اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[ذكر الآباء وذكر الله في أيام التشريق]


ثم جعل لك فيها ذكر لله وهو قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فأمركم فيها بذكر الله فإن العرب كانت في هذه الأيام في الموسم تذكر أنسابها وأحسابها لاجتماع قبائل العرب في هذه الأيام تريد بذلك الفخر والسمعة فهذا معنى قوله كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أي اشتغلوا بالثناء على الله بما هو عليه على طريق الفخر إذ كنتم عبيده وفخر العبد بسيده فإنه مضاف إليه وأكبر من ذلك من كونه منه كما
قال صلى الله عليه وسلم مولى القوم منهم وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته
والعبد لا فخر له بأبيه بل فخره بسيده وإن افتخر العبد بأبيه فإنما يفتخر به من حيث إن أباه كان مقربا عند سيده لأنه عبد مثله ممتثلا لأمره واقفا عند حدوده ورسومه فإنه أيضا عبد الله فلهذا قال كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ فما نهاهم عن ذكر آبائهم ولكن رجح ذكرهم الله على ذكرهم آباءهم بقوله أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً وهو الموصي عباده بقوله أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ أي كونوا أنتم من إيثار ذكر الله والفخر به من كونه سيدكم وأنتم عبيد له على ما كان عليه آباؤكم وذكر الله أكبر
