اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

بعقولهم إذ العلم بالله لا يقبل التحول إلى الجهل ولا الدخول عليه بالشبه وما من دليل عقلي إلا ويقبل الدخول والشبهة ولهذا اختلف العقلاء فكل واحد من المخالفين عنده دليل مخالفه شبهة لمخالفه لكونه خالف دليل هذا الآخر فعين أدلتهم كلهم هي عين شبهاتهم فأين الحق وأين الثقة وأصل الفساد إنما وقع من حيث حكموا الخلق على الحق الذي أوجدهم ثم قال وسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وما جاءت الرسل عليه السلام إلا بما أحالته هذه الأدلة النظرية وبما أثبتته فصدقهم في نظرهم وأكذبهم في نظرهم فوقعت الحيرة عند هؤلاء فإذا سلموا له ما قاله عن نفسه على ألسنة رسله وانقادوا إليهم فإن انقيادهم إليهم ينزلهم منزلتهم فإنهم ما انقاد وإليهم من حيث أعيانهم فإنهم أمثالهم وإنما انقادوا إلى الذي جاءوا من عنده ونقلوا عنه ما أخبر به عن نفسه على ما يعلم نفسه لا على تأويل من وصل إليه ذلك فلا يعلم مراد الله فيه إلا بإعلام الله فيقف الناظر موقف التسليم لما ورد مع فهمه فيه أنه على موضوع ما هو في ذلك اللسان الذي جاء به هذا الرسول لا بد من ذلك لأنه ما جاء به بهذا اللسان إلا لنعرف أنه على حقيقة ما وضع له ذلك اللفظ في ذلك اللسان ولكن تجهل 
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

اعلم أن العالم محصور في علو وسفل والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات فما أظله فهو سماء وما أقله فهو أرض له وإن شئت قلت في الملإ الأعلى والملإ الأسفل أنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى وأكمل العالم من جمع بينهما وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل من حيث المؤثر والمؤثر فيه اسم فاعل واسم مفعول والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم فالعظمة والكبرياء المنسوبان إليه في ألسنة الفهوانية أن الله لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السموات والأرض فقال ولَهُ الْكِبْرِياءُ في السَّماواتِ والْأَرْضِ ما قال في نفسه فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي لله فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ورأى موجدة منزها عما يليق به سمي ربه كبيرا وذا كبرياء لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه لله تعالى ما علم أنه صغير ولا أن ربه كبير وكذلك رأى لما قامت الحاجة 
 
    

 
  
  
  
 