Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل ثلاثة أسرار مكتمة والسر الغربى فى الأدب الإلهى والوحى النفسى

من المعضل من المتشابه وفيه علم تعلق الايمان بما ليس بحق مثل قوله والَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وفيه علم الداعي الذي يوجب استعجال طلب الشقاء وفيه علم مواطن الايمان والزلف وفيه علم مراتب الصبر والتوكل وفيه علم من عرف الحق واجتنبه وما يحمد من ذلك وما يذم كالحق المأمور باجتنابه كالغيبة وفيه علم البسط المحمود والمذموم وفيه علم من علم أمرا فقيل له ما تعلمه وفيه علم الحياة السارية في الموجودات وبطونها في الدنيا وظهورها في الآخرة وبأي بصر كشفها في الدنيا من كشفها وفيه علم الاضطرار وكيف يذهب بذهابه وفيه علم الطرق إلى الله وإن اختلفت فكلها حق وما يحمد منها ويذم وما يوصل إلى السعادة منها وما يحيد بسالكه عن سعادته مع كونه يصل إلى الله وفيه علم المعية الإلهية ومراتب الموجودات فيها فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السادس والخمسون وثلاثمائة في معرفة منزل ثلاثة أسرار مكتتمة والسر العربي في الأدب الإلهي والوحي النفسي والطبيعي وهو من الحضرة المحمدية»

بذلت نفسي لنفسي كي أفوز بمن *** قد كان عندي ولم أشعر بموضعه‏

حتى رأيت له شكلا يماثلني *** فغبت فيه بأمر من مشرعه‏

هل للنعيم به أو للتخلق بالأسماء *** فانظر إلى أحوال مبدعه‏

فإن يخاطبك الرحمن من كتب *** بسر حكمته فاحضر عسى تعه‏

[أن الله تعالى عمر الخلأ بالعالم كله وامتلأ به‏]

اعلم أيدك الله أن الله تعالى لما عمر الخلأ بالعالم كله امتلأ به وخلق فيه الحركة ليستحيل بعضه لبعض وتختلف فيه الصور بالاستحالات لطبيعة الخلأ الذي ملأه من العالم ذلك الذي استحال إليه فلا يزال يستحيل دائما وذلك هو الخلق الجديد الذي أكثر الناس منه في لبس وشك ومن علم هذا من أهل الله الذين أشهدهم الله ذلك عينا في سرائرهم علم استحالة الدنيا إلى الآخرة واستحالة الآخرة بعضها إلى بعض كما استحال منها ما استحال إلى الدنيا

كما ورد في الخبر في النيل والفرات وسيحان وجيحان إنها من أنهار الجنة استحالت فظهرت في الدنيا بخلاف الصورة التي كانت عليها في الآخرة

ومن ذلك‏

قوله بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة

فاستحالت تربة في الدنيا في مساحة مقدرة معلومة وكذلك وادي محسر هو واد في النار استحال إلى الدنيا وآدم وحواء وإبليس من عالم الآخرة استحالوا إلى الدنيا ثم يستحيلون إلى الآخرة فتتغير عليهم الصور بحسب ما تعطيه طبيعة المكان المتوهم الذي تنقلهم إليه الحركة فتؤثر فيهم روحا كان أو جسما متحيزا كان أو غير متحيز والله محركه على الدوام ولو لا نحن ما تميزت آخرة من دنيا فإن الله ما اعتبر من العالم في هذه الإضافة إلا هذا النوع الإنساني والجان فجعل الظهور للانس من اسمه الظاهر وجعل البطون للجان من اسمه الباطن وما عداهما فمسخر لهما كما هو في نفسه مسخر بعضه لبعضه من أجل الدرجات التي أنزلهم فيها فأعطتهم الدرجات صور ما استحالوا إليه لما نقلتهم الحركة الإلهية إليها ولما لم تظهر لأعياننا إلا هنا سميت هذه الدار دار الدنيا والأولى وسميت الحياة الدنيا فإذا استحلنا إلى البرزخ واستحلنا من البرزخ إلى الصور التي يكون فيها النشر والبعث سميت تلك الآخرة ولا يزال الأمر في الآخرة في خلق جديد منها فيها أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار إلى ما لا يتناهى فلا نشاهد في الآخرة إلا خلقا جديدا في عين واحدة فالعالم متناه لا متناه ولما كان الأمر هكذا لذلك يرى الإنسان نفسه إذا هو نام في الجنة أو في القيامة أو في غير مكانه وبلده مما يعرفه أو يجهله وفي غير صورته وفي غير حاله فقد استحال في نفسه بحركته التي نقلته من اليقظة إلى النوم إلى صور يعهدها في أوقات ولا يعهدها في أوقات وإلى أحوال محمودة حسنة يسر بها وأحوال مذمومة قبيحة يتألم لها ثم تسرع إليه الاستحالة فيرجع إلى اليقظة إما باستيفاء المعنى الذي استحال إليه في النوم فلم يبق فيه ما يعطيه في تلك الاستحالة الخاصة وهو الذي ينتبه من غير سبب وهو الانتباه الطبيعي لما أخذت النفس للعين حقها من النوم الذي فيه راحتها فإن انتقل من النوم إلى اليقظة بسبب إما من جهة الحس وإما من أمر مفزع أو حركة ما مزعجة ظهرت منه في حال نومه فاستيقظ فإن وافق ذلك الأمر استيفاء العين حقها من النوم الطبيعي كان وإن لم يوافق وبقي من حق العين بقية لو لا ذلك السبب لاستوفاها فإنه يستوفيها في نوم آخر ولذلك بعض النائمين يطول نومهم في وقت وسبب طوله ما ذكرناه وأما قصر نومه فلأحد أمرين وهو ما ذكرناه‏

إما لسبب يوقظه وإما لاستيفاء العين حقها في تلك النومة الخاصة من أجل المزاج الذي يكون عليه فإنه لا يستوي مزاج المتعوب ومزاج المستريح فالمتعوب يطلب من الراحة ما يزيل به ذلك التعب فيستغرقه النوم ويطول لأنه يحب استيفاء الراحة فلا يوقظه قبل الاستيفاء إلا أحد ثلاثة أشياء أو كلها أو بعضها على حسب ما يقع إما بأمر مزعج يراه في نومه أو يوقظه أحد من المتيقظين قصدا أو صيحة عظيمة أو حركة أو ما كان من هذه الأسباب في عالم الحس مقصودا لانتباهه أو غير مقصود بل يقع بالاتفاق والأمر الثالث أن تكون النفس متعلقة الخاطر بقضاء شغل ما تحب أن تفعله فتنام على ذلك الخاطر وهو متعلق بذلك الأمر فيزعجه فينتبه قبل استيفاء حقه من النوم وليس المقصود مما ذكرناه إلا تعريفك بأن العالم لا يخلو في كل نفس من الاستحالة ولو لا إن عين الجوهر من الذي يقبل هذه الاستحالة في نفسه واحد ثابت لا يستحيل من حيث جوهره ما علم حين يستحيل إلى أمر ما ما كان عليه من الحال قبل تلك الاستحالة غير إن الاستحالات قد يخفى بعضها ويدق وبعضها يكون ظاهرا تحس به النفس كاستحالة خواطرها وحركاتها الظاهرة وأحوالها وتدق وتخفى كاستحالتها في علومها وقواها وألوان المتلونات بتجديد أمثالها فهي لا تدرك ذلك الأمر إلا من كان من أهل الكشف فإنه يدرك ذلك وأزال عنه الكشف ذلك اللبس الذي أعمى غيره عن إدراك هذا الأمر فإن قلت فهذه الصورة التي‏

يستحيل إليها جواهر العالم ما هي قلنا الممكنات ليس غيرها هي في شيئية ثبوتها وهي قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‏ءٍ إِذا أَرَدْناهُ فإذا ظهر عن قوله كن ليس شيئية الوجود وهو قوله وقَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ ولَمْ تَكُ شَيْئاً أي قدرتك أي ما كانت لك شيئية الوجود وهي على الحقيقة شيئية الظهور ظهور لعينه وإن كان في شيئية ثبوته ظاهرا متميزا عن غيره بحقيقته ولكن لربه لا لنفسه فما ظهر لنفسه إلا بعد تعلق الأمر الإلهي من قوله كن بظهوره فاكتسب ظهوره لنفسه فعرف نفسه وشاهد عينه فاستحال من شيئية ثبوته إلى شيئية وجوده وإن شئت قلت استحال في نفسه من كونه لم يكن ظاهرا لنفسه إلى حالة ظهر بها لنفسه بتقدير العزيز العليم فالعالم كله طالع غارب وفلك دائر ونجم سابح ظاهر بين طلوع وغروب عن وحي إلهي وهو ما يتوجه عليه من أمر بظهور وخفاء ووحي نفسي وهو ما يطلبه منه الحق وما يطلب من الحق تعالى فيوحي إلى الحق كما أوحى الحق إليه فيعمل الحق بما أوحى إليه عبده وقتا وقد لا يعمل وقتا كما إن العبد إذا أوحى الحق إليه فأمره بشي‏ء يعمله أو يتركه فيطيعه وقتا ويعصيه وقتا فظهر الحق للمكلف بصورته في العطاء والإباية فما رأى العبد في الحق إلا صورته فلا يلومن إلا نفسه إذا دعا الحق في أمر فلم يجبه أ لا ترى إلى الملائكة لما لم يعصوا الله تعالى فيما دعاهم إليه من فعل كما أخبر عنهم ما دعوه في شي‏ء إلا أجابهم لأنهم ليسوا على صورة منع مما دعاهم الحق إليه والعالم لا يشهد من الحق إلا صورة ما هو عليه ولذلك قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فيمن يقول آمين بعد قراءة الفاتحة من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له‏

لأن تأمين الملائكة مقبول عند الله مجاب فوافق زمان الإجابة للملائكة فحصلت له الإجابة بحكم التبعية إلا أن يكون وقته وقت إجابة له جزاء لما امتثل من أمر الحق في وقت ما والأصل في العالم قبول الأمر الإلهي في التكوين والعصيان أمر عارض عرض له نسبي وفي الحقيقة ما عصى الله أحد ولا أطاعه بل الأمر كله لله وهو قوله وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فأفعال العباد خلق لله والعبد محل لذلك الخلق فالعالم كله محصور في ثلاثة أسرار جوهره وصوره والاستحالة وما ثم أمر رابع فإن قلت فمن أين ظهر حكم الاستحالة في العالم من الحقائق الإلهية قلنا إن الحق وصف نفسه بأنه كل يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ والشئون مختلفة ووصف نفسه بالفرح بتوبة عبده ولم يفرح بها قبل كونها وكذلك‏

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الله لا يمل حتى تملوا

وذكر عنه العارفون به وهم الرسل عليه السلام إن الله تعالى يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله كما يليق بجلاله فقد نعتوه بأنه كان على حالة قبل هذا الغضب لم يكن فيها منعوتا بهذا الغضب وقد ورد في الصحيح تحوله في الصور يوم القيامة إذا تجلى لعباده والتحول هو عين الاستحالة ليس غيرها في الظهور ولو لا ذلك ما صح للعالم ابتداء في الخلق وكان العالم مساوقا لله في الوجود وهذا ليس بصحيح في نفس الأمر فكما قبل تعالى الظهور لعباده في صور مختلفة كذلك أيضا لم يخلق ثم خلق فكان موصوفا في الأزل بأنه عالم قادر أي متمكن من إيجاد الممكن لكن له أن يظهر في صورة إيجاده وأن لا يظهر فظهر في إيجاد صورة الممكن لما شاء ولا فرق بين الممكنات في النسبة إليه سبحانه ونحن نعلم أن زيدا ما

أوجده الله مثلا إلا أمس أو الآن فقد تأخر وجوده مع كون الحق قادرا فكذلك يلزم الحكم في أول موجود من العالم أن يكون الله يتصف بالقدرة على إيجاد الشي‏ء وإن لم يوجده كما إنك قادر على الحركة في وقت سكونك وإن لم تتحرك ولا يلزم من هذا محال فإنه لا فرق بين الممكن الموجود الآن المتأخر عن غيره وبين الممكن الأول فإن الحق غير موصوف بإيجاد زيد في وقت عدم زيد فالصورة واحدة إن فهمت غير إن إطلاق لفظ الاستحالة لا يطلق على الله وإن كان قد أطلق على نفسه التحول فنقف عنده مع معقولية ما ذكرناه فما ثم إلا الله والتوجه وقبول الممكنات لما أراد الله بذلك التوجه فهذه ثلاثة لا بد منها ومن ظهور حكمها فالغروب لا يكون إلا عن طلوع من طالع ثم غرب والظهور لا يكون إلا من بطون لا عن بطون وأعني بقولي لا عن بطون أنه لم يكن ظاهرا ثم بطن ثم ظهر عن ذلك البطون بل لم يزل باطنا ثم أظهره الله فظهر لنفسه‏

«وصل» لما كان الوصف النفسي للموصوف لا يتمكن رفعه‏

إلا ويرتفع معه الموصوف لأنه عين الموصوف ليس غيره وكان تقدم العدم للممكنات نعتا نفسيا لأن الممكن يستحيل عليه الوجود أزلا فلم يبق إلا أن يكون أزلي العدم فتقدم العدم له نعت نفسي والممكنات متميزة الحقائق والصور في ذاتها لأن الحقائق تعطي ذلك فلما أراد الله أن يلبسها حالة الوجود وما ثم إلا الله وهو عين الوجود وهو الموجود ظهر تعالى للممكنات باستعدادات الممكنات وحقائقها فرأت نفسها بنفسها في وجود موجدها وهي على حالها من العدم فإن لها الإدراكات في حال عدمها كما أنها مدركة للمدرك لها في حال عدمها ولذا جاء في الشرع أن الله يأمر الممكن بالتكوين فيتكون فلو لا إن له حقيقة السمع وأنه مدرك أمر الحق إذا توجه عليه لم يتكون ولا وصفه الله بالتكون ولا وصف نفسه بالقول لذلك الشي‏ء المنعوت بالعدم فكذلك للممكن جميع القوي التي يدرك بها المدركات التي تخص هذه الإدراكات فلما أمرها بالتكوين لم تجد وجود انتصف به إذ لم يكن ثم إلا وجود الحق فظهرت صورا في وجود الحق فلذلك تداخلت الصفات الإلهية والكونية فوصف الخلق بصفات الحق ووصف الحق بصفات الخلق فمن قال ما رأيت إلا الله صدق ومن قال ما رأيت إلا العالم صدق ومن قال ما رأيت شيئا صدق لسرعة الاستحالة وعدم الثبات فيقول ما رأيت شيئا ومن قال ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله فهو ما قلنا إن للممكن إدراكا في حال عدمه فإذا جاءه الأمر الإلهي بالتكوين لم يجد إلا وجود الحق فظهر فيه لنفسه فرأى الحق قبل رؤية نفسه فلما لبسه وجود الحق رأى نفسه عند ذلك فقال ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله أي قبل أن يتكون فيه فيقبل الحق صورة ذلك الشي‏ء فمن لم يعلم الأمر هكذا وإلا فما علم الحق ولا الخلق ولا هذه النسب ف كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ بالصورة للاستحالات إِلَّا وَجْهَهُ والضمير في وجهه يعود على الشي‏ء فالشي‏ء هالك من حيث صورته غير هالك من حيث وجهه وحقيقته وليس إلا وجود الحق الذي ظهر به لنفسه لَهُ الْحُكْمُ أي لذلك الشي‏ء الحكم في الوجه فتختلف عليه الأحكام باختلاف الصور وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في ذلك الحكم أي إلى ذلك الشي‏ء يرجع الحكم الذي حكم به على الوجه فالحكم والتحكيم للاحالة لأنها المقصود لا محالة فما ثم إلا هلاك وإيجاد في عين واحدة لا تبديل إلا لله لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ الله بل التبديل له كما لِلَّهِ الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ يقضي بذلك كونه أخبر عن نفسه أنه الْأَوَّلُ والْآخِرُ من عين واحدة فليس إلا صور ظاهر هنا وفي البرزخ والآخرة وهو الذي جاء به قوله إِنَّا لَمَرْدُودُونَ في الْحافِرَةِ توهموا ذاك وما حققوا لذلك قالوا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ فلو رأوها لرأوا أنها ليست سوى أعيانها الظاهرة فما أحالوها ولا عرجوا عنها لكونهم ما نظرت أعينهم إلا إليها فكيف ينكرون ما رأوه أو يجحدون عن نفوسهم ما تيقنوه ومن لم يكن له هذا الإدراك فقد حرم العلم والمعرفة التي أعطاها الشهود والكشف وفي هذا المنزل من العلوم علم المعجزات وعلم الطمس وعلم التتالي وتتابع الموجودات في الخلق وفيه علم اليقين وفيه علم ما يحصل بالخبر وفيه علم ما يحمد ويذم وفيه علم الغضب ولا يقع إلا ممن لم يعط الأمور حقها في حدودها وفيه علم الرحمة بالضعفاء والخلق كلهم ضعفاء بالأصالة فالرحمة تشملهم وفيه علم ورث الكون للأسماء الإلهية وفيه علم التمكين وفيه علم الإشهاد وفيه علم البيان لتمييز ما يحذر وما لا يحذر وفيه علم إلحاق الإناث بالذكور وهو إلحاق المنفعل بالفاعل من حيث ما ينفعل عنه منفعل آخر حتى ينتهي الأمر إلى منفعل آخر لا ينفعل عنه منفعل كما ينتهي الأمر من‏

الطرف الآخر إلى فاعل لا يكون منفعلا عن فاعل وهو الحق تعالى وفيه علم اختلاف الوجوه في العين الواحدة وفيه علم الآثار وما تعطي العالم بها من العلوم ومن هنا أخذ السامري القبضة من أثر جبريل فلو لا علمه بما تعطيه الآثار ما فعل ومن هذا الباب الذين يقصون الأثر في طلب الشي‏ء ومن هذا الباب تعرف أقدام السعداء من أقدام الأشقياء إذا رأى صاحب هذا العلم وطاتهم في الأرض وإن لم ير أشخاصهم فإذا رأى أثر أرجلهم حكم عليهم بما يظهر له وفيه علم التعريض وقولهم في المثل السائر إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب وفيه علم التورية ولذلك كان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا أراد غزو جهة ورى بغيرها وفيه علم ما تعطيه الأسباب من الحكم في العالم وفيه علم حكم الأحوال على الرجال الأقوياء بل حكم الأحوال على كل شي‏ء ومن هذا الباب رضي الله عن المطيع وغضبه على من يشاء من العصاة وفيه علم من أين نصر الشخص من يشبهه في الصفة إذا تعدى عليه آخر وهو ضد لمماثله بالجسد الذي ركبه الله عليه ويظهر ذلك في الحيوان كثيرا وفيه علم الأسباب التي تورث الالتجاء إلى الله عز وجل وهي أسباب القهر وفيه علم سفر الخواطر وسفر الأجسام وما ينتج كل سفر منها وفيه علم من أين يترك الإنسان طلب ما هو محتاج إليه بالطبع مثل قول بعضهم في إن الفقير من ليست له إلى الله حاجة وهذا وإن كان لفظه في غاية القبح فهو من جهة المعنى في غاية الحسن لأنه أرفع درجات التسليم وصاحب هذا المقام هو الذي اتخذ الله وكيلا لعلمه بأنه تعالى أعلم بما يصلح لهذا العبد فلا يعين له العبد حاجة لجهله بالمصالح فالفقير ليست له إلى الله حاجة معينة بل رد أمره كله إلى الله وفيه علم ما ينتج من له هذا المقام وكان حاله وفيه علم من عرف مقدار النساء ومنزلتهن في الوجود ولهذا حببهن الله لمحمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنه من أسرار الاختصاص ولما علم الله موسى عليه السلام قدر هذا استأجر نفسه في مهر امرأة عشر سنين وأعني بالنساء الأنوثة السارية في العالم وكانت في النساء أظهر فلهذا حببت لمن حببت إليه فإن النظر العقلي لا يعطي ذلك لبعده عن الشهوة الطبيعية وما علم هذا العقل أنه ما تنزه عن الشهوة لطبيعية الحيوانية في زعمه إلا بالشهوة الطبيعية فما زهد في شي‏ء إلا بما زهد فيه فما خرج عن حكمه وهذا أجهل الجاهلين ولو لم يكن من شرف النساء إلا هيأة السجود لهن عند النكاح والسجود أشرف حالات للعبد في الصلاة ولو لا خوفي أن أثير الشهوة في نفوس السامعين فيؤدي ذلك إلى أمور يكون فيها حجاب الخلق عما دعاهم الحق إليه لجهلهم بما كنت أذكره في ذلك ولكن له مواطن يستعمل فيها لا ظهرت من ذلك ما لا يظهر على فضله فضل شي‏ء ولذلك قرن معه حب الطيب والصلاة ومن أسماء الله تعالى الطيب ولو نظرت فيما أنتج الله من‏

الكلام الإلهي لموسى عليه السلام حين خرج ساعيا لأهله لما كانوا يحتاجون إليه من النار فبسعيه على عياله واستفراغه ناداه الحق وكلمه في عين حاجته وهي النار فقال له أن بورك من في النار ومن حولها وفيه علم وجود الحق في عين الخلاف كما يوجد في عين الاتفاق لمن عقل وفيه علم افتقار الأعلى إلى الأدنى وحاجته إليه وهذا العلم من أصعب العلوم لدقة ميزانه فإنه ما كل أحد يقدر يزن بهذا الميزان ولا سيما في قوله وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ من رِزْقٍ وما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ فمن أي شي‏ء تحفظ في قوله ما أُرِيدُ مِنْهُمْ من رِزْقٍ وما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ونحن نعلم أنه لا يطعم ولا يطلب الرزق من عباده بل هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ لما كانت القوة فينا للغذاء فقال أَنْ يُطْعِمُونِ فتكون قوتي مما طمعت بل لي القوة من غير غذاء ولا طعام وفيه علم الإمامة في العالم وأنه لا يجتمع أمر العالم إلا بها ولا تكون المصالح إلا بها وفيه علم تعليم العلم وفيه علم الغيب الإضافي وما ثم غيب مطلق وفيه علم من طلب شيئا فلما أعطيه رده ولم يقبله فما

السبب الذي حمل الطالب على طلبه وما السبب الذي جعله يرده ولا يقبله فينبني على هذا علم السبب المؤدي إلى الطلب على الإطلاق من غير تخصيص طالب من طالب وفيه علم ما يتبع الشخص إلا من له الحكم فيه وما يحكم فيه إلا من له التعشق به وهذا اتباع الاختيار لا اتباع الجبر فإن اتباع الجبر قد لا يكون له حكم ما ذكرناه وإن كان العاشق مجبورا للعشق القائم به ولكن الفرق ظاهر بين الحركتين وفيه علم التوصيل وما ينتج وفيه علم الأصناف الذين يضاعف لهم العطاء في الآخرة وفيه علم ما ينبغي أن يطلب له العالم وفيه علم ما يحذر من الاتباع وما لا يحذر وما يذم من الحذر وما لا يذم وفيه علم السبب الموجب لهلاك ما يهلك من العالم وفيه علم المفاضلة في العالم‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!