Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل أتى ولم يأت وحضرة الأمر وحده

حركاتهم في الدخول إلى الحضرة الإلهية من العالم والخروج منها إلى العالم وممن تمكن في هذا المقام أبو يزيد البسطامي ورأيت فيها علم تشخص العدم حتى يقبل الحكم عليه بما يؤثر فيه الوجود وإن لم يكن كذلك فلا يعقل وصورته صورة تجلى الحق في أي صورة ظهر يحكم عليه بما يحكم به على تلك الصورة التي تجلى فيها ويستلزمه حكمها ومن ذلك نسب إليه تعالى ما نسب من كل ما جاءنا في الكتاب والسنة ولا يلزم التشبيه ورأيت فيها علم الطب الإلهي في الأجسام الطبيعية لا في الأخلاق وقد يكون في الأخلاق فإن مرض النفس بالأخلاق الدنية أعظم من مرض الأجسام الطبيعية ورأيت فيها علم ما لا يتعدى العامل ما يقتضيه طبعه ومزاجه إن كان ذا مزاج فإن كان العامل ممن لا مزاج له فإن عمله بحسب ما هو عليه في ذاته ورأيت فيها علم حكم من يسأل عما يعلم فيجيب أنه لا يعلم فيكون ذلك علما به عند السائل أنه يعلم ما سأله عنه فإن أجابه بما يعلم كما هو الأمر في نفسه وعليه علم أنه لا يعلم المجيب ما سأل عنه السائل ورأيت فيها علم التعاون على حصول العلم إذا وجد هل يحصل به كل علم يتعاون عليه أو يحصل به علم بعض العلوم دون بعض ورأيت فيها علم سبب وضع الشرائع وإرسال الرسل ورأيت فيها علم التحكم على الرسل ما سببه وهل هو محمود أو مذموم أو لا محمود ولا مذموم أو في موطن محمود وفي موطن مذموم ورأيت فيها علم المانع من وقوع الممكنات دفعة واحدة أعني ما وقع منها وهل ذلك ممكن أم لا وفيما يمكن ذلك وفيما لا يمكن والذي يمكن فيه هل وقع أم لا وما ثم إلا جوهر أو عرض حامل ومحمول قائم بنفسه وغير قائم بنفسه فيدخل في ذلك التقسيم الجسم وغيره وهل الجسم مجموع أعراض وصفات والجوهر كذلك أم ليس كذلك ورأيت فيها علم مرتبة التسعة من العدد ورأيت فيها علم تعارض الخصمين ما أداهما إلى المنازعة هل أمر وجودي أو عدمي ورأيت فيها علم الحق المخلوق به ورأيت فيها علم تسمية الاسم الواحد من الأسماء بجميع الأسماء كما ذهب إليه صاحب خلع النعلين أبو القاسم بن قسي رحمه الله في كتاب خلع النعلين ورأيت فيها علم مراتب المحامد وعواقبها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الثامن والستون وثلاثمائة في معرفة منزل الأفعال مثل أتى ولم يأت وحضرة الأمر وحده»

إذا كان غير الجنس مثلي في الفصل *** فأين امتيازي بالحديث عن النحل‏

أنا ناطق والطير مثلي ناطق *** كما جاء في القرآن في سورة النمل‏

فلا تفرحن إلا بما أنت واحد *** به فوجود الشكل يأنس بالشكل‏

لقد كان لي شيخ عزير مقدس *** يقول بتفضيل الأمور وبالوصل‏

[قد ورد في القرآن عن أمر المستقبل بلفظ الماضي لتحقق وقوعه‏]

قال الله تعالى وإِذْ قالَ الله يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ من دُونِ الله وهذا القول لا يكون إلا يوم القيامة فما وقع فعبر بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه ولا بد وزوال حكم الإمكان فيه إلى حكم الوجوب وكل ما كان بهذه المثابة فحكم الماضي فيه والمستقبل على السواء وسياقه بالماضي آكد في الوقوع وتحققه من بقائه على الاستقبال اعلم يا ولي أسعدك الله بالحق ونطقك به إن جماعة من أهل الله غلطوا في أمر جاء من عند الله تعالى وساعدناهم على غلطهم وما ساعدناهم ولكن مشينا أقوالهم لانتمائهم إلى الله حتى لا ينتمي إليه سبحانه إلا أهل حق وصدق وذلك أن الأمر الذي غلطوا فيه علم الحق المخلوق به وجعلوا هذا المخلوق به عينا موجودة لما سمعوا الله يقول إنه خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ بِالْحَقِّ وما أشبه هذه الآيات الواردة في القرآن والباء هنا بمعنى اللام ولهذا قال تعالى في تمام الآية فَتَعالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ من أجل الباء والأمر في نفسه في حق السماء والأرض وما أنزل ما بينهما حتى يعم الوجود كله مثل قوله وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ كذلك ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق أي للحق فاللام التي نابت الباء هنا منابها عين اللام التي في قوله لِيَعْبُدُونِ فخلق السموات والأرض للحق والحق أن يعبدوه ولهذا قال فَتَعالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ والشرك هو الظلم العظيم وما ظهر من موجود إلا من هذا النوع الإنساني وما ذكر الجن معه في الخلق للعبادة إلا لكونه أغواه بالشرك لا أنه أشرك والإنس هو الذي أشرك هذا إذا لم تكن الجن عبارة عن باطن الإنسان فكأنه يقول وما خلقت الجن وهو ما استتر من الإنسان وما بطن منه والإنس وهو ما يبصر منه لظهوره إلا ليعبدون‏

ظاهرا وباطنا ثم قال أَ ولَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ أي بين الخصومة ظاهر بها وقال خَلَقَ الْإِنْسانَ من نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وذلك لدعواه في الربوبية وما خلقه الله إلا عبدا فلا يتجاوز قدره فنازع ربه في ربوبيته وما نازعه مخلوق إلا هو ووصف خصومته بالإبانة دون من وصفه بالخصومة من الملإ الأعلى وغيرهم وفي دعوى غير الربوبية فإنه ما من خصام يكون من مخلوق في أمر خلاف دعوى الربوبية إلا وهو ممكن أن يكون الحق بيده في ذلك ويخفى على السامع والحاكم فلا يدري هل الحق معه أو مع خصمه وهل هو صادق في دعواه أو هو كاذب للاحتمال المتطرق في ذلك إلا دعواه في الربوبية فإنه يعلم من نفسه ويعلم كل سامع من خلق الله أنه كاذب في دعواه وأنه عبد ولذلك خلقه الله فلهذا قيل فيه إنه خصيم مبين أي ظاهر الظلم في خصومته فمن نازع ربه في ربوبيته كيف يكون حاله ثم إن هذا الإنسان ليته يسعى في ذلك في حق نفسه فإنه يعلم من نفسه أنه ليس له حظ في الربوبية ثم يعترف بالربوبية لخلق من خلق الله من حجر أو نبات أو حيوان أو إنسان مثله أو جان أو ملك أو كوكب فإنه ما بقي صنف من المخلوقات إلا وقد عبد منه وما عبده إلا الإنسان الحيوان فأشقى الناس من باع آخرته بدنيا غيره ومن هلك فيما لا يحصل بيده منه شي‏ء فيشهد على نفسه أنه أجهل الناس بغيره وأعلم الناس بنفسه لأنه ما ادعاها لنفسه ومن ادعاها لنفسه فإنما فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ لذلك وهو يعلم خلاف ذلك من نفسه ولذلك قال ما عَلِمْتُ لَكُمْ من إِلهٍ غَيْرِي أي في اعتقادكم‏

[أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشي‏ء لكن يخلق شيئا عند شي‏ء]

واعلم أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشي‏ء لكن يخلق شيئا عند شي‏ء فكل ما يقتضي

الاستعانة والسببية فهي لام الحكمة فما خلق الله شيئا إلا للحق والحق أن يعبدوه فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وما ذاك إلا من عمى القلوب الَّتِي في الصُّدُورِ عن الحق فلو كانت غير معرضة عن الحق مقبلة عليه لأبصرت الحق فأقرت بالربوبية له في كل شي‏ء ولم يشرك بعبادة ربه أحدا ولذلك قال فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً والصالح الذي لا يدخله خلل فإن ظهر فيه خلل فليس بصالح وليس الخلل في العمل وعدم الصلاح فيه إلا الشرك فقال ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً فنكر فعم كل من ينطلق عليه اسم أحد وهو كل شي‏ء في عالم الخلق والأمر وعم الشرك الأصغر وهو الشرك الذي في العموم وهو الربوبية المستورة المنتهكة في مثل فعلت وصنعت وفعل فلان ولو لا فلان فهذا هو الشرك المغفور فإنك إذا راجعت أصحاب هذا القول فيه رجعوا إلى الله تعالى والشرك الذي في الخصوص فهم الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ وهو الظلم العظيم الذي ظلموا به هذا المقول عليه إنه إله مع الله فظلموا الله في وحدانية الألوهية له وظلموا الشريك في نسبة الألوهية إليه فيأخذهم الله بظلم الشريك لا بظلمه في أحديته فإن الذي جعلوه شريكا يتبرأ منهم يوم القيامة حيث تظهر الحقوق إلى أربابها المستحقين لها فعلى الحقيقة أن الله لا يخلق شيئا بشي‏ء وإن خلقه لشي‏ء فتلك لام الحكمة وعين خلقه عين الحكمة إذ خلقه تعالى لا يعلل فالخلق عبد بالذات أثرت فيه العوارض ولا سيما الشخص الإنساني بل ما أثرت العوارض إلا في الشخص الإنساني وحده دون سائر الخلق وما سواه فعلى أصله من تنزيه خالقه عن الشريك ولذلك قال وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ وهذا ضمير الجمع في تفقهون إنما هم الناس خاصة فجميع المخلوقات عبدوا الله إلا بعض الناس فالإنسان أَلَدُّ الْخِصامِ حيث خاصم فيما هو ظاهر الظلم فيه وليس إلا الربوبية وهل رأيتم عبدا يخاصم ربه إلا إذا خرج عن عبوديته وزاحم سيده في ربوبيته فادعى ملكا لنفسه فإذا تصرف فيه سيده نازعه فيه وخاصمه فما وقعت خصومة من عبد في عبودية وإنما وقعت فيما هو رب فيه ومالك له وكثير من أهل الله من العلماء منهم ممن لا أذكره ولا أسميه فإن هذه النسبة إليه نسبة تنص على جهله فلذلك تأدبت معه فقرروا المخلوق به على وجهين فمنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عين علة الخلق والحق تعالى لا يعلل خلقه هذا هو الصحيح في نفسه حتى لا يعقل فيه أمر يوجب عليه ما ظهر من خلقه بل خلقه الخلق منة منه على الخلق وابتداء فضل وهو الغني عن العالمين ومنهم من جعل هذا الحق المخلوق به عينا موجودة بها خلق الله ما سواها وهم القائلون بأنه ما صدر عن الواحد إلا واحد وكان صدور ذلك الواحد صدور معلول عن علة أوجبت العلة صدوره وهذا فيه ما فيه والذي أقول به إنه‏

إذا جاء أمر الله فالآمر الأمر *** وذلك توحيد إلى من له الأمر

فلا تشركوا فالشرك ظلم مبرهن *** عليه وهذا الظلم قد عمه الحجر

ولما كان العلم تحيا به القلوب كما تحيا بالأرواح أعيان الأجسام كلها سمي العلم روحا تنزل به الملائكة على قلوب عباد الله وتلقيه وتوحى به من غير واسطة في حق عباده أيضا فأما القاؤه ووحيه به فهو قوله يُلْقِي الرُّوحَ من أَمْرِهِ عَلى‏ من يَشاءُ من عِبادِهِ وقوله وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً من أَمْرِنا وأما تنزيل الملائكة به على قلوب عباده فهو قوله تعالى يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ من أَمْرِهِ عَلى‏ من يَشاءُ من عِبادِهِ فهم المعلمون والأستاذون في الغيب يشهدهم من نزلوا عليه فإذا نزل هذا الروح في قلب العبد بتنزيل الملك أو بإلقاء الله ووحيه حيي به قلب المنزل عليه فكان صاحب شهود ووجود لا صاحب فكر وتردد ولا علم يقبل عليه دخلا فينتقل صاحبه من درجة القطع إلى حال النظر فالعبد العالم المجتبى إما يعرج فيرى وإما ينزل عليه في موضعه‏

إن العروج لرؤية الآيات *** نعت المحقق في شهود الذات‏

فانظر بفعل الحال تشهد كونه *** وانظر إلى الماضي يريك الآتي‏

إن الوجود مبرهن عن نفسه *** بوجوده في أكثر الحالات‏

فالحال في الأحياء يشهد دائما *** والماضي والآتي مع الأموات‏

فإن قال المعتذر عن هؤلاء فما فائدة خلق الإنسان الكامل على الصورة قلنا ليظهر عنه صدور الأفعال والمخلوقات كلها مع وجود عينه عنده أنه عبد فإن غاية الأمر الإلهي أن يكون الحق مع العبد وبصره بل جميع قواه‏

فقال تعالى فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده‏

الحديث فأثبت بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا للعبد فهذا الخبر يؤيد ما ذهبنا إليه وهو عليهم لو اعتذروا به محتجين علينا كما فعلت أنت ولم يكن لهم هذا الخبر فلا شي‏ء أعلى من كلام النبوة ولا سيما فيما أخبرت به عن الله عز وجل فإن قالوا إن الإمكان جعلنا أن نقول ما نقول قلنا الإمكان حكم وهمى لا معقول لا في الله ولا في المسمى ممكنا فإنه لا يعقل أبدا هذا المسمى ممكنا إلا مرجحا وحالة الاختيار لا تعقل إلا ولا ترجيح وهذا غير واقع فهو غير واقع عقلا لكن تقع وهما والوهم حكم عدمي فما ثم إلا واجب بذاته أو واجب به فمشيئة الحق في الأشياء واحدة

والحق ليس له إلا مشيئته *** وحيدة العين لا شرك يثنيها

والاختيار محال فرضه فإذا *** أتى فحكمته الإمكان تدريها

فلا تزال على الترجيح نشأته *** والله بالحال أخفى نفسه فيها

فزال من علمنا الإمكان عن نظر *** في الممكنات فيبديها ويخفيها

وإذا زال الإمكان زال الاختيار وما بقي سوى عين واحدة لأن المشيئة الإلهية ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء ولا تزال الأشياء على حكم واحد معين من الحكمين فما الأمر كما توهمه القائل بالإمكان فثبت أنه ما ثم إلا حق لحق وحق لخلق فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا فإن النعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا بل لا يزال كونها في الحالين فالقائم عين القاعد من حيث عينه والقائم ليس القاعد من حيث حكمه فالقائم لا يمكن أن يقعد في حال قيامه والقاعد لا يمكن أن يقوم في حال قعوده وما شاء الحق إلا ما هو الأمر عليه في نفسه فمشيئة الحق في الأمور عين ما هي الأمور عليه فزال الحكم فإن المشيئة إن جعلتها خلاف عين الأمر فأما إن تتبع الأمر وهو محال وإما أن يتبعها الأمر وهو محال وبيان ذلك أن الأمر هو أمر لنفسه كان ما كان فهو لا يقبل التبديل فهو غير مشاء بمشيئة ليست عينه فالمشيئة عينه فلا تابع ولا متبوع فتحفظ من الوهم فإن له سلطانا قويا في النفس يحول بينها وبين العلم الصحيح الذي يعطيه العقل السليم ولما دخلت هذا المنزل عند ما رفعت إلى أعلامه فاستدللت عليه بأعلامه حتى وصلت إليه بعد ما قاسيت مشقة وطالت على الشقة فلما دخلته صعب على التصرف فيه لما فيه من المهالك وهو منزل مظلم لا سراج فيه فكنت أمشي فيه بحس‏

الرجل والتثبت مخافة الوقوع في مهلك من مهالكه فإذا ثبت قدمي في موضع أحس به ولا أبصره حينئذ شرعت في نقله أطلب موضعا أنتقل إليه فإذا وقعت قدمي بفراغ علمت إن هنالك مهلكا فسرت أتتبع بقدمي يمينا وشمالا حتى أجد لقدمي موضعا يستقر فيه وأنا معتمد على القدم الأخرى وما زلت كذلك أنتقل من مكان إلى مكان في هذه الظلمة ولا أبصر شيئا لعدم النور من الخارج المقارن لنور بصري فكان رجلي بصري فعلمت من ذلك قدر ما تصرفت فيه وأنا على حذر ما أدري ما يعرض لي في طريقي من حيوان يؤذيني ولا أحس به حتى يوقع الأذى بي ومع هذا خاطرت بنفسي لأني قلت أنا في ظلمة على كل حال فسواء علي قعدت أو تصرفت فإني إذا قعدت لم آمن أن يأتيني حيوان يؤذيني وإن تصرفت لم آمن أيضا من حيوان يؤذيني أو مهلك أقع فيه فالتثبت في التصرف أرجى لي فرجحته على القعود طلبا للفائدة فبينا أنا كذلك إذ فجئني نور الشرع من خارج بصورة سراج مصباح لا تحركه الأهواء لكونه في مشكاة ومشكاته الرسول فهو محفوظ من الأهواء التي تطفيه وذلك المصباح في زجاجة قلبه وجسمه المصباح واللسان ترجمته والإمداد الإلهي زيته والشجرة حضرة إمداده فاجتمع نور البصر مع هذا النور الخارج فكشفنا ما في الطريق من المهالك والحيوانات المضرة فاجتنبنا كل ما يخاف منها ويحذر وسلكنا محجة بيضاء ما فيها مهلك ولا حيوان مضر ولو تعرض إلينا عدلنا عنه لاتساع الطريق وسهولته والموانع والحصون التي فيه المانعة ضرر تلك الحيوانات ف من لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَما لَهُ من نُورٍ وبعد أن ظهر هذا المصباح لم ينطف ولا زال فمن استدبره وأعرض عنه مشى في ظلمة ذاته وتلك الظلمة ظلمته فيكون ممن جنى على نفسه بإعراضه عن المصباح واستدباره فهذا حكم من ترك الشرع واستقل بنظره فهو وإن ثبت في سعيه لظلمة ذاته على خطر من دواب الطريق وإن لم يقع في مهلك فينبغي للعاقل أن لا يستعجل في أمر له فيه اناة ولا يتأتى في أمر يكون الحق في المبادرة إليه والإسراع في تحصيله هذا فائدة العقل في العاقل ورأيت في هذا المنزل علوما جمة منها علم الحاصل في عين الفائت لأنه لو لا ذلك ما علمت فضل الحاصل على الفائت في حقك إذا كان فيه سعادتك ولا فضل الفائت على الحاصل إذا كان الفائت مطلوبك ولو حصل لك أشقاك وأنت لا تعلم فكان الفضل فيه في حقك فوته فإن بفوته سعدت وهذا لا يكون إلا لمن أسعده الله وهو قوله تعالى وعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسى‏ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَكُمْ والله يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ومنه‏

ما روى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قبل رسالته كان يرعى الغنم بالبادية فيريد أن يدخل إلى مكة ليصيب فيها ما يصيب الشبان فإذا دخل مكة وترك في الغنم بعض من يعرفه يحفظها حتى يأتي إليه يرسل الله عليه النوم فيفوته تحصيل ما دخل من أجله فيستعجل الرجوع إلى غنمه فيخرج وقد فاته ما دخل من أجله‏

وكانت في ذلك عصمته وحفظه من حيث لا يشعر ويقال في المثل في هذا المعنى من العصمة أن لا تجد وفي هذا المنزل من العلوم علم أحدية الأفعال وهو أمر مختلف فيه فمن مثبت ذلك للحق تعالى ومن مثبت ذلك للخلق فهو أحدي في الطائفتين ومن مثبت في ذلك شركا خفيا وهم القائلون بالكسب وفيه علم ما لا يعلم إلا بالوهب ليس للكشف فيه مدخل جملة واحدة وهو ما لا يدرك إلا بذات المدرك اسم فاعل على حسب ما هو المدرك اسم

فاعل عليه فإن كان ممن تنسب إليه الحواس فالحواس له ذاتية لا محالها المعين لها وإن كان ممن لا تنسب إليه الحواس فإدراكه للأمور المحسوسة كصاحب الحواس أيضا بذاته ولا يقال إنها محسوسة له لأنه لا ينسب إليه حس فهي معلومة له والحواس طريق موصلة إلى العلم والعلم بالأمر هو المطلوب لا بما حصل فقد رأيت الأكمه يدرك الفرق بين الألوان مع فقد حس البصر وجعل الله بصره في لمسه فيبصر بما به يلمس وفيه علم الإعلام بتوحيد الحق نفسه في ألوهيته بأي لسان اعلم ذلك وما السمع الذي أدرك هذا الإعلام الإلهي إذا تبعه الفهم عنه فإن لم يتبعه فهم فهل يقال فيه إنه سمع أم لا وفيه علم رتبة الإنسان الحيوان ومزاحمته الإنسان الكامل بالقوة فيما لا يكون من الإنسان الكامل إلا بالفعل وأن الإنسان الكامل يخالف الإنسان الحيوان في الحكم فإن الإنسان الحيوان يرزق رزق الحيوان وهو للكامل وزيادة فإن الكامل له رزق إلهي لا يناله الإنسان الحيوان وهو ما يتغذى به من علوم الفكر الذي لا يكون للإنسان الحيوان والكشف والذوق والفكر الصحيح وفيه علم رحمة الله بالعالم حيث أحالهم على الأسباب وما جعل لهم رزقا إلا فيها

ليجدوا العذر في إثباتها فمن أثبتها جعلا فهو صاحب عبادة ومن أثبتها عقلا فهو مشرك وإن كان مؤمنا فما كل مؤمن موحد عن بصيرة شهودية أعطاه الله إياها وفيه علم رتبة المباح من الشرائع وما حدوه به من أنه لا أجر فيه ولا وزر حد صحيح أم لا وهل فيه حصول الأجر في فعله وتركه وما ينظر إليه من أفعال الله ومما يحكم به في الله فإنه لا يماثلها إلا الاختيار المنسوب إلى الله فإن لم يثبت هنالك اختيار على حد الاختيار فلا يثبت هنا مباح على حد المباح لأنه ما هو ثم وفيه علم ما يعلمه المخلوق وأنه محدود مقيد لا ينسب إليه الإطلاق في العلم به فإن ذلك من خصائص الحق سبحانه وتعالى وفيه علم اختلاف الطبائع فيمن تركب منها وبما ذا اختلف من لا طبيعة له ولو لا حكم الاختلاف فيمن لا طبيعة له ما ظهر الاختلاف في الطبيعة كما أنه لو لا اختلاف الطبيعة ما ظهر خلاف فيما تألف منها وهو علم عجيب في المفرد العين والمفرد الحكم فبالقوابل ظهر الخلاف بالفعل وهو في المفرد بالقوة وفيه علم حكمة توقف العالم بعضه على بعض فيما يستفاد منه مع التمكن من ذلك دونه وفيه علم رتبة من كثرت علومه ممن قلت علومه ومن قلت علومه عن كثرة أو من قلت لا عن كثرة وإن كان الشرف عند بعضهم في قلة العلم فلما ذا أمر الله عز وجل رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يطلب الزيادة من العلم والزيادة كثرة ومن كان علمه من المعلومات وإن كثرت أحدية كل معلوم التي هي عين الدلالة على أحدية الحق فهو صاحب علم واحد ولا أقل من الواحد في معلومات كثيرة مجمل كل معلوم أحدية هي معلومة للعالم بالله وحده وما نبه على هذه المسألة إلا ابن السيد البطليوسي فإنه قال فيما وقفنا عليه من كلامه إن الإنسان كلما علا قدره في العالم قلت علومه وكلما نزل عن هذه المرتبة لشريفة اتسعت علومه وأعني العلم بالأفعال وأعني بالقلة العلم بالذات من طريق الشهود وكان رأيه في علم التوحيد رأى الفيثاغوريين وهم القوم الذين أثبتوا التوحيد بالعدد وجعلوه دليلا على أحدية الحق وعلى ذلك جماعة من العقلاء وفيه علم العلم الثابت الذي لا يقبل الزوال في الدنيا ولا الآخرة وفيه علم نصب الأدلة لمن لا يعرف الأمر إلا بالنظر الفكري وفيه علم ما لا يمكن أن ينسب إلا إلى الله فإن نسب إلى غير الله دل عند من يعرف ذلك العلم على جهل من ينسبه إلى غير الله بالله وفيه علم كون الموجودات كلها نعما إلهية أنعم الله بها وعلم من هو الذي أنعم الله بها عليه وهل هو هذا المنعم عليه من جملة النعم فيكون عين النعمة عين المنعم اسم مفعول فاعلم ذلك‏

[علم الموت في الحياة والحياة في الموت‏]

وفيه علم الموت في الحياة والحياة في الموت ومن هو الحي الذي لا يموت والميت الذي لا يحيا ومن يموت ويحيا ومن لا يموت ولا يحيا وفيه علم سبب وجود الإنكار في العالم ولما ذا يستند من الحضرة الإلهية وهل قوله لعبده عند ما ينسب إليه ما ظهر عليه من الأمور التي نهى أن يعملها وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنكار إلهي عن نسبة ذلك الفعل إلى الله ولما ذا سمي منكرا وهو معروف وقوله الذين يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وهو الأمر بما هو معلوم له ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو أن يأمر بما ليس معلوما عنده من النكرة التي لا تتعرف ولما كان المنكر فعل ما أمر بتركه أو ترك ما أمر بفعله ولا يوصف بأنه أتى منكرا حتى يعلم أنه مأمور به ذلك العمل أو منهي عنه فصح له اسم المنكر لما يحصل للعبد من الحيرة في ذلك وعدم تخلصه إلى أحد الجانبين فإن نسبه إلى الحق في بعض الأمور عارضة الأدب أو الدليل الحسي والعقلي والسمعي فيسلب عن ذلك العمل نعت المعرفة ويلحقه بالنكرة ولما اختص المنكر بالمذموم من الأفعال لا بالمحمود وفيه علم ذم الله المتكبر والكبرياء صفته وقد علم الله عز وجل أنه لا يدخل قلب إنسان الكبر على الله ولكن يدخله الكبر على خلق الله وهو الذي يزال منه وحينئذ يدخل الجنة فإنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر على غير الله حتى يزال وأما على الله فمحال فإن الله قد طبع على القلوب التواضع له وإن ظهر من بعض الأشخاص صورة الكبرياء على أمر الله وهو الذي جاءت به الوسائط وهم الرسل عليه السلام من الله لا على الله فإنه يستحيل الكبرياء من المخلوق عليه لأن الافتقار له ذاتي ولا يمكن للإنسان أن يجهل ذاته وفيه علم الحيل والكفالة وانتقال الحق إلى الكفيل من الذي عليه الحق وبراءة من انتقل الحق عنه منه وفيه علم السبب الذي أوجب للإنسان أن يؤخذ من مأمنه وفيه علم التسليم والتفويض وفيه علم اختلاف أحوال الخلق عند الموت ما سبب ذلك ولما ذا لم يقبضوا على الفطرة كما ولدوا عليها وما الذي أخرجهم عن الفطرة أو أخرج بعضهم وما هي الفطرة وهل يصح‏

الخروج عنها أو لا يصح ورحمة الله تعالى بخلقه في أخذ العهد على الناس لما أخذهم الله من ظهور آبائهم وأشهدهم على أنفسهم بربوبيته عليهم فقالوا بلى أنت ربنا ولم يشهدهم بتوحيده إبقاء عليهم لعلمه أن فيهم من يشرك به إذا خرج إلى الدنيا وتبريه من الشريك في العقبي يوم العرض الأكبر وفيه علم المحاجة يوم القيامة والفرق بين الحجة الداحضة والحجة البالغة وما هو الموطن الذي يقال فيه للإنسان لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْئَلُونَ وفيه علم ما يجب على المبلغين عن الله تعالى من رسول ووارث وفيه علم ما يؤتى عن أمر الله وما يجتنب وأحكامهم في ذلك عن بينة وعن غير بينة وفيه علم ما لا يمكن التبدل فيه عقلا مع إمكان ذلك عقلا وكيف يدخل النسخ في أدلة العقول كما يدخل في أحكام الشرائع وفيه علم التحكم على الله هل يسوغ ذلك لأحد من أهل الله من غير أمر الله أو لا يسوغ وفيه علم كيف يوجد الله من يوجده من العالم وفيه علم هل عين الاعتماد على الله في دفع المكروه والضراء عين الاعتماد عليه في إبقاء النعم على المنعم عليه اسم مفعول وعلى أي اسم إلهي يكون كل اعتماد من هذين الاعتمادين وفيه علم صفة الشخص الذي ينبغي أن يسأل في العلم الذي يعطي السعادة للعامل به وفيه علم السبب الذي يوجب الخوف عند من أعطاه الله الأمان في الدار الدنيا وارتفاع ذلك عنه في الدار الآخرة واختلاف وجوه الأخذ الإلهي مع الأمان وفيه علم تنقل الصور الموجودة عن الأشخاص تطلب وجه الله في تنقلها وهي كالظلال مع الأشخاص الظاهرة عنه عند استقبال النور واستدباره أو يكون عن يمينه ذلك النور أو شماله وفيه علم نفى أن يتخذ الحق إلها في المجموع وهل يتخذ بغير المجموع أو لا يصح أن يكون متخذا فإنه إله لعينه لا بالاتخاذ فاعلم ذلك وفيه علم ما لله من الدين وما للعبد منه أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ والدين الذي تدخله المشقة هل هو لله فإنه يقول وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ من حَرَجٍ وقال يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم دين الله يسر

وقال بعثت بالحنيفية السمحة

كما قال أيضا ولَهُ الدِّينُ واصِباً وقال من يشاد هذا الدين يغلبه‏

وقال لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فإنه ما كلفها إلا ما آتاها من القوة عليه وفيه علم رد النعم إلى الله ولما ذا يغلب على الإنسان شهود الضراء حتى تحول بينه وبين ما فيها من طعم النعم حتى يضجر من البلاء وهذا كان مقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشاهد نعم البلاء في البلاء فيجمع بين الصبر والشكر في الآن الواحد وكان صاحب عملين وفيه علم الاستدراج بالنعم وفيه علم حكم من عامل الحق بجهله وهو يظن في نفسه أنه على علم في ذلك وفيه علم التعرية وفيه علم صفة المفتي والفتيا ومتى يفتي المفتي هل بعد الاستفتاء أو يفتي وإن لم يستفت وهل يفتقر المفتي إلى إذن الإمام له في ذلك أم لا وفيه علم استخراج العلوم من النظر في الموجودات وتفاصيله وفيه علم أنواع الوحي وضروبه وما يختص بالأولياء الاتباع من ذلك وما لا يشارك فيه النبي من الوحي وفيه علم الإحاطة بوجوه كل معلوم من هو ذلك العالم بها وما صفته وفيه علم تفاضل الصفات لما ذا يرجع وفيه علم الأرزاق الروحانية وما هو الرزق الذي في تناوله حياة القلوب من أرزق الذي فيه موت القلوب فإنه قد يكون الموت من الجوع وقد يكون من الشبع والامتلاء وما هو الرزق الذي يشبع منه والرزق الذي لا يشبع منه والرزق الذي يتساوى فيه جميع العالم والرزق الذي يخص بعض العالم دون بعض وفيه علم لعلم بالرازق وأنه أحق بالعبادة لافتقار المرزوق إلى الرزق وفيه علم التحرك والسكون ومن أحق بالمقام هل المتحرك أو الساكن وحكاية المتحرك والساكن لما تحاكما في ذلك إلى العالم بذلك ذوقا وما جرى لهما وإن صاحب الرزق من يأكله لا من يجمعه وأخبر تعالى عن لقمان الحكيم فيما أوصى به لابنه يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّماواتِ أَوْ في الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله ولم يقل يأت إليها وفيه علم العدل وأداء الحقوق وفيه علم النسيان بعد العلم بحيث لا يدري أنه علم ما قد نسيه أصلا وفيه علم الاسم الإلهي الواقي واختلاف صوره في العالم مثل اختلاف الاسم الرزاق وفيه علم اختلاف الحال على المشاهد في حال رؤيته وفيه علم من يدعو الناس إلى ما هو عليه حتى يكون داعي حق وفيه علم الأوامر الإلهية وفيه علم المحسن والإحسان وفيه علم الأنساب و

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن ربكم واحد وإن أباكم واحد فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى فإن الله يقول اليوم أرفع نسبكم وأضع نسبي أين المتقون‏

وقال تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ فهل هو المتقي من يكون وقاية لله أو من يتخذ الله وقاية ولهذا



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!