اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

فإن ارتقى عن درجة البشرية كلمه الله من حيث ما كلم الأرواح إذ كانت الأرواح أقوى في التشبه لكونها لا تقبل التحيز والانقسام وتتجلى في الصور من غير أن يكون لها باطن وظاهر فما لها سوى نسبة واحدة من ذاتها وهي عين ذاتها والبشر من نشأته ليس كذلك فإنه على صورة العالم كله ففيه ما يقتضي المباشرة والتحيز والانقسام وهو مسمى البشر وفيه ما لا يطلب ذلك وهو روحه المنفوخ فيه وعلى بشريته توجهت اليدان فظهرت الشفعية في اليدين في نشأته فلا يسمع كلام الحق من كونه بشرا إلا بهذه الضروب التي ذكرها أو بأحدها فإذا زال في نظره عن بشريته وتحقق بمشاهدة روحه كلمه الله بما يكلم به الأرواح المجردة عن المواد مثل قوله تعالى في حق محمد صلى الله عليه وسلم وفي حق الأعرابي فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله وما تلاه عليه غير لسان محمد صلى الله عليه وسلم فأقام محمدا صلى الله عليه وسلم في هذه الصورة مقام الروح الأمين الذي نزل بكلام الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وهو قوله أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا يعني لذلك البشر فَيُوحِيَ إليه بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ الله تعالى مما أمره أن يوحى به إليه فقوله إِلَّا وَحْياً يريد هنا إله
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

الجواب إن الله قد بين ذلك بقوله تعالى وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها يعني الأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاد حقائق الأكوان ومن جملتها الأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاد الملائكة والملائكة لا تعرفها

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ثم أقام المسمين بهذه الأسماء وهي التجليات الإلهية التي هي للأسماء كالمواد الصورية للأرواح فقال للملائكة أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ يعني الصور التي تجلى فيها الحق إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في قولكم نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وهل سبحتموني بهذه الأسماء التي تقتضيها هذه التجليات التي أتجلاها لعبادي وإِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في قولكم ونقدس لك ذواتنا عن الجهل بك فهل قدستم ذواتكم لنا من جهلكم بهذه التجليات وما لها من الأسماء التي ينبغي أن تسبحونى بها فقالت الملائكة لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا فمن علمهم بالله أنهم ما أضافوا التعليم إلا إليه تعالى إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ بما لا يعلم الْحَكِيمُ بترتيب الأشياء مراتبها فأعطيت هذا الخليفة ما لم تعطنا مما غاب عنا فلو لا أن رتبة نشأته تعطي ذلك ما أعطت الحكمة أن يكون له هذا العلم الذي خصصته به دوننا وهو بشر

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

