اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

خلل فليحك ذراعه بذراعه حكا قويا حتى يجد الحرارة من جلد ذراعه ثم يستنشقه فيجد فيه رائحة الحماة وهي أصله التي خلق الجسم منها قال الله تعالى خَلَقَ الْإِنْسانَ من صَلْصالٍ ومن حَمَإٍ مَسْنُونٍ فلما طهرت فخارة الإنسان بطبخ ركن النار إياها والتأمت أجزاؤه وقويت وصلبت قصرها بالماء الذي هو عنصر الحياة فأعطاها الماء من رطوبته وألان بذلك من صلابة الفخار ما ألان فسرت فيه الحياة وأمده الركن الهوائي بما فيه من الرطوبة والحرارة ليقابل بحرارته برد الماء فامتنعا فتوفرت الرطوبة عليه فأحال جوهرة طينته إلى لحم ودم وعضلات وعروق وأعصاب وعظام وهذه كلها أمزجة مختلفة لاختلاف آثار طبيعة العناصر واستعدادات أجزاء هذه النشأة فلذلك اختلفت أعيان هذه النشأة الحيوانية فاختلفت أسماؤها لتتميز كل عين من غيرها وجعل غذاء هذه النشأة مما خلقت منه والغذاء سبب في وجود النبات وبه ينمو فعبر عن نموه وظهور الزيادة فيه بقوله والله أَنْبَتَكُمْ من الْأَرْضِ نَباتاً ومعناه فنبتم نباتا فإن مصدر أنبت إنما هو إنبات فأضاف النبات إلى الشيء الذي ينمو يقول جعل غذاءكم منها أي مما تنبته فتنبتون به أي تنمي أجسامكم وتزيد فلما أكمل النشأة
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ثم إن الله أعطاه حكم الخلافة واسم الخليفة وهما لفظان مؤنثان لظهور التكوين عنهما فإن الأنثى محل التكوين فهو في الاسم تنبيه ولم يقل فيه نائب وإن كان المعنى عينه ولكن قال إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً وما قال إنسانا ولا داعيا وإنما ذكره وسماه بما أوجده له وإنما فرقنا بين الإنسان الحيواني والإنسان الكامل الخليفة لقوله تعالى يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فهذا كمال النشأة الإنسانية العنصرية الطبيعية ثم قال له بعد ذلك في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ إن شاء في صورة الكمال فيجعلك خليفة عنه في العالم أو في صورة الحيوان فتكون من جملة الحيوان بفصلك المقوم لذاتك الذي لا يكون إلا لمن ينطلق عليه اسم الإنسان ولم يذكر في غير نشأة الإنسان قط تسوية ولا تعديلا وإن كان قد جاء الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى فقد يعني به خلق الإنسان لأن التسوية والتعديل لا يكونان معا إلا للإنسان لأنه سواه على صورة العالم وعدله عليه ولم يكن ذلك لغيره من المخلوقين من العناصر ثم قال له بعد التسوية والتعديل كن وهو نفس إلهي فظهر الإنسان الكامل عن التسوية والتع