اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
(التوحيد الثامن)


من نفس الرحمن قوله تعالى اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ من رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ هذا توحيد الاتباع وهو من توحيد الهوية فهو توحيد تقليد في علم لأنه نصب الأسباب وأزال عنها حكم الأرباب لما قالوا ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى فلو قالوا ما نتخذهم وأبقوا العبودية لجناب الله تعالى لكان لهم في ذلك مندوحة بوضع الأسباب الإلهية المقررة في العالم فأمر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يعرض عن الشرك لا عن السبب فإنه قال في مصالح الحياة الدنيا ولَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ فعلل ولام العلة في القرآن كثير وهذا أيضا فيه ما في السابع من توحيد الاسم الرب وعمم إضافة جميعنا إليه وهنا خصص به الداعي فكأنه توحيد في مجلس محاكمة فيدخل فيه توحيد المقسط لإقامة الوزن في الحكم بين الخصماء بين ذلك قوله وأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وخص به الداعي لمجيئه بالتوحيد الإيماني لا التوحيد العقلي وهو توحيد الأنبياء والرسل لأنها ما وحدت عن نظر وإنما وحدت عن ضرورة علم وجدته في نفسها لم تقدر على دفعه فترك المشركين وآلهتهم وانفرد بغار حرا يتحنث فيه من غير معلم إلا