Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة العناصر وسلطان العالم العلوى على العالم السفلى وفى أى دورة كان وجود هذا العالم الإنسانى من دورات الفلك الأقصى وأيّة روحانية لنا

الشمس إلى غروبها يسمى نهارا ومن غروب الشمس إلى ما طلوعها يسمى ليلا وهذه العين المفصلة تسمى يوما وأظهر هذا اليوم وجود الحركة الكبرى وما في الوجود العيني إلا وجود المتحرك لا غير وما هو عين الزمان فرجع محصول ذلك إلى أن الزمان أمر متوهم لا حقيقة له وإذا تقرر هذا فاليوم المعقول المقدر هو المعبر عنه بالزمان الموجود وبه تظهر الجمعات والشهور والسنون والدهور وتسمى أيا وتقدر بهذا اليوم الأصغر المعتاد الذي فصله الليل والنهار فالزمان المقدر هو ما زاد على هذا اليوم الأصغر الذي تقدر به سائر الأيام الكبار فيقال في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وقال في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

[أيام الدجال المقدرة]

وقال عليه السلام في أيام الدجال يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم‏

فقد يكون هذا الشدة الهول فرفع الإشكال ظاهر إتمام الحديث في قول عائشة فكيف يفعل في الصلاة في ذلك اليوم قال يقدر لها فلو لا أن الأمر في حركات الأفلاك على ما هو عليه باق ما اختل ما صح أن يقدر لذلك بالساعات التي يعمل صورتها أهل هذا العلم فيعلمون بها الأوقات في أيام الغيم إذ لا ظهور للشمس فيكون في أول خروج الدجال تكثر الغيوم وتتوالى بحيث أن يستوي في رأى العين وجود الليل والنهار وهو من الأشكال الغريبة التي تحدث في آخر الزمان فيحول ذلك الغيم المتراكم بيننا وبين السماء والحركات كما هي فتظهر الحركات في الصنائع العملية التي عملها أهل صنعة العلماء بالهيئة ومجاري النجوم فيقدرون بها الليل والنهار وساعات الصلوات بلا شك ولو كان ذلك اليوم الذي هو كسنة يوما واحدا لم يلزمنا أن نقدر للصلوات فإنا ننتظر زوال الشمس فما لم نزل لا نصلي الظهر المشروع ولو أقامت لا تزول ما مقداره عشرون ألف سنة لم يكلفنا الله غير ذلك فلما قرر الشارع العبادة بالتقدير عرفنا أن حركات الأفلاك على بابها لم يختل نظامها

[الزمن الفرد والجوهر الفرد]

فقد أعلمتك ما هو الزمان وما معنى نسبة الوجود إليه ونسبة التقدير فالأيام كثيرة ومنها كبير وصغير فأصغرها الزمن الفرد وعليه يخرج كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ فسمى الزمن الفرد يوما لأن الشأن يحدث فيه فهو أصغر الأزمان وأدقها ولا حد لأكبرها يوقف عنده وبينهما أيام متوسطة أولها اليوم المعلوم في العرف وتفصله الساعات والساعات تفصلها الدرج والدرج تفصله الدقائق وهكذا إلى ما لا يتناهى عند بعض الناس فإنهم يفصلون الدقائق إلى ثوان فلما دخلها حكم العدد كان حكمها العدد والعدد لا يتناهى فالتفصيل في ذلك لا ينتهي وبعض الناس يقولون بالتناهي في ذلك وينظرونه من حيث المعدود وهم الذين يثبتون أن للزمان عينا موجودة وكل ما دخل في الوجود فهو متناه بلا شك والمخالف يقول المعدود من كونه يعد ما دخل في الوجود فلا يوصف بالتناهي فإن العدد لا يتصف بالتناهي وبهذا يحتج منكر الجوهر الفرد وإن الجسم ينقسم إلى ما لا نهاية له في العقل وهي مسألة خلاف بين أهل النظر حدثت من عدم الإنصاف والبحث عن مدلول الألفاظ وقد ورد في الخبر الصحيح أن من أسماء الله الدهر

ومعقولية الدهر معلومة نذكر ذلك إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء السابع والعشرون‏

(الباب الستون) في معرفة العناصر

وسلطان العالم العلوي على العالم السفلي وفي أي دورة كان وجود هذا العالم الإنساني من دورات الفلك الأقصى وأية روحانية لنا (بسم الله الرحمن الرحيم)

أن لعناصر أمهات أربع *** وهي البنات لعالم الأفلاك‏

عنها تولدنا فكان وجودنا *** في عالم الأركان والأملاك‏

جعل الإله غذاءنا بسنابل *** من حكم سنبلة بلا إشراك‏

وكذاك ضاعف أجرنا بسنابل *** سبع بقول ليس من أفاك‏

وزماننا سبع من الآلاف جا *** بتكرر الأضواء والأحلاك‏

فانظر بعقلك سبعة في سبعة *** من سبعة ليسوا من الأملاك‏

وانظر بفكرك في تناسب حكمها *** واضرب بسيف صارم بتاك‏

[الحقائق إلهية الأربعة ومراتب العلوم الأربعة]

أراد بالأملاك الأول من الملائكة جمع ملك وأراد بالأملاك الثاني من الملوك جمع ملك يقول هم مسخرون والمسخر لا يستحق اسم الملك والسبعة المذكورة هي السبعة الدراري في السبعة الأفلاك الموجودة من السبعة الأيام التي هي أيام الجمعة وهي للحركة التي فوق السموات وهي حركة اليوم للفلك الأقصى اعلم أن كل شي‏ء من الأكوان لا بد أن يكون استناده إلى حقائق إلهية فكل علم مدرج في العلم الإلهي ومنه تفرعت العلوم كلها وهي منحصرة في أربع مراتب وكل مرتبة تنقسم إلى أنواع معلومة محصورة عند العلماء وهو العلم المنطقي والعلم الرياضي والعلم الطبيعي والعلم الإلهي والعالم يطلب من الحقائق الإلهية أربع نسب الحياة والعلم والإرادة والندرة إذا ثبتت هذه الأربع النسب للواجب الوجود صح أنه الموجد للعالم بلا شك فالحياة والعلم أصلان في النسب والإرادة والقدرة دونهما والأصل الحياة فإنها الشرط في وجود العلم والعلم له عموم التعلق فإنه يتعلق بالواجب الوجود وبالممكن وبالمحال والإرادة دونه في التعلق فإنه لا تعلق لها إلا بالممكن في ترجيحه بإحدى الحالتين من الوجود والعدم فكان الإرادة تطلبها الحياة فهي كالمنفعلة عنها فإنها أعم تعلقا من القدرة والقدرة أخص تعلقا فإنها تتعلق بإيجاد الممكن لا بإعدامه فكأنها كالمنفعلة عن العلم لأنها من الإرادة بمنزلة العلم من الحياة

[الأصول الأربعة لظهور صور العالم‏]

فلما تميزت المراتب في هذه النسب الإلهية تميز الفاعل عن المنفعل خرج العالم على هذه الصورة فاعلا ومنفعلا فالعالم بالنسبة إلى الله من حيث الجملة منفعل محدث وبالنظر إلى نفسه فمنه فاعل ومنفعل فأوجد الله سبحانه العقل الأول من نسبة الحياة وأوجد النفس من نسبة العلم فكان العقل شرطا في وجود النفس كالحياة شرط في وجود العلم وكان المنفعلان عن العقل والنفس الهباء والجسم الكل فهذه الأربعة أصل ظهور الصور في العالم‏

[مرتبة الطبيعة وحقائقها الأربعة]

غير أن بين النفس والهباء مرتبة الطبيعة وهي على أربع حقائق منها اثنان فاعلان واثنان منفعلان وكلها في رتبة الانفعال بالنظر إلى من صدرت عنه فكانت الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فاليبوسة منفعلة عن الحرارة والرطوبة منفعلة عن البرودة فالحرارة من العقل والعقل عن الحياة ولذلك طبع الحياة في الأجسام العنصرية الحرارة والبرودة من النفس والنفس من العلم ولهذا يوصف العلم إذا استقر ببرد اليقين وبالثلج ومنه قوله صلى الله عليه وسلم حين وجد برد الأنامل بين ثدييه فعلم علم الأولين والآخرين ولما انفعلت اليبوسة والرطوبة عن الحرارة والبرودة طلبت الإرادة اليبوسة لأنها في مرتبتها وطلبت القدرة الرطوبة لأنها في مرتبتها ولما كانت القدرة ما لها تعلق إلا بالإيجاد خاصة كان الأحق بها طبع الحياة وهي الحرارة والرطوبة في الأجسام وظهرت الصور والأشكال في الهباء والجسم الكل فظهرت السماء والأرض مرتوقة غير متميزة

[مراتب العناصر وماهيتها ومصدرها]

ثم إن الله تعالى توجه إلى فتق هذا الرتق ليميز أعيانها وكان الأصل الماء في وجودها ولهذا قال وجَعَلْنا من الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ ولحياته وصف بالتسبيح فنظم الله أولا هذه الطبائع الأربع نظما مخصوصا فضم الحرارة إلى اليبوسة فكانت النار البسيطة المعقولة فظهر حكمها في جسم العرش الذي هو الفلك الأقصى والجسم الكل في ثلاثة أماكن منها المكان الواحد سماه حملا والمكان الثاني وهو الخامس من الأمكنة المقدرة فيه سماه أسدا والمكان الثالث وهو التاسع من الأمكنة المقدرة فيه سماه قوسا ثم ضم البرودة إلى اليبوسة وأظهر سلطانهما في ثلاثة أمكنة من هذا الفلك وهو التراب البسيط المعقول فسمى المكان الواحد ثورا والآخر سنبلة والثالث جديا ثم ضم الحرارة إلى الرطوبة فكان الهواء البسيط وأظهر حكمه في ثلاثة أمكنة من هذا الفلك الأقصى سمي المكان الواحد الجوزاء والآخر الميزان والثالث الدالي ثم ضم البرودة إلى الرطوبة فكان الماء البسيط وأظهر حكمه في ثلاثة أمكنة من الفلك الأقصى سمي المكان الواحد السرطان وسمي الآخر بالعقرب وسمي الثالث بالحوت فهذا تقسيم فلك البروج على اثني عشر قسما مفروضة تعينها الكواكب الثمانية والعشرون وذلك بتقدير العزيز العليم‏

[فتق دائرة الوجود بعد رتقه‏]

فلما أحكم صنعتها وترتيبها وأدارها فظهر الوجود مرتوقا فأراد الحق فتقه ففصل بين السماء والأرض كما قال تعالى كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما أي ميز بعضها عن بعض فأخذت السماء علوا دخانا فحدث فيما بين السماء والأرض ركنان من‏

المركبات الركن الواحد الماء المركب مما يلي الأرض لأنه بارد رطب فلم يكن له قوة الصعود فبقي على الأرض تمسكه بما فيها من اليبوسة عليها والآخر النار وهي أكرة الأثير مما يلي السماء لأنه حار يابس فلم يكن له طبع النزول إلى الأرض فبقي مما يلي السماء من أجل حرارته واليبوسة تمسكه هناك وحدث ما بين النار والماء ركن الهواء من حرارة النار ورطوبة الماء فلا يستطيع أن يلحق بالنار فإن ثقل الرطوبة يمنعه أن يكون بحيث النار وإن طلبت الرطوبة تنزله إلى أن يكون بحيث الماء تمنعه الحرارة من النزول فلما تمانعا لم يبق إلا أن يكون بين الماء والنار لأنهما يتجاذبانه على السواء فذلك المسمى هواء فقد بان لك مراتب العناصر وماهيتها ومن أين ظهرت وأصل الطبيعة

[ظهور الخليفة في دورة العذراء]

ولما دارت الأفلاك ومخضت الأركان بما حملته مما ألقت فيها في هذا النكاح المعنوي وظهرت المولدات من كل ركن بحسب ما يقتضيه حقيقة ذلك الركن فظهرت أمم العالم وظهرت الحركة المنكوسة والحركة الأفقية فلما انتهى الحكم إلى السنبلة ظهرت النشأة الإنسانية بتقدير العزيز العليم فأنشأ الله عز وجل الإنسان من حيث جسمه خلقا سويا وأعطاه الحركة المستقيمة وجعل الله لها من الولاية في العالم العنصري سبعة آلاف سنة

[زمان القيامة- دولة الفضل والعدل- في دورة الميزان‏]

وينتقل الحكم إلى الميزان وهو زمان القيامة وفيه يضع الله الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ولما لم يكن الحكم له بما أودع الله فيه من العدل في الدنيا شرع الموازين فلم يعمل بها إلا القليل من الناس وهم النبيون خاصة ومن كان محفوظا من الأولياء ولما كانت القيامة محل سلطان الميزان لم تظلم نفس شيئا قال الله تعالى ونَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ يعني من العمل أَتَيْنا بِها وكَفى‏ بِنا حاسِبِينَ‏

[رمزية العدد 7 والعدد 12]

ولما كان للعذراء السبعة من الأعداد كانت لها السبعة والسبعون والسبعمائة من الأعداد في تضاعف الأجور وضرب الأمثال في الصدقات فقال تعالى مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ والله يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ إلى سبعة آلاف إلى سبعين ألفا إلى سبعمائة ألف إلى ما لا نهاية له ولكن من حساب السبعة وإنما كانت الفروض المقدرة في الفلك الأطلس اثني عشر فرضا لأن منتهى أسماء العدد إلى اثني عشر اسما وهو من الواحد إلى العشرة إلى المائة وهو الحادي عشر إلى الألف وهو الثاني عشر وليس وراءه مرتبة أخرى ويكون التركيب فيها بالتضعيف إلى ما لا نهاية له بهذه الأسماء خاصة

[دولة القرار والاستقرار بعد ذبح كبش الموت بين الجنة والنار]

ويدخل الناس الجنة والنار وذلك في أول الحادية إحدى عشرة درجة من الجوزاء وتستقر كل طائفة في دارها ولا يبقى في النار من يخرج بشفاعة ولا بعناية إلهية ويذبح الموت بين الجنة والنار ويرجع الحكم في أهل الجنة بحسب ما يعطيه الأمر الإلهي الذي أودع الله في حركات الفلك الأقصى وبه يقع التكوين في الجنة بحسب ما تعطيه نشأة الدار الآخرة فإن الحكم أبدا في القوابل فإن الحركة واحدة وآثارها تختلف بحسب القوابل وسبب ذلك حتى لا يستقل أحد من الخلق بفعل ولا بأمر دون مشاركة فيتميز بذلك فعل الله الذي يفعل لا بمشاركة من فعل المخلوق فالمخلوق أبدا في محل الافتقار والعجز والله الغني العزيز ويكون الحكم في أهل النار بحسب ما يعطيه الأمر الإلهي الذي أودعه الله تعالى في حركات الفلك الأقصى وفي الكواكب الثابتة وفي سباحة الدراري السبعة والمطموسة الأنوار فهي كواكب لكنها ليست بثواقب فالحكم في النار خلاف الحكم في الجنة فيقرب حكم النار من حكم الدنيا فليس بعذاب خالص ولا بنعيم خالص ولهذا قال تعالى لا يَمُوتُ فِيها ولا يَحْيى‏ فلم يخلصه إلى أحد الوجهين وكذلك‏

قال صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون‏

وقد قدمنا في الباب الذي قبل هذا صورة النعيم والعذاب وسبب ذلك أنه بقي ما أودع الله عليهم في الأفلاك وحركات الكواكب من الأمر الإلهي وتغير منه على قدر ما تغير من صور الأفلاك بالتبديل ومن الكواكب بالطمس والانتثار فاختلف حكمها بزيادة ونقص لأن التغيير وقع في الصور لا في الذوات‏

[الملائكة المهيمة الكروبيون: الحاجب الكاتب اللوح‏]

واعلم أن الله تعالى لما تسمى بالملك رتب العالم ترتيب المملكة فجعل له خواص من عباده وهم الملائكة المهيمة جلساء الحق تعالى بالذكر لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ ولا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ والنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ثم اتخذ حاجبا من الكروبيين واحدا أعطاه علمه في خلقه وهو علم مفصل في إجمال فعلمه سبحانه كان فيه مجلى له وسمي ذلك الملك نونا فلا يزال معتكفا في حضرة علمه عز وجل وهو رأس الديوان الإلهي والحق من كونه عليما لا يحتجب عنه ثم عين من‏

ملائكته ملكا آخر دونه في المرتبة سماه القلم وجعل منزلته دون النون واتخذه كاتبا فيعلمه الله سبحانه من علمه ما شاءه في خلقه بوساطة النون ولكن من العلم الإجمالي ومما يحوي عليه العلم الإجمالي علم التفصيل وهو من بعض علوم الإجمال لأن العلوم لها مراتب من جملتها علم التفصيل فما عند القلم الإلهي من مراتب العلوم المجملة إلا علم التفصيل مطلقا وبعض العلوم المفصلة لا غير واتخذ هذا الملك كاتب ديوانه وتجلى له من اسمه القادر فأمده من هذا التجلي الإلهي وجعل نظره إلى جهة عالم التدوين والتسطير فخلق له لوحا وأمره أن يكتب فيه جميع ما شاء سبحانه أن يجريه في خلقه إلى يوم القيامة خاصة وأنزله منه منزلة التلميذ من الأستاذ فتوجهت عليه هنا الإرادة الإلهية فخصصت له هذا القدر من العلوم المفصلة وله تجليان من الحق بلا واسطة وليس للنون سوى تجل واحد في مقام أشرف فإنه لا يدل تعدد التجليات ولا كثرتها على الأشرفية وإنما الأشرف من له المقام الأعم فأمر الله النون أن يمد القلم بثلاثمائة وستين علما من علوم الإجمال تحت كل علم تفاصيل ولكن معينة منحصرة لم يعطه غيرها يتضمن كل علم إجمالي من تلك العلوم ثلاثمائة وستين علما من علوم التفصيل فإذا ضربت ثلاثمائة وستين في مثلها فما خرج لك فهو مقدار علم الله تعالى في خلقه إلى يوم القيامة خاصة ليس عند اللوح من العلم الذي كتبه فيه هذا القلم أكثر من هذا لا يزيد ولا ينقص ولهذه الحقيقة الإلهية جعل الله الفلك الأقصى ثلاثمائة وستين درجة وكل درجة مجملة لما تحوي عليه من تفصيل الدقائق والثواني والثوالث إلى ما شاء الله سبحانه مما يظهره في خلقه إلى يوم القيامة وسمي هذا القلم الكاتب‏

[الملائكة المدبرة: الولاة الاثنا عشر لعالم الخلق‏]

ثم إن الله سبحانه وتعالى أمر أن يولي على عالم الخلق اثني عشر واليا يكون مقرهم في الفلك الأقصى منا في بروج فقسم الفلك الأقصى اثني عشر قسما جعل كل قسم منها برجا لسكنى هؤلاء الولاة مثل أبراج سور المدينة فأنزلهم الله إليها فنزلوا فيها كل وال على تخت في برجه ورفع الله الحجاب الذي بينهم وبين اللوح المحفوظ فرأوا فيه مسطرا أسماءهم ومراتبهم وما شاء الحق أن يجريه على أيديهم في عالم الخلق إلى يوم القيامة فارتقم ذلك كله في نفوسهم وعلموه علما محفوظا لا يتبدل ولا يتغير ثم جعل الله لكل واحد من هؤلاء الولاة حاجبين ينفذان أوامرهم إلى نوابهم وجعل بين كل حاجبين سفيرا يمشي بينهما بما يلقى إليه كل واحد منهما وعين الله لهؤلاء الذين جعلهم الله حجابا لهؤلاء الولاة في الفلك الثاني منازل يسكنونها وأنزلهم إليها وهي الثمانية والعشرون منزلة التي تسمى المنازل التي ذكرها الله في كتابه فقال والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ يعني في سيره ينزل كل ليلة منزلة منها إلى أن ينتهي إلى آخرها ثم يدور دورة أخرى لِتَعْلَمُوا بسيره وسير الشمس فيها والخنس عَدَدَ السِّنِينَ والْحِسابَ وكُلَّ شَيْ‏ءٍ فصله الحق لنا تفصيلا فاسكن في هذه المنازل هذه الملائكة وهم حجاب أولئك الولاة الذين في الفلك الأقصى‏

[نقباء الولاة الاثنى عشر في السماوات السبع‏]

ثم إن الله تعالى أمر هؤلاء الولاة أن يجعلوا نوابا لهم ونقباء في السموات السبع في كل سماء نقيبا كالحاجب لهم ينظر في مصالح العالم العنصري بما يلقون إليهم هؤلاء الولاة ويأمرونهم به وهو قوله وأَوْحى‏ في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فجعل الله أجسام هذه الكواكب النقباء أجساما نيرة مستديرة ونفخ فيها أرواحها وأنزلها في السموات السبع في كل سماء واحد منهم وقال لهم قد جعلتكم تستخرجون ما عند هؤلاء الاثني عشر واليا بوساطة الحجاب الذين هم ثمانية وعشرون كما يأخذ أولئك الولاة عن اللوح المحفوظ ثم جعل الله لكل نقيب من هؤلاء السبعة النقباء فلكا يسبح فيه هو له كالجواد للراكب وهكذا الحجاب لهم أفلاك يسبحون فيها إذ كان لهم التصرف في حوادث العالم والاستشراف عليه ولهم سدنة وأعوان يزيدون على الألف وأعطاهم الله مراكب سماها أفلاكا فهم أيضا يسبحون فيها وهي تدور بهم على المملكة في كل يوم مرة فلا يفوتهم من المملكة شي‏ء أصلا من ملك السموات والأرض فيدور الولاة وهؤلاء الحجاب والنقباء والسدنة كلهم في خدمة هؤلاء الولاة والكل مسخرون في حقنا إذ كنا المقصود من العالم قال تعالى وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ وأنزل الله في التوراة يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي‏

[الملك والملك والمملكة]

وهكذا ينبغي أن يكون الملك يستشرف كل يوم على أحوال أهل ملكه يقول تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ لأنه يَسْئَلُهُ من في السَّماواتِ والْأَرْضِ بلسان حال ولسان مقال ولا يَؤُدُهُ حفظ العالم وهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ فما له شغل إلا بها يقول تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ من السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ ولو لا وجود الملك ما سمي الملك‏

ملكا فحفظه لملكه حفظه لبقاء اسم الملك عليه وإن كان كما قال فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ فما جاء باسم الملك فإن أسماء الإضافة لا تكون إلا بالمضاف فكل سلطان لا ينظر في أحوال رعيته ولا يمشي بالعدل فيهم ولا يعاملهم بالإحسان الذي يليق بهم فقد عزل نفسه في نفس الأمر ويقول الفقهاء إن الحاكم إذا فسق أو جار فقد انعزل شرعا ولكن عندنا انعزل شرعا فيما فسق فيه خاصة لأنه ما حكم بما شرع له أن يحكم به فقد أثبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاة مع جورهم فقال عليه السلام فينا وفيهم فإن عدلوا فلكم ولهم وإن جاروا فلكم وعليهم ونهى أن نخرج يدا من طاعة وما خص بذلك واليا من وال فلذلك زدنا في عزله شرعا إنما ذلك فيما فسق فيه فالملك مأمور أن يحفظ نفسه من الخروج مما حد له من الأحكام في رعاياه وفي نفسه فإنه وال على نفسه كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإنسان راع على نفسه فما زاد ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إن لنفسك عليك حقا ولعينك عليك حقا الحديث فمن لم يف لمن بايعه بما بايعه عليه فقد عزل نفسه وليس بملك وإن كان حاكما فما كل حاكم يكون سلطانا فإن السلطان من تكون له الحجة لا عليه ولهذا جعل الله الأفلاك تدور علينا كل يوم دورة لتنظر الولاة ما تدعو حاجة الخلق إليهم فيسدون الخلل وينفذون أحكام الله تعالى من كونه مريدا في خلقه لا من كونه آمرا فينفذون أحكامه التي أمرهم سبحانه أن ينفذوها فيهم وهو القضاء والقدر في أزمان مختلفة فكل شي‏ء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس وكل صغير وكبير مستطر في اللوح المحفوظ فما فيه إلا ما يقع ولا ينفذ هؤلاء الولاة في العالم إلا ما فيه والله على كل شي‏ء رقيب ومع هذا كله فإن الله له مع كل واحد من المملكة أمر خاص في نفسه يعلمه الولاة والحجاب والنقباء فهم لا يفقدون مشاهدة ذلك الوجه ذلك ليعلموا أن الله قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً وأنه رقيب على كل نفس بما كسبت وإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيط

[الملائكة المسخرة تحت أيدى الملائكة الولاة]

ولما جعل الله زمام هذه الأمور بأيدي هؤلاء الجماعة من الملائكة وأقعد من أقعد منهم في برجه ومسكنه الذي فيه تخت ملكه وأنزل من أنزل من الحجاب والنقباء إلى منازلهم في سماواتهم وجعل في كل سماء ملائكة مسخرة تحت أيدي هؤلاء الولاة وجعل تسخيرهم على طبقات فمنهم أهل العروج بالليل والنهار من الحق إلينا ومنا إلى الحق في كل صباح ومساء وما يقولون إلا خيرا في حقنا ومنهم المستغفرون لمن في الأرض ومنهم المستغفرون للمؤمنين لغلبة الغيرة الإلهية عليهم كما غلبت الرحمة على المستغفرين لِمَنْ في الْأَرْضِ ومنهم الموكلون بإيصال الشرائع ومنهم أيضا الموكلون باللمات ومنهم الموكلون بالإلهام وهم الموصلون العلوم إلى القلوب ومنهم الموكلون بالأرحام ومنهم الموكلون بتصوير ما يكون الله في الأرحام ومنهم الموكلون بنفخ الأرواح ومنهم الموكلون بالأرزاق ومنهم الموكلون بالأمطار ولذلك قالوا وما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وما من حادث يحدث الله في العالم إلا وقد وكل الله بإجرائه ملائكة ولكن بأمر هؤلاء الولاة من الملائكة كما منهم أيضا الصافات والزاجرات والتاليات والمقسمات والمرسلات والناشرات والنازعات والناشطات والسابقات والسابحات والملقيات والمدبرات ومع هذا فما يزالون تحت سلطان هؤلاء الولاة إلا الأرواح المهيمة فهم خصائص الله ومن دونهم فإنهم ينفذون أوامر الله في خلقه ثم إن العامة ما تشاهد إلا منازلهم والخاصة يشهدونهم في منازلهم كما أيضا تشاهد العامة أجرام الكواكب ولا تشاهد أعيان الحجاب ولا النقباء

[الرقائق والمناسبات بين عالم العناصر والولاة في الأفلاك‏]

وجعل الله في العالم العنصري خلقا من جنسهم فمنهم الرسل والخلفاء والسلاطين والملوك وولاة أمور العالم وجعل الله بين أرواح هؤلاء الذين جعلهم الله ولاة في الأرض من أهلها بينهم وبين هؤلاء الولاة في الأفلاك مناسبات ورقائق تمتد إليهم من هؤلاء الولاة بالعدل مطهرة من الشوائب مقدسة عن العيوب فتقبل أرواح هؤلاء الولاة الأرضيين منهم بحسب استعداد أنهم فمن كان استعداده قويا حسنا قبل ذلك الأمر على صورته طاهرا مطهرا فكان والي عدل وإمام فضل ومن كان استعداده رديئا قبل ذلك الأمر الظاهر ورده إلى شكله من الرداءة والقبح فكان والي جور ونائب ظلم وبخل فلا يلومن إلا نفسه فقد أبنت لك سلطنة العالم العلوي على العالم السفلي وكيف رتب الله ملكه هذا الترتيب العجيب وما ذكرنا من ذلك إلا الأمهات لا غير يقول الله تعالى وأَوْحى‏ في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وقال يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ويكفي هذا القدر من هذا الباب والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ وفي كتاب التنزلات الموصلية ذكرنا حديث هؤلاء الولاة والنواب والحجاب وما ولاهم الله عليه من التأثير في العالم العنصري‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!