Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التبرى من الأوثان من المقام الموسوى وهو من منازل الأمر السبعة

على نفسه ليأنس العبد بما أوجبه الحق عليه من طاعته ليسارع بأداء ما وجب عليه فإذا حصل العبد في هذا المقام فليس وراءه مرمى لرام ويعلم أن الله قد أراد أن ينقله من عالم شهادته إلى عالم غيبه ليكون له غيبه شهادة في موطن آخر غير هذا الموطن له حكم آخر وهو الموطن الذي تكون فيه المظاهر الإلهية وهو أوسع المواطن فلهذا عبر عن هذا المنزل بالأجل المسمى لأنه أجل البعث إليه من عالم الشهادة المقيد بالصورة التي لا تقبل التحول في الصور لكن تقبل التغيير وهو زوال عينها بغيرها لذلك الغيب الذي كانت به فيدبر الروح الغيبي صورة ذلك الغير فلهذا قلنا يقبل التغيير ولا يقبل التحويل فإن الحقائق لا تتبدل فانتقاله إلى موطن التحول في الصور يسمى أجلا مسمى أي معلوم النهاية وكان من المقام الموسوي دون غيره لأنه لم يرد في الخبر أنه عليه السلام رأى في إسرائه من جمع بين صورتين سوى موسى عليه السلام فرآه في السماء وكان بينهما ما كان وهو في قبره يصلي والنبي يراه صلى الله عليه وسلم عليهما في الحالتين معا ولا يقال في مثل هذا الكشف إن الآن لا يتسع لأمرين متعارضين في الشخص الواحد فصحيح ما يقول ولكن أين الآن هنا إنما ذلك لمن تقيد بالزمان وتعين بالمكان فإذا كان الموجود لا يتقيد بالزمان ولا بالمكان فلا يستحيل هذا الوصف عليه وإذا فهمت ما أشرنا إليه لم بعارض ما ذهبنا إليه وذكرناه كون الإسراء وقع بالليل وهو الزمان وكون موسى عليه السلام في القبر والسماء وهما المكان فإنك أنت تسلم من مذهبك إن الجسم لا يكون في مكانين وأنت تؤمن بهذا الحديث فإن كنت مؤمنا فقلد وإن كنت عالما فلا تعترض فإن العلم يمنعك وليس لك الاختيار فإنه لا يختبر إلا الله ولا تتأول أن الذي في الأرض غير الذي في السماء فإن النبي عليه السلام ما قال رأيت روح موسى ولا جسد موسى وإنما قال رأيت موسى في السماء ومعلوم أنه مدفون في الأرض وكذلك سائر من رآه من الأنبياء عليهم السلام فالمسمى موسى إن لم يكن عينه فالإخبار عنه كذب إنه موسى هذا وأنت القائل رأيتك البارحة في النوم وأنت تقول كذا وكذا والمرئي معلوم أنه كان في منزله على حالة غير الحال التي رآه عليها أو عليها ولكن في موطن آخر ولا تقول له رأيت غيرك ثم تنكر علينا مثل هذا وإنما تختلف الحضرات والمواطن وتختلف الأحوال والعين واحدة فهذا قد ذكرنا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل وسكتنا عن بيوته وخزائنه فما من منزل إلا وله بيوت وخزائن وأقفال ومفاتيح ولكن يطول ذكرها في كل منزل وربما إذا بيناها يدعيها الكاذب والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ وفي هذا المنزل علم إتيان المعاني في الصور وعلم الفتوح وله باب قد تقدم وعلم الوافدين على الحق وعلم التنزيه وعلم الستر والتجلي وعلم الرجوع الإلهي على من يرجع هل يرجع على عباده أو على أسمائه‏

«الباب الخامس والسبعون ومائتان في معرفة منزل التبري من الأوثان‏ من المقام الموسوي وهو من منازل الأمر السبعة»

منازل الأمر بالندا *** منازل ما لها انتها

يا أي يا أي لا تفارق *** فكونكم ما له انقضا

وأي أي يكون منه *** لوجهه بيننا رآء

عساكر للحروف جاءت *** يضيق عن حملها الفضاء

أرماحها كلها نجوم *** أيدها الأمر والقضاء

سفائن بحرها عميق *** قد مخرت ريحها رخاء

فلتلتزم يا أخي علما *** ضاق له الأرض والسماء

ولتترك الغير في عماه *** بمشهد ما هو العماء

[عباد الوثن‏]

اعلم أن الذلة والافتقار لا تكون من الكون إلا لله تعالى فكل من تذلل وافتقر إلى غير الله تعالى واعتمد عليه وسكن في كل أمره إليه فهو عابد وثن وذلك المفتقر إليه يسمى وثنا ويسميه المفتقر إلها وألطف الأوثان الهواء وأكثفها الحجارة وما بينهما ولهذا قال المشركون لما دعوا إلى توحيد الإله في ألوهته أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ فالناس يحملون قوله إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ إنه من قول الكفار حيث دعاهم إلى توحيد إله وهم يعتقدون كثرتها وهو عندنا من قول الحق أو قول الرسول وأما قول الكفار فانتهى في قوله إِلهاً واحِداً والتعجب إنه يأول العقل يعلم الإنسان أن الإله لا يكون بجعل جاعل فإنه إله لنفسه ولهذا وقع التوبيخ بقوله تعالى أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ والإله في ضرورة العقل لا يتأثر وقد كان هذا خشبة يلعب بها أو حجرا يستجمر به ثم أخذه وجعله إلها يذل ويفتقر إليه ويدعوه خوفا وطمعا فمن مثل‏

هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم فوقع التعجب من ذلك ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي وضروري ذلك لتعلموا إن الأمور بيد الله وأن الحكم فيها لله وأن العقول لا تعقل بنفسها وإنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها وخالقها ولهذا تتفاوت درجاتها فمن عقل مجعول عليه قفل ومن عقل محبوس في كن ومن عقل طلع على مرآته صدا فلو كانت العقول تعقل لنفسها لما أنكرت توحيد موجدها في قوم وعلمته من قوم والحد والحقيقة فيهما على السواء فلهذا جعلنا قوله تعالى إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ ليس من قول الكفار

[أن منزل التبري من منازل الستر والكتمان‏]

فاعلم يا أخي أن هذا المنزل هو منزل من منازل الستر والكتمان وتقرير الألوهة في كل من عبد من دون الله لأنه ما عبد الحجر لعينه وإنما عبد من حيث نسبة الألوهة إليه ولهذا ذكرنا أنه من منازل الكتمان والستر قال تعالى وقَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فما ذكروا قط إلا الألوهية وما ذكروا لأشخاص ولكن لم يقبل الله منهم العذر بل قال إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله أي الذي انفرد بهذا الاسم حَصَبُ جَهَنَّمَ وهو قوله وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ وهو كل من دعاكم إلى عبادة نفسه أو عبدتموه وكان في وسعه أن ينهاكم عن ذلك فما نهاكم فمثل هؤلاء يكونون من حصب جهنم فالموحد يعبد الله من طريقين من طريق الذات من كونها تستحق وصف الألوهة ومن طريق الألوهة فالسعيد الجامع بينهما لأن العابد مركب من حرف ومعنى فالحرف للحرف والمعنى للمعنى فلذلك لم نعبد الذات معراة عن وصفها بالألوهية ولم تعبد الألوهية من غير نسبتها إلى موصوف بها فلم تقم العبادة إلا على ما نقتضيه حقيقة العبد وهو التركيب لا على ما تقتضيه حقيقة الحق وهو الأحدية ولهذا يكون القائل في عبادته وفاء لحق الله غير مصيب إذا أراد الذات فإن حقيقتها الأحدية وقد يمكن أن يصح قول من قال إنما أعبده وفاء لحق الربوبية لا لحقيقتها إذ كل حق له حقيقة فالحق من ذلك به تتعلق العبادة من العابد والحقيقة هي الأحدية التي لا تتعلق ولا يتعلق بها ولهذا كانت الألف في الوضع الإلهي بالخط العربي إذا تقدمت في الكلمة لا تتصل ولا يتصل بها وإذا تأخرت اتصل بها بعض الحروف ممن لا علم له بالأحدية المطلقة التي تستحقها هذه الذات إلا خمسة أحرف لا غير من جميع الحروف وهي الدال والذال والراء والزاي والواو وهي خمسة أحوال من اتصف بها عرف الأحدية وكانت عبادته ذاتية لم يقترن بها أمر وهي عبادة المعنى للمعنى فإن الأمر عبادة الحرف للحرف فلا يخطر لعابد المعنى فرق بين الذات والألوهية ولا كثرة بل يرى عينا واحدة تستحق ما هو عليه هذا العارف من حيث معناه لا من حيث حرفه وهذا مقام الجلال والعظمة وأحدية العبد التي أعطته معرفة الأحدية الذاتية والتنزيه والغني فهذه أحوال خمسة تدل عليها الحروف الخمسة التي لا تتصل بها الألف الواقعة في أواخر الكلم مثل جبيرا وعزيزا وأحدا وإذا وعلوا فدلت الألف في أول الكلمة من عدم الاتصال على قوله كان الله ولا شي‏ء معه وهو على ما عليه كان مع وجود الأشياء من عدم الاتصال كما لم تتصل الألف بالكلمة ودل عدم اتصال الحروف الخمسة بها في آخر الكلمة على حال معرفة مقام بعض العباد من العلماء بالله دون غيرهم حيث رفعوا النسبة بينهم وبين الله تعالى وأنهم مشاهدون لما ذكرناه من الجلال والعظمة والأحدية والتنزيه والغني وما عدا هذه الطائفة جعلوا نسبة ورابطة بين الإله والمألوه وما فرقوا بين المرتبة والذات لما لم يعرفوا الله إلا من نفوسهم بحكم الدلالة لاستناد الممكن إلى المرجح فطلبوه وطلبهم ولهم من الحروف كل حرف اتصل بالألف في آخر الكلمة ولهؤلاء الأكابر أيضا قسم وحظ وافر في منزل هذه الحروف التي اتصلت من حيث حرفيتهم لا من حيث معناهم وهؤلائك جهلوا هذا القدر الفارق بينهم لكنهم ستروا ذلك عن العامة وانفردوا به عن أشكالهم يختص برحمته من يشاء ولأجل هذا قال الجنيد سيد هذه الطائفة لا يبلغ أحد درج الحقيقة حتى يشهد فيه ألف صديق بأنه زنديق فإن هذا المقام يضر بمن ليس من أهله كما يضر رياح الورد بالجعل لأن الحال التي هم عليها لا تقبل هذا المقام ولا يقبلها فإذا رآهم الناس في العموم لم يعرفوهم لأنه ليس على حرفهم أمر ظاهر يتميز به عن العامة وإذا رآهم الناس في الخصوص كالفقهاء وأصحاب علم الكلام وحكماء الإسلام قالوا بتكفيرهم وإذا رآهم الحكماء الذين لم يتقيدوا بالشرائع المنزلة مثل الفلاسفة قالوا إن هؤلاء أهل هوس قد فسدت خزانة خيالهم وضعفت عقولهم‏

فلا يعرفهم سواهم ومن اقتطعهم من خلقه إليه قال تعالى في المعنى وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ ولهؤلاء حظ وافر في هذه الآية حيث جهلهم العام والخاص والمسلم وغير المسلم فهم الضنائن المصانون بحجب الغيرة فلا يعرفهم إلا الحق وهل يعرف بعضهم بعضا فيه توقف وهم المطلوبون من العباد ألحقنا الله بهم وأرجو أن أكون منهم وأما تبري المسلم ممن استند إليه المشرك فليس تبرؤه إلا من النسبة ومن المنسوب إليه لا من المنسوب فاجتمع المشرك والمسلم في المنسوب وافترقا في المنسوب إليه والنسبة ولهذا لم تضرب الجزية على المشرك وفرق بينه وبين الكفار من أهل الكتب المنزلة فإن المشرك قادح في الحق وفي الكون بشركه فلم يكن له مستند يعصمه من القتل لأنه قدح في التوحيد وفي الرسل والكفار من أهل الكتاب لم يقدحوا في التوحيد ولا في الكون أعني الرسل لكن قدحوا في رسول معين لهوى أو شبهة قائمة بنفوسهم أداهم ما قام بهم إلى جحود الحق ظلما وعلوا مع اليقين به وإما لشبهة قامت بهم لم يثبت صدق صاحب الدعوى عندهم فلهذا كان لهم في الجملة مستند صحيح عندهم لا في نفس الأمر يعصمهم من القتل فضربت عليهم الجزية وتركوا على دينهم ليقيموه أو يقيموا بعضه على قدر ما يوفقون إليه وهنا نكتة لمن فهم إن دينهم مشروع لهم بشرعنا حيث قررهم عليه ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أن الروم قد ظهرت على فارس يظهر السرور في وجهه مع كون الروم كافرين به صلى الله عليه وسلم ولكن الرسول لعلمه صلى الله عليه وسلم كان منصفا لأنه علم إن مستند الروم لمن استند إليه أهل الحق لأنهم أهل كتاب مؤمنون به لكنهم طرأت عليهم شبهة من تحريف أئمتهم ما أنزل عليهم حالت بينهم وبين الايمان والإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو بعمومها وكلامنا مع المنصف منهم من علمائهم فعذرهم الشرع لهذا القدر الذي علمه منهم وراعى فيهم جناب الحق تعالى حيث وحدوه وما أشركوا به حين أشرك به فارس وعبدة الأوثان وقدحت في توحيد الإله وما يستحقه من الأحدية وهكذا حال العارفين من أهل هذا المقام وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره إيانا بمخالفة أهل الكتاب إنما هو في كونهم آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وأرادوا أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا فأمرنا بمخالفتهم في أمور من الأحكام معينة وفيما ذكرناه ولو أمرنا بمخالفتهم على الإطلاق لكنا مأمورين بخلاف ما أمرنا به من الايمان فلا تصح مخالفتهم على الإطلاق فهذا المراد

بقوله صلى الله عليه وسلم خالفوا أهل الكتاب‏

[أن المشرك باعتبار عدوله عن أحدية الإله تسمي كافرا]

واعلم أن كل مشرك كافر فإن المشرك باتباع هواه فيمن أشرك واتخذه إلها وعدوله عن أحدية الإله يسترها عن النظر في الأدلة والآيات المؤدية إلى توحيد الإله فسمي كافرا لذلك الستر ظاهرا وباطنا وسمي مشركا لكونه نسب الألوهية إلى غير الله مع الله فجعل لها نسبتين فأشرك فهذا الفرق بين المشرك والكافر وأما الكافر الذي ليس بمشرك فهو موحد غير أنه كافر بالرسول وببعض كتابه وكفره على وجهين الوجه الواحد أن يكون كفره بما جاء من عند الله مثل كفر المشرك في توحيد الله والوجه الآخر أن يكون عالما برسول الله وبما جاء من عند الله أنه من عند الله ويستر ذلك عن العامة والمقلدة من أتباعه رغبة في الرئاسة وهو الذي أراد عليه السلام بقوله في كتابه إلى قيصر فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين يعني الأتباع‏

[أن التأيه والنداء مؤذن بالبعد]

واعلم أن التأيه والنداء مؤذن بالبعد عن الحالة التي يدعوه إليها من يناديه من أجلها فيقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فلبعدهم مما أيه بهم أن يؤمنوا به لذلك أيه بهم فإن كانوا موصوفين في الحال بما دعاهم إليه فيتعلق البعد بالزمان المستقبل في حقهم أي اثبتوا على حالكم الذي ارتضاه الدين لكم في المستقبل كما قال يعقوب لبنيه ولا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ في حال حياتهم فأمرهم بالإسلام في المستقبل أي بالثبوت عليه والاستقبال بعيد عن زمان الحال فيكون التأيه أيضا بما هو موجود في الحال أن يكون باقيا في المستقبل قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وهم في حال الوفاء بعقد الايمان فإنه نعتهم في تأيهه بهم بالإيمان فكان البعد في العقود إذا قبلوها متى قبلوها

[أن النداء الإلهي عام يشمل المؤمن والكافر والطائع والعاصي‏]

واعلم أن النداء الإلهي يعم المؤمن والكافر والطائع والعاصي والأرواح والروحانيين ولا يكون النداء إلا من الأسماء الإلهية ينادي الاسم الإلهي من حكم عليه اسم إلهي غيره إذا علم أنه قد انتهت مدة حكمه فيه فيأخذه هذا الاسم الذي ناداه كذلك دنيا وآخرة فجميع من سوى الله تعالى منادى يناديه اسم إلهي لحال كوني يطلبه به ليوصله إليه فإن أجاب سمي مطيعا وكان سعيدا وإن لم يجب سمي عاصيا

وكان شقيا فإن قال قائل كيف يكون النداء من اسم إلهي ويقف الكون عن إجابته مع ضعفه وقبوله للاقتدار الإلهي قلنا لم تكن إبايته عن إجابته من حيث نفسه وحقيقته لأنه مقهور دائما ولكن لما كان تحت قهر اسم إلهي لم يتركه ذلك الاسم أن يجيب من ناداه فالتنازع وقع بين الأسماء الإلهية وهم أكفاء والحكم لصاحب اليد وهو الاسم الذي هو في يده في وقت نداء الاسم الآخر فلهذا كان أقوى للحال فإن قلت فلما ذا يؤاخذ بالإباءة قلنا لأنه ادعى الإباية لنفسه ولم يضفها إلى الاسم الإلهي الذي هو تحت قهره فإن قلت فالأمر باق فإنه إنما أبي لقهر اسم إلهي كانت الإباية عنه في هذا المدعو قلنا صدقت ولكنه جهل ذلك فأخذ بجهله فإن الجهل له من نفسه فإن قلت فإن جهله من اسم إلهي حكم عليه قلنا الجهل أمر عدمي لا وجودي والأسماء الإلهية تعطي الوجود ما تعطي العدم فالعدم للمدعو من نفسه والجهل عدم العلم فلم يدر المعترض ما اعترض به والأسماء الإلهية لا تعطي إلا الوجود فلم يلزم ما ذكرته وانقطع الاعتراض من هذا القائل بما ذكرناه وإذا ثبت أن النداء يعم فالمنادي به أيضا يعم ولكن نداء الحق لا يكون إلا بما يكون في إجابته السعادة للعبد وأما النداء بما يكون فيه الشقاوة للعبد فذلك ليس نداء الحق والنداء من صفة الكلام فكل فعل يفعله العبد ينقسم إلى أمرين إلى فعل فيه سعادة ذلك العبد وهو الذي يقترن به نداء الحق تعالى وفعل لا يقترن به سعادة العبد فليس عن نداء الحق لكنه عن إرادة الحق وخلقه لا عن ندائه وأمر شرعه ونفي السعادة فيه على قسمين الواحد أن يكون فعلا لا يقترن به شقاوة ولا سعادة أو يكون فعلا تقترن به شقاوة والفعل الذي تقترن به الشقاوة على قسمين قسم تقترن به على الأبد وهي شقاوة الشرك وشقاوة لا تقترن به على الأبد وهو كل فعل لا يكون شركا ولا نداء للحق فيه البتة فهذا المنزل هو منزل النداء لا منزل الأفعال وسيأتي إن شاء الله منازل الأفعال ويشتبه على بعض العارفين هذا المنزل وإخوانه بمنزل الأفعال لكونه يرى النداء بالأفعال وليس المنزل واحدا في ذلك بل النداء له منزل والفعل له منزل‏

[أن النداء على مراتب‏]

واعلم أن النداء على مراتب لكل مرتبة أداة معينة فالأدوات الهمزة ويا وأيا وهيأ وأي مسكنة الياء فأقربها الهمزة في الرتبة وأبعدها هيأ والنداء قد يصحبه التنبيه وقد لا يصحبه التنبيه فإذا كان النداء بأي فهو نكرة فلا بد من التنبيه لأن النداء إنما يطلب التعريف وهو بنفس المنادي فلا بد أن يصحب هاء التنبيه لأي في النداء لأن التنبيه تعريف ثم يردف التنبيه باسم المنادي ليعرف المنادي أنه منادى دون غيره فإن كان اسمه ناقصا كالذين فلا بد له من صلة وهو الذي يصفه به ليتم به المقصود ولا بد من رابط بين هذه الصلة والموصول ليعلم أنه المراد بذلك النداء وإن لم يردف باسم ناقص لم يحتج إلى ما ذكرناه فيقال يا أَيُّهَا النَّاسُ وأمثال هذا وأما إذا لم يقترن بالنداء أي فإن النداء يتصل باسم المنادي وقد يكون منادى منكورا مطولا مثل قوله تعالى يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ومثل قوله يا عجبا قال الشاعر

يا عجبا لهذه الفليقه *** هل تذهبين القر بالربيقة

وقد يكون منادى يعرف مثل يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ ولا يكون ما بعد النداء أبدا إلا منصوبا إما لفظا وإما معنى ولهذا عطف بالمنصوب على الموضع في قوله تعالى والطَّيْرَ بالنصب عطفا على موضع يا جبال وإن كان مرفوعا في اللفظ فقد يراعي اللفظ في أوقات ولهذا قرئ أيضا والطير بالرفع ولكل فصل من هذه الفصول حقائق إلهية لو لا التطويل لذكرناها فصلا فصلا فتركناها لمن يقف على كلامنا من العارفين كالتنبيه لهم على ما يتضمنه منزل النداء من المعاني الإلهية وأن الكون مرتبط بعضه ببعض ارتباط المعاني بالكلمات وربما جعلوا الواو من أدوات النداء ولكن خصوها بنداء خاص لحال خاص بخلاف سائر الأدوات فخصوها بالانتداب فينادون الميت وأجبلاه واسنداه وبه يعذب الميت الملك يطعنه في خاصرته أن هكذا كنت ويقولون وا زيداه وا سلطاناه ولا بد في هذا النداء من إدخال الهاء هاء السكت في آخره لأنه ليس من شرط هذا النداء أن يقال بعده شي‏ء فلهذا أدخل هاء السكت عليه فيكتفي به فيقول وا جبلاه وا حزناه ولا يحتاج إلى أمر آخر وإذا قلت يا زيد وناديته بسائر حروف النداء من غير نداء الندبة فلا بد أن تذكر السبب الذي ناديته من أجله فتقول يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا فلا تكون هاء السكت إلا في نداء الندبة خاصة وأما النداء المرخم فإنهم يريدون به تسهيل الكلام ليخف على المنادي ليصل إلى المقصود مسرعا بما



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!