اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الإنسان واحد في نفسه ذو آلات متعددة]


ثم إني أبين لك مثالا فيما ذكرناه وذلك إنا نرى الإنسان يجتنب ما حرم الله على عينه أن ينظر إليه على انتهاكه حرمة ما حرم على أذنه من الإصغاء إلى الغيبة في حال انتهاكه حرمة ما حرم عليه من جهة لسانه من كذب أو نميمة مع إعطاء صدقة فرض من زكاة أو ندب متطوع بها من جهة ما أمرت به يده المنفقة وذلك كله في زمان واحد من شخص واحد الذي هو المخاطب من الإنسان المصرف جميع جوارحه القابل للأوامر الأسمائية في باطنه التي تحكم عليه وتمضى تصريف الجوارح بأمره لها فيما يراها تتصرف فيه وهو واحد في نفسه ذو آلات متعددة فلو لا تعدد هذه الآلات ما صح أن يحكم عليه إلا اسم واحد فوجود الكثرة التي سببها الآلات أوجبت له مع أحديته في نفسه قبول اختلاف أحكام الأسماء الإلهية عليه فيكون الإنسان منصورا من وجه مخذولا في حين كونه منصورا ولكن من وجه آخر والعين واحدة المصرفة المكلفة وهي النفس الناطقة ويكون عزيزا بالمعز في حال كونه ذليلا بالمذل لشخص ذي عزة له عنده مكانة فلقيه فأعزه فاعتز وفي تلك الحال عينها سلط عليه الاسم المذل شخصا آخر لا يعرفه فأذله فذل من جهة هذا وعز من جهة هذا في الزمان الواحد وحكمهما في آن واحد والقابل لهذين