Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها)

فمن ينزهه عنه يشبهه *** به فهذا الذي قد قلته فيه‏

وذلك أن الإنسان لا يخلو أن يجعل معبوده مثلا أو ضدا أو خلافا وعلى كل وجه فقد فرق بين الله وبين العالم فهذا الفرقان الذي تعطيه التقوى لا بد أن يكون فرقانا خاصا وليس سوى الفرقان الذي يكون في عين القرآن فإن القرآن يتضمن الفرقان بذاته وإنما نسب الجعل إلى هذا الفرقان لأن التقوى أنتجه فأما أن يكون جعله ظهوره لمن اتقاه مع كونه لم يزل موجود العين قبل ظهوره أو يكون جعله خلقه فيه بعد أن لم يكن وما هو إلا الظهور دون الخلق فإنه أعقبه بقوله ويُكَفِّرُ عَنْكُمْ أي يستروا لستر ضد الظهور فلا يخلو العبد في تقواه ربه أن يجعل نفسه وقاية له عن كل مذموم ينسب إليه أو يجعل ربه وقاية له عن كل شدة لا يطيق حملها إلا به وهو لا حول ولا قوة إلا بالله وهو قوله وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فيلتقي به شدائد الأمور التي هي محبوبة لله مكروهة طبعا كما تجعل نفسك وقاية له تنفي بها عنه كل مذموم شرعا محمود محبوب طبعا فينتج لك كونه وقاية لك علم كل شدة فتتجلى لك أسماؤها الإلهية كلها بتفاصيلها وأنواعها وهذا من الفرقان وينتج لك كونك وقاية له كل مذموم ومكروه فتتجلى لك أسماؤه الإلهية كلها بتفاصيلها وأنواعها وهذا من الفرقان فيحمدك الله في الحالتين‏

[إن الله اعطى العلم لمحبيه‏]

فإن الله لا يعطي العلم إلا من يحب وقد يعطي الحال من يحب ومن لا يحب فإن العلم ثابت والحال زائلة ولو لا الفرقان الذي في عين التقوى ما أنتج التقوى فرقانا فإن الشي‏ء لا ينتج إلا مثله ولا يكون إلا ذلك ولهذا كان العالم على صورة الحق فمن غلب عليه طبعه كان شبهه بأمه أقوى من شبهه بأبيه ومن غلب عليه عقله كان شبهه بأبيه أقوى من شبهه بأمه لأن العالم بين الطبيعة والحق وبين الوجود والعدم فما هو وجود خالص ولا عدم خالص فالعالم كله سحر يخيل إليك أنه حق وليس بحق ويخيل إليك أنه خلق وليس بخلق إذ ليس بخلق من كل وجه وليس بحق من كل وجه فإنا لا نشك في المسحور فيما يراه أن ثم مرئيا ولا بد كما قال يُخَيَّلُ إِلَيْهِ من سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى‏ فالسعي مرئي بلا شك وبقي الشأن فيمن هو الساعي فإن الحبال على بابها ملقاة في الأرض والعصي فيعلم قطعا إن الخلق لو تجرد عن الحق ما كان ولو كان عين الحق ما خلق ولهذا يقبل الخلق الحكمين ويقبل الحق أيضا الحكمين فقبل صفات الحدوث شرعا وقبل صفات القدم شرعا وعقلا فهو المنزه المشبه وقبل الخلق الحكمين وهما أنه جمع بين نسبة الأثر له في الحق بما أعطاه من العلم به كما ذكرناه في غير موضع وبين نسبة الأثر فيه من الحق وهو أنه أوجده ولم يكن شيئا أي لم يكن موجودا فالفرقان لم يزل في نفس الأمر ولكن ما ظهر لكل أحد في كل حال من الأحوال‏

في كل حال من الأحوال فرقان *** أتى بذلك تشريع وبرهان‏

وهذا الفرقان الذي أنتجه التقوى لا يكون إلا بتعليم الله ليس للنظر الفكري فيه طريق غيره فإن أعطاه الله الإصابة في النظر الفكري فما هو هذا العلم الخاص فإن الطريق تميز العلوم المشتبهة بالصورة المختلفة بالذوق وأُتُوا به مُتَشابِهاً فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب الثاني عشر وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها)

كلما أنضج اللهيب جلودا *** بدل الله للعذاب جلودا

أبدا ينتهي القضاء إليه *** أورث القوم في الجحيم خلودا

جعل الله منهم وعليهم *** عند ما ينقضي السؤال شهودا

فإذا أدت الشهادة فيهم *** ملكوا الفوز والنعيم الجديدا

[شهادة الأعضاء والجلود على صاحبه‏]

يقول الله تعالى إخبارا عنهم وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا الله أي بالشهادة عليكم لأنهم شهداء عدول مقبولون القول عند الله وكانوا في الدنيا غير راضين بما كانت النفس الناطقة الحيوانية تصرفهم فيه زمان حكمها وإمارتها عليهم وعلى جميع جوارحهم من سمع وبصر ولسان ويد وبطن وفرج ورجل وقلب وإنما سميت الجلود بهذا الاسم لما هي عليه من الجلادة لأنها تلتقي بذاتها جميع المكاره من جراحة وضرب وحرق وحر وبرد وفيها الإحساس وهي مجن النفس الحيوانية لتلقى هذه المشاق فما في الإنسان أشد جلادة من جلده ولهذا

غشاه الله به فنضجه سبب في عذاب النفس المكلفة والجلد متنعم في ذلك العذاب المحسوس قال بعض المحبين‏

فهل سمعتم بصب *** سليم طرف سقيم‏

منعم بعذاب *** معذب بنعيم‏

هذا الهجير هو هجير الخائفين من مكر الله يزجرون به نفوسهم الأمارة بالسوء عسى تنزجر ويأبى الخرق إلا اتساعا وسبب ذلك ما ذكر الله عن نفسه من اختيار مشيئته بين المغفرة والعذاب فهو غير قاطع بأحد الأمرين ثم إنه يرى الأسماء الإلهية تتقابل في حقه ثم يرى أسماء الفضل تترجح عددا وقوة على أسماء العدل والانتقام ويرى أن التقابل بين هذه الأسماء إنما يقع بميدان الرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فجرأهم ذلك على ما ارتكبوه من المخالفات وتعدوه من الحدود وانتهكوه من المحارم فلو قطعوا بالمؤاخذة على ما صدر منهم إن ماتوا عن غير توبة كما ذهبت إليه طائفة ما فعلوا ما لا يرضى سيدهم ثم رأوا أنهم في عذاب الحياة الدنيا لا يصبرون تحت حكمه وينفرون منه طبعا ولا يقبلونه إلا جبرا فيجعله الخائف لنفسه موعظة وذكرى فإن كان قوي الايمان غير متبحر في التأويل خائضا في بحر الظاهر لا يصرفه للمعاني الباطنة صارف انتفع بالذكرى وإن لم تقم به هذه النعوت وأمثالها وتأول تردى وأردى من اتبعه وكان من الذين اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وكان أمر من هذه صفته فرطا فينتج له هذا الذكر من الأحوال العصمة ومن الأسماء الإلهية الاسم الظاهر والأول ومن المعارف معرفة الشهود وقبول الحق صور التجلي الظاهرة ويتحقق بالتقوى كل التحقق فيعلم العلم المجهول الذي لا يصل إليه كل أحد وهو العلم بسرائر المحسوسات والحواس والإحساس والمحس وإنما جهله الأكثرون لما نقوله وذلك أن النفوس مجبولة على حب إدراك المغيبات واستخراج الكنوز وحل الرموز وفتح المغاليق والبحث عن خفيات الأمور ودقائق الحكم ولا ترفع بالظاهر رأسا فإن ذلك عندها في زعمها أبين من فلق الصبح فالنهار عندها لا يخفى على أحد فصاحب هذا الهجير يبدو له من العلم

في هذه الظواهر ما لا يخطر بخاطر أحد أن ذلك الذي أدركه صاحب الكشف لهذا العلم يحمله ظاهر ذلك الأمر ولا صورته فإذا نبه عليه صاحب هذا العلم والكشف عند ذلك يعظم قدره وتظهر حكمته وكثرة خيره ويعلم عند ذلك أنه ما كان يحسبه هَيِّناً وهُوَ عِنْدَ الله عَظِيمٌ وهذا كله من الاسم الإلهي الظاهر الذي له التقدم في الأمور والخير كله إنما هو في الأوائل إلا ترى أن الخاطر الأول هو الإلهي الصادق الذي لا يخطئ أبدا فله العصمة والمضاء وفيه يظهر القدر والقضاء وكذلك النظرة الأولى والمسموع الأول والحركة الأولى وهو الذي يعطي علوم الزجر للزاجر وهي لا تخطي أبدا بل الصحة تصحبها فالأوائل هي الظواهر السوابق وكل ما جاء بعد الخاطر الأول فهو حديث نفس يجي‏ء على أثره فللخاطر الأول التمهيد والتوطئة وهي الظواهر تعطي العقول التشوق إلى ما وراءها فالفطن المصيب النحرير لا يزول عن الأمر الظاهر الأول الذي ورد عليه حتى يستوفي جميع حقائقه وما تعطيه صورته ويقف على خفيات غيوبه فإذا حصله وقبله علما حينئذ ينتقل إلى ما يرد عليه في أثره الذي هو باطن فإن جهل الظاهر كان بالباطن أجهل فإنه الدليل عليه وإن فرط في تحصيل الأول كان في تحصيل الآخر أشد تفريطا لأن من الحرص على تحصيل العلم بالخاطر الآخر تحصيل الأول فأول الأمر خوف والرجاء يتلوه فإن تقدمه الرجاء فقد فاته الخوف فإن الماضي لا يسترجع فالتقدم للخوف وقد فاته وذهب عنه ومن له برده والرجاء في المحل قد منعه سلطانه فالمؤمن من تساوى خوفه ورجاؤه بحيث إنه لا يفضل واحد صاحبه عنده لأنه استعمل كل شي‏ء في محله وأول نش‏ء الإنسان ضعف ولضعفه يتقدمه الخوف على نفسه ثم تكون له القوة بعد هذا الضعف فيأتيه الرجاء بقوته فإنه يتقوى نظره في العلوم والتأويلات فيعظم رجاؤه في جناب الحق ولكن العاقل لا يتعدى به موطنه فإذا خطر له من قوة الرجاء ما يوجب استعمال الخوف عند العاقل العارف عزل الرجاء عن الانفراد بالحكم وأشرك معه الخوف فذلك المؤمن فلا يزال كذلك إلى أن تكمل ذاته الكمال الذي ينتهي إليه أولياء الله في الورث النبوي في هذا الزمان المحمدي الذي أغلق فيه باب نبوة التشريع ورسالته وبقي باب حكم‏

الاختصاص بالعلوم الإلهية والأسرار مفتوحا يدخل عليه أهل الله وأول داخل عليه أهل هذا الذكر جعلنا الله ممن استوى خوفه ورجاؤه في الحياة الدنيا إلى حين موته عند الاحتضار فيغلب رجاؤه على خوفه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!