اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
(وصل)
القصد إلى الأرض من كونها ذلولا وهو القصد إلى العبودية مطلقا لأن العبودية هي الذلة والعبادة منها فطهارة العبد إنما تكون باستيفاء ما يجب أن يكون العبد عليه من الذلة والافتقار والوقوف عند مراسم سيده وحدوده وامتثال أوامره فإن فارق النظر من كونه أرضا فلا يتيمم إلا بالتراب من ذلك لأنه من تراب خلق من نحن أبناؤه وبما بقي فيه من الفقر والفاقة من قول العرب تربت يد الرجل إذا افتقر ثم أن التراب أسفل العناصر فوقوف العبد مع حقيقته من حيث نشأته طهوره من كل حدث يخرجه من هذا المقام وهذا لا يكون إلا بعدم وجدان الماء والماء العلم فإن بالعلم حياة القلوب كما بالماء حياة الأرض فكأنه حالة المقلد في العلم بالله والمقلد عندنا في العلم بالله هو الذي قلد عقله في نظره في معرفته بالله من حيث الفكر فكما أنه إذا وجد المتيمم الماء أو قدر على استعماله بطل التيمم كذلك إذا جاء الشرع بأمر ما من العلم الإلهي بطل تقليد العقل لنظره في العلم بالله في تلك المسألة ولا سيما إذا لم يوافقه في دليله كان الرجوع بدليل العقل إلى الشرع فهو ذو شرع وعقل معا في هذه المسألة فاعلم ذلك


