فإن الأيام كانت موجودة بوجود حركة فلك البروج و هي الأيام المعروفة عندنا لا غير فما قال اللّٰه خلق العرش و الكرسي و إنما قال ﴿خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ﴾ [الأعراف:54] فإذا دار فلك البروج دورة واحدة فذلك هو اليوم الذي خلق اللّٰه فيه السموات و الأرض ثم أحدث اللّٰه الليل و النهار عند وجود الشمس لا الأيام و أما ما يطرأ فيها من الزيادة و النقصان أعني في الليل و النهار لا في الساعات فإنها أربع و عشرون ساعة و ذلك لحلول الشمس في منطقة البروج و هي حمائلية بالنسبة إلينا فيها ميل فيطول النهار إذا كانت الشمس في المنازل العالية حيث كانت و إذا حلت الشمس في المنازل النازلة قصر النهار حيث كانت و إنما قلنا حيث كانت فإنه إذا طال الليل عندنا طال النهار عند غيرنا فتكون الشمس في المنازل العالية بالنسبة إليهم و في المنازل النازلة بالنسبة إلينا فإذا قصر النهار عندنا طال الليل عندهم لما ذكرناه و اليوم هو اليوم بعينه أربع و عشرون ساعة لا يزيد و لا يقص و لا يطول و لا يقصر في موضع الاعتدال فهذا هو حقيقة اليوم ثم قد نسمي النهار وحده يوما بحكم الاصطلاح فافهم
[الزمان و الشؤون الإلهية]
و قد جعل اللّٰه هذا الزمان الذي هو الليل و النهار يوما و الزمان هو اليوم و الليل و النهار موجودان في الزمان جعلهما أبا و أما لما يحدث اللّٰه فيهما كما قال ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهٰارَ﴾ [الأعراف:54] كمثل قوله في آدم ﴿فَلَمّٰا تَغَشّٰاهٰا حَمَلَتْ﴾ [الأعراف:189]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية