اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الفعل الإلهي الخاص بكل مخلوق]


وأما الفعل الخاص بكل خلق فهو إعطاؤه ما يستحقه كل خلق مما تقضيه الحكمة الإلهية وهو قوله أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى أي بين أنه تعالى أعطى كل شيء خلقه حتى لا يقول شيء من الأشياء قد نقصني كذا فإن ذلك النقص الذي يتوهمه هو عرض عرض له لجهله بنفسه وعدم إيمانه إن كان وصل إليه قوله أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فإن المخلوق ما يعرف كماله ولا ما ينقصه لأنه مخلوق لغيره لا لنفسه فالذي خلقه إنما خلقه له لا لنفسه فما أعطاه إلا ما يصلح أن يكون له تعالى والعبد يريد أن يكون لنفسه لا لربه فلهذا يقول أريد كذا وينقصني كذا فلو علم أنه مخلوق لربه لعلم أن الله خلق الخلق على أكمل صورة تصلح لربه أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين وهذه المسألة مما أغفلها أصحابنا مع معرفة أكابرهم بها وهي مما يحتاج إليها في المعرفة المبتدي والمنتهي والمتوسط فإنها أصل الأدب الإلهي الذي طلبه الحق من عباده وما علم ذلك إلا القائلون رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً وأما الذين قالوا أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ فما وقفوا على مقصود الحق من خلقه الخلق ولو لم يكن الأمر كما وقع لت