اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الماء الحي وما يعترضه من المزاج الطبيعي]


وأما حكم الماء الآجن في الباطن دون غيره مما يغير الماء مما لا ينفك عنه غالبا فاعلم إن الله سبحانه ما نزه الماء عن شيء يتغير به مما لا ينفك عنه غالبا إلا الماء الآجن فقال تعالى في صفة أهل الجنة الموصوفة بالطهارة فِيها أَنْهارٌ من ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ يقال أسن الماء وأجن إذا تغير وهو الماء المخزون في الصهاريج وكل ماء مخزون يتغير بطول المكث فإذا عرض للعلم الذي به حياة القلوب من المزاج الطبيعي أمر أثر فيه كالعلم بأن الله رحيم فإذا رأى رحمته بعباد الله كما يراها من نفسه من الرقة والشفقة التي يجد ألمها في نفسه فيطلب العبد إزالة ذلك الألم الذي يجده في نفسه برحمة هذا الذي أدركته الرحمة عليه من المخلوقين قام له قيام الرقة به وحمل ذلك على رحمة الله فتغيرت عنده رحمة الله بالقياس على رحمته فلم ينبغ له أن يطهر نفسه لعبادة ربه بمثل هذه الرحمة الإلهية وقد تغيرت عنده وعلة ذلك أن الحق ما وصف نفسه بالرقة في رحمته فالحق يقول لك هنا لا تجعل طبيعتك حاكمة على حياتك الإلهية ومن يرى الوضوء بالماء الآجن لم يفرق فإن الحق قد وصف نفسه في مواضع بما يقتضيه الطبع البشري فيجري الكل مجرى واحدا والأولى ما ذكرناه أولا