The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى مقام العبودة

في يسير الثواب لأنه لا يتمكن تحصيل ما لا يتناهى في الوجود لأنه لا يتناهى فلذلك قلنا متعلق الرضي اليسير وهو الرضي بالموجود فرضي به من الله وعن الله فيه وما قدم الله رضاه عن عبيد بما قبله من اليسير من أعمالهم التي كلفهم إلا ليرضوا عنه في يسير الثواب لما علموا إن عنده ما هو أكثر من الذي وصل إليهم فهو يصل إليهم مع الآنات حالا بعد حال أبد الآباد من غير انقطاع مع انقطاع أعمالهم التي كانت عن تكليف مشروع فانقطعت الأعمال منهم ولم تتقطع العبادة

[بقاء جزاء العبادة في السعداء وجزاء العبودية في الأشقياء]

فإذا تناهي حد العمل الحسن والقبيح في أهل الجنة وأهل النار بقي جزاؤهم جزاء العبادة في السعداء وجزاء العبودية في أهل النار وهو جزاء لا ينقطع أبدا فهذا أعطاهم اتساع الرحمة وشمولها فإن المجرمين لم يزل عنهم شهود عبوديتهم وإن ادعوا ربانية فيعلمون من نفوسهم أنهم كاذبون بما يجدونه فتزول الدعوى بزوال أوانها وتبقي عليهم نسبة العبودية التي كانوا عليها في حال الدعوى وقبل الدعوى ويجنون ثمرة قولهم بَلى‏ فكانوا بمنزلة من أسلم بعد ارتداده فحكم على الكل سلطان بلي فأعقبهم سعادة بعد ما مسهم من الشقاء بقدر ما كانوا عليه من زمان الدعوى فما زال حكم بلي يصحبهم من وقته إلى ما لا يتناهى دنيا وبرزخا وآخرة وعرضت عوارض لبعض الناس أخرجتهم في الظاهر عن حكم توحيدهم بما ادعوه من الألوهة في الشركاء فأثبتوه وزادوا فقام لهم الشركاء مقام الأسباب للمؤمنين‏

[كل عارض زائل وحكمه يزول بزواله‏]

وكل عارض زائل وحكمه يزول بزواله ويرجع الحكم إلى الأصل والأصل يقتضي السعادة فمال الكل إن شاء الله إليها مع عمارة الدارين ولكل واحدة ملؤها والرحمة تصحبها كما صحبت هنا العبودية لكل أحد ممن بقي عليها أو ادعى الربوبية فإنه ادعى أمرا يعلم من نفسه خلافه فمقام الرضي ما ثنته لك فقل فيه بعد هذا ما شئت حال أو مقام أو لا حال ولا مقام واعلم الفرق فيه بين النسبتين نسبته لله ونسبته للخلق والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب التاسع والعشرون ومائة في معرفة ترك الرضي)

ترك الرضي عند أهل الرسم مثلبة *** وعند أهل وجود الله آيات‏

على تحققهم بعين موجدهم *** من حيث ما هم به محو وإثبات‏

يرضى الإله عن النفس التي ربطت *** بحكمه ولهم فيها علامات‏

والنفس راضية عنه وليس لها *** بالعين علم ولا بالوجد لذات‏

وما سوى النفس من عقل فليس له *** رضي وليست له فيها نهايات‏

[جناب الله أوسع من أن أرضى منه باليسير ولكن أرضى عنه‏]

جناب الله أوسع من أن أرضى منه باليسير ولكن أرضى عنه لا منه لأن الرضي منه يقطع همم الرجال والله يقول آمرا نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً مع كونه قد حصل علم الأولين والآخرين وأوتي جوامع الكلم فإنه لا يعظم على الله شي‏ء طلب منه فإن المطلوب منه لا يتناهى فليس له طرف نقف عنده‏

[اتساع الممكنات لا يقبل التناهي‏]

فوسع في طلب المزيد إن كنت من العلماء بالله وإذا كان اتساع الممكنات لا يقبل التناهي فما ظنك بالاتساع الإلهي فيما يجب له وما يعطيه من المعرفة كل ممكن على عدم التناهي فيه فكيف إذا انضاف إلى تلك المعرفة ما لا تعلق للممكن بها لا من سلب ولا من إثبات نسب فإذا ترك العبد الرضي فعلى هذا الحد يتركه فهو راض عنه لا راض منه لأن الرضي منه جهل به ونقص والعبد الكامل مخلوق على صورة الكمال‏

[لا ينبغي الرضا بكل مقضى ولكن بقضاء الله فيما اقامه‏]

وأما قول بعضهم لي منذ ستين سنة أو كما وقت ما أقامني الله في أمر فكرهته قالت المشايخ أشار إلى دوام الرضي واحتجوا بهذا على ثبوت الأحوال فإن الرضي عندهم من الأحوال وهذا لا يصح من غير المعصوم والمحفوظ فربما كان هذا القائل من المحفوظين أو المعصومين فإن لم يكن فيريد الرضي بقضاء الله فيما أقامه لا بكل مقضي فإنه لا ينبغي الرضي بكل مقضي وإن رأيت وجه الحق فيه فإنك إذا كنت صحيح الرؤية فيه فإنك ترى وجه الحق فيه غير راض عنه فإن لم تره بذلك العين الإلهي وإلا فما رأيته إن رضيت به ولا يَرْضى‏ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ فتحفظ من هذا الحال أو هذا المقام فإنه زهوق لا يثبت عليه الاقدام فإن فيه منازعة الحق‏

(الباب الموفي ثلاثين ومائة في مقام العبودة)

إني انتسبت إلى نفسي لمعرفتي *** بأن نسبتنا للحق معلوله‏

وكونه علة للخلق مجهلة *** بما له من علو القدر مجهوله‏

هو الغني على الإطلاق ليس له *** فقر قد أودع الرحمن تنزيله‏

هذا الذي قلته القرآن فصله *** فابحث عليه ترى بالبحث تفصيله‏

[مقام العبودية مقام الذلة والافتقار]

العبودية نسب إلى العبودة والعبودة مخلصة من غير نسب لا إلى الله ولا إلى نفسها لأنه لا يقبل النسب إليه ولذلك لم تجي‏ء بيا النسب فأذل الأذلاء من ينتسب إلى ذليل على جهة الافتخار به ولهذا قيل في الأرض ذلول ببنية المبالغة في الذلة لأن الأذلاء يطئونها فهي أعظم في الذلة منهم فمقام العبودية مقام الذلة والافتقار وليس بنعت إلهي قال أبو يزيد البسطامي وما وجد سببا يتقرب به إلى الله إذ رأى كل نعت يتقرب به إلى الله للالوهية فيه مدخل فلما عجز قال يا رب بما ذا أتقرب إليك قال الله له بما جرت عادة الله مع أوليائه أن يخاطبهم به تقرب إلي بما ليس لي الذلة والافتقار

[تقرب العبد إلى الله بما ليس له وتقرب الله إلى العبد بما ليس له‏]

وهنا سر لا يمكن كشفه فمن أطلعه الله عليه عرفه نطق الله عباده عليه بأن له صاحبه وولدا وأمثالا وأن له البخل وأنه فقير من العرض بقولهم ونَحْنُ أَغْنِياءُ ثم قال سَنَكْتُبُ ما قالُوا وكتبة الله إيجاب وهذا موضع السر لمن فتح الله عين بصيرته ثم في قوله لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ فألحقهم في العقاب بالكفار وهم الذين ستروا ما يجب للحق عليهم من التنزيه والاشتراك في أسماء الصفات لا في مسمياتها فالعبد معناه الذليل يقال أرض معبدة أي مذللة

[لا يذل لله من لا يعرفه تعالى‏]

قال الله عز وجل وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وما قال ذلك في غير هذين الجنسين لأنه ما ادعى أحد الألوهية ولا اعتقدها في غير الله ولا تكبر على خلق الله إلا هذان الجنسان فلذلك خصهما بالذكر دون سائر المخلوقات فقال ابن عباس معناه ليعرفوني فما فسر بحقيقة ما تعطيه دلالة اللفظ وإنما تفسيره ليذلوا لي ولا يذل له من لا يعرفه فلا بد من المعرفة به أولا وأنه ذو العزة التي تذل الأعزاء لها فلذلك عدل ابن عباس في تفسير العبادة إلى المعرفة هذا هو الظن به‏

[مقام العبودية لم يتحقق به على كماله مثل رسوله الله‏]

ولم يتحقق بهذا المقام على كماله مثل رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فكان عبدا محضا زاهدا في جمع الأحوال التي تخرجه عن مرتبة العبودية وشهد الله له بأنه عبد مضاف إليه من حيث هويته واسمه الجامع فقال في حق اسمه وأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ وقال في حق هويته سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ فأسرى به عبدا ولما أمر بتعريف مقامه يوم القيامة قيد ذلك‏

فقال أنا سيد ولد آدم ولا فخر

بالراء أي ما قصدت الفخر عليكم بالسيادة بل أردت التعريف بشرى لكم إذ أنتم مأمورون باتباعي وقد روى ولا فخز

بالزاي ما قلته متبجحا وأنا لست كذلك فإن الفخر التبجح بالباطل في صورة حق‏

[العبد مع الحق في حال عبوديته كالظل مع الشخص في مقابلة السراج‏]

فالعبد مع الحق في حال عبوديته كالظل مع الشخص في مقابلة السراج كلما قرب من السراج عظم الظل ولا قرب من الله إلا بما هو لك وصف أخص لا له وكلما بعد من السراج صغر الظل فإنه ما يبعدك عن الحق إلا خروجك عن صفتك التي تستحقها وطمعك في صفته كَذلِكَ يَطْبَعُ الله عَلى‏ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ وهما صفتان لله تعالى وذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ وهذا

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أعوذ بك منك‏

[دخول العبد على الحق بنعته الأخص واستقبال الحق له بنعته الأخص‏]

وهذا المقام لا يبقى لك صفة تخص الحق وينفرد بها ولا يمكن حصول اشتراك فيها من النعوت الثبوتية لا النعوت السلبية والإضافية إلا ويعلمها صاحب هذا المقام خاصة ولكن عز صاحبه ذوقا فإن الوصف الأخص منك إذا تحققت به وانفردت ودخلت به على الحق لم يقابلك إلا بالنعت الأخص به الذي لا قدم لك فيه وإذا جئت بالنعت المشترك تجلى لك بالنعت المشترك فتعرف سر نسبته إليك من نسبته إليه وهو علم غريب قل أن تجد له ذائقا ومع هذا فهو دون الأول الذي هو الأخص بك فاعلم ذلك فتحقق بهذا المقام فهذا أعطاك مقام العبودية

[الظاهر ينصبغ بحقيقة المظهر كان ما كان‏]

وأما مقام العبودة فلا تدري ما يحصل لك فيه من العلم به فإنك تنفي النسب فيه عنه تعالى وعن الكون وهو مقام عزيز جدا لأنه لا يصح عند الطائفة أن يبقى الكون مع إمكانه بغير نسب وهو بالذات واجب لغيره والتنبيه على هذا المقام وصف الظاهر في المظهر بنعت العبد فإن الظاهر ينصبغ بحقيقة المظهر كان ما كان فلا ينتسب الظاهر إلى العبودية فإنه ليس وراءها نزول والمنتسب لا بد أن يكون أنزل في المرتبة من المنسوب إليه ولا ينتسب الظاهر إلا إليه فإن الأثر الذي أعطاه عين المظهر ليس غير الظاهر وليس وراء الله مرمى والشي‏ء لا ينسب إلى نفسه فلهذا جاءت العبودة



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!