اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[العظمة حال للرائى لا للمرئى]
وقد ورد خبر ذكره أبو نعيم الحافظ في دلائل النبوة أن جبريل أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسرى به في شجرة فيها كوكرى طائر فقعد جبريل في الواحد وقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخر فلما وصلا إلى السماء الدنيا تدلى إليهما شبه الرفرف درا وياقوتا فأما جبريل فغشي عليه وأما محمد صلى الله عليه وسلم فبقي على حاله ما تغير عليه شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمت فضل جبريل علي في العلم
لأنه علم ما رأى وأنا ما علمته فالعظمة التي حصلت في قلب جبريل إنما كانت من علمه بما تدلى إليه فقلب جبريل هو الموصوف بتلك العظمة فهي حال للرائي لا للمرئي ولو كانت العظمة حالة للمرئي لعظمة كل من رآه والأمر ليس كذلك وقد ورد في الحديث الصحيح أن الله يتجلى يوم القيامة لهذه الأمة وفيها منافقوها فيقول أنا ربكم فيستعيذون منه ولا يجدون له تعظيما وينكرونه لجهلهم به فإذا تجلى لهم في العلامة التي يعرفونه بها أنه ربهم حينئذ يجدون عظمته في قلوبهم والهيبة
فلهذا قلنا في
قوله العظمة ردائي
أي هي رداؤه الذي تلبسه عقول العلماء به وجعلها رداء ولم يجعلها ثوبا فإن الرداء له كمية واحدة والثو


