فإذا غشى الليل النهار كان الليل أبا و كان النهار أما و صار كل ما يحدث اللّٰه في النهار بمنزلة الأولاد التي تلد المرأة و إذا غشى النهار الليل كان النهار أبا و كان الليل أما و كان كل ما يحدث اللّٰه من الشئون في الليل بمنزلة الأولاد التي تلد الأم و قد بينا هذا الفصل في كتاب الشأن لنا تكلمنا فيه على قوله تعالى ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29] و سيأتي إن شاء اللّٰه في هذا الكتاب إن ذكرنا اللّٰه به من معرفة الأيام طرفا شافيا و كذلك قال تعالى أيضا ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهٰارِ وَ يُولِجُ النَّهٰارَ فِي اللَّيْلِ﴾ [الحج:61] فزاد بيانا في التناكح و أبان سبحانه بقوله ﴿وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهٰارَ﴾ [يس:37] أن الليل أم له و أن النهار متولد عنه كما ينسلخ المولود من أمه إذا خرج منها و الحية من جلدها فيظهر مولدا في عالم آخر غير العالم الذي يحويه الليل و الأب هو اليوم الذي ذكرناه و قد بينا ذلك في كتاب الزمان لنا و معرفة الدهر فهذا الليل و النهار أبوان بوجه و أمان بوجه و ما يحدث اللّٰه فيهما في عالم الأركان من المولدات عند تصريفهما يسمون أولاد الليل و النهار كما قررناه
[أهرام مصر بنيت و النسر في الأسد]
و لما أنشأ اللّٰه أجرام العالم كله القابل للتكوين فيه جعل من حد ما يلي مقعر السماء الدنيا إلى باطن الأرض عالم الطبيعة و الاستحالات و ظهور الأعيان التي تحدث عند الاستحالات و جعلها بمنزلة الأم و جعل من مقعر فلك السماء الدنيا إلى آخر الأفلاك بمنزلة الأب و قدر فيها منازل و زينها بالأنوار الثابتة و السابحة فالسابحة تقطع في الثابتة و الثابتة و السابحة تقطع في الفلك المحيط بتقدير العزيز بدليل أنه رؤي في بعض الأهرام التي بديار مصر مكتوبا بقلم يذكر في ذلك تاريخ لأهرام أنها بنيت و النسر في الأسد و لا شك أنه الآن في الجدي كذا ندركه فدل على أن الكواكب الثابتة تقطع في فلك البروج الأطلس و اللّٰه يقول في القمر ﴿وَ الْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ﴾ [يس:39]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية