Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة بقاء الناس فى البرزخ بين الدنيا والبعث

الباب وترجمنا عليه إنما كان ذكر المراتب وقد ذكرناها وبيناها ونبهنا على مواضع يجول فيها نظر الناظر من كتابي هذا من الآيات التي استشهدنا بها في هذا الباب من أوله من أمر الله إبليس بما ذكر له فهل له من امتثال ذلك الأمر الإلهي أمر يعود عليه منه من حيث ما هو ممتثل أم لا وأشباه هذه التنبيهات إن وفقت لذلك عثرت على علوم جمة إلهية مما يختص بأهل الشقاء والنار وهذا القدر في هذا الباب كاف والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب الثالث والستون في معرفة بقاء الناس في البرزخ بين الدنيا والبعث)

بين القيامة والدنيا لذي نظر *** مراتب برزخيات لها سور

تحوي على حكم ما قد كان صاحبها *** قبل الممات عليه اليوم فاعتبروا

لها على الكل أقدام وسلطنة *** تبدي العجائب لا تُبْقِي ولا تَذَرُ

لها مجال رحيب في الوجود بلا *** تقيد وهي لا عين ولا أثر

تقول للحق كن والحق خالقها *** فكيف يخرج عن أحكامها بشر

فيها العلوم وفيها كل قاصمة *** فيها الدلائل والإعجاز والعبر

لو لا الخيال لكنا اليوم في عدم *** ولا انقضى غرض فينا ولا وطر

كان سلطانها إن كنت تعقلها *** الشرع جاء به والعقل والنظر

من الحروف لها كاف الصفات فما *** تنفك عن صور إلا أتت صور

[البرزخ: أمر فاصل بين أمرين بلا تطرف‏]

قولنا كان سلطانها برفع سلطانها أي سلطان الخيال هو عين كان وهو معنى‏

قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه‏

فهي خير وسلطانها مبتدأ تقدير الكلام سلطان حضرة الخيال من الألفاظ هو كان اعلم أن البرزخ عبارة عن أمر فاصل بين أمرين لا يكون متطرفا أبدا كالخط الفاصل بين الظل والشمس وكقوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ومعنى لا يَبْغِيانِ أي لا يختلط أحدهما بالآخر وإن عجز الحس عن الفصل بينهما والعقل يقضي أن بينهما حاجزا يفصل بينهما فذلك الحاجز المعقول هو البرزخ فإن أدرك بالحس فهو أحد الأمرين ما هو البرزخ وكل أمرين يفتقران إذا تجاورا إلى برزخ ليس هو عين أحدهما وفيه قوة كل واحد منهما ولما كان البرزخ أمرا فاصلا بين معلوم وغير معلوم وبين معدوم وموجود وبين منفي ومثبت وبين معقول وغير معقول سمي برزخا اصطلاحا وهو معقول في نفسه وليس إلا الخيال فإنك إذا أدركته وكنت عاقلا تعلم أنك أدركت شيئا وجوديا وقع بصرك عليه وتعلم قط ما بدليل أنه ما ثم شي‏ء رأسا وأصلا فما هو هذا الذي أثبت له شيئية وجودية ونفيتها عنه في حال إثباتك إياها

[الخيال كالبرزخ لا موجود ولا معدوم لا معلوم ولا مجهول‏]

فالخيال لا موجود ولا معدوم ولا معلوم ولا مجهول ولا منفي ولا مثبت كما يدرك الإنسان صورته في المرآة يعلم قطعا أنه أدرك صورته بوجه ويعلم قطعا أنه ما أدرك صورته بوجه لما يرى فيها من الدقة إذا كان جرم المرآة صغيرا ويعلم أن صورته أكبر من التي رأى بما لا يتقارب وإذا كان جرم المرآة كبيرا فيرى صورته في غاية الكبر ويقطع أن صورته أصغر مما رأى ولا يقدر أن ينكر أنه رأى صورته ويعلم أنه ليس في المرآة صورته ولا هي بينه وبين المرآة ولا هو انعكاس شعاع البصرة إلى الصورة المرئية فيها من خارج سواء كانت صورته أو غيرها إذ لو كان كذلك لأدرك الصورة على قدرها وما هي عليه وفي رؤيتها في السيف من الطول أو العرض يتبين لك ما ذكرنا مع علمه أنه رأى صورته بلا شك فليس بصادق ولا كاذب في قوله إنه رأى صورته ما رأى صورته فما تلك الصورة المرئية وأين محلها وما شأنها فهي منفية ثابتة موجودة معدومة معلومة مجهولة أظهر الله سبحانه هذه الحقيقة لعبده ضرب مثال ليعلم ويتحقق أنه إذا عجز وحار في درك حقيقة هذا وهو من العالم ولم يحصل عنده علم بحقيقته فهو بخالقها أعجز وأجهل وأشد حيرة ونبهه بذلك أن تجليات الحق له أرق وألطف معنى من هذا الذي قد حارت العقول فيه وعجزت عن إدراك حقيقته إلى أن بلغ عجزها أن تقول هل لهذا ماهية أو لا ماهية له فإنها لا تلحقه بالعدم المحض وقد أدرك البصر شيئا ما ولا بالوجود المحض وقد علمت أنه ما ثم شي‏ء ولا بالإمكان المحض‏

[النوم وما بعد الموت إلى حين البعث وحال المكاشفة]

وإلى مثل هذه الحقيقة يصير الإنسان في نومه وبعد موته فيرى الأعراض صورا قائمة بنفسها تخاطبه ويخاطبها

أجسادا لا يشك فيها والمكاشف يرى في يقظته ما يراه النائم في حال نومه والميت بعد موته كما يرى في الآخرة صور الأعمال توزن مع كونها أعراضا ويرى الموت كبشا أملح بذبح والموت نسبة مفارقة عن اجتماع فسبحان من يجهل فلا يعلم ويعلم فلا يجهل لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏

[عين الحس وعين الخيال‏]

ومن الناس من يدرك هذا المتخيل بعين الحس ومن الناس من يدركه بعين الخيال وأعني في حال اليقظة وأما في النوم فبعين الخيال قطعا فإذا أراد الإنسان أن يفرق في حال يقظته حيث كان في الدنيا أو يوم القيامة فلينظر إلى المتخيل وليقيده بنظره فإن اختلفت عليه أكوان المنظور إليه لاختلافه في التكوينات وهو لا ينكر أنه ذلك بعينه ولا يقيده النظر عن اختلاف التكوينات فيه كالناظر إلى الحرباء في اختلاف الألوان عليها فذلك عين الخيال بلا شك ما هو عين الحس فأدركت الخيال بعين الخيال لا بعين الحس وقليل من يتفطن إلى هذا ممن يدعي كشف الأرواح النارية والنورية إذا تمثلت لعينه صورا مدركة لا يدري بما أدركها هل بعين الخيال أو بعين الحس وكلاهما أعني الإدراكين بحاسة العين فإنها تعطي الإدراك بعين الخيال وبعين الحس وهو علم دقيق أعني العلم بالفصل بين العينين وبين حاسة العين وعين الحس وإذا أدركت العين المتخيل ولم تغفل عنه ورأته لا تختلف عليه التكوينات ولا رأته في مواضع مختلفات معا في حال واحدة والذات واحدة لا يشك فيها ولا انتقلت ولا تحولت في أكوان مختلفة فتعلم أنها محسوسة لا متخيلة وأنه أدركها بعين الحس لا بعين الخيال ومن هنا يعرف إدراك الإنسان في المنام ربه تعالى وهو منزه عن الصورة والمثال وضبط الإدراك إياه وتقييده ومن هنا تعرف‏

ما ورد في الخبر الصحيح من كون الباري يتحلى في أدنى صورة من التي رأوه فيها

وفي تحوله في صورة يعرفونها وقد كانوا أنكروه وتعوذوا منه فيعلم بأي عين تراه فقد أعلمتك أن الخيال يدرك بنفسه نريد بعين الخيال أو يدرك بالبصر وما الصحيح في ذلك حتى نعتمد عليه ولنا في ذلك‏

إذا تجلى حبيبي *** بأي عين أراه‏

بعينه لا بعيني *** فما يراه سواه‏

تنزيها لمقامه وتصديقا بكلامه فإنه القائل لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ولم يخص دارا من دار بل أرسلها آية مطلقة ومسألة معينة محققة فلا يدركه سواه فبعينه سبحانه أراه في الخبر الصحيح كنت بصره الذي يبصر به فتيقظ أيها الغافل النائم عن مثل هذا وانتبه فلقد فتحت عليك بابا من المعارف لا تصل إليه الأفكار لكن تصل إلى قبوله العقول إما بالعناية الإلهية أو بجلاء القلوب بالذكر والتلاوة فيقبل العقل ما يعطيه التجلي ويعلم أن ذلك خارج عن قوة نفسه من حيث فكره وأن فكره لا يعطيه ذلك أبدا فيشكر الله تعالى الذي أنشأه نشأة يقبل بها مثل هذا وهي نشأة الرسل والأنبياء وأهل العناية من الأولياء وذلك ليعلم أن قبوله أشرف من فكره فتحقق يا أخي بعد هذا من يتجلى لك من خلف هذا الباب فهي مسألة عظيمة حارت فيها الألباب‏

[النفخ في الصور والنقر في الناقور]

ثم إن الشارع وهو الصادق سمي هذا الباب الذي هو الحضرة البرزخية التي تنتقل إليها بعد الموت ونشهد نفوسنا فيها بالصور والناقور والصور هنا جمع صورة بالصاد فينفخ في الصور وينقر في الناقور وهو هو بعينه واختلفت عليه الأسماء لاختلاف الأحوال والصفات واختلفت الصفات فاختلفت الأسماء فصارت أسماؤه كهو يحار فيها من عادته يفلي الحقائق ولا يرمى منها بشي‏ء فإنه لا يتحقق له أن النقر أصل في وجود اسم الناقور أو الناقور أصل في وجود اسم النقر كمسألة النحوي هل الفعل مشتق من المصدر أو المصدر مشتق من الفعل ثم فارق مسألة النحوي بشي‏ء آخر حتى لا يشبه مسألة النحوي في الاشتقاق بقوله يُنْفَخُ في الصُّورِ ولم يقل في المنفوخ فيه فهل كونه صورا أصل في وجود النفخ أو وجود نفخ أصل في وجود اسم الصور ولما ذكر الله تعديل صورة الإنسان قال ونَفَخْتُ فِيهِ وقال في عيسى عليه السلام قبل خلق صورته فَنَفَخْنا فِيها من رُوحِنا فظهرت الصورة فوقعت الحيرة ما هو الأصل هل الصورة في وجود النفخ أو النفخ في وجود الصورة فهذا من ذلك القبيل ولا سيما وجبريل عليه السلام في الوقت المذكور في حال التمثل بالبشر ومريم قد تخيلت أنه بشر فهل أدركته بالبصر الحسي أو بعين الخيال فتكون ممن أدرك الخيال بالخيال وإذا كان هذا فينفتح عليك ما هو أعظم وهو هل في قوة الخيال أن يعطي‏

صورة حسية حقيقة فلا يكون للحس فضل على الخيال لأن الحس يعطي الصور للخيال فكيف يكون المؤثر فيه مؤثرا فيمن هو مؤثر فيه فما هو مؤثر فيما هو مؤثر فيه وهذا محال عقلا فتفطن لهذه الكنوز فإن كنت حصلتها ما يكون في العالم أعني منك إلا من يساويك في ذلك‏

[صور النشور وسلطان الخيال‏]

واعلم‏

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصور ما هو فقال صلى الله عليه وسلم هو قرن من نور ألقمه إسرافيل‏

فأخبر أن شكله شكل القرن فوصف بالسعة والضيق فإن القرن واسع ضيق وهو عندنا على خلاف ما يتخيله أهل النظر في الفرق بين ما هو أعلى القرن وأسفله ونذكره إن شاء الله بعد هذا في هذا الباب فاعلم إن سعة هذا القرن في غاية السعة لا شي‏ء من الأكوان أوسع منه وذلك أنه يحكم بحقيقته على كل شي‏ء وعلى ما ليس بشي‏ء ويتصور العدم المحض والمحال والواجب والإمكان ويجعل الوجود عدما والعدم وجودا وفيه‏

يقول النبي صلى الله عليه وسلم أي من حضرة هذا اعبد الله كأنك تراه‏

والله في قبلة المصلي‏

أي نخيله في قبلتك وأنت تواجهه لتراقبه وتستحيي منه وتلزم الأدب معه في صلاتك فإنك إن لم تفعل هذا أسأت الأدب‏

[الخيال أوسع الأشياء وأضيقها]

فلو لا أن الشارع علم أن عندك حقيقة تسمى الخيال لها هذا الحكم ما قال لك كأنك تراه ببصرك فإن الدليل العقلي بمنع من كان فإنه يحيل بدليله التشبيه والبصر فما أدرك شيئا سوى الجدار فعلمنا إن الشارع خاطبك أن تتخيل أنك تواجه الحق في قبلتك المشروع لك استقبالها والله يقول فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله ووجه الشي‏ء حقيقته وعينه فقد صور الخيال من يستحيل عليه بالدليل العقلي الصورة والتصور فلهذا كان واسعا وأما ما فيه من الضيق فإنه ليس في وسع الخيال أن يقبل أمرا من الأمور الحسية والمعنوية والنسب والإضافة وجلال الله وذاته إلا بالصورة ولو رام أن يدرك شيئا من غير صورة لم تعط حقيقته ذلك لأنه عين الوهم لا غيره فمن هنا هو ضيق في غاية الضيق فإنه لا يجرد المعاني عن المواد أصلا ولهذا كان الحس أقرب شي‏ء إليه فإنه من الحس أخذ الصور وفي الصور الحسية يجلي المعاني فهذا من ضيقه وإنما كان هذا حتى لا يتصف بعدم التقييد وبإطلاق الوجود وبالفعال لما يريد إلا الله تعالى وحده ليس كمثله شي‏ء فالخيال أوسع المعلومات ومع هذه السعة العظيمة التي يحكم بها على كل شي‏ء قد عجز أن يقبل المعاني مجردة عن المواد كما هي في ذاتها فيرى العلم في صورة لبن أو عسل وخمر ولؤلؤ ويرى الإسلام في صورة قبة وعمد ويرى القرآن في صورة سمن وعسل ويرى الدين في صورة قيد ويرى الحق في صورة إنسان وفي صورة نور فهو الواسع الضيق والله واسع على الإطلاق عليم بما أوجد الله عليه خلقه كما قال تعالى أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ أي بين الأمور على ما هي عليه بإعطاء كل شي‏ء خلقه‏

[النور وقرن النشور وعموم سلطان الخيال‏]

وأما كون القرن من نور فإن النور سبب الكشف والظهور إذ لو لا النور ما أدرك البصر شيئا فجعل الله هذا الخيال نورا يدرك به تصوير كل شي‏ء أي أمر كان كما ذكرناه فنوره ينفذ في العدم المحض فيصوره وجودا فالخيال أحق باسم النور من جميع المخلوقات الموصوفة بالنورية فنوره لا يشبه الأنوار وبه تدرك التجليات وهو نور عين الخيال لا نور عين الحس فافهم فإنه ينفعك معرفة كونه نورا فتعلم الإصابة فيه ممن لا يعلم ذلك وهو الذي يقول هذا خيال فاسد وذلك لعدم معرفة هذا القائل بإدراك النور الخيالي الذي أعطاه الله تعالى كما إن هذا القائل يخطئ الحس في بعض مدركاته وإدراكه صحيح والحكم لغيره لا إليه فالحاكم أخطأ لا الحس كذلك الخيال أدرك بنوره ما أدرك وما له حكم وإنما الحكم لغيره وهو العقل فلا ينسب إليه الخطاء فإنه ما ثم خيال فاسد قط بل هو صحيح كله‏

[الخيال كصور النشور أعلاه ضيق وأسفله واسع‏]

وأما أصحابنا فغلطوا في هذا القرن فأكثر العقلاء جعل أضيقه المركز وأعلاه الفلك الأعلى الذي لا فلك فوقه وأن الصور التي يحوي عليها صور العالم فجعلوا واسع القرن الأعلى وضيقه الأسفل من العالم وليس الأمر كما زعموا بل لما كان الخيال كما قلنا يصور الحق فمن دونه من العالم حتى العدم كان أعلاه الضيق وأسفله الواسع وهكذا خلقه الله فأول ما خلق منه الضيق وآخر ما خلق منه ما اتسع وهو الذي يلي رأس الحيوان ولا شك أن حضرة الأفعال والأكوان أوسع ولهذا لا يكون للعارف اتساع في العلم إلا بقدر ما يعلمه من العالم ثم إنه إذا أراد أن ينتقل إلى العلم بأحدية الله تعالى لا يزال يرقى من السعة إلى الضيق قليلا قليلا فتقل علومه كلما رقى في العلم بذات الحق كشفا إلى أن لا يبقى له معلوم إلا الحق وحده وهو أضيق ما في القرن فضيقه هو الأعلى على الحقيقة وفيه الشرف التام وهو الأول الذي نظهر منه إذا أنبته الله في رأس الحيوان فلا يزال يصعد على صورته من الضيق وأسفله تسع وهو لا يتغير عن حاله‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!