏]

فالمكاشفة كما قلنا على ثلاثة معان‏

مكاشفة بالعلم ومكاشفة بالحال ومكاشفة بالوجد

فأما مكاشفة العلم‏

فهي تحقيق الأمانة بالفهم وهو أن تعرف من المشهود لما تجلى لك ما أراد بذلك التجلي لك لأنه ما تجلى لك إلا ليفهمك ما ليس عندك فالمشاهدة طريق إلى العلم والكشف غاية ذلك الطريق وهو حصول العلم في النفس وكذلك إذا خاطبك فقد أسمعك خطابه وهو شهود سمعي فإن المشاهدة آنذا للقوى الحسية لا غير والكشف للقوى المعنوية فما أسمعك إلا لتفهم عنه وإذا أفهمك بأي نوع تجلى لك من إدراك صور الحواس فإنما ذلك الفهم أمانة منه عندك لتلك الأمانة أهل لا ينبغي لك أن تودعها إلا لأهلها وإن لم تفعل فأنت خائن وقال عليه السلام المجالس بالأمانة

أي لا تحدث بما وقع في المجالس إلا لمن أعطاك الله الفهم منها من ينبغي أن تتحدث معه بما وقع فيها فذلك أهلها وإذا حدثك إنسان ورأيته يلتفت فاعلم إن ذلك الحديث أمانة أودعها إياك فحظ المشاهدة ما أبصرت وما سمعت وما طعمت وما شممت وما لمست وحظ الكشف ما فهمت من ذلك كله وما فهمت فهو أمانة وإذا كان أمانة حكم عليك الأمر الإلهي بأدائها إلى أهلها أو ردها وردها أن تتناساها إذ ما قد علمت لا تقدر على جهله فتجعل نفسك كأنك ما أبصرت وما سمعت وهذا باب صعب جدا على العارفين يحتاج إلى أدب وحفظ ومراعاة حد فإنه ليس بينه وبين الكذب إلا حجاب واحد وكذلك الخيانة ليس بينه وبينها إلا حجاب واحد ومراعاة الحد تحول بينك وبين الخيانة والكذب فأما علم هذا فهو إذا سألك من يكرم عليك عما تحملته أمانة من شهود بصرك أو سمعك أو ما كان من قوى حواسك والسائل ليس من أهله ومعنى ليس من أهله أن الذي أعطاك هذه الأمانة علمت منه لمن أراد أن توصلها إليه فإن أجبت السائل لكرامته عليك فقد خنت وإن لم تجب وعدلت في الجواب إلى أمر آخر يقنع به السائل ولو عرف ما سترت عنه عز عليه ذلك فقد كذبت كمسألة الخليل في الكذبات الثلاث أثرت عنده في القيامة فاستحيا من الله أن يكلمه في فتح باب الشفاعة مع القصد الجميل في ذلك والصدق في دلالة اللفظ ولكن لم يكن ذلك مقصود المخاطب فسمي كذبا فانظر ما أخطر هذا الموضع وإن قلت ما عندي خبر كذبت أشد من التعريض والحق أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وجواب الصادقين عن ذلك الذين آثروا الحق على غيره أن يقولوا للسائل إن الذي سألت عنه لنا وجوه في الجواب عنه فلا أدري عن أي وجه سألت لتعلمه فإن قال لك فصل الوجوه قل له أنت ابن لي عن مقصودك فإذا قال لك مقصوده من الجواب فإن كان مما يدخل في الأمانة فقل له إنه أمانة أخذ علينا العهد في حفظها وحق الله أحق أن يراعى ولا تستحي في ذلك منه وإن كرم عليك أو كان ذا سلطان ولا يكون السموأل اليهودي المحجوب أوفى منك وأنت العارف المشاهد حتى ضرب به المثل في الوفاء وإن ذكر هذا السائل وجه مطلوبه من حيث لا تعلق له بالأمانة فأجبه ولا بد لينتفع ولا تعطه ما ليس في وسعه حمله فيعود وباله عليك فهذا معنى قولهم تحقيق الأمانة بالفهم‏

وأما المكاشفة بالحال‏

وهي تحقيق زيادة الحال فاعلم إن كل متصف بصفة في كل وقت فإن تلك الصفة هي حاله في ذلك الوقت أي صفة كانت ولهذا لا يأتي الحال إلا بعد تمام الكلام أي لو لم تذكر لأفاد الكلام دونها فإن كانت هي المقصودة بالإخبار عنها فما أفاد الكلام بالنظر إلى قصد المخبر تقول رأيت زيدا فاستقل الكلام وتم ثم بعد ذلك زدت راكبا فتقول رأيت زيدا راكبا أي في حال ركوبه فإن كان مقصودك التعريف برؤيتك إياه راكبا فما تم الكلام بهذا الاعتبار أي ما حصلت الفائدة التي اعتبرتها وقصدتها ولكن حصلت فائدة بالجملة وهي رؤية زيد أنك رأيته ولم تذكر على أي حالة فهذا معنى تحقيق زيادة الحال أن يتحقق إن الحال زائدة على ما تقع به الفائدة مطلقا من غير نظر إلى قصد وهذا راجع إلى الأول الذي هو تحقيق الأمانة بالفهم فلو لقيك أحد سألك هل رأيت زيدا فقلت له رأيته ثم زدت حالا لم يسألك عنها فقلت له مسافرا وكان في نفسه عند سؤاله هل رأيت زيدا حتى يعلم أنه في البلد فيجتمع به فلما قلت له مسافرا أعلمته بهذه الزيادة التي هي زيادة الحال بسفره فارحته من طلب الاجتماع به إذ لا يتمكن له ذلك مع كونه ليس في البلد فهذا وأمثاله من زيادة الحال وأما في طريق أهل الله فزيادة الحال هي أن تشهد ذاتا ما على حال ما فتطلع من ذلك الحال إلى ما يؤول إليه أمره لأجل ذلك الحال فسمى مثل هذا زيادة الحال ومكاشفة بالحال مثال ذلك أن تشاهد ذاتا ما على حال خاص من حركة أو سكون أو صفة ملائمة طبع الناظر أو غير ملائمة فتعرف من ذلك الحال أمرا



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!