اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
(وصل) [السعادة كل السعادة في الجمع بين الظاهر والباطن]


وبعد أن نبهتك على ما نبهتك عليه مما تقع لك به الفائدة فاعلم أن الله خاطب الإنسان بجملته وما خص ظاهره من باطنه ولا باطنه من ظاهره فتوفرت دواعي الناس أكثرهم إلى معرفة أحكام الشرع في ظواهرهم وغفلوا عن الأحكام المشروعة في بواطنهم إلا القليل وهم أهل طريق الله فإنهم بحثوا في ذلك ظاهرا وباطنا فما من حكم قرروه شرعا في ظواهرهم إلا ورأوا أن ذلك الحكم له نسبة إلى بواطنهم أخذوا على ذلك جميع أحكام الشرائع فعبدوا الله بما شرع لهم ظاهرا وباطنا ففازوا حين خسر الأكثرون ونبغت طائفة ثالثة ضلت وأضلت فأخذت الأحكام الشرعية وصرفتها في بواطنهم وما تركت من حكم الشريعة في الظواهر شيئا تسمى الباطنية وهم في ذلك على مذاهب مختلفة وقد ذكر الإمام أبو حامد في كتاب المستظهري له في الرد عليهم شيئا من مذاهبهم وبين خطأهم فيها والسعادة إنما هي مع أهل الظاهر وهم في الطرف والنقيض من أهل الباطن والسعادة كل السعادة مع الطائفة التي جمعت بين الظاهر والباطن وهم العلماء بالله وبأحكامه
