اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
فى معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة
كانت لعين الحق عن انكسار من العبد وذلة فلما وصف الحق نفسه بأنه يكرم عباده بنزوله إليهم حصل في نفس المخلوق إن الله ما اعتنى به هذه العناية إلا وللمخلوق في نفس هذا العظيم ذي الجلال تعظيم فرأى نفسه معظما فلذلك زاد في تعظيم الحق في نفسه إيثارا لجنابه لاعتناء الحق به على عظمته فزاد الحق بالكرم تعظيما في نفس هذا العبد أعظم من العظمة الأولى هذا إذا أخذ الجلال وحمله على العظمة فإن أخذه السامع وحمله على نقيض العظمة فإنه يحصل أيضا في نفسه القنوط لأنه حقير وقد استند إلى مثله فمن أين يأتيه من تكون له منه رفعة والذي استند إليه جليل فيقول له لسان الصفة ومع هذا فإنه ذو إكرام والدليل على أنه ذو إكرام امتنانه عليك بوجودك ولم تكن شيئا موجودا ولا مذكورا فلو لا كرمه لبقيت في العدم فكرامته بك في إعطائه الوجود إياك أعز من كرامته بك بعد وجودك بما يمنحك به من نيل أغراضك فيتنبه هذا الناظر في هذا الاسم وحمله على نقيض العظمة ويقول صحيح ما قال من أكرمني بالوجود الخير وحال بيني وبين الشر المحض وهو العدم لا بد أن يكون قادرا على إيجاد ما يسرني ودعه يكون في نفسه ما كان إنما الغرض أن يكون له الاقتدار على تكوين ما


