Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الخلوة

اللفظ واحد وهو المشهود والقصد غيب والأولى أن تحسن الظن بمن يتجمل فإنك مندوب إليه وسوء الظن أنت مأمور باجتنابه في حق المسلمين ولهذا

فسر النبي صلى الله عليه وسلم كلامه للرجلين في اعتكافه حين انقلب يشيع صفية إني خشيت أن يقذف الشيطان‏

فما أساء الظن إلا بأهله وهو الشيطان فينبغي لك إذا سمعت من يقول كلمة هي في القرآن كما قلنا فيمن سمع من يقول الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أن تسمعها تلاوة قرآنية وإن لم يقصدها قائلها فإنك تؤجر أجر من سمع القرآن ولا بد وهذا مشهد عزيز قل أن ترى له ذائقا وهو قريب سهل لا كلفة فيه‏

[من زين له سوء عمله‏]

وأما قوله أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فمن قوله سُوءُ عَمَلِهِ عرفت من زينه وإن لم يذكره ومع هذا فالاحتمال لا يرتفع عنه فإن الله يقول في مثل هذا زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ فجاء بنون الكناية عن نفسه ونسب الحيرة إليهم بهذا التزيين فمثل هذا إذا لم يبين الله له في كشفه لمن هو هذا التزيين يقبله على مراد الله فيه من غير تعيين فيكون جزاؤه على الله من غير تعيين عندنا وإن كان معينا عند الله فإنه عند الله أيضا لا معين فإنا لم نعينه فهو يعلمه معينا لا معينا بنسبتين مختلفتين فافهم ذلك انتهى الجزء الثاني والتسعون‏

(بسم الله الرحمن الرحيم)

(الباب الثامن والسبعون في معرفة الخلوة)

خلوت بمن أهوى فلم يك غيرنا *** ولو كان غيري لم يصح وجودها

إذا أحكمت نفسي شروط انفرادها *** فإن نفوس الخلق طرا عبيدها

ولو لم يكن في نفسها غير نفسها *** لجادت بها جودا على من يجيدها

[الأصل الشرعي للخلوة]

اعلم وفقنا الله وإياكم أن الخلوة أصلها في الشرع‏

من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه‏

فهذا حديث إلهي صحيح يتضمن الخلوة والجلوة وأصل الخلوة من الخلأ الذي وجد فيه العالم‏

فمن خلا ولم يجد فما خلا *** فهي طريق حكمها حكم البلا

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الله ولا شي‏ء معه‏

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء

ثم خلق الخلق وقضى القضية وفرغ من أشياء وهو كل يوم في شأن وسيفرغ من أشياء ثم يعمر المنازل بأهلها إلى الأبد

[الخلوة أعلى المقامات وهي المنزل الذي يعمره الإنسان‏]

الخلوة أعلى المقامات وهو المنزل الذي يعمره الإنسان ويملؤه بذاته فلا يسعه معه فيه غيره فتلك الخلوة ونسبتها إليه ونسبته إليها نسبة الحق إلى قلب العبد الذي وسعه ولا يدخله وفيه غير بوجه من الوجوه الكونية فيكون خاليا من الأكوان كلها فيظهر فيه بذاته ونسبة القلب إلى الحق أن يكون على صورته فلا يسع فيه سواه‏

[الأصل الكونى للخلوة]

وأصل الخلوة في العالم الخلأ الذي ملأه العالم فأول شي‏ء ملأه الهباء وهو جوهر مظلم ملأ الخلأ بذاته ثم تجلى له الحق باسمه النور فانصبغ به ذلك الجوهر وزال عنه حكم الظلمة وهو العدم فاتصف بالوجود فظهر لنفسه بذلك النور المنصبغ به وكان ظهوره به على صورة الإنسان وبهذا يسميه أهل الله الإنسان الكبير وتسمى مختصره الإنسان الصغير لأنه موجود أو دع الله فيه حقائق العالم الكبير كلها فخرج على صورة العالم مع صغر جرمه والعالم على صورة الحق فالإنسان على صورة الحق وهوقوله إن الله خلق آدم على صورته‏

ولما كان الأمر على ما قررناه لذلك قال تعالى لَخَلْقُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أَكْبَرُ من خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لكن يعلم القليل من الناس‏

[الإنسان عالم صغير والعالم إنسان كبير والإنسان الكامل هو الوجيز]

فالإنسان عالم صغير والعالم إنسان كبير ثم انفتحت في العالم صور الأشكال من الأفلاك والعناصر والمولدات فكان الإنسان آخر مولد في العالم أوجده الله جامعا لحقائق العالم كله وجعله خليفة فيه فأعطاه قوة كل صورة موجودة في العالم فذلك الجوهر الهبائي المنصبغ بالنور هو البسيط وظهور صور العالم فيه هو الوسيط والإنسان الكامل هو الوجيز قال تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ ليعلموا أن الإنسان عالم وجيز من العالم يحوي على الآيات التي في العالم‏

[أول ما يكشف لصاحب الخلوة آيات العالم قبل آيات نفسه‏]

فأول ما يكشف لصاحب الخلوة آيات العالم قبل آيات نفسه لأن العالم قبله كما قال تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ‏

ثم بعد هذا يريه الآيات التي أبصرها في العالم في نفسه فلو رآها أولا في نفسه ثم رآها في العالم ربما تخيل أن نفسه رأى في العالم فرفع الله عنه هذا الإشكال بأن قدم له رؤية الآيات في العالم كالذي وقع في الوجود فإنه أقدم من الإنسان وكيف لا يكون أقدم وهو أبوه فأبانت له رؤية تلك الآيات التي في الآفاق وفي نفسه أنه الحق لا غيره وتبين له ذلك‏

[آيات الله في الآفاق وفي الأنفس دلالات على أنه هو الظاهر في المظاهر]

فالآيات هي الدلالات له على أنه الحق الظاهر في مظاهر أعيان العالم فلا يطلب على أمر آخر صاحب هذه الخلوة فإنه ما ثم جملة واحدة ولهذا تمم تعالى في التعريف فقال أَ ولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ من أعيان العالم شَهِيدٌ على التجلي فيه والظهور وليس في قوة العالم أن يدفع عن نفسه هذا الظاهر فيه ولا أن لا يكون مظهرا وهو المعبر عنه بالإمكان فلو لم يكن حقيقة العالم الإمكان لما قبل النور وهو ظهور الحق فيه الذي تبين له بالآيات‏

[الإحاطة بالشي‏ء تستر الشي‏ء فيكون الظاهر هو المحيط لا الشي‏ء المحاط]

ثم تمم وقال إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ من العالم مُحِيطٌ والإحاطة بالشي‏ء تستر ذلك الشي‏ء فيكون الظاهر المحيط لا ذلك الشي‏ء فإن الإحاطة به تمنع من ظهوره فصار ذلك الشي‏ء وهو العالم في المحيط كالروح للجسم والمحيط كالجسم للروح الواحد شهادة وهو المحيط الظاهر والآخر غيب وهو المستور بهذه الإحاطة وهو عين العالم ولما كان الحكم للموصوف بالغيب في الظاهر الذي هو الشهادة وكانت أعيان شيئيات العالم على استعدادات في أنفسها حكمت على الظاهر فيها بما تعطيه حقائقها فظهرت صورها في المحيط وهو الحق فقيل عرش وكرسي وأفلاك وأملاك وعناصر ومولدات وأحوال تعرض وما ثم إلا الله فالحق من كونه محيطا كبيت الخلوة لصاحب الخلوة فيطلب صاحب الخلوة فلا يوجد فإن البيت يحجبه فلا يعرف منه إلا مكانه ومكانه يدل على مكانته‏

[خلوة العارفين وخلوة الشرعيين‏]

فقد أعطيتك مرتبة الخلوة التي نريد في هذا الكتاب لا الخلوة المعهودة عند أصحاب الخلوات ودرجاتها ألف وسبع وستون درجة فظهر في الدرجات صورة الوترية وإذا لم يعمر الخلأ إلا العالم فهو في خلوة بنفسه هذا أصله ثم إنه لما انصبغ بالنور كان في خلوة بربه وبقي في تلك الخلوة إلى الأبد لا يتقيد بالزمان لا بأربعين يوما ولا بغير ذلك فالعارف إذا عرف ما ذكرناه عرف أنه في خلوة بربه لا بنفسه ومع ربه لا مع نفسه فيرى من حيث أثره في المحيط به بالصور التي ظهر بها المحيط نفسه بنفسه ومن حيث تعدد أعيانه رأى منه به وكانت كل عين مغايرة لصاحبتها

[كثرة العالم ووحدته وكثرة الإنسان ووحدته وقيام العالم بالحق والحق بالعالم‏]

ولذلك اختلفت صور العالم وإن كان واحدا كما اختلفت صورة الإنسان في نفسه وإن كان الإنسان واحدا فيده ما هي رجله ورأسه ما هو صدره وعينه ما هو أذنه ولا لسانه ولا فرجه وعقله ما هو فكره ولا خياله فهو متنوع متعدد العين بالصور المحسوسة والمعنوية ومع هذا يقال فيه إنه واحد ويصدق ويقال فيه كثير ويصدق فمن حيث أحديته نقول رأى نفسه بنفسه ومن حيث كثرته نقول رأى بعضه ببعضه فتكلم بلسانه وبطش بيده وسعى برجله واستنشق بأنفه وسمع بإذنه ونظر بعينه وتخيل بخياله وعقل بعقله فهذا كثير وما ثم إلا هو فمن حصل له هذا العلم كما قررناه كان صاحب خلوة ومن حرمه فليس بصاحب خلوة فقد تبين لك أن الحق بالعالم والعالم بالحق فهويته عين المجموع كما إن المجموع هو الإنسان بغيبه وشهادته ونطقه وحيوانيته فهو واحد في الكثرة وكثير في الأحدية

[الخلوة التي هي مقام والتي ليست بمقام وعند أهل الكشف‏]

فالخلوة من المقامات المستصحبة دنيا وآخرة إلى الأبد من حصلت له لا تزول فإنه لا أثر بعد عين وأما الخلوة المعروفة المعهودة فليست مقاما ولا تصح إلا لمحجوب وأما أهل الكشف فلا تصح لهم خلوة أبدا فإنهم يشاهدون الأرواح العلوية والأرواح النارية ويرون الكائنات ناطقة أكوان ذاته وأكوان بيت خلوته فهو في ملأ كما هو في نفس الأمر فإذا أخذ الله عن بصره هذه المدركات وفصل بين الحيوان والجماد والملائكة وعالم الصمت من عالم الكلام وعالم السكون من عالم الحركات ويحب أن يخلو بربه حتى لا يشغله عنه نطق كون ولا حركة كون فمنهم من يطلب الخلوة لمزيد علم بالله من الله لا من نظره وفكره وهذا أتم المقاصد فإنه مأمور بذلك والعمل على الأمر الإلهي هو غاية كمال العمل والله يقول له قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً

[من تحدث في خلوته في نفسه مع كون من الأكوان فما هو في خلوة]

فمن تحدث في خلوته في نفسه مع كون من الأكوان فما هو في خلوة قال بعضهم لصاحب خلوة اذكرني عند ربك في خلوتك فقال له إذا ذكرتك فلست معه في خلوة ومن هنا تعرف‏

قوله تعالى أنا جليس من ذكرني‏

فإنه لا يذكره حتى يحضر المذكور في نفسه إن كان المذكور ذا صورة في اعتقاده أحضره في خياله وإن كان من غير عالم الصور أو لا صورة له أحضرته القوة الذاكرة فإن القوة الذاكرة من الإنسان تضبط المعاني والقوة المتخيلة تضبط المثل التي أعطتها الحواس أو ما تركبه‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!