اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)


عن الحد والمقدار فإنه رحم أقرب جار إليه وهي نفسه ورحم صورة خلقها الله على صورته فجمع بين الحسنيين مراعاة قرب الجوار ومراعاة الصورة وأي جار سوى نفسه فهو أبعد منها ولذلك أمر الداعي إذا دعا أن يبدأ بنفسه أولا مراعاة لحقها والسر الآخر أن الداعي لغيره يحصل في نفسه افتقار غيره إليه ويذهل عن افتقاره فربما يدخله زهو وعجب بنفسه لذاك وهو داء عظيم فأمره رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يبدأ لنفسه بالدعاء فتحصل له صفة الافتقار في حق نفسه فتزيل عنه صفة الافتقار صفة العجب والمنة على الغير وفي أثر ذلك يدعو للغير على افتقار وطهارة فلهذا ينبغي للعبد أن يبدأ بنفسه في الدعاء ثم يدعو لغيره فإنه أقرب إلى الإجابة لأنه أخلص في الاضطرار والعبودية ومثل هذا النظر مغفول عنه لا أحد أعظم من الوالدين وأكبر بعد الرسل حقا منهما على المؤمن ومع هذا أمر الداعي أن يقدم في الدعاء نفسه على والديه فقال نوح عليه السلام رَبِّ اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ ولِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً ولِلْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ وقال الخليل إبراهيم عليه السلام في دعائه واجْنُبْنِي وبَنِيَّ فقدم نفسه رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الص