اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[أن من التحقيق أن تعطي المغالطة في موضعها حقها]


فاعلم أيدك الله أن من التحقيق أن تعطي المغالطة في موضعها حقها فإن لها في كتاب الله موضعا وهو قوله في أعمال الكفار كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً والحق هو الذي أعطاه في عين هذا الرائي صورة الماء وهو ليس بالماء الذي يطلبه هذا الظمآن فتجلى له في عين حاجته حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً فنكر وما قال لم يجده الماء فإن السراب لم يكن ذلك المحل الذي جاء إليه محل السراب ولو كان لقال وجد السراب وما كان سرابا إلا في عين الرائي طالب الماء فرجع هذا الرائي لنفسه لما لم يجد مطلوبه في تلك البقعة فوجد الله عنده فلجأ إليه في إغاثته بالماء أو بالمزيل لذلك الظماء القائم به فبأي أمر أزاله فهو المعبر عنه بالماء فلما نفى عنه اسم الشيء جعل الوجود له سبحانه لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فما هو شيء بل هو وجود فانظر ما أدق هذا التحقيق فهذا كنار موسى فتجلى له في عين حاجته فلم تكن نارا كما قلنا
كنار موسى يراها عين حاجته *** وهو الإله ولكن ليس يدريه
