اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى المكر
حجاب يحجب به الإنسان وأنه موضع المكر والاستدراج فإن العاقل لا يقف في مواطن إمكان المكر فيها بل ينبغي له أن لا يقف إلا في موضع يكون على بصيرة فيه كما فعل موسى في غربة الوطن فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ فاغترب بجسمه عن وطنه خوفا منهم فلو كان مثل خروج محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرا لم يكن خوفه منهم بل كان مشهوده خوفه من الله أن يسلطهم عليه فوهب له مع الرسالة التي كانت له قبل هجرته السيادة على العالمين فإن الهجرة كانت له مطلوبة وهي الاغتراب عن وطنه فعلامة صدق المريد في غربته عن وطنه حصول مقصوده فإذا لم يحصل فخلل في غربته إذا طلبه وجده فليس بصادق وإذا فارقه بالكلية ظاهرا وباطنا فلا بد من حصول المقصود فمن تعلق قلبه بوطنه في حال غربته فما اغترب الغربة المطلوبة وأما الغربة عن الحق التي هي من حقيقة الدهش عن المعرفة

