The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى المشاهدة

وهو يتجلى فيها ومنهم العلماء به من حيث التجلي بالعلامة فهم فيه بحسب علامتهم ومنهم العلماء به عن نظر فكري فلا يقيدوه ويؤمنوا بكل تجل يعطي التقييد والتحديد فيفوتهم من الله خير كثير فمحبوبهم أقرب إليهم من حَبْلِ الْوَرِيدِ ولكن لا يعلمون أنه هو فمحبوبهم لا يزال ظاهرا لهم وهم لا يعرفونه وهذه الطائفة على نوعين طائفة تقول إنا نطمع أن نرى محبوبنا وطائفة تقول محال رؤية محبوبنا لكن ليس بمحال علمنا به إذ ليست الرؤية مطلوبة لذاتها وإنما هي طريق إلى حصول علم عند الرائي بالمرئي فبأي وجه حصل فهو ذاك وقد علمناه ومن علمنا به أن رؤيته من حيث إدراك البصر محال فيئسوا من ذلك فهم في نعيم الياس والآخرون في نعيم الطمع فالطائفتان يجتمعان في الانزعاج للفهم عنه تعالى مما خاطبهم به في المسمى قرآنا أو حديثا نبويا أو مما ظهر في العالم من آثار القدرة المؤدية إلى عظمته وكبريائه ولطفه وحنانه كل آية وسورة وصورة بما تعطي فيتفاضلون في الفهم فيطلبون المزيد من العلم وهم الأكابر ومنهم من يقول قد رويت فلا يطلب المزيد ورأيت منهم جماعة وهم أجهل الطوائف ورأيت أئمة من الأشاعرة على هذه القدم يرون أنهم يعرفون الله كما يعلم نفسه سبحانه من غير مزيد فهؤلاء مستريحون بجهلهم قد يئسنا من فلاحهم ويجتمعان أيضا في الانزعاج إلى اللقاء فمنهم من ينزعج إلى لقائه ومنهم من ينزعج إلى لقاء ما يريد منه ويجتمعان أيضا في الانزعاج إلى الإلقاء وإلى التلقي وينقسمون في ذلك على أقسام فمنهم المتلقي عموما وهو الكبير من الرجال ومنهم المتلقي من الملك ومن الله المعرض عما يجي‏ء به غير الخاطر الإلهي وغير الملك ومنهم من يتلقى الخاطر النفسي مضافا إلى هذين الخاطرين ومنهم من يرجح تلقي الخاطر الشيطاني على الملكي والنفسي لكونه مقابلا لأنه إلقاء عدو محض فيلقي خلاف الحق فيريد هذا المتلقي أن يقف على خلاف الحق من حيث ما هو خلاف عند الشيطان ولهذا ألقاه وهذا المتلقي حق كله لأنه نور كله بل هو عين النور فيعرف أن إبليس جهل ما عنده من الحق حيث تخيل أنه ليس بحق فأخذه هذا المتلقي حقا من صورة شيطانية فلم يحصل ما أعطاه الشيطان في صورة ملك ولا في صورة نفس إنسانية وزال حكم الشيطان منه حين قبله هذا المتلقي فإن الشيطان يظن أنه لوهمه أن الذي ألقى إليه أمري وجود وهو عدم عند الشيطان وما علم مرتبة هذا المتلقي وأنه ما تلقى منه إلا أمرا وجوديا فإذا رآه قد تعشق به عند أخذه ولم ير له انحطاط مرتبة ولا أثر جهل تعجب ونظر من أين أتى عليه في أمره وما الذي صير ذلك المعدوم موجودا فعلم أن الجهل إنما قام به لا بالمتلقي وأنه هو الذي ألقى إليه الأمر الوجودي على أنه موهوم الوجود لا محقق فرأى أنه قد سعى في مزيد علو رتبته بما أفاده من العلم وهو لا يريد ذلك بل قصد ما يليق به فما علم أنه لعنه الله محل للوجود وإنما تخيل أنه محل لإيهام الوجود لا لتحققه فيكون هذا المتلقي في هذا التلقي خلاقا وهذا أكمل مراتب الأخذ في التلقي‏

[انزعاج الرهبة]

وأما انزعاج الرهبة فمثل الرغبة إما رهبة منه وهوقوله وأعوذ بك منك‏

وإما رهبة مما يكون منه من عذاب حسي أو عذاب حجاب وهو عذاب الجهل أو التزين وليس في الحجب أكثف ولا أقوى من حجاب التزين لأن من زين له جهله فمن المحال طلب الحاصل في زعمه لأنه حاصل عنده وليس بحاصل في نفس الأمر فمن أراد أن يعتصم من التزين فليقف عند ظاهر الكتاب والسنة لا يزيد على الظاهر شيئا فإن التأويل قد يكون من التزين فما أعطاه الظاهر جرى عليه وما تشابه منه وكل علمه إلى الله وآمن به فهذا متبع ليس للتزين عليه سبيل ولا يقوم عليه حجة عند الله فإن كان من أهل البصائر فهو يدعو إلى الله على بصيرة ويتكلم على بصيرة فقد بري‏ء من التزين فهو صاحب علم صحيح وكان من أهل الزينة لا من أهل التزين فالانزعاج إلى الله قد يكون رهبة من هذا أيضا والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«بسم الله الرحمن الرحيم»

«الباب التاسع ومائتان في المشاهدة»

إذا أشهدت فأثبت يا غلام *** يصح لك المكانة والمقام‏

فتشهده بعقلك في حجاب *** ومشهده قوي لا يرام‏

وتشهده به في كل شي‏ء *** وليس له الوراء ولا الأمام‏

تؤم به وتقصده وما هو *** بمقصود لنا وهو الإمام‏

وتسكن عند رؤيته سكونا *** يكون به التحقق والسلام‏

[المشاهدة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد]

المشاهدة عند الطائفة رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ورؤيته في الأشياء وحقيقتها اليقين من غير شك قالت بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ وهو كان لم يكن غيره فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به حتى قالت كَأَنَّهُ هُوَ فعلمنا إن ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي أنها لم تكن كما قيل متولدة بين الإنس والجان إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها مثل هذا من حيث علمها بأبيها وما تجده في نفسها من القوة على ذلك حيث كان أبوها من الجان على ما قيل فهذا شهود حاصل وعين مشهودة وعلم ما حصل لأن متعلق العلم المطلوب هنا إنما هو نسبة هذا العرش المشهود إليها كما هو في نفس الأمر ولم تعلم ذلك كما إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأت جبريل في صورة دحية ما قالت كأنه هو وإنما قالت هو دحية ولم يكن في نفس الأمر دحية وهذا على النقيض من قصة بلقيس واشتركا في الشهود وعدم العلم بالمشهود من حيث نسبته لا من حيث ما شوهد والسبب في هذا الجهل أنهم ما علموا من دحية إلا الصورة الجسدية لا غير فما علموا دحية على الحقيقة وإنما علموا صورة الجسم التي انطلق عليها اسم دحية وعلى الحقيقة ما انطلق الاسم إلا على الجملة فتخيلوا لما شاهدوا الصورة أن الكل تابع لهذه الصورة وليس الأمر كذلك فإن البصر يقصر عن إدراك الفارق بين القوتين في الشبه إذا حضر أحدهما دون الآخر فلو حضرا معا عنده لفرق بينهما بالمكان والمسألة في نفسها شديدة الغموض ولا سيما في العلم الإلهي لأن النفس الناطقة التي هي روح الإنسان المسماة زيد إلا يستحيل عليها إن تدبر صورتين جسميتين فصاعدا إلى آلاف من الصور الجسمية وكل صورة هي زيد عينها ليست غير زيد ولو اختلفت الصور أو تشابهت لكان المرئي المشهود عين زيد كما تقول في جسم زيد الواحد مع اختلاف أعضائه في الصورة من رأس وجبين وحاجب وعين ووجنة وخد وأنف وفم وعنق ويد ورجل وغير ذلك من جميع أعضائه أي شي‏ء شاهدت منه تقول فيه رأيت زيدا وتصدق كذلك تلك الصور إذا وقعت ويدبرها روح واحد إلا إن الخلل وقع هنا عند الرؤية لعدم اتصال الصور كاتصال الأعضاء في الجسم الواحد فلو شاهد الاتصال الذي بين الصور لقال في كل صورة شهدها هذا زيد كما يفعل المكاشف إذا شاهد نفسه في كل طبقة من طباق الأفلاك لأن له في كل فلك صورة تدبر تلك الصور روح واحدة وهي روح زيد مثلا وهذا شهود حق في خلق قالت الطائفة في المشاهدة إنها تطلق بإزاء ثلاثة معان منها مشاهدة الخلق في الحق وهي رؤية الأشياء بدلائل التوحيد كما قدمناه ومنها مشاهدة الحق في الخلق وهي رؤية الحق في الأشياء ومنها مشاهدة الحق بلا الخلق وهي حقيقة اليقين بلا شك فأما قولهم رؤية الأشياء بدلائل التوحيد فإنهم يريدون أحدية كل موجود ذلك عين الدليل على أحدية الحق فهذا دليل على أحديته لا على عينه وأما إشارتهم إلى رؤية الحق في الأشياء فهو الوجه الذي له سبحانه في كل شي‏ء وهو قوله إِذا أَرَدْناهُ فذلك التوجه هو الوجه الذي له في الأشياء فنفى الأثر فيه عن السبب إن كان أوجده عند سبب مخلوق وأما قولهم حقيقة اليقين بلا شك ولا ارتياب إذا لم تكن المشاهدة في حضرة التمثل كالتجلي الإلهي في الدار الآخرة الذي ينكرونه فإذا تحول لهم في علامة يعرفونه بها أقروا به وعرفوه وهو عين الأول المنكور وهو هذا الآخر المعروف فما أقروا إلا بالعلامة لا به فما عرفوا إلا محصورا فما عرفوا الحق‏

[الفرق بين الرؤية والمشاهدة]

ولهذا فرقنا بين الرؤية والمشاهدة وقلنا في المشاهدة إنها شهود الشاهد الذي في القلب من الحق وهو الذي قيد بالعلامة والرؤية ليست كذلك ولهذا قال موسى رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ وما قال أشهدني فإنه مشهود له ما غاب عنه وكيف يغيب عن الأنبياء وليس يغيب عن الأولياء العارفين به فقال له لَنْ تَرانِي ولم يكن الجبل بأكرم على الله تعالى من موسى وإنما أحاله على الجبل لما قد ذكر سبحانه في قوله لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ والجبل من الأرض وموسى من الناس فخلق الجبل أكبر من خلق موسى من طريق المعنى أي نسبة الأرض والسماء إلى جانب الحق أكبر من خلق الناس من حيث ما فيهم من‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!