اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى أسرار الزكاة


شرفها بسر لا يعلمه إلا أهل الله فإنه من الأسرار المخصوصة بهم فكما إن الحد يجمعهم كذلك المقام يجمعهم لذاتهم إن شاء الله تعالى قال تعالى في الذين شقوا إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ولم يقل عذابا غير مجذوذ كما قال في السعداء فإنه قال يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ولم يخص شخصا من شخص بل الظاهر أنه يريد من خالف أمره وعصاه مطلقا لا من أطاعه ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فنبه الغافل عن صفة الحق التي هي كرمه فإنه من كرمه أوجده ولهذا قال له الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ يقول له بكرمه أوجدك ليقول له العبد يا رب كرمك غرني فقد يقولها لبعض الناس هنا في خاطره وفي تدبره عند التلاوة فيكون سبب توبته وقد يقولها في حشره وقد يقولها له وهو في جهنم فتكون سببا في نعيمه حيث كان فإنه ما يقولها له إلا في الوقت الذي قد شاء أن يعامله بصفة الكرم والجود فإن رحمته سبقت غضبه ورحمة الله وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ منة واستحقاقا وبالأصل فكل ذلك منة منه سبحانه فإنه الذي كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ للمتقي والمتقي بمنته سبحانه اتقاه وجعله محلا للعمل الصالح