اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[وجه تقرب العبد من الله وبعده]


اعلم أيدنا الله وإياك بِرُوحٍ مِنْهُ أن الله تعالى ما أخبر نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بقربه من السائلين من عباده بالإجابة فيما يسألونه فيه إلا وقد ساوانا في العلم بالله من هذا الوجه ولو كان هذا القرب الإلهي في الإجابة قربه في المسافة التي ذكر عنها أنه أقرب إلى الإنسان من حَبْلِ الْوَرِيدِ لاكتفى وذلك لأنه لا يلزم من هذا القرب السماع كما لا يلزم من السماع في السؤال الإجابة فحصل من الفائدة بهذا التعريف ثلاثة أمور القرب والسماع والإجابة فلم يترك لعبده حجة عليه بل لله الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فإذا أقيم العبد في هذا الذكر فأول ما ينتج له الزهد فيما سوى الله فلا يتوسل إليه بغيره فإن التوسل إنما هو طلب القرب منه فقد أخبرنا الله تعالى أنه قريب فلا فائدة لهذا الطلب وخبره صدق ثم أخبر أنه يجيب سؤال السائلين فهو إخبار بأن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وأخبر بالإجابة ليتحفظ السائل ويراقب ما يسأل فيه لأنه لا بد من الإجابة فقد يسأل العبد فيما لا خير له فيه لجهله بالمصالح فهو تنبيه من الله وتحذير أن لا يسأل إلا فيما يعلم أن له فيه الخير الوافر عند الله في الدنيا والآخرة فمن أخذ هذا الذكر عل