The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام المراقبة

وفي الصبر من سوء الصنيعة أنه *** يقاوم قهر الحق في كل إقدام‏

فلا صبر عند العارفين فإنهم *** من الضعف في بحر على سيفه طام‏

[في الصبر المعروف عند العامة مقاومة القهر الإلهي‏]

اعلم علمك الله أن في الصبر المعروف عند العامة مقاومة القهر الإلهي وسوء أدب مع الله وما ابتلى الله عباده إلا ليتضرعوا إليه ويسألوه في رفع ما ابتلاهم به من البلاء عنهم لأنه دواء لما تعطيهم في نفوسهم من المرض الصورة التي خلقوا عليها فيدعيها من لم تكمل فيه الصورة فإنه من كمالها الخلافة وهم المكملون من الرجال ومن لم تحصل له درجة الخلافة فما هو على الصورة فإنه بالمجموع يكون بالصورة

[أكابر الرجال لا يحسبون نفوسهم عن الشكوى إلى الله‏]

قال بعضهم وقد بكى حين أخذه الجوع إنما جوعني لأبكي فهو يبكي له وعليه فإن أكابر الرجال لا يحبسون نفوسهم عن الشكوى إلى الله فإذا مدح الله الصابرين فهم الذين حبسوا نفوسهم عن الشكوى لغير الله وهذا مذهب الأكابر أ لا ترى سمنون لما أساء الأدب مع الله وأراد أن يقاوم القدرة الإلهية لما وجد في نفسه من حكم الرضي والصبر قال‏

وليس لي في سواك حظ *** فكيف ما شئت فاختبرني‏

فابتلاه الله بعسر البول والنفس مجبولة على طلب حظها من العافية ولما سأل هذا كان في حكم حال العافية فلما سلبها بهذا البلاء طلبتها النفس بما جبلت عليه‏

[النفس مجبولة على طلب حظها من العافية]

وقد ذكرنا ذلك في صفات النفس وأن الله عين لها مصارف لما علمه من أنها لا تنعدم إذ لو انعدمت لانعدمت النفس فهو وصف ذاتي لها أ لا ترى إلى عالم العلماء وحاكم الحكماء كيف كان سؤاله العافية وأمر بها

فقال إذا سألتم الله فاسألوه العافية فإن كنتم أهل بلاء فقد سألتم العافية وإن كنتم أهل عافية فقد سألتم دوامها

وهي مشتقة من عفي الأثر إذا ذهب فالعافية ذهاب أثر البلاء ممن قام به‏

[من الأدب مع الله وقوف العبد مع عجزه وفقره‏]

فمن الأدب مع الله وقوف العبد مع عجزه وفقره وفاقته فإن الغناء بالله لا يصح عن الله ولا عن المخلوقين من حيث العموم لكنه يصح من حيث تعيين مخلوق ما يمكن أن يستغني عنه بغيره‏

[الأسباب الذاتية لا يمكن رفعها]

فإن الله ما وضع الأسباب سدى فمنها أسباب ذاتية لا يمكن رفعها هنا ومنها أسباب عرضية يمكن رفعها فمن المحال رفع التأليف والتركيب عن الجسم مع بقاء حكم الجسمية فيه فهذا سبب لا يمكن زواله إلا بعدم عين الجسم من الوجود وإذا كانت الأسباب الأصلية لا ترتفع فلنقر الأسباب العرضية أدبا مع الله ولا نركن إليها ونبقي الخاطر معلقا بالله ولا يصح أن يتعلق بالله لله فإنه محال وإنما يتعلق بالله للأسباب فهذا حد المعرفة بها فقد بان لك معنى ترك الصبر

(الباب السادس والعشرون ومائة في معرفة مقام المراقبة)

كن رقيبا عليه في كل شأن *** فهو سبحانه عليك رقيب‏

في حضور وغيبة لشئون *** ولذا لي في كل حال نصيب‏

فإذا ما أتى أوان فراغ *** لا أبالي وإن ذا لعجيب‏

[مراقبة الوجود مراقبة الحق خلقه لحفظ الوجود عليه‏]

المراقبة نعت إلهي لنا فيه شرب قال تعالى وكانَ الله عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رَقِيباً وهو قوله ولا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما يعني السموات وهو العالم الأعلى والأرض وهو العالم الأسفل وما ثم إلا أعلى وأسفل وهو على قسمين عالم قائم بنفسه وعالم غير قائم بنفسه فالقائم بنفسه جواهر وأجسام وغير القائم بنفسه أكوان وألوان وهي الصفات والأعراض فعالم الأجسام والجواهر لا بقاء لهما إلا بإيجاد الأعراض فيهما فمتى لم يوجد فيهما العرض الذي به يكون بقاؤها ووجودها تنعدم ولا شك أن الأعراض تنعدم في الزمان الثاني من زمان وجودها فلا يزال الحق مراقبا لعالم الأجسام والجواهر العلوية والسفلية كلما انعدم منها عرض به وجوده خلق في ذلك الزمان عرضا مثله أو ضده يحفظه به من العدم في كل زمان فهو خلاق على الدوام والعالم مفتقر إليه تعالى على الدوام افتقارا ذاتيا من عالم الأعراض والجواهر فهذه مراقبة الحق خلقه لحفظ الوجود عليه وهذه هي الشئون التي عبر عنها في كتابه إنه كل يوم في شأن‏

[مراقبة كمال الوجود مراقبة الحق عباده فيما كلفهم به ورسم لهم من حدوده‏]

ومراقبة أخرى للحق في عباده وهي نظره إليهم فيما كلفهم من أوامره ونواهيه ورسم لهم من حدوده وهذه مراقبة كبرياء ووعيد فمنهم من وكل بهم من يحصي عليهم جميع ما يفعلونه مثل قوله ما يَلْفِظُ من قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ومثل قوله كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ وقوله سَنَكْتُبُ ما قالُوا وكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ في إِمامٍ مُبِينٍ وما الله بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ فهذه مراقبة الحق‏

[المراقبة التي لا تصح من العبد]

وأما مراقبة العبد فهي على ثلاثة أقسام الواحد منها لا يصح والاثنان يصح وجودهما من العبد أما المراقبة التي لا تصح فهي مراقبة

العبد ربه ولا يعلم ذاته ولا نسبته إلى العالم فلا يتصور وجود هذه المراقبة لأنها موقوفة على العلم بذات المراقب بفتح القاف وثم طائفة أخرى قالت بصحة تلك المراقبة فإن الشرع قد حدد كما ينبغي لجلاله فهو معنا أينما كنا وهو عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ وهو في الأرض يعلم سرنا وجهرنا وهو في السماء كذلك وينزل إليها وهو الظاهر في عين كل مظهر من الممكنات فقد علمنا هذا القدر منه فنراقبه على هذا الحد فمراقبتنا للأشياء هي عين مراقبتنا إياه لأنه الظاهر من كل شي‏ء فمن الناس من قال ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله يعني المراقبة وآخر بعده وآخر معه أو آخر فيه فمثل هؤلاء يصححون هذه المراقبة

[مراقبة الحياء]

والمراقبة الثانية مراقبة الحياء من قوله أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الله يَرى‏ فهو يراقب رؤيته وهي تراقبه فهو يرقب مراقبة الحق إياه فهذه مراقبة المراقبة وهي مشروعة

[مراقبة العبد قلبه ونفسه‏]

والمراقبة الثالثة هي أن يراقب قلبه ونفسه الظاهرة والباطنة ليرى آثار ربه فيها فيعمل بحسب ما يراه من آثار ربه وكذلك في الموجودات الخارجة عنه يرقبها ليرى آثار ربه فيها منها وهو قوله سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ ولهذه المراقبة تعلق بالحق إذ لا فاعل إلا الحق‏

[المراقبة دوام المراعاة للموازين الشرعية الخمسة]

والمراقبة دوام المراعاة بحيث أن لا يتخللها وقت لا يكون العبد فيه مراقبا فاعلم ذلك وتحققه تعلم شئون ربك في نفسك وما يدركه من الموجودات بصرك وما يصل إليه فكرك وعقلك وما يشهدك في مشاهدتك وما تطلع عليه من الغيوب في كونك أو حيث كان ومن هنا تعرف خواطرك وللمراقبة جاءت الموازين الشرعية وهي خمسة موازين الفرض والندب والإباحة والحظر والكراهة

[درجات المراقبة عند العارفين‏]

وللمراقبة درجات عند أرباب الأنس والوصال من العارفين ومبلغها سبع مائة درجة وأربع وسبعون درجة وعند أرباب الأدب من العارفين ثلاث مائة درجة وتسع وسبعون درجة وعند الملامية من أهل الأنس سبعمائة وثلاث وأربعون درجة وعند الأدباء منهم ثمان وأربعون وثلاثمائة درجة ولها نسب إلى العوالم منها إلى عالم الملك نسبتان وإلى عالم الملكوت نسبة واحدة عند الأدباء من الطائفتين وثلاث نسب عند أهل الأنس إلى عالم الجبروت‏

[واقعة برزخى وقعت لابن عربى ليلة تقييد هذا الباب‏]

واعلموا أن الله تعالى أطلعني في ليلة تقييدي هذا الباب على أمر لم يكن عندي في واقعة وقعت لي برزخية قيل لي فيها أ لم تسمع أن الدنيا أم رقوب قلت نعم قيل لي فاجعل لها فصلا في هذا الباب فاستخرت الله على ذلك‏

(وصل)

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن للدنيا أبناء

وإذا كان لها أبناء فهي أم لهؤلاء الأبناء ومن عادة الأم أن ترقب أبناءها لأنها المربية لهم ولها عليهم حنو الأمومة والحذر عليهم إن تؤثر فيهم ضرتها وهي الآخرة فيميلون إليها فتحفظهم من مشاهدة خير الآخرة فتشتد مراقبتها لأحوالهم‏

[الدنيا هي الدار الأولى؟ القريبة إلينا الحفيظة علينا الرحيمة بنا]

ثم لتعلموا إن الدنيا هي الدار الأولى القريبة إلينا نشأنا فيها وما رأينا سواها فهي المشهودة وهي الحفيظة علينا والرحيمة بنا فيها عملنا الأعمال المقربة إلى الله وفيها ظهرت شرائع الله وهي الدار الجامعة لجميع الأسماء الإلهية فظهرت فيها آلاء الجنان وآلام النار ففيها العافية والمرض وفيها السرور والحزن وفيها السر والعلن وما في الآخرة أمر إلا وفيها منه مثل وهي الأمنية الطائعة لله أودعها الله أمانات لعباده لتؤديها إليهم وهذا هو الذي جعلها ترقب أحوال أبنائها ما يفعلون بتلك الأمانات التي أدتها إليهم هل يعاملونها بما تستحق كل أمانة لما وضعت له فمنها أمانة توافق غرض نفوس الأبناء فترقبهم هل يشكرون الله على ما أولاهم من ذلك على يديها ومنها أمانات لا توافق أغراضهم فترقب أحوالهم هل يقبلونها بالرضى والتسليم لكونها هدية من الله فيقولون في الأولى الحمد لله المنعم المفضل ويقولون فيما لا يوافق الغرض الحمد لله على كل حال فيكونون من الحامدين في السراء والضراء فتعطيهم الدنيا هذه الأمانات نقية طاهرة من الشوب‏

[أمزجة الأبناء الدنيا هي كالبقاع للماء وكالأوعية لما يجعل فيها من غذاء]

فبعض أمزجة الأبناء الذين هم كالبقعة للماء والأوعية لما يجعل فيها فيؤثر مزاج تلك البقعة في الماء فإن الماء كله طيب عذب في أصله وهو المطر فإذا حصل في بقع الأرض وهي مختلفة البقاع في المزاج ظهر العذب في المزاج الحسن فأبقاه على أصله كما ورد طاهرا نظيفا وزاده من مزاجه طيبا وحلاوة زائدة على ما كان عليه وهو الماء النمير وبقعة أخرى جعلته ملحا أجاجا وبقعة أخرى جعلته قعاما مرا فأثر في الحال النقي هذه الأوعية والشرع إنما تعلق بأفعال الأبناء لا بالأم بل قال وبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وبما قال فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ من الرَّحْمَةِ وقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً فما أوصى الله تعالى بهذه الأمور إلا لعلمه بأنه في الأبناء من يصدر منهم مثل هذه الأفعال فأمرهم إن يراقبوا هذه الأحكام في‏

أفعالهم حتى يأتوا منها ما أمرهم الله والدنيا شفيقة عليهم حدبة كثيرة الحنو خائفة أن تأخذهم الضرة الآخرة منها فإن الدار في هذا الوقت للدنيا والحكم لها ولا ينبغي أن تعزل عنها كما إن الدار الآخرة لا تتعرض لها الدار الدنيا إذا انتقل الناس إليها فالدنيا أنصف من الآخرة في الحكم فإنها في دار سلطانها وإذا جاءت الآخرة وكان يومها لا تعترض الدنيا ولا تزاحم الآخرة فما أنصف أحد من الناس‏

[ما أنصف الدنيا أحد ذمت باساءة المسي‏ء فيها ولم تحمد بإحسان المحسن فيها]

قال قتادة ما أنصف الدنيا أحد ذمت بإساءة المسي‏ء فيها ولم تحمد بإحسان المحسن فيها فلو كانت بذاتها تعطي القبح والسوء ما تمكن أن يكون فيها نبي مرسل ولا عبد صالح كيف والله قد وصفها بالطاعة فقال إن علوها وسفلها قالا أَتَيْنا طائِعِينَ وقال أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ والصالح لا يرث إلا المال الصالح الذي يجوز له التصرف فيه فإنه عبد صالح ولم يقل إن جميع العباد يرثها فدل إن تركتها كان كسبا صالحا فورثه عباد الله الصالحون‏

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا قال أحدكم لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه‏

فهذا ابن عاق لها كيف لعنها وصرح باسمها والدنيا من حنوها على أبنائها لم تقدر أن تلعن ولدها فقالت لعن الله أعصانا لربه وما قدرت إن تسميه باسمه فهذا حنو الأم وشفقتها على ولدها

[الدنيا نعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر]

فيا عجبا فينا لم نقف عند ما أمرنا الله به من طاعته ولا وفقنا ولا وفينا ما رأيناه من أخلاق هذه الأم وحنوها علينا ومحبتها وقال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم نعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر

فوصفها بأن حذرها على أبنائها تذكرهم بالشرور وتهرب بهم منها وتزين لهم الخير وتشوقهم إليه فهي تسافر بهم وتحملهم من موطن الشر إلى موطن الخير وذلك لشدة مراقبتها إلى ما أنزل الله فيها من الأوامر الإلهية المسماة شرائع فتحب إن يقوم بها أبناؤها ليسعدوا فهذا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد وصفها بأحسن الصفات وجعلها محلا للخيرات فينبغي لأهل المراقبة أن يكون بدؤهم في الدخول لاكتساب هذه الصفة أن يرقبوا أحوال أمهم لأن الطفل لا يفتح عينيه إلا على أمه فلا يبصر غيرها فيحبها طبعا ويميل إليها أكثر مما يميل إلى أبيه لأنه لا يعقل سوى من يربيه وبأفعالها ينبغي يقتدى‏

[لما ذا تغار الدنيا من الآخرة]

فإن قلت فلما ذا تغار من الآخرة قلنا لما كان الحكم لها وهي من الطاعة بهذه المثابة وليس للآخرة هنا سلطان والذي في الآخرة هو في الدنيا من اللذات والآلام فالداران متساويتان فيصعب عليها أن يكون أبناؤها ينسبون إلى الآخرة وما ولدتهم ولا تعبت في تربيتهم وبعد هذا كله فإن الناس نسبوا ما كانوا عليه من أحوال الشرور التي عينها الشارع إلى الدنيا وهي أحوالهم ما هي أحوال الدنيا لأن الشر هو فعل المكلف ما هو الدنيا ونسبوا ما كانوا عليه من أحوال الخير ومرضاة الله التي عينها الشارع للآخرة وهي أحوالهم ما هي أحوال الآخرة لأن الخير هو فعل المكلف ما هو الآخرة فللدنيا أجر المصيبة التي أصيبت في أولادها ومن أولادها فمن عرف الدنيا بهذه المثابة فقد عرفها ومن لم يعرفها بهذه المثابة وجهلها مع كونه فيها مشاهدا لأحوالها شرعا وعقلا فهو بالآخرة أجهل حيث ما ذاق لها طعما

[الغلط الذي يطرأ لأهل الطريق في كشفهم‏]

وهنا يطرأ غلط لأهل طريق الله في كشفهم إذ لو تيقنوا في هذه الدار وطولعوا بأحوال الآخرة فليست تلك الآخرة على الحقيقة وإنما هي الدنيا أظهرها الله لهم في عالم البرزخ بعين الكشف أو النوم في صورة ما جهلوه منها في اليقظة فإنهم غير عارفين منها ما ذكرناه فيقولون رأينا الجنة والنار والقيامة ويذكرون الرؤيا التي رأوها وأين الدار من الدار وأين الاتساع من الاتساع فذلك الذي رأوه حال الدنيا التي خلقها الله عليها من الخير والطاعة والعدل في الحكومة والنصيحة والوعظ والتذكرة

[قيامة الدنيا وجنتها ونارها]

فإنه معلوم أن القيامة ما هي الآن موجودة فإذا رؤيت في الحياة الدنيا فما هي إلا قيامة الدنيا وجنة الدنيا ونار الدنيا وأن الجنة والنار جاءتا خادمتين للدنيا

إذ قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بل رؤي في صلاة الكسوف يتقدم في قبلته ثم تأخر تأخرا كثيرا ومد يده حين تقدم فسئل عن ذلك أني رأيت النار حين رأيتمونى تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ورأيت الجنة حين تقدمت وحين مددت يدي لأقطف منها قطفا ولو خرجت به إليكم لأكلتم منه ما بقيت وذكر أنه رأى في النار صاحبة الهرة وعمرو بن لحي الذي سيب السوائب‏

وذلك كله في حال الصلاة في يقظته وما قال رأيت الآخرة ولا جنة الآخرة ولا نارها بل قال في عرض هذا الحائط والحائط من الدار الدنيا ولذا

قال عليه السلام مثلت لي الجنة في عرض الحائط

ولم يقل هي وقال رأيت الجنة ولم يصفها وذكر التمثيل وتمثل الشي‏ء ما هو عين الشي‏ء بل هو شبهه وقال مثلت لي كما قال في جبريل عليه السلام فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا أ ترى كان‏



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!