Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الخواطر

إن الحقيقة تعطي واحدا أبدا *** والعقل بالفكر ينفي الواحد الأحدا

فالذات ليس لها ثان فيشفعها *** والكون يطلب من آثاره العددا

والكل ليس سوى عين محققة *** لا أهل فيها ولا أبا ولا ولدا

[أن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف والتماثل والتقابل‏]

أعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخلاف والتماثل والتقابل إن لم تعرف الحقيقة هكذا وإلا فما عرفت فعين الشريعة عين الحقيقة والشريعة حق ولكل حق حقيقة فحق الشريعة وجود عينها وحقيقتها ما تنزل في الشهود منزلة شهود عينها في باطن الأمر فتكون في الباطن كما هي في الظاهر من غير مزيد حتى إذا كشف الغطاء لم يختل الأمر على الناظر

قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنا مؤمن حقا فادعى حق الايمان وهو من نعوت الباطن فإنه تصديق والتصديق محله القلب فآثاره في الجوارح إذا كان تصديق له أثر فإن كان تصديق ما له أثر فلا يلزم ظهوره على الجوارح كما قال والفرج يصدق ذلك أو يكذبه فنسب الصدق إلى الفرج وهو عضو ظاهر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حقيقة إيمانك فقال كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا

وقد كان صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله إن عرش ربه يبرز يوم القيامة فجعله هذا السامع مشهود الوقوع في خياله فقال كأني أنظر إليه أي هو عندي بمنزلة من أشاهده ببصري فلما أنزله منزلة الشهود البصري والوجود الحسي عرفنا إن الحقيقة تطلب الحق لا تخالفه فما ثم حقيقة تخالف شريعة لأن الشريعة من جملة الحقائق والحقائق أمثال وأشباه فالشرع ينفي ويثبت فيقول لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فنفى وأثبت معا كما يقول وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وهذا هو قول الحقيقة بعينه فالشريعة هي الحقيقة فالحقيقة وإن أعطت أحدية الألوهة فإنها أعطت النسب فيها فما أثبتت إلا أحدية الكثرة النسبية لا أحدية الواحد فإن أحدية الواحد ظاهرة بنفسها وأحدية الكثرة عزيزة المنال لا يدركها كل ذي نظر فالحقيقة التي هي أحدية الكثرة لا يعثر عليها كل أحد ولما رأوا أنهم عاملون بالشريعة خصوصا وعموما ورأوا أن الحقيقة لا يعلمها إلا الخصوص فرقوا بين الشريعة والحقيقة فجعلوا الشريعة لما ظهر من أحكام الحقيقة وجعلوا الحقيقة لما بطن من أحكامها لما كان الشارع الذي هو الحق قد تسمى بالظاهر والباطن وهذان الاسمان له حقيقة فالحقيقة ظهور صفة حق خلف حجاب صفة عبد فإذا ارتفع حجاب الجهل عن عين البصيرة رأى أن صفة العبد هي عين صفة الحق عندهم وعندنا إن صفة العبد هي عين الحق لا صفة الحق فالظاهر خلق والباطن حق والباطن منشا الظاهر فإن الجوارح تابعة منقادة لما تريد بها النفس والنفس باطنة العين طاهرة الحكم والجارحة ظاهرة الحكم لا باطن لها لأنه لا حكم لها فينسب الاعوجاج والاستقامة للماشي بالممشي به لا إلى من مشى به والماشي بالخلق إنما هو الحق وذكر أنه على صراط مستقيم فالاعوجاج قد يكون استقامة في الحقيقة كاعوجاج القوس فاستقامته التي أريد لها اعوجاجه فما في العالم إلا مستقيم لأن الآخذ بناصيته هو الماشي به وهو على صراط مستقيم فكل حركة وسكون في الوجود فهي إلهية لأنها بيد حق وصادرة عن حق موصوف بأنه على صراط مستقيم بأخبار الصادق فإن الرسل لا تقول على الله إلا ما تعلمه منه فهم أعلم الخلق بالله وليس للكون معذرة أقوى من هذه فمن رحمة الرسل بالخلق تنبيه الخلق على مثل هذا ولما حكاها الحق عنه يسمعنا مقالته علمنا إن ذلك من رحمته بنا حيث عرفنا بمثل هذا فكان تعريفه إيانا بما قاله رسوله بشرى من الله لنا من قوله لَهُمُ الْبُشْرى‏ في الْحَياةِ الدُّنْيا وكانت البشرى من كلمات الله ولا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ الله ومن باب الحقيقة كونه عين الوجود وهو الموصوف بأن له صفات من كون الموجودات ذات صفات ثم أخبر أنه من حيث عينه عين صفات العبد وأعضائه فقال كنت سمعه فنسب السمع إلى عين الموجود السامع وأضافه إليه وما ثم موجود إلا هو فهو السامع والسمع وهكذا سائر القوي والإدراكات ليست إلا عينه فالحقيقة عين الشريعة فافهم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الرابع والستون ومائتان في معرفة الخواطر والخواطر ما يرد على القلب»

والضمير من الخطاب من غير إقامة وهو من الواردات التي لا تعمل لك فيها فإذا أقامت فهي حديث نفس ما هي خواطر

إذا كان واردنا خاطرا *** يمر بنا ثم لا يرجع‏

فما في الوجود سوى خاطر *** وما فيه رد ولا مدفع‏

تجدد أعياننا كلما *** تجدد أعراضنا فاسمعوا

فما ثم عين سوى واحد *** وآخر في أثره يتبع‏

[الخواطر لا إقامة لهم في قلب العبد إلا زمان مرورهم عليه‏]

اعلم أن لله سفراء إلى قلب عبده يسمون الخواطر لا إقامة لهم في قلب العبد إلا زمان مرورهم عليه فيؤدون ما أرسلوا به إليه من غير إقامة لأن الله خلقهم على صورة رسالة ما أرسلوا به فكل خاطر عينه عين رسالته فعند ما يقع عليه عين القلب فهمه فأما يعمل

بمقتضى ما أتاه به أو لا يعمل وجعل الله بينه وبين هذا القلب طرقا خمسة عليها تمشي هذه الخواطر إلى القلب وهذه الطرق أحدثها الله لما أحدث الشرائع فلو لا الشرائع ما أحدثها وجعلها كالهالة للقمر محيطة به فسمى الطريق الواحد وجوبا وفرضا وسمي الثاني ندبا والثالث حظرا والرابع كراهة والخامس إباحة وخلق الملك الموكل بالقلب يحفظه عن أمر الله بذلك وعين له من الطرق طريق الوجوب والندب وجعل في مقابلته شيطانا أقعده إلى جانبه عن غير أمر الله المشروع حسدا منه لما رأى من اعتناء الله بهذه النشأة الإنسانية دونه وشفوفه عليه وعلم ما يفضي إليه من السعادة إذا قام بحق ما شرع له من فعل وترك وجعل مثل ذلك على طريق الحظر والكراهة سواء وجعل على طريق الإباحة شيطانا لم يجعل هناك ملكا في مقابلته وجعل قوى النفس كلها وجبلتها مستفرغة لذلك الطريق وأمرها الله بحفظ ذاتها من ذلك الطريق من الشيطان وجعل الله في هذه النفس الإنسانية صفة القبول تقبل بها على كل من يقبل إليها وقبل إحداث الشرائع من آدم إلى زماننا إلى انقضاء الدنيا لم يكن ثم شي‏ء مما ذكرناه من ملك حافظ وشيطان منازع مناقض بل كان الأمر كما يؤول إليه عند ارتفاع الشرائع من الله إلى عبده ومن العبد إلى الله من غير تحجير ولا حكم من هذه الأحكام بل يتصرف بحسب ما تعطيه إرادته ومشيئته ثم خلق الله لهذه النفس الإنسانية صفة المراقبة لمن يرد من هذه الطرق عليها وأوحى إليها إلهاما أن بينه وبينها سفراء يأتون إليها من هذه الطرق ولا إقامة لهم عندها وقد أنشأنا ذواتهم من صورة رسالتهم حتى إذا رأيتهم علمت بالمشاهدة ما بعثهم الله به إليك فتيقظ ولا تغفل عنهم فإنهم يمرون بساحتك ولا يثبتون ويقول الحق قلت لهؤلاء السفرة إني أوجدت في هذا المرسل إليه صفتين صفة سميتها الغفلة وصفة سميتها اليقظة والانتباه فإن وجدتموه متصفا باليقظة فهو الغرض المقصود وإن وجدتموه متصفا بالغفلة فاقرعوا عليه بابه فإنه يتيقظ فإن لم يتيقظ فإنكم لا تفوتونه فإني جعلت له بصرا حديدا يدرك به صورتكم فيعلم ما بعثتكم به وإن لم يتيقظ لنقركم فاتركوه وتعالوا إلينا وقد ملك الله هذا الملك الموكل بالحفظ والقرين الملازم والنفس قوة التصور والتشكل لما يرون فيشكلون أمثاله حتى كأنه هو وليس هو وجعل هذه الأمثال في المرتبة الثانية فصاعدا في المراتب لا قدم لهم في المرتبة الأولى فالمرتبة الأولى لها الصدق ولا تخطئ فلا تعمل النفس بمقتضى ذلك الخاطر الأول فتخطئ ولا تكذب أبدا وأما التي على صورة الخواطر الأول فقد تصدق وتخطئ بحسب قوة التصوير وحفظ أجزاء الصورة وكذلك النظرة الأولى والحركة الأولى والسماع الأول وكل أول فهو إليه صادق فإذا أخطأ فليس بأول وإنما ذلك حكم الصورة التي وجدت في المرتبة الثانية وأكثر مراقبة الأمور الأول لا يكون إلا في أهل الزجر وقد رأيناه منهم وفي أهل الله خاصة فهو في أهل الله رتبة عاصمة وحافظة من الخطاء والكذب وهو في الزاجر قوة مراقبة وعلم وشهود واسم هذا الخاطر الأول عندهم الهاجس ونقر الخاطر والسبب الأول فما يمر من هؤلاء السفرة الكرام البررة على هذه الطرق المعينة لهذا القلب يلقي من هو عليه من ملك وشيطان ونفس فيأخذه من بادر إليه من هؤلاء بالتلقي فإن أخذه الملك وهو مما يقتضي وجود عمل سعادي أوحى إليه الملك في سره اعمل كذا وكذا فيقول له الشيطان لا تعمله وأخره إلى وقت كذا طمعا منه في إن لا يقع منه ما يؤدي إلى سعادته وهو ما يجده الإنسان من التردد في فعل الخير وتركه وفي فعل الشر وتركه وكذلك إذا جاءه على طريق الإباحة فذلك التردد في فعل المباح وتركه إنما هو بين النفس والشيطان لا بين الملك والشيطان فإن لمة الملك ولمة الشيطان المقابلة إنما تكون في الأربعة الطرق من الأحكام‏

وأما في المباح فلمة الشيطان خاصة وما له منازع إلا النفس وإنما كان للنفس المباح دون غيره لأنها جبلت على جلب المنافع ودفع المضار والأمر أبدا يتقدم النهي في لمة الملك والشيطان فصاحب الأمر في الشر هو الشيطان فله التقدم وصاحب الأمر في الخير إنما هو الملك فله التقدم فلا يرد نهي إلا بعد أمر ولا عكس في مثل هذا في هذه الحضرة وأصله في الإنسان من آدم عليه السلام فإن الأمر تقدمه بسكنى الجنة والأكل منها حيث شاء ثم نهاه عن قرب شجرة مشار إليها إن تقربها فوقع التحجير والنهي في قوله حَيْثُ شِئْتُما لا في الأكل فما حجر عليه الأكل وإنما حجر عليه القرب منها الذي كان قد أطلقه في حيث شئتما فما أكلا منها حتى قربا فتنا ولا منها فأخذا بالقرب لا بالأكل وكان له بعد المؤاخذة الإلهية ما أعطته خاصية تلك الشجرة لمن أكل من ثمرها من الخلد والملك الذي لا يبلى وكان ذريته فيه لما وقع منه ما وقع ثم أهبط للخلافة وحواء للنسل لأنها محل التكوين فخرجت الذرية بعد أن تاب الله عليه بكله وذريته فيه وأسعد الله الكل فله النعيم في أي دار كان منهم ما كان بعد عقوبة وآلام تقوم بهم دنيا وآخرة فأما الدنيا فالكل لا بد من ألم أدناه استهلال المولود حين ولادته صارخا لما يجده عند المفارقة للرحم وسخانته فيضر به الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالألم فيبكي فإن مات فقد أخذ بحظه من البلاء ثم يعيش فلا بد له في الحياة الدنيا من الآلام فإن الحيوان مجبول على ذلك فإذا نقل إلى البرزخ فلا بد من ألم السؤال فإذا بعث فلا بد له من ألم الخوف على نفسه أو على غيره فإذا دخل الجنة ارتفع ذلك عنه أعني حكم الآلام وصحبه النعيم دائما وإذا دخل النار صحبه الألم ما شاء الله فإذا نفذت مشيئته فيه بما كان من الآلام أعقبه فيها نعيما بالعناية التي أدركته وهو في صلب أبيه آدم لما تاب عليه ليأخذ حظه من الألم واللذة كما أخذ أبوه فله نصيب من توبة أبيه وبقيت أسماء الانتقام في حق من شاء الله من سوى هذا المسمى إنسانا تحكم بحسب حقائقها فإن رحمته ما سبقت غضبه إلا في هذه النشأة الإنسانية وأما ما عداها فمن كون رحمته وسعت كل شي‏ء لا من السبق فللإنسان دون غيره الرحمة الواسعة والرحمة السابقة فتطلبه الرحمة من وجهين وليس لغير الإنسان هذا الحكم من الرحمة فهي أشد عناية بالإنسان منها بغيره ثم نرجع إلى ما كنا بصدده من معرفة الخواطر فنقول وبعد أن أعلمتك بحقائقها فتختلف آثارها في النفس باختلاف من يتعرض لها في طريقها فإن لم يتعرض لها أحد ممن ذكرنا فذلك خاطر العلم لا يكون خاطر عمل البتة وهو الخاطر الرباني وخواطر الأعمال والتروك تكون ملكية وشيطانية ونفسية لا غير ذلك وكُلٌّ من عِنْدِ الله فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً فأحرى قديما فألهمها فجورها عملا أو تركا لمجيئه على يد شيطان وتقواها عملا أو تركا لمجيئه على يد ملك فمن راقب خواطره من طرقها فقد أفلح فإنه يعلم من يأخذها ومن يتعرض إليها من القاعدين لها كل مرصد ومن غفل عن طرقها وما شعر بها حتى وجدها في المحل كما تجدها العامة عمل بمقتضاها وهو عمل الجاهل بالشي‏ء فإن كان خيرا فبحكم المصادفة وإن كان شرا فكذلك لأن الخاطر الأول الذي أتاه بالعلم بمن يأتي بعده من الخواطر وعلى يد من يأتيه لم يشعر به ولا علمه ولا شاهده ففاته حكمه فلما فجئته هذه الخواطر العملية على حين غفلة وعدم تيقظ ومراقبة لطرقها عمل بمقتضاها فكان خيره وشره مصادفة ورأيت ابن الحجازي المحتسب بمدينة فاس ولم يكن صاحب علم بالشريعة يوفقه الله لإصابة الحكم وأعرف من صلاحه أنه ما فاتته تكبيرة الإحرام خلف الإمام في الصلوات كلها بجامع القرويين إلى أن مات فكانت أحكامه في حسبته تجري على السداد إلها ما من الله فكان يقول إني لأعجب من أمري ما اشتغلت بعلم أحكام الشريعة وأو أفق حكم الشرع في جميع أحكامي ولم يقدر أحد من علماء الشريعة يأخذ عليه في حكم لم يقل به مجتهد هذا وحده رأيته من عامة الناس معتنى به ولم يكن من أهل الطريق بل كان حريصا

على الدنيا مكبا عليها كسائر عامة الناس لكن كان منور الباطن ولا يشعر بذلك والخواطر كلها خطابات إلهية ما هي تجليات ولهذا ينشئها الله صورا تحدث في العماء الذي هو النفس الإلهي فمن شهدها ولا يرزقه الله علما بما ذكرناه يتخيل أن الخواطر تجل إلهي لما يرى من الصورة وهذا هو السبب في تسميتها خواطر وإنها لا تثبت كما لا تثبت صورة الحرف في الوجود بعد نطق اللسان به فما له سوى زمان النطق به ثم‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!