اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[حكاية صاحب السفرة والتدقيق في شأن الفتوة التي هي شرف الفطرة]
وأما حكاية صاحب السفرة وهي أن شيخا من المشايخ جاءه أضياف فأمر تلميذه أن يأتيه بسفرة الطعام فأبطأ عليه فسأله ما أبطأ بك فقال وجدت النمل على السفرة فلم أر من الفتوة إن أخرجهم فتربصت حتى خرجوا من نفوسهم فقال له الشيخ لقد دققت فجعل هذا الفعل من تدقيق باب الفتوة ونعم ما قال ونعم ما فاته فلو قال أحد لهذا الشيخ كيف شهد له بالتدقيق في الفتوة على جهة المدح والأضياف متالمون بالتأخير والانتظار ومراعاة الأضياف أولى من مراعاة النمل فإن قال الشيخ النمل أقرب إلى الله من حيث طاعتهم لله من الإنسان لما يوجد فيه من المخالفة وكراهة بعض الأمور التي هي غير مستلذة قلنا وجلد الإنسان وجوارحه وشعره وبشره ناطق بتسبيح الله تعالى كالنمل ولهذا تشهد يوم القيامة على النفس الناطقة الكافرة الجاحدة قال تعالى وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وقال يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُمْ فهم عدول وشهادتهم مقبولة فكان الأولى مراعاة الأضياف الذين أمر الشارع بتعجيل تقديم الطعام لهم فلو تفتي هذا الخادم وترك السفرة للنمل واستأذن الشيخ وعرفه بالقصة ونظر في تقديم أمر آخر للاضياف كان


