اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

كان يصيح ليلى ليلى في كل ما يكلم به فإنه كان يتخيل أنه فقيد لها ولم يكن وإنما قرب الصورة المتخيلة أفرطت في القرب فلم يشاهدها فكان يطلبها طلب الفاقد أ لا تراه حين جاءته من خارج فلم تطابق صورتها الظاهرة الصورة الباطنة المتخيلة التي مسكها في خياله منها فرآها كأنها مزاحمة لتلك الصورة فخاف فقدها فقال لها إليك عني فإن حبك شغلني عنك يريد أن تلك الصورة هي عين الحب فبقي يطلبها ليلى ليلى فإذا تقوت تلك الصورة في خيال المحب أثرت في المحبوب تأثير الخيال في الحس مثل الذي يتوهم السقوط فيسقط أو يتوهم أمرا ما مفزعا فيتغير له المزاج فتتغير صورة حسه كذلك هذه الصورة إذا تقوت أثرت في المحبوب فقيدته وصيرته أشد طلبا لها منها له فإن النفوس قد جبلت على حب الرئاسة والمحب عبد مملوك بحبه لهذا المحبوب فالمحبوب لا يكون له رياسة إلا بوجود هذا المحب فيعشقه على قدر عشقه رياسته وإنما يتيه عليه للطمأنينة الحاصلة في نفس المحبوب بأن المحب لا يصبر عنه وهو طالب إياه فتأخذه العزة ظاهرا وهو الطالب له باطنا ولا يرى في الوجود أحدا مثله لكونه ملكه فالمحب لا يعلل فعل المحبوب لأن التعليل من صفات العقل ولا عقل للمحب يقول بعضهم
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وأما الحب الروحاني فخارج عن هذا الحد وبعيد عن المقدار والشكل وذلك أن القوي الروحانية لها التفات نسبي فمتى عمت النسب في الالتفاتات بين المحب والمحبوب عن نظر أو سماع أو علم كان ذلك الحب فإن نقص ولم تستوف النسب لم يكن حبا ومعنى النسب أن الأرواح التي من شأنها أن تهب وتعطي متوجهة على الأرواح التي من شأنها أن تأخذ وتمسك وتلك تتألم بعدم القبول وهذه تتألم بعدم الفيض وإن كان لا ينعدم إلا أن كونه لم تكمل شروط الاستعداد والزمان سمي ذلك الروح القابل عدم فيض وليس بصحيح فكل واحد من الروحين مستفرغ الطاقة في حب الآخر فمثل هذا الحب إذا تمكن من الحبيبين لم يشك المحب فرقة محبوبه لأنه ليس من عالم الأجسام ولا الأجساد فتقع المفارقة بين الشخصين أو يؤثر فيه القرب المفرط كما فعل في الحب الطبيعي فالمعاني لا تتقيد ولا تتحيز ولا يتخيلها إلا ناقص الفطرة فإنه يصور ما ليس بصورة وهذا هو حب العارفين الذين يمتازون به عن العوام أصحاب الاتحاد فهذا محب أشبه محبوبه في الافتقار لا في الحال والمقدار ولهذا يعرف المحب قدر المحبوب من حيث ما هو محبوب

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وأما الحب الإلهي فمن اسمه الجميل والنور فيتقدم النور إلى أعيان الممكنات فينفر عنها ظلمة نظرها إلى نفسها وإمكانها فيحدث لها بصرا هو بصره إذ لا يرى إلا به فيتجلى لتلك العين بالاسم الجميل فتتعشق به فيصير عين ذلك الممكن مظهرا له فيبطن العين من الممكن فيه وتفني عن نفسها فلا تعرف أنها محبة له سبحانه أو تفني عنه بنفسها مع كونها
