اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
عنده علم بكلام الله عباده فإذا كلمه بالحجاب الصوري بلسان نبي أو من شاء الله من العالم فقد يصحبه الفهم وقد يتأخر عنه هذا هو الفرق بينهما وأما الأرزاق المحسوسة فإنه لا حكم له فيها إلا في بقية الله فمن أكل مما خرج عن هذه البقية لم يأكل من يد هذا الإمام العادل وليس مسمى رزق الله في حق المؤمنين إلا بقية الله وكل رزق في الكون من بقية الله وما بقي إلا أن يفرق بينهما وذلك أن جميع ما في العالم من الأموال لا يخلو إما أن يكون لها مالك معين أو لا يكون لها مالك فإن كان لها مالك معين فهي من بقية الله لهذا الشخص وإن لم يكن لها مالك معين فهي لجميع المسلمين فجعل الله لهم وكيلا هذا الإمام يحفظ عليهم ذلك فهذا من بقية الله الذي زاد على المال المملوك فكل رزق في العالم بقية الله إن عرفت معنى بقية الله فمال زيد بقية الله لزيد لما حجر الله عليه التصرف في مال عمرو بغير إذنه ومال عمرو بقية الله لعمرو لما حجر عليه التصرف في مال زيد بغير إذنه فما في العالم رزق إلا وهو بقية الله فيحكم الإمام فيه بقدر ما أنزل الله من الحكم فيه
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
فاعلم ذلك فالناس على حالتين اضطرار وغير اضطرار فحال الاضطرار يبيح قدر الحاجة في الوقت ويرفع عنه حكم التحجير فإذا نال ما يزيلها به رجح عليه حكم التحجير فإن كان المضطر قد تصرف فيما هو ملك لأحد تصرف فيه بحكم الضمان في قول وبغير ضمان في قول فإن وجد أداه عند القائل بالضمان وإن لم يجد فإمام الوقت يقوم عنه في ذلك من بيت المال وإن كان المتصرف قد تصرف فيما لا يملكه أحد أو يملكه الإمام بحكم الوكالة المطلقة من الله له فلا شيء عليه لا ضمان ولا غيره وهذا علم يتعين المعرفة به على إمام الوقت لا بد منه فما تصرف أحد من المكلفين بالوجه المشروع إلا في بقية الله قال الله عز وجل بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وهو حكم فرعي وإنما الأصل إن الله خلق لنا ما في الْأَرْضِ جَمِيعاً ثم حجر وأبقى فما أبقاه سماه بقية الله وما حجر سماه حراما أي المكلف ممنوع من التصرف فيه حالا أو زمانا أو مكانا مع التحجير فإن الأصل التوقف عن إطلاق الحكم فيه بشيء فإذا جاء حكم الله فيه كنا بحسب الحكم الإلهي الذي ورد به الشرع إلينا فمن عرف هذا عرف كيف يتصرف في الأرزاق وأما علم تداخل الأمور بعضها على بعض فهذا

