Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل ذهاب المركبات عند السبك إلى البسائط وهو من الحضرة المحمدية

كالسدفة وعلم الايمان بالمجموع هل يقبل الايمان الزيادة والنقص أو لا يقبل وعلم المفاضلة على اختلافها وكثرتها وعلم الربا المحمود المشروط في المعاملة وما معنى‏

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم يكن الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم‏

فاعلم أنه لا يأخذه منا ويعطينا إياه ويجوز اشتراطه في معاملة الحق دون الخلق في زمان مخصوص وعلم من ينسب إليه المشي من غير إن يكون موصوفا بأن له المشي وعلم نطق من ليس من شأنه في رتبة الحس أنه يتكلم وعلم رد الأعمال على العاملين وعلم البرزخ الذي بين الرحمة والغضب الإلهي فلا يكون لواحد حكم يستقل به في الموجود ما حكم ذلك البرزخ وهل له عين موجودة في نفس الأمر أو هو نسبة لها وجهان في الحكم وعلم ما الذي قعد بالثقلين عن النهوض إلى ما فيه سعادتهم بعد إبانة الله طريق السعادة على ألسنة المخبرين عن الله وعلم الموطن الذي يقوم البدل فيها في الحكم مقام المبدل منه من الموطن الذي لا يقبل ذلك مع كونه يقبل التبديل لذاته وعلم المدد ولما ذا يرجع عددها المحكوم عليها به هل لعين المدة فيقبل العدد كالأشخاص في النوع الواحد أو هل تختلف المدد لذواتها وعلم ما يحصل من الأثر فيمن هو تحت حكم المدة من قصرها وطولها وعلم اختلاف الأحكام على الأعيان هل تختلف لاختلاف استعداد الأعيان باختلاف الأوقات أو هل تختلف باختلاف الأسماء الحاكمة وعلم مراتب العبيد من الأحرار وما لكل واحد من الصنفين من الله وعلم الفرق بين الصديقية والشهادة ومن أي مقام نال السر أبو بكر الذي فضل به غيره وعلم مراتب النار ولما ذا تنوعت الأسماء عليها وما لكل اسم من الأصناف الذين يدخلونها وعلم الفرقان بين النشأتين والحياتين وعلم السبب الذي ثبط قوما وأسرع بآخرين والفرق بين السرعة والسبق وعلم الموطن الذي يقوم به الواحد مقام الكثير وعلم القضاء السابق على الحكم الواقع بالسورة وعلم اتصاف الحق باليسر دون العسر وما هو الأصعب عنده من الأهون إذ كان هو الفاعل للأمرين وعلم مقام إزالة العبد من حكم الصفتين المتقابلتين فلا وصف له كأبي يزيد وعلم ما يؤدي شهوده إلى أن لا يحب الشي‏ء نفسه الذي من شأنه أن يتصف بالحب وعلم المنع الإلهي لما يرجع وعلم المنافع والمضار المحسوسة والمعنوية وعلم الرسالة والرسل وعلم الاختراع والتدبير وعلم من له من كل شي‏ء زوجان وعلم العناية الإلهية هل حكمها في الفرع مثل حكمها في الأصل أم لا فهذا حصر ما يتضمنه هذا المنزل من العلوم وفي كل علم علوم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الثامن والعشرون وثلاثمائة في معرفة منزل ذهاب المركبات عند السبك إلى البسائط وهو من الحضرة المحمدية»

هذا المنزل يعصم الدخول فيه من الموت ما دمت فيه وهو منزل عجيب‏

إن المقرب ذو روح وريحان *** في جنة الخلد من نعمى وإحسان‏

منعم بعذاب النار تبصره *** يسبح الله من علم وإيمان‏

بنشأة ما لها حد فتبلغه *** منزه الحكم عن نقص ورجحان‏

من هذا المنزل تكون الوقائع للفقراء وهي المبشرات والرؤيا الصادقة ما هي بأضغاث أحلام وهي جزء من أجزاء النبوة ومن هذا المنزل يحصل للمكاشف كشف الميزان الذي بيد الحق الذي يخفض به ويرفع‏

[المبشرات والرؤيا الصادقة]

اعلم أن التحليل إذا ورد على المركبات أذهب عين الصورة ولم يذهب عين الجوهر وجعله الله مثالا للعارفين بالله فيما يظهر من تركيب أعيان الممكنات بعين الحق فيظهر في عين الحق ما يظهر من الصور فإذا رفعت التناسب بين الحق والخلق ذهبت أعيان تلك الصور وبقيت أعيان الممكنات وعين الحق من حيث ما هو موصوف بالغنى عن العالمين فلم تذهب الأعيان لذهاب الصور الظاهرة للحس واعلم أن الصور الظاهرة من الحق على ثلاث مراتب فإن للحق في العالم ثلاثة أوجه إذ وصف نفسه بأن له يدين قبض بهما على العالم وأظهر النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ذلك في الكتابين اللذين خرج بهما على أصحابه في الواحد أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم وفي الآخر أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم ولم يخرج لأهل الله وخاصته كتابا ثالثا فإن كتابهم القرآن قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أهل القرآن هم أهل الله وخاصته‏

ومنزله ما بين اليدين فلهم القلب والصدر الذي هو محله وحضرته وذلك هو مقام أهل القربة الذين هم خصوص في‏

السعداء أورثهم ذلك المسابقة إلى الخيرات على طريق الاقتصاد من إعطاء كل ذي حق حقه فانقسم العالم لانقسام الوجوه على ثلاثة أقسام لكل يد قسم صنف خاص ولما بينهما صنف خاص ولأصناف الأيدي مرتبة العظمة والهيبة فأما اليد الواحدة فالصنف المنسوب إليها عظيم الشأن في نفسه عظمة ذاتية له والصنف الآخر عظيم المرتبة ليست عظمته ذاتية فيعظم لرتبته لا لنفسه كأصحاب المناصب في الدنيا إذ لم يكونوا أهل فضل في نفوسهم فيعظمون لمنصبهم فإذا عزلوا زال عنهم ذلك التعظيم الذي كان في قلوب الناس لهم فهذا الفرق بين الطائفتين فصنف من أهل الله يظهرون في العالم بالله وصنف آخر يظهرون في العالم لله والصنف الذي بين اليدين يظهر بالمجموع وزيادة فأما الزيادة فظهورهم بالذات التي جمعت اليدين وهم أصحاب الهرولة الإلهية في أحوالهم التي سارعوا بها في موطن التكليف وأصحاب اليدين أصحاب الذراع والباع الإلهي لما ظهروا في موطن التكليف عند تعين الخطاب بالشبر والذراع فوقعت المفاضلة ليقع التمييز في المرتبة فيقول صنف ما بين اليدين‏

أنا من أهوى *** ومن أهوى أنا

في مشاهدة دائمة لا تنقطع مراتبها وإن اختلفت أذواقها فإن الله له عرش لا يتجلى في هذه الصورة الدائمة إلا لأصحاب هذا العرش وهم أهل العرش وهم أهل الوجه ينظر بعضهم إلى بعض في هذا التجلي فيكسو بعضهم بعضا من الأنوار التي هم عليها مع كونهم في حال التجلي والنظر وما ثم موطن يجمع بين تجلى الحق ورؤية الخلق في غير حضرة الخيال والمثال إلا موطن أصحاب الوجه أعطاهم ذلك قوة المحل الذي أحلهم فيه الحق وهو محل المقامة وهو الذي ظهر لرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في بعض إسراءاته فعبر عنه في حال تدليه إليه برفرف الدر والياقوت فانتقل في إسرائه من براق إلى رفرف فمن حصل في هذا المقام دامت مشاهدته ولم تغيبه عن نفسه ولا عن ملكه ويرى الكثرة في الواحد والتفرقة في الجمع وتقوم لهذا الصنف من الوجه صور حاملة لعلوم محمولة مما بينهم وبينها علاقة ومناسبة عملية ومما لا علاقة بينهم وبينها بل هي زيادة من فضل الله لهم يرزقونها من عين المنة لا ينالون هذه العلوم إلا من تلك الصور المنبعثة من الوجه فلا يحجبهم الوجه عن رؤية الصور وما تحمله ولا تحجبهم الصور وما تحمله ولأذوق تلك العلوم عن الوجه وهذه الرتبة أعلى رتبة للسعداء ثم يفيضون على أصحاب الأيدي مما حصل لهم من تلك العلوم التي نالوها من تلك الصور فلا يأخذوها أصحاب الأيدي إلا بوساطة أصحاب الوجه كما إن أصحاب الوجه ما نالوها إلا من تلك الصور لم ينالوها من الوجه وسبب ذلك أن تلك العلوم مختلفة الأذواق والوجه ما فيه اختلاف فلا بد أن يظهر تميز تلك المراتب بوجود هذه الصور ليعلم تنوع المشارب فما كان عن علاقة التنوع فلتنوع أحوالهم بالشبر والذراع والسعي فتنوع المشروب بالذراع بالباع والهرولة وما تنوع من المشارب مما لا علاقة بينها وبينهم فليعلم إن ذلك من الاستعدادات التي هي عليها نشأتهم الذي هو غير الاستعداد العملي الذي كني عنه بالمقدار من شبر وذراع فالهبات الإلهية إنما اختلفت لهذا ولا يذهب شي‏ء من هذا كله بعقولهم ولا ينقصهم من مراتب حظوظ حقائقهم شيئا فينعمون بكل جارحة وكل حقيقة هم عليها في زمان واحد لا يحجبهم نعيم شي‏ء عن نعيمهم بشي‏ء آخر ومن علم هذا علم صورة النشأة الآخرة وأنها على غير مثال كما كانت نشأة الدنيا على غير مثال وليس في هذا المقام لهذا الصنف أعجب من كونه إذا تجلت لهم صور الوجه يفنون العلوم في المشروبات وهم على حقائق يطلب كل شي‏ء جاءوا به أن يختاروا به منها مع كونها لهم ولا بد لهم من نيلها وأعرفك بسبب ذلك أنهم لا يقع لهم الاختيار إلا في العلوم التي بينهم وبينها علاقة من تلك المشارب لا في علوم الوهب وذلك لأنهم في حال سلوكهم وإنشائهم للأعمال اختاروا بعض الأعمال على بعض فقدموها لما اقتضاه الزمان أو المكان أو الحال فإذا ظهر في هذا التجلي نتائج تلك الأعمال وقع الاختيار منهم في تقدم بعضها على بعض للتناول على صورة ما جرى في حال أعمالهم أ لا ترى حكمة قوله في الآخرة إن لأهل السعادة ما تشتهي نفوسهم ولم يقل ما تريد نفوسهم والشهوة إرادة لكن لما لم يكن‏

كل مراد يشتهي لم يكن كل إرادة شهوة فإن الإرادة تتعلق بما يلتذ به وبما لا يلتذ به ولا تتعلق الشهوة إلا بالملذوذ خاصة فأخذوا الأعمال بالإرادة والقصد وأخذوا النتائج بالشهوة فمن رزق الشهوة في حال العمل فالتذ بالعمل التذاذه بنتيجته فقد عجل له نعيمه ومن رزق الإرادة في حال العمل من غير شهوة فهو صاحب مجاهدة نال النتيجة بشهوة وهي مرتبة دون الأولى ثم إن لهذا الصنف من الحق في هذه الحال صورة القهر والظفر

بما من شأنه أن يمتنع فلا يمتنع لما يعلمه مما هو عليه من صفة الاقتدار على إنزاله أنتج له ذلك الأخذ بالشدائد وترك الرخص فهذا بعض أحوال أهل الوجه وأما الصنفان الآخران فللواحد منهم التكوين وللآخر التسليم فأما أهل التكوين من هذين الصنفين فتميزهم في أحوالهم ومكانهم من العالم العلوي إذا فارقوا هياكلهم بالموت وفتحت لهم أبواب السماء وعرج بأرواحهم إلى حيث أسكنوا عند السدرة المنتهى لا يبرحون بها إلى يوم النشور لأنهم في حال أعمالهم بلغوا المنتهى في بذل وسعهم فيما كلفوا من الأعمال وماتوا نوابل بذلوا المجهود الذي لم يبق لهم مساغا كل على قدر طاقته فلا فرق بين من يتصدق بمائة ألف دينار إذا لم يكن له غيرها وبين من يتصدق بفلس إذا لم يكن له غيره فاجتمع الاثنان في بذل الوسع ومن هناك جوزوا وجمعهم مكان واحد وهو سدرة المنتهى التي غشاها من نور الله ما غشى فلا يستطيع أحد أن ينعتها وقد تبين مثل هذا في قول الشارع سبق درهم ألفا لأن صاحب الدرهم لم يكن له سواه فبذله لله ورجع إلى الله لأنه لم يكن له مستند يرجع إليه سواه وصاحب الألف أعطى بعض ما عنده وترك ما يرجع إليه فلم يرجع إلى الله فسبقه صاحب الدرهم إلى الله وهذا معقول فلو بذل صاحب الألف جميع ما عنده مثل صاحب الدرهم لساواه في المقام فما اعتبر الشارع قدر العطاء وإنما اعتبر ما يرجع إليه المعطي بعد العطاء فهو لما رجع إليه فالراجعون إلى الله هم المفلسون من كل ما سوى الله وإن كان صاحب الجدة ممن يرى الحق في كل صورة فما يدرك رتبة من يراه في لا شي‏ء فإنه يراه في ارتفاع النسب والإطلاق وعدم التقييد ولا شك أن الحق إذا تقيد للمتجلي له في صورة فإن الصورة تقيد الرائي وهو تعالى عند كل راء في صورة لا يدركها الآخر فلا يدرك مطلق الوجود إلا المفلس الذي ذهبت الصور عن شهوده كما قال في الظمآن حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فنفى شيئية المقصود ووجد الله عنده يعني عند لا شي‏ء فإنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهو غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ فلا يدركه إلا من أفلسه الله من العالمين والمفلس من العالمين في غاية الغني عن العالمين لما تقطعت به الأسباب رده الحق إليه فعلم لمن رجع وبما ذا رجع فرجع بالإفلاس لمن له الغني عنه فعرف الحق حقا فاتبعه فحق عينه عدم وشهود وحق ربه وجود وشهود قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم صاحب الكشف الأتم إن أصحاب الجد محبوسون والمحبوس مقيد والمفلس ما له جد يقيده ولا يحبسه فهو مطلق عن هذا التقييد الذي لأصحاب الجد فهو أقرب إلى الصورة بالإطلاق من أصحاب الجد لتقيدهم فأصحاب الجد في رتبة من يرى الحق في الأشياء فيقيده بها ضرورة لأن المقام يحكم عليه والمفلس محمدي لا مقام له فإنه قيل له ليس لك من الأمر شي‏ء فأفلسه وليس الجد إلا لمن له الأمر فكل من له الأمر فهو صاحب جد لأن الأمر للتكوين فما أراده كان فليس بمفلس ومن خرج عن حقيقته فقد زل عن طريقه فما للخلق وللتكوين إن قال أو أمر بحق فالتكوين للحق لا له كما قال فيمن له التكوين فيكون طائرا بإذني وفي آية أخرى فيكون طائرا بإذن الله فأعطاه وجرده فالبقاء على الأصل أولى وهو قوله لأكرم الناس عليه وأتمهم في الشهود وأعلاهم في الوجود ليس لك من الأمر شي‏ء فأفلسه يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا فإن الله ينشئكم في ما لا تَعْلَمُونَ ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى‏ إنها كانت فيما لا يعلم فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ فأهل الله لا يبرحون في موطن الإفلاس فهم في كل نفس على بينة لا على لبس من علم جديد لم يكن عنده فإنه ينشئه دائما فيما لا يعلم فليس بصاحب نظر وتدبير ولا روية إذ لا يكون النظر إلا في مواد وجودية وهي الحدود التي حبستهم عن العلم بالله فهم في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ وهم فيه وهُمْ لا يَشْعُرُونَ فإذا دخلوا الجنة يوم القيامة فلا ينزلون منها إلا فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإذا لم يخطر على القلب وله مقام التقليب في الوجوه فما ظنك بالعقل الذي لا تقليب عنده جعلنا الله من هؤلاء المفلسين وحال بيننا

وبين مقام أهل الجد المحبوسين ثم إن أصحاب التكوين الذين لهم القوة الإلهية في إيجاد الأعيان إذا شاهدوا نضد العالم وترتيبه وإنه ما بقي فيه خلاء يعمره تكوينهم علموا عند ذلك أن الله قد حال بينهم وبين إيجاد المعدوم وليس التكوين الحقيقي إلا ذلك فما حصل بأيديهم من التكوين إلا تغير الأحوال وهو الموجود في العامة فيكون قائما فيقعد أو قاعدا فيقوم أو ساكنا فيتحرك أو متحركا فيسكن ليس في قدرته غير ذلك فإن التكوين الذي هو إيجاد المعدوم ما بقي له مكان في العالم يظهر فيه فزالت الأمكنة بما عمرته من صور العالم وأعيانه من حيث جوهره وما زالت‏

المحال التي يظهر فيها تغير الأحوال فليس لأصحاب التكوين إلا مراتب العوام إلا أن الفرق بينهم وبين العوام أن العامة لها التكوين في معتاد ولهؤلاء التكوين في غير معتاد ولكن هو معتاد لهم فهم بمنزلة العامة في عاداتهم وصاحب الوجود والشهود لا يبرح في ليس لك من الأمر شي‏ء فإذا عاينوا أهل التكوين ما ذكرناه من عمارة الأمكنة ونضد العالم وإنه ما يقبل الزيادة ولا النقصان وإنه قد خلق في أكمل صورة وما بقي لهم تصريف إلا في المحال وإيجاد إلهيات كالتجلي الإلهي في الصور انكسرت قلوبهم وعلموا عجزهم وأنهم قاصرون مقيدون في التكوين فيطلبون الراحة من تعب التكوين فيأتيهم الخطاب الإلهي في أسرارهم بقوله أَ لَمْ تَرَ إِلى‏ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ لوجود الراحة فاستراحوا عند هذا الخطاب في ظله الممدود وظل الشي‏ء يخرج على صورة الشي‏ء فجعل الله راحتهم بالعالم لا به والمفلس ما له راحة إلا به فإنه قد أفلسه من العالم فليس له راحة في الظل‏

فلا حكم للعالم عليه ولا مزية فهو لله بالله فإذا أراد الله راحة هذا المفلس قبض الظل إليه قبضا يسيرا فانكشف عن موضع استراحة هذا المفلس لأنه إذا قبض الظل إليه عمر النور المكان المقبوض منه هذا الظل وهو موضع راحة هذا المفلس فإنه لحاجته كالمقرور يطلب الشمس لوجود الراحة له في النور فإذا استراح أهل التكوين في علم قوله أَ لَمْ تَرَ إِلى‏ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ استراح المفلس من هذه الآية إلى قوله أَ لَمْ تَرَ إِلى‏ رَبِّكَ في بدء أمره وفي نهايته إلى قوله ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً فما رأى في البداية والنهاية إلا ربه فهو الأول في شهوده والآخر في انتهاء وجوده وبقي أهل التكوين في علم مد الظل لا في كيفيته والمفلسون ما نظروا في الظل إلا من حيث خاطبهم الحق وهو قوله كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ فوقفوا مع الكيفية وهي إلهية فما وقفوا إلا مع الله لا مع الظل لأن الكيفية شهود الممد له لا شهود الممدود فجعلهم الحق لهذه المنزلة يفيضون على أهل التكوين من علوم الحياة ما تحيا به قلوبهم فإذا رأوا الإمداد يأتيهم نظروا من أي جهة أتاهم ذلك فرأوه من جهة هؤلاء الكمل من رجال الله فعرفوا إن لله رجالا فوقهم لهم القربة الإلهية بما سبق لهم عند الله فكانوا لهذه السابقة من السابقين المسارعين إلى الخيرات على طريق الاقتصاد وأعطوا كل ذي حق حقه كما أعطى الله كل شي‏ء خلقه فلهؤلاء العرش ولأهل التكوين الفرش فلهم الاستواء ولأهل التكوين الاتكاء ولهم النزول ولأهل التكوين الارتفاع والصعود ولهم حقائق أسماء التنزيه ولأهل التكوين حقائق أسماء التشبيه إذ بها يغيرون الأحوال في المحال فهذا بعض ما هم عليه أهل يد التكوين وأصحاب الوجه الذين لهم ما بين اليدين وأما أهل التسليم فهم في جهد ومشقة في نار مجاهدة ورياضة لا يعرفون برد اليقين ولا حرارة الاشتياق إلى التعيين لأن الشوق لا يتعلق إلا بمعروف ولا يكون إلا لأصحاب الحروف الذين يعبدون الله على حرف لمعناه فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ به أي بالحرف لأجل الخير الذي أصابه منه وهو خير مقيد معين عنده الذي لأجله لزم هذا الحرف دون غيره إذ الحروف كثيرة فهو كمن أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ به فهو على شفا لا على شفاء ولكن مع هذا فرحمة الله شاملة ونعمته سابغة ولكل موجود في العالم وجهان باطن فِيهِ الرَّحْمَةُ وظاهر من قِبَلِهِ الْعَذابُ كالسور بين الجنة والنار والعبد حاله بحسب الوجه الذي ينظر إليه من كل موجود لأن الحق وصف نفسه بالغضب والرضاء والعالم على صورته فلا بد مما ذكرناه أن يكون العالم عليه فلا بد من القبضتين ولا بد من اليدين ولا بد من الدارين ولا بد من البرزخ بين كل اثنين ومن كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لأنه مخلوق عن صفتين إرادة وقول وهما اللذان يشهدهما كل مخلوق من الحق فإن العالم نتيجة والنتيجة لا تكون إلا عن مقدمتين وهذا هو التناسل الإلهي ولهذا أوجده على الصورة كوجود الابن على صورة الأب في كل جنس من المخلوقات فالعالم من حيث أجزائه وتفاصيله كالأعضاء للاسم الظاهر ومن حيث معانيه وتفاصيل مراتبه كالقوى الروحانية الباطنة التي لا تعلم إلا بآثارها للاسم الباطن فقامت نشأة العالم على الظاهر والباطن وهُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فهذا قد بينا في هذا المنزل ما تقتضيه الثلاثة الأوجه الإلهية والمراتب الثلاثة التي ظهر فيها التفاضل بين العالم فلنذكر ما يتضمنه هذا المنزل من العلوم فأول ذلك علم المبشرات وعلم الميزان الإلهي الذي بيده للخفض والرفع الوارد حديثه في الخبر النبوي الذي أشهده الحق وفيه علم الحركات الطبيعية خاصة وفيه علم تحليل‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!