قوله ﴿اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] فالعالم بين هذه الرحمة و رحمة البسملة بما هو عليه من محمود و مذموم و هذا شبيه بما جاء في سورة أ لم نشرح قوله تعالى ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ [الشرح:5] ثم ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ [الشرح:5] و لقد أنشد بعضهم في هذا
إذا ضاق بك الأمر
لأنه سبحانه نكر اليسر و أدخل الألف و اللام اللتين للعهد و التعريف على العسر أي هذا العسر الثاني هو عين الأول و ليس ذلك في اليسر و هو تنبيه عجيب من اللّٰه لعباده ليقوى عندهم الرجاء و الطمع في رحمة اللّٰه فإنه أرحم الراحمين فإنه إن لم يزد على عبيده في الرحمة بحكم ليس لهم فما يكون أرحم الراحمين و هو أرحم الراحمين بلا شك فو الله لا خاب من أحاطت به رحمة اللّٰه من جميع جهاته فاعلم ذلك و إذا صحت الحقائق فليقل الأخرق ما شاء فإن جماعة نازعونا في ذلك و لو لا إن رحمة اللّٰه بهذه المثابة من الشمول لكان القائلون بمثل هذا لا ينالهم رحمة اللّٰه أبدا فالله أسأله أن لا يلحقنا بالجاهلين فإنه ما ثم صفة و لا عتوبة أقبح من الجهل فإن الجهل مفتاح كل شر و لهذا قال لمحمد ص ﴿فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ الْجٰاهِلِينَ﴾ [الأنعام:35] خاطبه بمثل هذا الخطاب لحداثة سنه و قوة شبابه فقابله بخطاب قوي في النهي عن ذلك و قال تعالى لنوح عليه السّلام لما لم يكن له قوة الشباب و كان قد شاخ و حصل في العمر الذي لا يزال فيه محترما مرفوقا به في العرف و العادة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية