The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الحياء وأسراره

هذه صفته أثر في الكون فعن غير تعمل ولا قصد إنما ذلك إلى الله يجريه على لسانه أو يده ولا علم له به فإن أثر على علم وادعى أنه صادق مع الله فهو إما جاهل بالأمر وإما كاذب وهذا ليس من صفة أهل الله فحال الصدق يناقض مقامه ومقامه أعلى من حاله في الخصوص وحاله أشهر وأعلى في العموم‏

[الشيخ عبد القادر كان له حال الصدق وتلميذه الشيخ أبو السعود بن الشبل كان له مقام الصدق‏]

وكان للإمام عبد القادر على ما ينقل إلينا من أحواله حال الصدق لا مقامه وصاحب الحال له الشطح وكذلك كان رضي الله عنه وكان للإمام أبي السعود بن الشبلي تلميذ عبد القادر مقام الصدق لا حاله فكان في العالم مجهولا لا يعرف ونكرة لا تتعرف نقيض عبد القادر عجزا محققا لتمكنه في مقام الصدق مع الله كما كان عبد القادر محققا متمكنا في حال الصدق فرضي الله عنهما فما سمعنا في زماننا من كان مثل عبد القادر في حال الصدق ولا مثل أبي السعود في مقام الصدق‏

[الصدق الذي لأهل الله والصدق الذي هو في معلوم الناس‏]

فالصدق الذي هو نعت إلهي لا يكون إلا لأهل الله والصدق الذي في معلوم الناس سار في كل صادق من مؤمن وكافر وهذا الصدق للصدق الإلهي كالظل للشخص فهو ظله ولهذا يظهر أثره في كل صادق من كل ملة ولو لم يكن ظلا له ما صح عنه أثر فاجعل بالك لما أشرنا إليه وبسطناه فالناس عنه في عماية وعن أمثاله من المقامات والأحوال‏

فلو لا الصدق ما كان الوجود *** ولولاه لما كان الشهود

(الباب السابع والثلاثون ومائة في معرفة مقام ترك الصدق وأسراره)

الصدق يخرج عن ضعف العبودة إذ *** هو الصدوق الشديد القهر للنفس‏

وكل ما حال بين العبد في طبق *** وضعفه فاتركنه خيفة اللبس‏

إذ ليس يقهر إلا من يماثله *** ولا يماثله شخص من الإنس‏

وهو الأتم وجودا من مغايره *** وكل غير ففي قيد وفي حبس‏

فإنه أحد وخلقه عدد *** والفصل ليس له حكم بلا جنس‏

[الصدق يطلب المماثلة لذلك أنف رجال الله من الاتصاف به‏]

لما كان الصدق يطلب المماثلة وإن كان محمودا فرجال الله أنفوا من الاتصاف به مع حكمه فيهم وظهور أثره عليهم غير أنه ليس مشهودا لهم ثم نظروا إليه من كونه نعتا إلهيا فلم يجدوا له عينا هناك ورأوا تعلق الصدق الإلهي إنما هو فيما وعد لا في كل ما أوعد ومن شرط النعت الإلهي عدم التقييد فيما هو متعلق له فعلموا أنه نعت إضافي لاختصاصه ببعض متعلقاته فلما رأوه على هذا أوجبوا ترك مشاهدته فإنهم كالناظرين في أمر معدوم لا وجود له‏

[درجات الصدق في العارفين وفي الملامية]

والصدق وإن كان نسبة وليست له عين موجودة فله درجات فدرجاته في العارفين من أهل الأسرار مائة وخمس وتسعون درجة وفي العارفين من أهل الأنوار مائتان وخمس وعشرون وفي الملامية من أهل الأسرار مائة وأربع وستون درجة وفي الملامية من أهل الأنوار مائة وأربع وتسعون درجة

[ترك المثبت هو ترك شهوده لا ترك وجوده‏]

وأنا أعطيك أصلا مطردا في كل ما أذكره من ترك كل ما نثبته إنما أريد بذلك ترك شهوده لا ترك أثره فإن حكمه لا يتمكن أن يقول فيه ليس فإنه موجود مشهود لكل عين فعلى هذا تأخذ كل ما أذكره في هذا الكتاب من التروك فاعلم ذلك‏

(الباب الثامن والثلاثون ومائة في معرفة مقام الحياء وأسراره)

إن الحياء من الايمان جاء به *** لفظ النبي وخير كله فبه‏

فليتصف كل من يرعى مشاهده *** وليس يعرف هذا غير منتبه‏

مستيقظ غير نوام ولا كسل *** مراقب قلبه لدى تقلبه‏

إن الحي من أسماء الإله وقد *** جاء التخلق بالأسماء فأحظ به‏

[الترك من كل موجود بقاء على الأصل والعمل فرع وجودى زائد]

ورد في الخبر أن الحي اسم من أسماء الله تعالى‏

وقال تعالى إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها يعني في الصغر وهو من صفات الايمان ومن صفات المؤمن ومن أسمائه تعالى المؤمن فالحيي نعت للمؤمن‏

فإن الحياء من الايمان والحياء خير كله والحياء لا يأتي إلا بخير وهذه كلها أخبار صحيحة

وحقيقتها أعني هذه الصفة الترك لأن الترك من كل موجود بقاء على الأصل والعمل فرع وجودي زائد على الأصل فلهذا قيل فيه خير كله فالحياء نعت سلبي فالعبد إذا ترك‏

ما لله لله وما يقول الكون إنه للعبد من الأمور الوجودية يتركه أيضا لله على حقيقة ما يترك ما هو لله بالإجماع من كل نفس لله فقد استحيا من الله حق الحياء

[النعوت كلها بحكم الأصالة وهي للعبد بحكم خلقه على الصورة]

ومن ترك ما لله لله خاصة فقد استحيا من الله ولكن لا حق الحياء وذلك أن النعوت التي نعت الحق بها نفسه من المسمى إخبار التشبيه وآيات التشبيه على ما يزعم علماء الرسوم وأنه تنزل إلهي رحمة بالعباد ولطفا إلهيا وهو عندنا نعت حقيقي لا ينبغي إلا له تعالى وأنه في العبد مستعار كسائر ما يتخلق به من أسمائه فإنه خَيْرُ الْماكِرِينَ والله يستهزئ بالمستهزئين من عباده باستهزاء ومكر هو له من حيث لا يشعرون وهو لا يصف نفسه بالحوادث فدل إن هذه النعوت بحكم الأصالة لله وما ظهرت في العبد الإلهي إلا لكونه خلق على الصورة من جميع الوجوه ولما عرف العارفون هذا ورأوا قوله تعالى وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ وهذه النعوت الظاهرة في الأكوان التي يعتقد فيها علماء الرسوم أنها حق للعبد من جملة الأمور التي ترجع إلى الله تركوها لله لاستحيائهم من الله حق الحياء وهو من نعوت الاسم المؤمن والمؤمن المصدق بأن هذه النعوت له أزلا وإن لم يظهر حكمها إلا في المحدثات فالحياء يدخل في الصدق ولهذا

قال الحياء من الايمان‏

[البقاء على الأصل لا يأتى إلا بخير]

وأما

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الحياء إنه لا يأتي إلا بخير

فهي كلمة صحيحة صادقة فإن البقاء على الأصل لا يأتي إلا بخير فإنها لا تصحبها دعوى فهو قابل لكل نعت إلهي يريد الحق أن ينعته به وما في المحل ضد يرده ولا مقابل يصده فيبقى الحق يفعل ما يريد بغير معارض ولا منازع وأما نعت الحق به فهو تركه العبد يتصف بنعوت الحق ويسلمها له ولا يخجله فيها بل يصدقه ويعلى بها رتبته ولا يكذبه في دعواه فإنه مجلاه فهذا من كون الحق حيا

[الحق يوقر عبده ويستحى أن يكذب شيبته‏]

ورد في الخبر أن شيخا يوم القيامة يقول الله له يا عبدي عملت كذا وكذا لأمور لم يكن ينبغي له أن يعملها فيقول يا رب ما فعلت وهو قد فعل فيقول الحق سيروا به إلى الجنة فتقول الملائكة التي أحصت عليه عمله يا ربنا أ لست تعلم أنه فعل كذا وكذا فيقول بلى ولكنه لما أنكر استحييت منه أن أكذب شيبته‏

فإذا كان الحق يستحي من العبد أن يكذب شيبته ويوقره فالعبد بهذه الصفة أولى‏

[درجات الحياء عند العارفين وعند الملاميين‏]

وللحياء درجات عند العارفين وعند الملاميين فدرجاته في العارفين إحدى وخمسون درجة وفي الملاميين عشرون درجة والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الواحد ومائة

( (بسم الله الرحمن الرحيم))

(فصل)

[أثر الحياء في وجه الإنسان‏]

لما كان الحياء صفة تنسب إلى الايمان فهو من ذات الايمان كان أثره من ظاهر صورة الإنسان في الوجه إذ الوجه ذات الشي‏ء وعينه وحقيقته‏

[الحياء كالإيمان ينقسم إلى بضع وسبعين شعبة]

فالحياء ينقسم كما

ينقسم الايمان إلى بضع وسبعين شعبة أرفعها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق‏

والمناسبة بين العالي والدون أن الشرك أذى في طريق التوحيد إماطته الأدلة العقلية والإنباءات الشرعية لما جعلته في طريق التوحيد الشبه المضلة والأهواء الشيطانية

[أعلى صور الحياء الذي يدرك الموحد في توحيده‏]

وصورة الحياء الذي يدرك الموحد في توحيده ويزيل الأذى من طريق الخلق تلفظه بنفي الإله قبل وصوله إلى إيجابه إلى من يستحقه وهو قوله لا إله والنفي عدم فوقع الحياء من العبد المؤمن حيث بدأ بالعدم وهو عينه لأن المحدث نعته تقدم حال العدم عليه ثم استفاد الوجود الذي هو بمنزلة الإيجاب لما وقع عليه النفي ولم يتمكن للمحدث أن يقول إلا هذا لأنه لا يصح العدم بعد الوجود ولا النفي بعد الإثبات فإنه لو تجلى له الحق ابتداء لم ينفه في الشريك لأنه كان يراه عينه لو كان له وجود وإن لم يكن له وجود فيكون نظر الموحد عند وقوعه على وجود الحق لا يتمكن أن يرى مع هذا الوجود عدما فكان لا يتلفظ بكلمة التوحيد أبدا ولا يرى نفسه أبدا فمن رحمة الله تعالى بالإنسان أنه أشهده أولا نفسه فرأى في نفسه قوى ينبغي أن لا تكون إلا لمن هو إله فلما حقق النظر بعقله ونظر إلى العوارض الطارئة عليه بغير إرادته ومخالفة أغراضه ووجد الافتقار في نفسه علم قطعا إن عين وجوده شبهة وأن هذه الصفات لا ينبغي أن تكون لمن هو إله فنفى تلك الألوهة التي قامت له من نفسه فقال لا إله ثم إنه لما أمعن النظر وجد نفسه قائما بغيره غير مستقل في وجوده فأوجب فقال عند ذلك إلا الله فلما أثبت نظر إلى هذا الذي أثبته فرآه عين صورة ما نفاه مرتبطا به ارتباط الظل بالشخص بنور العلم الذي فتح عينه إلى هذا الإدراك وقد كان نفاه بقوله لا إله فاستحى كيف أطلق لا إله ولهذا جعلته طائفة من أذكار العموم وكان بعض شيوخنا لا يقول في ذكره‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!