فهؤلاء طائفة مخصوصة و هم أهل الكتاب فخرج من ليس بأهل الكتاب من هذا التقييد الوجوبي و بقي الحق عنده من كونه رحمانا على الإطلاق و استوجبت طائفة أخرى ذلك على ربها ﴿أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهٰالَةٍ ثُمَّ تٰابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ﴾ [الأنعام:54] فقيد بالجهالة فإن لم يجهل لم يدخل في هذا التقييد و بقيت الرحمة في حقه مطلقة ينتظرها من عين المنة التي منها كان وجوده أي منها كان مظهرا للحق لتتميز عينه في حال اتصافها بالعدم عن العدم المطلق الذي لا عين فيه أ لا ترى إبليس كيف قال لسهل في هذا الفصل يا سهل التقييد صفتك لا صفته فلم ينحجب بتقييد الجهالة و التقوى عما يستحقه من الإطلاق فلا وجوب عليه مطلقا أصلا فمهما رأيت الوجوب فاعلم إن التقييد يصحبه
[بذل المراكب في زمان الزيادة]
و أما من رأى أنهم استوجبوا ذلك على ربهم من غير ما ذكره تعالى عن نفسه فقالوا ببذلهم مراكبهم في زمان الزيادة طلبا للمواصلة و إيثار الجناب الحق في زعمهم و إن كان في ذلك نقص فهو عين الكمال التام بهذه المراعاة فهذا عندي مثل ما قال الشاعر لعمر بن الخطاب حين حبسه
ما ذا تقول لأفراخ بذي مرح *** حمر الحواصل لا ماء و لا شجر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية