اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
وجود العبد من وجود الإله ثم غيبه عن وجوده بوجوده الأزلي وأوصله به فقال لله فاللام الداخلة على قوله الله الخافضة له هي حقيقة المألوه في باب التواضع والذلة وهي من حروف المعاني لا من حروف الهجاء ثم قدمها سبحانه على اسم نفسه تشريفا لها وتهمما وتنزيها لمعرفتها بنفسها وتصديقا لتقديم النبي صلى الله عليه وسلم إياها في
قوله من عرف نفسه عرف ربه
فقدم معرفة النفس على معرفة الرب ثم عملت في الاسم الله لتحقيق الاتصال وتمكينها من المقام ولما كانت في مقام الوصلة ربما توهم أن الحمد غير اللام فخفض العبد اتباعا لحركة اللام فقرئ الحمد لله بخفض الدال فكان لفظة الحمد بدلا من اللام بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة فالحمد هو وجود اللام واللام هي الحمد فإذا كانا شيئا واحدا كان الحمد في مقام الوصلة مع الله لأنه عين اللام فكان معنى كما كانت اللام لفظا ومعنى ثم حقيقة الخفض فيها إثبات العبودية ثم أحيانا يفنيها عن نفسها فناء كليا ليرفعها إلى المقام الأعلى في الأولية ثم يبقى حقيقتها في الآخرية فيقول الحمد لله برفع اللام اتباعا لحركة الدال وهذا مما يؤيد أن الحمد اللام وهو المعبر عنه بالرداء والثوب إذ
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
اللام تفني الرسم كما إن الباء تبقيه ولهذا قال أبو العباس بن العريف العلماء لي والعارفون بي فأثبت المقام الأعلى للام فإنه قال في كلامه والعارفون بالهمم ثم قال في حق اللام والحق وراء ذلك كله ثم زاد تنبيها على ذلك ولم يقنع بهذا وحده فقال والهمم للوصول والهمة للعارفين البائيين وقال في العلماء اللاميين وإنما يتبين الحق عند اضمحلال الرسم وهذا هو مقام اللام فناء الرسم فالحمد لله أعلى من الحمد بالله فإن الحمد بالله يبقيك والحمد لله يفنيك فإذا قال العالم الحمد لله أي لا حامد لله إلا هو فأحرى أن لا يكون ثم محمود سواه وتقول العامة الحمد لله أي لا محمود إلا الله وهي الحامدة فاشتركا في صورة اللفظ فالعلماء أفنت الحامدين المخلوقين والمحمودين والعامة أفنت المحمودين من الخلق خاصة وأما العارفون فلا يتمكن لهم أن يقولوا الحمد لله إلا مثل العامة وإنما مقامهم الحمد بالله لبقاء نفوسهم عندهم فتحقق هذا الفصل فإنه من لباب المعرفة


