اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الإنسان في الأرض نظير العقل في السماء]


فهذا قد ذكرنا ابتداء الجسوم الإنسانية وإنها أربعة أجسام مختلفة النشء كما قررنا وأنه آخر المولدات فهو نظير العقل الأول وبه ارتبط لأن الوجود دائرة فكان ابتداء الدائرة وجود العقل الأول الذي ورد في الخبر أنه أول ما خلق الله العقل فهو أول الأجناس وانتهى الخلق إلى الجنس الإنساني فكملت الدائرة واتصل الإنسان بالعقل كما يتصل آخر الدائرة بأولها فكانت دائرة وما بين طرفي الدائرة جميع ما خلق الله من أجناس العالم بين العقل الأول الذي هو القلم أيضا وبين الإنسان الذي هو الموجود الآخر ولما كانت الخطوط الخارجة من النقطة التي في وسط الدائرة إلى المحيط الذي وجد عنها تخرج على السواء لكل جزء من المحيط كذلك نسبة الحق تعالى إلى جميع الموجودات نسبة واحدة فلا يقع هناك تغيير البتة كانت الأشياء كلها ناظرة إليه وقابلة منه ما يهبها نظر أجزاء المحيط إلى النقطة وأقام سبحانه هذه الصورة الإنسانية بالحركة المستقيمة صورة العمد الذي للخيمة فجعله لقبة هذه السموات فهو سبحانه يمسكها أن تزول بسببه فعبرنا عنه بالعمد فإذا فنيت هذه الصورة ولم يبق منها على وجه الأرض أحد متنفس وانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ