و من هذه السماء حب الطيب و كان من سنته النكاح لا التبتل و جعل النكاح عبادة للسر الإلهي الذي أودع فيه و ليس إلا في النساء و ذلك ظهور الأعيان للثلاثة الأحكام التي تقدم ذكرها في الإنتاج عن المقدمتين و الرابط الذي جعله علة الإنتاج فهذا الفضل و ما شاكله مما اختص به محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و زاد فيه بنكاح الهبة كما جعل في أمته فيما يبين لها من النكاح لمن لا شيء له من الأعواض بما يحفظه من القرآن خاصة لا أنه يعلمها و هذا و إن لم يقو قوة الهبة ففيه اتساع للامة و ليس في الوسع استيفاء ما أوحى اللّٰه من الأمر في كل سماء و من الأمر الموحى في السماء السادسة إعجاز القرآن و الذي أعطيه صلى اللّٰه عليه و سلم من جوامع الكلم من هذه السماء تنزل إليه و لم يعط ذلك نبي قبله و قد قال أعطيت ستا لم يعطهن نبي قبلي و كل ذلك أوحي في السموات من قوله ﴿وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا﴾ [فصلت:12] فجعل في كل سماء ما يصلح تنفيذه في الأرض في هذا الخلق فكان من ذلك أن بعث وحده إلى الناس كافة فعمت رسالته و هذا مما أوحى اللّٰه به في السماء الرابعة و نصر بالرعب و هو مما أوحى اللّٰه به في السماء الثالثة من هناك و منها ما حلل اللّٰه له من الغنائم و جعلت له الأرض مسجدا و طهورا من السماء الثانية من هناك أوتيت جوامع الكلم من أمر وحي السماء السادسة و من أمر هذه السماء ما خصه اللّٰه به من إعطائه إياه مفاتيح خزائن الأرض و من الوحي المأمور به في السماء السابعة من هناك و هي السماء الدنيا التي تلينا كون اللّٰه خصه بصورة الكمال فكملت به الشرائع و كان خاتم النبيين و لم يكن ذلك لغيره صلى اللّٰه عليه و سلم فبهذا و أمثاله انفرد بالسيادة الجامعة للسيادات كلها و الشرف المحيط الأعم صلى اللّٰه عليه و سلم فهذا قد نبهنا على ما حصل له في مولده من بعض ما أوحى اللّٰه به في كل سماء من أمره
[الميزان و الزمان]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية