اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى معرفة من عاد بعد ما وصل ومن جعله يعود
الكوراني كان بالجسر الأبيض رأيته وكان على هذا القدم وكذلك مسعود الحبشي رأيته بدمشق ممتزجا بين القبض والبسط الغالب عليه البهت وإن كان وارد لطف بسطهم رأيت من هذا الصنف جماعة كأبي الحجاج الغليري وأبي الحسن علي السلاوي والناس لا يعرفون ما ذهب بعقولهم شغلهم ما تجلى لهم عن تدبير نفوسهم فسخر الله لهم الخلق فهم مشتغلون بمصالحهم عن طيب نفس فأشهى ما إلى الناس أن يأكل واحد من هؤلاء عنده أو يقبل منه ثوبا تسخيرا إلهيا فجمع الله لهم بين الراحتين حيث يأكلون ما يشتهون ولا يحاسبون ولا يسألون وجعل لهم القبول في قلوب الخلق والمحبة والعطف عليهم واستراحوا من التكليف ولهم عند الله أجر من أحسن عملا في مدة أعمارهم التي ذهبت بغير عمل لأنه سبحانه هو الذي أخذهم إليه فحفظ عليهم نتائج الأعمال التي لو لم يذهب بعقولهم لعملوها من الخير كمن بات نائما على وضوء وفي نفسه أن يقوم من الليل يصلي فيأخذ الله بروحه فينام حتى يصبح فإن الله يكتب له أجر من قام ليلة لأنه الذي حبسه عنده في حال نومه فالمخاطب بالتكليف منهم وهو روحهم غائب في شهود الحق الذي ظهر سلطانه فيهم فما لهم أذن واعية لحفظ السماع من خارج وتعقل ما جاء به


