Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلى فلا تهتك ما خلقت من أجلى فيما خلقت من أجلك وهو من الحضرة الموسوية

فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ وموطن الدنيا الذي وقع فيه الاستغفار يقتضي أن يقبل بخلاف موطن الآخرة فكما أنه استوى عندهم الإنذار وعدم الإنذار فلم يؤمنوا كذلك استوى في حقهم في الآخرة وجود الصبر وعدمه فلم يؤثر في نفوذ الجزاء الوفاق وعلم الاعتماد على غير الله مما يحمد الله أن يعتمد عليه ما أثره في الدار الآخرة في الجزاء الوفاق وعلم سبب النكاح الذي لا يكون عنه التناسل لإبقاء ذلك النوع وعلم سبب المعاطاة من غير حاجة إذ المعاطاة لا تكون إلا في ذي حاجة وعلم وجود الامتنان مع المعاوضة في البيوع لا في الهبات لأن الامتنان في الهبات معقول ولهذا شرعت المكافاة عليه ليضعف سلطان الامتنان والسبب الذي يرفع الامتنان من العالم ولمن ينبغي الامتنان مع المعاوضة وعلم الفرق بين الكهانة والوحي وعلم ما هو الهوى والعقل الذي يقابله وعلم من أين خلق العالم هل من شي‏ء أو من لا شي‏ء وعلم هل تتفاضل الأرواح في القوة فيؤثر بعضها في بعض كالقوى الجسمانية أم لا وعلم الخزائن الإلهية وما اختزن فيها وأين مكانها وعلم عندية الحق هل هي نسبة أو ظرف وجودي وعلم ترقي العالم الطبيعي على أي معراج يكون هل على طبيعي فيفتقر أيضا إلى معراج أو على غير طبيعي وعلم صورة تأثير المعاني اللطيفة في الأجرام الكثيفة وعلم تأثير القصد في الأفعال وعلم ما ينبغي أن يكون عليه الإله من الصفات وعلم سبب خيبة الظنون في وقت دون وقت وعلم أحوال التنزيه فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم قد ذكرناه لتتوفر همة الطالب على طلبها من الله أو من العالم بها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الثالث والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك وهو من الحضرة الموسوية»

إن النفوس لتجزى بالذي كسبت *** من كل خير ولا تجزى بما اكتسبت‏

ما الاكتساب بكسب إن علمت به *** جنيت من خير يوم الدين ما غرست‏

[أن الله تعالى خلق جميع من خلق في مقام الذلة والافتقار]

اعلم أيدك الله أن الله تعالى خلق جميع من خلق في مقام الذلة والافتقار وفي مقامه المعين له فلم يكن لأحد من خلق الله من هؤلاء ترق عن مقامه الذي خلق فيه إلا الثقلين فإن الله خلقهم في مقام العزة وفي غير مقامهم الذي ينتهون إليه عند انقطاع أنفاسهم التي لهم في الحياة الدنيا فلهم الترقي إلى مقاماتهم التي تورثهم الشهود والنزول إلى مقاماتهم التي تورثهم الوقوف خلف الحجاب فهم في برزخ النجدين إِمَّا شاكِراً فيعلو وإِمَّا كَفُوراً فيسفل قال تعالى وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما قال إلا في العبادة فلما جعل العبادة بأيديهم وجعلها المقصود منه بخلقهم فمنهم من قام بما قصد له فكان طائعا مطيعا لأمر الله الوارد عليه بالأعمال والعبادة فإنه قال لهم اعبدون كما أخبر إِنَّنِي أَنَا الله لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي هذا أمر بعبادة وأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي هذا أمر بعمل والعمل ما هو عبادة فالعمل صورة والعبادة روحها فالعبادة مقبولة عند الله على كل حال اقترنت بعمل أو لم تقترن والعمل لغير عبادة لا يقبل على كل حال من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة لكن من حيث إن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة فإنها تجزى به تلك الجارحة فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شي‏ء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد والجوارح لا تجزى بها لأنه ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها فإن جارت النفوس فعليها وللجوارح رفع الحرج بل لهم الخير الأتم وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح فإن النفوس ولاة الحق على هذه الجوارح والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه فهي مطيعة بكل وجه والنفوس ليست كذلك ومن النفوس من لم يقم بما قصد له فكان عاصيا مخالفا أمر الله حين أمره بالأعمال والعبادة فالطائع يقع منه العبادة في حالة الاضطرار والاختيار وإن لم يكن مطيعا من حيث الأمر بالعمل فإن كان مطيعا طائعا فقد فاز بوقوع ما قصد له في الخلق والأمر فإن لله الْخَلْقُ والْأَمْرُ تَبارَكَ الله رَبُّ الْعالَمِينَ وأما العاصي فلا تقع منه العبادة إلا في حال الاضطرار لا في حال الاختيار ويقع منه صورة العمل لا العمل المشروع له فهو مخالف‏

لأمر الله فلم يقم بما قصد له من الخلق والأمر ولما خلق الله الثقلين في هذا المقام الذي قصده بخلقهم وهو أجلية الحق فرغهم لذلك حتى لا يقوم لهم حجة بالاشتغال بما به قوامهم فخلق الأشياء التي بها قوامهم خاصة من أجلهم ليتفرغوا لما قصد بهم فقامت عليهم حجة الله إذا لم يقوموا بما خلقوا له ثم إنه علم من بعضهم أنه يقوم له شبهة في السعي فيما خلق من أجله في حق الغير لما بلغه‏

إن الله يقول جعت فلم تطعمني وقال لما قال له العبد يا رب وكيف تطعم وأنت رب العالمين فقال الله له أ لم تعلم أنه استطعمك فلان فلم تطعمه أ ما أنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي‏

فأنزل الحق نفسه منزلة ذلك الجائع فلما لاحت له هذه الشبهة قال نسعى في حق الغير وننتفع بما نسعى به بحكم التبع فقال الله له ما فهمت عني ما أُرِيدُ مِنْهُمْ من رِزْقٍ وما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ لا أنتم فما بقيت لهم حجة بتمام الآية وأما اعتمادهم على ذلك الخبر فلا يقوم لهم به حجة عند الله فإنه لما خلق الأشياء من أجلك التي بها قوامك أعطاك إياها وأوصلها إليك ليكون بها قوامك ثم أفضل لبعضهم من ذلك ما يزيد على قوامهم ليوصله إلى غيره ليكون به قوام ذلك الغير ويحصل لهذا أجر أداء الأمانة التي أمنه الله عليها فذلك هو الذي عتبة الحق حيث استطعمه فلان وكان عنده ما يفضل عن قوامه فلم يعطه إياه فلم يلزم من هذا الخبر أن يسعى في حق الغير وهو المراد في تمام الآية في قوله ما أُرِيدُ مِنْهُمْ من رِزْقٍ وما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ولما خلق الله الإنسان وأعطاه الجدل قال بعضهم لما استطعمني فلان وعندي ما يفضل عن قوامي فلو كان لهذا المستطعم أمانة عندي ما استطعت إمساكها فلذلك لم نطعمه فقيل له ما قيل لإبليس متى علمت أنه ليس له أبعد ما منعته أو قبل ذلك أعطاك الله علم الكشف أنه ليس لهذا أو عين لك صاحبه أو ما علمت أنه ليس له إلا بعد حصول المنع منك وانصرافه عنك فلا

بد أن يقول بعد المنع علمت ذلك فيقال له بذلك أخذت فإن إبليس قال للحق أمرتني بما لم ترد أن يقع مني فلو أردت مني السجود لآدم لسجدت فقال الله له متى علمت أني لم أرد منك السجود بعد وقوع الإباية منك وذهاب زمان الأمر أو قبل ذلك فقال له بعد ما وقعت الإباية علمت أنك لو أردت السجود مني لسجدت فقال الله له بذلك أخذتك ولم يؤاخذ أحد إلا بالجهل فإن أهل العلم الذين طالعهم الله بما يحدثه من الكوائن في خلقه قبل وقوعها لا يؤاخذون على ما لم يقع منهم مما أمروا به بالواسطة أن يقع منهم فإنهم في عين القربة بالاطلاع وليس المراد بامتثال الأمر إلا القربة ومحل القربة ليس بمحل تكليف فإذا وقع من المقربين أعمال الطاعات فبشهود فإنهم على بينة من ربهم فهم عاملون من حيث شهودهم الأمر الإلهي من غير الواسطة التي جاءت به فهم بالصورة في الظاهر اتباع الأمر بالواسطة وفي الباطن أصحاب عين لا أتباع فالحاصل من هذا أنه من لم يغب عن عبوديته لله في كل حال فقد أدى ما خلق له وكان طائعا وسواء كان مطيعا أو مخالفا فإن العبد الآبق لا يخرجه إباقه عن الرق وإنما يخرجه عن لوازم العبودية من الوقوف بين يدي سيده لامتثال أوامره ومراسمه أ لا ترى اسم العبودية ينسحب عليه سواء كان مطيعا أو مخالفا كما يبقى اسم البنوة على الابن سواء كان بارا أو عاقا فالعبد الذي وفى ما خلق له لا يخلو أمره في نفسه من حالتين إما أن يكون مشهوده قيمته فهو يقوم في مقام قيمته فيصحبه الانكسار والتسليم والخضوع وإما أن يقام في حال الاعتزاز بسيده فيظهر عليه العجب بذلك والنخوة كعتبة الغلام لما زهى فقيل له في ذلك فقال وكيف لا أزهو وقد أصبح لي مولى وأصبحت له عبدا كما هو الأمر في نفسه ولكن الفضل في أن يكون ذلك الأمر مشهودا له فهاتان حالتان محمودتان تشهد كل واحدة منهما للعبد بأنه وفى بما خلق له وبقي أي الجالتين أولى بالعبد هل شهود القيمة أو الاعتزاز بالسيد فمن قائل بهذا ومن قائل بهذا والصحيح عندي عدم الترجيح في ذلك لما نذكره وذلك أن المقامات والمواطن تختلف فالموطن الذي يطلب ظهور الاعتزاز بالله لا ينبغي أن يظهر فيه العبد إلا بالاعتزاز بالله والموطن الذي يقتضي ويطلب بذاته شهود العبد قيمته لا ينبغي أن يظهر فيه هذا العبد إلا بشهود قيمته وقد احتج بعضهم في الاعتزاز بقوله تعالى فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ وبأمره تعالى فَفِرُّوا إِلَى الله وهذه حجة للفريقين فإنه قد يفر إلى الله لطلب الاعتزاز بالله وقد يفر إلى الله لتكون ذلته إلى الله وحاجته لا إلى غيره إذ هو مفطور على الحاجة والافتقار ولهذا قال بعد الأمر بالفرار إلى الله تعالى ولا تَجْعَلُوا مَعَ الله إِلهاً آخَرَ تفتقرون إليه بل فروا

إلى الله في طلب حوائجكم منه التي فطرتم عليها وأما فرار موسى عليه السلام الذي علله بالخوف من فرعون وقومه فما كان خوفه إلا من الله أن يسلطهم عليه إذ له ذلك ولا يدري ما في علم الله فكان فراره إلى ربه ليعتز به فوهبه ربه حكما وعلما وجعله من المرسلين إلى من خاف منهم بالاعتزاز بالله وأيده بالآيات البينات ليشد منه ما ضعف مما يطلبه حكم الطبيعة في هذه النشأة فإن لها خورا عظيما لكونها ليس بينها وبين الأرواح التي لها القوة والسلطان عليها واسطة ولا حجاب فلازمها الخوف ملازمة الظل للشخص فلا يتقوى صاحب الطبيعة إلا إذا كان مؤيدا بالروح فلا يؤثر فيه خور الطبيعة فإن الأكثر فيه إجراء الطبيعة وروحانيته التي هي نفسه المدبرة له موجودة أيضا عن الطبيعة فهي أمها وإن كان أبوها روحا فللأم أثر في الابن فإنه في رحمها تكون وبما عندها تغذى فلا تتقوى النفس بأبيها إلا إذا أيدها الله بروح قدسي ينظر إليها فحينئذ تقوى على حكم الطبيعة فلا تؤثر فيها التأثير الكلي وإن بقي فيه أثر فإنه لا يمكن زواله بالكلية

[أن الطبيعة ولود لا عقم فيها]

واعلم أن الطبيعة ولود لا عقم فيها ودود متحببة لزوجها طلبا للولادة فإنها تحب الأبناء ولها الحنو العظيم على أولادها وبذلك الحنو تستجلبهم إليها فإن لها التربية فيهم فلا يعرفون سواها ولهذا لا نرى أكثر الأبناء إلا عبيدا للطبيعة لا يبرحون من المحسوسات والملذوذات الطبيعية إلا القليل فإنهم ناظرون إلى أبيهم وهم المترحنون وليس علامتهم وعدم التنوع في الصور فإن التنوع في الصور كما هو لهم هو للطبيعية أيضا وإنما علامة المتروحنين على أنهم أبناء أبيهم تنزههم عن الشهوات الطبيعية وأخذهم منها ما يقيمون به نشأتهم كما

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه‏

فهمتهم اللحوق بأبيهم الذي هو الروح الإلهي اليائي لا الامري وإنما قلنا اليائي لقوله ونَفَخْتُ فِيهِ من رُوحِي بياء الإضافة إليه لأنه فرق بين روح الأمر وبين روح ياء الإضافة فجعل روح الأمر لما يكون به التأييد وجعل روح الياء لوجود عين الروح الذي هو كلمة الحق المنفوخ في الطبيعة فحن حنين الولد إلى أبيه ليتأيد به على ما يطلبه من شهود الحق الخارج عن الروح والطبيعة من حيث ما هو غني عنهما لا من حيث ما هو متجل للأبناء منهما أو بهما أو فيهما كل ذلك له وهذا مطلب عزيز فإذا ناله وتقوى به أتى الشهوات بحكم الامتنان عليها نزولا منه إليها فهو يحكم بها على المشتهيات ما تحكم عليه شهوة في المشتهيات فهو مشتهي الشهوة وغيره تحت حكم الشهوة فصاحب هذا المقام يحدث عين الشهوة في نفسه قضاء وإجابة لسؤالات من يشتهي من عالمه الخاص به فينالون بتلك الشهوة ما يشتهون فيتنعم الروح الحيواني وهي ناظرة إلى ربها غير محجوبة قد تجلى لها في اسمه الخلاق وخلع عليها هذا الاسم ليتكون عنها ما تريد لا ما تشتهي فهذه هي النفوس الفاضلة الشريفة المتشبهة بمن هي له فتنظر إلى الطبيعة نظر الولد البار لأمه مع استغنائه عنها وفاء لحقها وإن الناس انقسموا في هذا الحكم أقساما فمنهم من عبد الله وفاء لحق العبودية فأقام نشأتها على الكمال فأعطاها خلقها ومنهم من عبد الله وفاء لحق الربوبية الذي تستحقه على هذا العبد فأقام نشأة سيادة خالقه عليه فأعطاها خلقها من غير نظر إلى نفسه كما كان الأول من غير نظر إلى سيادة سيده بما هو ظاهر كل نشأة لا بما هي في نفس الأمر لأن العبد لا تعمل له فيما تقتضيه الأمور لأنفسها ومنهم من عبده لإقامة النشأتين فأعطاهما خلقهما فأقام نشأة عبوديته ونشأة سيادة سيده وذلك في وجوده وعينه إذ هو محل لظهور هذه النشأة ومنهم من عبد الله لكونه مأمورا بالعبادة وما عنده خبر بإقامة هذه النشآت فعبده بلازم العبودية فعبادته عن أمر إلهي ما هي ذاتية ومنهم من أقامه الله في العبادة الذاتية فلم يحضر أمره إلا في العمل لا في العبادة ومنهم في عبده بهذه الوجوه كلها وهو أقوى القوم في العبادة والنشأة القائمة من مثل هذا العبد أتم النشآت خلقا فإن إقامة النشأة لا بد منها فإن كانت مقصودة للعبد أضيفت إليه وحمد عليها وإن لم تكن مقصودة للعبد العابد أقامها الحق تعالى وأضيفت إلى الله وحمد عليها مع ظهورها من العابد والقصد إلى إيجادها أولى من الغفلة عنها أو الجهل بها فمن الناس من يشهد ما ينشئ ومن الناس من لا يشهد ما ينشئ لأنه لا يعلم أنه ينشئ فيتولى الله إنشاءه على غير علم منه حتى تقوم صورة النشأة فيشهدها العابد حينئذ صادرة عنه فيحمد الله حيث ظهر منه مثل هذا فهم على طبقات في هذا الباب أعني باب العبادة وهكذا الحكم فيما ينشئ عنهم من صور الأعمال الظاهرة والباطنة هم فيها على طبقات مختلفة فمنهم الجامع للكل ومنهم النازل عن درجة الجمع‏

«فصل»

ثم اعلم أن الأحد لا يكون عنه شي‏ء البتة وإن أول الأعداد إنما هو الاثنان ولا يكون عن الاثنين شي‏ء أصلا ما لم يكن ثالث يزوجهما ويربط بعضهما ببعض ويكون هو الجامع لهما فحينئذ يتكون عنهما ما يتكون بحسب ما يكون هذان الاثنان عليه إما أن يكونا من الأسماء الإلهية وإما من الأكوان المعنوية أو المحسوسة أي شي‏ء كان فلا بد أن يكون الأمر على ما ذكرناه وهذا هو حكم الاسم الفرد فالثلاثة أول الأفراد وعن هذا الاسم ظهر ما ظهر من أعيان الممكنات فما وجد ممكن من واحد وإنما وجد من جمع وأقل الجمع ثلاثة وهو الفرد فافتقر كل ممكن إلى الاسم الفرد ثم إنه لما كان الاسم الفرد مثلث الحكم أعطى في الممكن الذي يوجده ثلاثة أمور لا بد أن يعتبرها وحينئذ يوجده ولما كان الغاية في المجموع الثلاثة التي هي أول الأفراد وهو أقل الجمع وحصل بها المقصود والغني عن إضافة رابع إليها كان غاية قوة المشرك الثلاثة فقال إن الله ثالث ثلاثة ولم يزد على ذلك وما حكى عن مشرك بالله أنه قال فيه غير ثالث ثلاثة ما جاء رابع أربعة ولا ثامن ثمانية وهكذا ظهرت في البسملة ثلاثة أسماء لما كان من أعطى التكوين يقول بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ والتكوين الإلهي عن قول كُنْ وهو ثلاثة أحرف كاف وواو ونون الواو بين الكاف والنون لا ظهور لها لأمر عارض أعطاه سكون النون وسكون الواو إلا أنه للنون سكون أمر فانظر سريان الفردية الأولية كيف ظهر في بروز الأعيان واعتبر فيما يتكون عنه ثلاثة أمورا جعلها حقوقا فمن أحضر من العابدين المنشئين صور أعمالهم وعباداتهم هذه الحقوق عند إرادتهم إنشاءها وأعطى كل ذي حق حقه في هذه النشآت كان أتم وأعلى درجة عند الله ممن لم يقصد ما قصده والصورة المنشأة فيها ثلاثة حقوق يقصدها الموجد الفرد الحق الواحد لله وهو ما يستحقه منها من التنزيه أو التسبيح بحمده وحق النفس الصورة من الاسم الفرد وهو إيجادها بعد أن لم تكن لتتميز في حضرة الوجود وتنصبغ به وتلحق بما هو صفة لخالقها وموجدها وهو الله وهذه الدرجة الأولى من درجات التشبه به للظهور في الوجود والانصباغ به والحق الثالث ما للغير في وجودها من المصلحة فتعطيه تلك النشأة حق ذلك الغير منها وهو مقصود لموجدها وذلك الغير صنفان الصنف الواحد الأسماء الإلهية فتظهر آثارها المتوقف ظهور تلك الآثار على وجود هذه العين والصنف الآخر ما فيها من حقوق الممكنات التي لا تكون لها إلا بوجود هذه الصورة المنشأة فيقصد المنشئ لها في حين الإنشاء هذه الأمور كلها فيكون الثناء الإلهي على هذا العابد بحسب ما أحضر من ذلك وما قصد فمنهم من يجمع هذا كله في صورة عبادته وصورة عمله فيسري التثليث في جميع الأمور لوجوده في الأصل ولهذا قال فيمن قال بالتثليث إنه كافر فقال لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله ثالِثُ ثَلاثَةٍ وما سماه مشركا فإنه ستر ما كان ينبغي له إذ قال به أن يبين صورته ولو أبان صورته لقال هذا الذي قلناه وتبين للسامع الحق في ذلك‏

فلما ستر هذا البيان سماه كافرا لأنه ما من إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وإن كانت له أحكام مختلفة ولا بد منها فلو لم يستر هذا الكافر وأبان لقال ما هو الأمر عليه وأما من يدعي أن الآلهة ثلاثة فذلك مشرك جاهل ونعوذ بالله أن يكون عاقل من المشركين فالعدد أحكام الواحد وقد جاء العدد في الأسماء الحسنى وجاء قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا من حيث دلالته على عين المسمى فَلَهُ أي لذلك المسمى الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ التي الله والرحمن منها من حيث ما هي أسماء لكن الأفهام قاصرة عن إدراك ما يريده الله في خطابه بأي لسان كان فهذا بعض ما في هذا المنزل قد ذكرناه فلنذكر ما يحوي عليه من العلوم النافعة على طريق الذكرى فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فنقول والله يَقُولُ الْحَقَّ ويَهْدِي من يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن ذلك علم أسماء التكوين وعلم حروف التكوين وعلم الأرواح المفرقة لا الجامعة وعلم الأمور الحاملة للأشياء ما يقصد بحملها ولمن تنتهي بالحمل إليه وعلم السعايات ما نهايتها وما المقصود بها من السعاة هل لنيل ما ليس‏

عندهم أو لإيصال ما عندهم لمن يطلبه إما بذاته الذي هو الطلب الذاتي وإما بسؤال منه في ذلك فيعطيه هذا الساعي بتيسير وبريحة من سعيه إليه وكده ومشقته وعلم تفاصيل الأمور ولما ذا ترجع تفاصيلها وتقسيمها هل إلى الأصل وهو الأسماء الإلهية أو للقوابل وهي أعيان الممكنات أو للمجموع أي أمر كان من الأمور التي يطلبها التفصيل والتقسيم وعلم الجزاء وصدق الوعد دون الوعيد وعلم مدارج الملائكة والأرواح المفارقة المحمولة في الصور الجسدية وعلم الخلاف من علم الاتفاق وفيما ذا



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!