Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الحل والعقد والإكرام والإهانة ونشأة الدعاء فى صورة الإخبار محمدى

من هذا الكتاب وفيه علم من تكلف العلم وليس بعالم فصادف العلم هل يقال فيه إنه عالم أم لا وفيه علم الحب لله والبغض لله هل للذي بغض لله وجه يحب فيه لله كما له من الله وجه يرزقه به على بغضه فيه وفيه علم فائدة التفصيل في المجمل وفيه علم فطرة الإنسان على العجلة في الأشياء إذا كان متمكنا منها وفيه علم الغيوب وما يعلم منها وما لا يعلم منها والأسباب المجهولة مسبباتها من حيث إنها لهذه الأسباب مع العلم بها وبأسبابها إلا من حيث إنها أسباب لها وفيه علم الله شخصيات العالم وفيه علم الوفاة والبعث في الدنيا وعلم الوفاة التي يكون البعث منها في الآخرة والانتقال إلى البرزخ في الموتتين وفيه علم مراتب الأرواح الملكية في عباداتهم وفيه علم عموم نجاة العالم المشرك وغير المشرك وهو علم غريب مخصوص عليه في القرآن ولا يشعر به وفيه علم السبب الموجب لترك الفعل من القادر عليه وفيه علم لكل اسم مسمى ولا يلزم من ذلك وجود المسمى في عينه وأي مرتبة تعم جميع المعلومات بالوجود سواء كان المعلوم محال الوجود أو لا يكون وفيه علم ما يكون من الجزاء برزخا فينتج العمل به جزاء آخر وفيه علم الردة لما ذا ترجع وما هو إلا سلوك إلى أمام كما نقول رجعت الشمس في زيادة النهار ونقصه وما عندها رجوع بل هي على طريقها فهل هو كالنسخ في الأشياء وهو انتهاء مدة الحكم وابتداء مدة حكم آخر والطريق واحدة لم يكن في السالك عليها رجوع عنها وفيه علم النفخ واختلاف أحكامه مع أحدية عينه وفيه علم المشاهدة والفرق بينها وبين علم النظر وفيه علم الاستدلال وفيه علم لكل علم رجال ولكل مقام مقال وإن كان لا ينقال فمقالة حال وفيه علم من تشبه بمن لا يقبل التشبيه به ما الذي دعاه إلى ذلك وفيه علم الإعادة أنها على صورة الابتداء وإن لم تكن كذلك فليست بإعادة وفيه علم هل يكون الشي‏ء محلا لضده أم لا وفيه علم إيضاح المبهمات وفيه علم حكم الليل والنهار ونسبة الولوج والغشيان والتكوير إليهما وكونهما جديدين وملوين وفيه علم إخراج الكثير من الواحد وكيف لا يصح ذلك إلا بالتدريج على التركيب الطبيعي الذي لا يتركب إلا بالواحد وفيه علم ما معنى الاستحالات في الأشياء وفيه علم الأحكام هل يصح كل حكم على من توجه عليه أو منها ما يصح ومنها ما لا يصح والحاكم الله فكيف يكون في الوجود حكم لا يصح على المحكوم عليه وفي هذه المسألة غموض من كون الحكم بالشريك قد ظهر في الوجود وهو حكم باطل إذا نسب إلى الله إذ هو تعالى لا شريك له في ملكه وفيه علم اتساع المقالة في الله وأنه الإمهال الإلهي لا إهمال وفيه علم ما تؤثر التسمية وما يؤثر تركها وفيه علم ما تضمنته هذه الأبيات وهي‏

الجهل موت ولكن ليس يعلمه *** إلا الذي حييت بالعلم أنفاسه‏

لا يعرف الحل في عقد ربطت به *** إلا الذي قويت بالفتل أمراسه‏

وما حللت ولكن أنت تزعمه *** ومن تخيل هذا صح إبلاسه‏

من يظلل الله لا هادي يبصره *** وهو الذي في غناه صح إفلاسه‏

وفيه علم ما يقع فيه التضعيف والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب التاسع والسبعون وثلاثمائة» في معرفة منزل الحل والعقد والإكرام والإهانة ونشأة الدعاء في صورة الإخبار وهو منزل محمدي‏

صحاف من اللجين *** ومن جوهر وعين‏

أتتنا بها كرام *** عليها ستور صون‏

فلما بدت إلينا *** أكلنا من كل لون‏

فمنها علوم ونعت *** ومنها علوم كون‏

ومنها علوم حال *** ومنها علوم عين‏

فمن قائل بوصل *** ومن قائل ببين‏

فسبحان من تعالى *** بتشبيه كل عين‏

فما كونه سواه *** وما كونه بكوني‏

[الاثني عشر منتهى البسائط من الأعداد]

اعلم أن الاثني عشر منتهى البسائط من الأعداد أصابع وعقد فالأصابع منها تسعة والعقد ثلاثة فالمجموع اثنا عشر ولكل واحد من هؤلاء الاثني عشر حكم ليس للآخر ومشهد إلهي لا يكون لسواه ولكل واحد من هذا العدد رجل من عباد الله له حكم ذلك العدد فالواحد منهم ليس من العدد ولهذا كان وتر رسول الله ص‏

إحدى عشرة ركعة لأن الواحد ليس من العدد ولو كان الواحد من العدد ما صحت الوترية جملة واحدة لا في العدد ولا في المعدود فكان وتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأة رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في تلك الركعة وأما الثاني عشر فهو الجامع للأحد عشر والرجل الذي له مقام الاثني عشر حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول فإن أول العدد من الاثنين فإذا انتهيت إلى الاثني عشر فإنما هي نهايتك إلى أحد عشر من العدد فإن الواحد الأول ليس منه ولا يصح وجود الاثني عشر إلا بالواحد الأول مع كونه ليس من العدد وله هذا الحكم فهو في الاثني عشر لا هو كما يقول أنت لا أنت وهؤلاء الاثني عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف التي اكتنزت في صور العالم فللعالم علم الصور من العالم ولهؤلاء علم ما تحوي عليه هذه الصور وهو الكنز الذي فيها فيستخرجونه بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع الله الذاتية لمستصحبة استصحاب الواحد للأعداد مثل قوله وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ أي ليس لكم وجود معين دون الواحد فبالواحد تظهر أعيان الأعداد فهو مظهرها ومغنيها فالألف نعته إذا بالألف وقعت ألفة الواحد بمراتب العدد لظهوره ف هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ وإذا ضربت الواحد في نفسه لم يظهر في الخارج بعد الضرب سوى نفسه وفي أي شي‏ء ضربت الواحد لم يتضاعف ذلك الشي‏ء ولا زاد فإن الواحد الذي ضربته في تلك الكثرة إنما ضربته في أحديتها فلهذا لم يظهر فيها زيادة فإن الواحد لا يقبل الزائد في نفسه ولا فيما يضرب فيه فلا يتضاعف فهو واحد حيث كان فتقول واحد في مائة ألف بمائة ألف وواحد في اثنين باثنين وواحد في عشرة بعشرة لا يزيد منه في العدد المضروب شي‏ء أصلا لأن مقام الواحد يتعالى أن يحل في شي‏ء أو يحل فيه شي‏ء وسواء كان من العدد الصحيح أو المكسور لا فرق فهو أعني الواحد يترك الحقائق على ما هي عليه لا تتغير عن ذاتها إذ لو تغيرت لتغير الواحد في نفسه وتغير الحق في نفسه وتغير الحقائق محال ولم يكن يثبت علم أصلا لا حقا ولا خلقا فثبت إن الحقائق لا تنقلب أصلا ولهذا يعتمد على ما يعتمد عليه وهو المسمى علما فلنذكر كل رجل من هؤلاء الأحد عشر الذين انتشوا من وتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بل هذه الصور ربما جعلت رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بوتر بإحدى عشرة ركعة في الصورة الظاهرة وهذه الصور منه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الباطن فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين فأنشأها لما كانت هذه صفته فلما ظهر صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بجسده استصحبه تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوتر بها فكانت تره فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم انتشئوا وفيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين فمن ذلك صورة الركعة الأولى انتشا منها رجل من رجال الله يدعى بعبد الكبير من حيث الصفة إلا أنه اسم له وهو نشأة روحانية معقولة إذا تجسدت كانت في صورة إنسان صفته ما يدعى به وهكذا هي كل صورة من صور هؤلاء الاثني عشر

[المفاضلة في الأسماء الإلهية]

واعلم أن المفاضلة في الأسماء الإلهية مثل أعلى وأجل في‏

قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم حين قال المشركون في رجزهم أعل هبل أعل هبل فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قولوا فقالوا يا رسول الله وما نقول قال قولوا الله أعلى وأجل‏

وهم يسلمون هذا القدر فإنهم القائلون ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى‏ فهو عندهم أعلى وأجل فلو صدقوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في أنه رسول من عند الله الذي يطلبون التقرب إليه بعبادة هؤلاء الآلهة فما سموهم آلهة إلا لكونهم جعلوهم معبودين لهم لأن الإله هو المعبود والآلهة العبادة وقد قرئ ويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ أي وعبادتك وإذا قال وآلِهَتَكَ يقول والمعبودين الذين نعبدهم فلما نسبوا الألوهية لهؤلاء الذين عبدوهم ونسبتها لي الله أتم وأعظم عندهم باعترافهم لذلك قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ببنية المفاضلة في ذلك يقول لهم أي هذا قولكم واعتقادكم ولهذا جاء في التكبير في الصلاة لفظة الله أكبر ببنية المفاضلة لا إن الحجارة أفضل ولا ما نحتوه ولا ما نسبوا إليه الألوهية من كوكب وغيره وإنما وقعت المفاضلة في المناسبة لا في الأعيان لأنه لا مفاضلة في الأعيان لأنه ليس بين العبد والسيد ولا الرب والمربوب ولا لخالق والمخلوق مفاضلة فإن تحققت ما أومأنا إليه في نش‏ء هذه الصورة علمت ما آل المشرك بعد المؤاخذة نش‏ء صورة الركعة الثانية من الوتر انتشأ منها رجل من رجال الله تعالى يقال له عبد المجيب‏

[الإجابة فرع عن السؤال‏]

واعلم أن الإجابة فرع عن السؤال فهذا عبد مؤثر بسؤاله ودعائه في سيده مؤثر فيه الإجابة لعبده‏

فإن الله قد أثبت لنفسه عز وجل على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن العبد يرضى الله فيرضى ويغضب الله فيغضب ويسخط الله فيسخط ويضحك الله فيضحك‏

وما أشبه ذلك مما ورد في الكتاب والسنة والحق تعالى يؤثر في العبد السؤال ليجيب والفعل المسخط للحق ليسخط وذلك لتعلم إن الأمر دوري كروي وأن منتهى الدائرة ترجع لنقطة ابتدائها فينعطف الآخر على الأول ليكون هو الأول والآخر فما أرضاه إلا هو ولا أسخطه إلا هو لأنه يتعالى أن يكون مؤثرا لغيره فافهم وليس لله حكم في العالم إلا ما ذكرناه أ لا تراه يقول سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ولا شغل له إلا بنا فمنا يفرغ لنا فلو زلنا لكان ولم يكن وجودا وتقديرا ولا يعقل الأمر إلا هكذا ولبطلت الإضافات ولا تبطل لأنها لنفسها هي إضافات فلا يعقل الرب لا مضافا ولذلك ما جاء في القرآن قط مطلقا من غير إضافة وإن اختلفت إضافاته فتارة يضاف إلى أسماء الضمائر وتارة يضاف إلى الأعيان وتارة يضاف إلى الأحوال وإن لم تعقل معرفتك بربك هكذا وإلا فما عرفت ربك أصلا وإنما عرفت بالتقسيم العقلي أن حكم الواجب الوجود لذاته أن يكون كذا وهل ثم واجب وجود لذاته أم لا فلا تعرفه إلا بك وما لم نعرفه إلا بك فلا بد أن يكون العلم به موقوفا على علمك بك فوجودك موقوف على وجوده والعلم بربوبيته عليك موقوف على العلم بك فله الأصل في الوجود ولك حكم لفرع في الوجود وأنت الأصل في العلم به وله حكم الفرع في العلم نش‏ء صورة الركعة الثالثة من الوتر انتشا منها رجل من رجال الله يدعى عبد الحميد

[الثناء على الله على نوعين مطلق ومقيد]

اعلم أن الثناء على الله على نوعين مطلق ومقيد فالمطلق لا يكون إلا مع العجز مثل‏

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك‏

قال قائلهم إذا نحن أثنينا عليك بصالح *** فأنت الذي نثني وفوق الذي نثني‏

ولا يمكن أن يحيط مخلوق بما يجب لله تعالى من الثناء عليه لأنه لا يمكن أن يدخل في الوجود جميع الممكنات ولكل ممكن وجه خاص إلى الله منه يوجده الله ومنه يعرفه ذلك الممكن ومنه يثنى عليه الثناء الذي لا يعرفه إلا صاحب ذلك الوجه لا يمكن أن يعلمه غيره ولا يدل عليه بلفظ ولا إشارة فهذا مطلق الثناء على الله بكل لسان مما كان ويكون ولهذا ثواب قول القائل سبحان الله عدد خلقه لا يتصور وقوعه في الوجود لكن لا يزال يوجد ثوابه حالا بعد حال على الدوام إلى ما لا يتناهى ولهذا أيضا جاء به الشرع مثلثا أن يقول العبد ذلك ثلاث مراتب ليحصل بذلك الثواب المحسوس والثواب المتخيل والثواب المعنوي فينعم حسا وخيالا وعقلا كما يذكر حسا وخيالا وعقلا كما يعبد حسا وخيالا وعقلا وكذلك ذكر العبد مداد الكلمات الإلهية وكذلك زنة عرشه إذا كان العرش العالم كله بمحدده وكذلك رضا نفسه فيما يفعله أهل الجنة وأهل النار فإنهم ما يفعلون ولا يتصرفون إلا في المراضي الإلهية لأن الموطن يعطيهم ذلك بخلاف موطن الدنيا والتكليف فإنهم يتصرفون في موطن الدنيا بما يرضي الله وبما يسخطه وإنما كان ذلك لكون النار جعلها الله دار من سخط عليه فلا بد أن يتحرك أهلها فيما يسخط الله في دار الدنيا فإذا سكنوا دار النار وعمروها لا يمكن أن يتحركوا إلا في مرضاة الله ولهذا يكون المال لأهلها إلى حكم الرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وإن كانت دار شقاء كما يقول في الرسول الذي انتهت رسالته وفرغ منها وانقلب إلى الله أنه رسول الله وإن كان في ذلك الحال ليس برسول كذلك نقول في دار الشقاء إنها دار شقاء وإن كان أهلها فيها قد زل عنهم الشقاء وأما الثناء المقيد فالحكماء يقيدونه بصفة التنزيه لا غير وإن أثنوا عليه بصفة الفعل فبحكم الكل أو الأصالة لا يحكم لشخص وما عدا الحكماء فيقيدون الثناء على الله بصفة الفعل وصفة التنزيه معا وهؤلاء هم الكمل لأنهم شاركوا الحكماء فيما علموا وزادوا عليهم بما جهله الحكماء ولم يعلموه لقصور همهم للشبهة التي قامت لهم وحكمت عليهم بأنه تعالى ما صدر عنه إلا الواحد المشار إليه فقط وبأنه تعالى لا يجوز عليه ما نعت به نفسه في كتابه إذ لم يثبت عندهم في نظرهم كتاب منزل ولا شخص مرسل على الوجه الذي هو الأمر في نفسه وعند أهل الكشف والايمان انصرف وبعض عقول النظار مثل المتكلمين وغيرهم ممن يقول بذلك من جهة النظر العقلي وقد سر في العالم كله حكم صور هذه الركعات الوترية النبوية من وقت كونه نبيا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وآدم بين الماء والطين إلى يوم القيامة نش‏ء صورة الركعة الرابعة من الوتر انتشا منها

رجل من رجال الله يدعى عبد الرحمن‏

[الرحمة الإلهية التي أوجد الله في عباده مخلوقة من الرحمة الذاتية]

اعلم أن الرحمة الإلهية التي أوجد الله في عباده ليتراحموا بها مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف وبها كَتَبَ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية والرحمة الامتنانية هي التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فرحمة الشي‏ء لنفسه تمدها الرحمة الذاتية وتنظر إليها وفيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه فإن الله قد وصف نفسه بالحب وشدة الشوق إلى لقاء أحبابه فما لقيهم إلا بحكم هذه الرحمة التي يشهدها صاحب هذه الرحمة هي الرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية ولا الامتنانية وأما رحمة الراحم بمن أساء إليه وما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي والاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان وهي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة ولا في الرحمة الذاتية وبهذا كان الله والرحمن دون غير الرحمن من الأسماء لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن وعلى الاسم الله ولكن أكثر الناس لا يشعرون وما رأيت أحدا من أهل الله نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر فما علمناه إلا من الكشف وما أدري لما ذا ترك التعبير عنه أصحابنا مع ظني بأن الله قد كشف لهم عن هذا وأما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين ومن نور مشكاتهم عرفناه لأن الله رزقنا الاتباع الإلهي والاتباع النبوي فأما الاتباع الإلهي فهو قوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فالله في هذه المعية يتبع العبد حيث كان فنحن أيضا تتبعه تعالى حيث ظهر بالحكم فنحن وقوف حتى يظهر بأمر يعطي ذلك الأمر حكما خاصا في الوجود فنتبعه فيه ولا نظهر في العامة بخلافه كسكوتنا عن التعريف به أنه هو إذا تجلى في صورة ينكر فيها مع معرفتنا به فهو المقدم بالتجلي وحكم الإنكار فنحن نتبعه بالسكوت وإن لم ننكر ولا نقر فهذا هو الاتباع الإلهي وأما الاتباع النبوي الذي رزقنا الله فهو قوله لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ثم إنه أتبعنا وتأسى بنا في صلاته إذا صلى بالجماعة فيكون فيها الضعيف والمريض وذو الحاجة فيصلي بصلاتهم فهو صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم المتبع والمتبع اسم مفعول واسم فاعل ثم أمرنا أن نصلي إذا كنا أئمة بصلاة إلا ضعف فاتبعنا الرحمن بما ذكرناه فنحن التابعون واتبعنا الرحمن بما تعطيه حقائقنا من الاحتياج والفاقة فيمشي بما نحن عليه فنحن المتبوعون فانظر ما ذا تعطي حقائق السيادة في العبيد وحقائق العبادة والعبودية في السيادة فهذا الرجل هذه صفته في العالم وبهذه الركعة الرابعة ظهرت أحكام الأسماء الأربعة الإلهية وأحكام الطبيعة في النشأة الطبيعية وأحكام العناصر في المولدات الثلاثة التي لها هذه الرحمات الثلاثة وأحكام الأخلاط في النشأة الحيوانية فلهذا الرجل المهيمنية على هذه كلها نش‏ء صورة الركعة الخامسة من الوتر انتشا رجل منها رجل من رجال الله يقال له عبد المعطي فتارة يكون عطاؤه وهبا فيكون المعطي عبد الوهاب وتارة يكون عطاؤه إنعاما فيكون عبد المنعم وتارة يكون عطاؤه كرما فيكون المعطي عبد الكريم وتارة يكون عطاؤه جودا فيكون المعطي عبد الجواد وتارة يكون عطاؤه سخاء فيكون المعطي عبد المقيت وعبد السخي وتارة يكون عطاؤه إيثارا فيكون المعطي عبد الغني وهذا العطاء أغمض الإعطاءات وأصبعها تصورا بل يمنعها الجميع إلا نحن وما رأينا أحدا أثبت هذا العطاء في الإلهيات وما يثبته إلا من علم معنى اسمه الغني تعالى وذلك أنه قد ثبت في الصحيح أن العبد يصل إلى مقام يكون الحق من حيث هويته جميع قواه في‏

قوله كنت سمعه وبصره ويده‏

وغير ذلك من أعضائه وقواه الحديث وهو سبحانه الغني لذاته الغناء الذي لا يمكن إزالته عنه فإذا قام العبد في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغناء عنه وعن كل شي‏ء لأن هويته هي أعيان قوى هذا العبد وليس ذلك في تقاسيم العطاء إلا للإيثار فقد آثر عبده بما هو لهويته قال تعالى ويُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ بل بهم خصاصة ولما كان عطاء الإيثار فضلا يرجع على المعطي كان الحق أولى بصفة الفضل فعطاء الإيثار أحق في حق الحق وأتم في حق العبد وهذا من علوم الأسرار التي لا يمكن بسط التعريف فيها إلا بالإيماء لأهلها أشجعهم للعمل عليها فإنهم في غاية من الخوف لقبولها فكيف للاتصاف بها وباقي الأسماء هينه الخطب نش‏ء صورة الركعة السادسة من الوتر انتشا منها رجل من رجال الله يقال له عبد المؤمن‏

[أن الايمان نعت إلهى‏]

اعلم أن الايمان إذا كان نعتا إلهيا فهو ما يظهر من الدلالات كلها على وجه صحة ما يدعيه المدعي أي مدع‏

كان على ما كان من غير تعيين بشرط أن يكون دليلا في نفس الأمر كما يشهد له الحس إن كان الدليل محسوسا حتى لو أعطى العلم الضروري بصدق هذه الدعوى في نفس الحاكم لكان ذلك العلم الضروري عين الدليل على صدق دعوى هذا المدعي فناصب هذه الدلالات هو المصدق لصاحب هذه الدعوى فإذا صدقه من صدقه وحصل العلم بذلك في نفس من حصل عنده كان ذلك لشخص الحاصل عنده هذا الدليل مصدقا صاحب هذه الدعوى وعاد التصديق كونيا أي في الخلق كما هو في الحق فكان صاحب الدعوى بين مصدقين محصورا من أي جهة التفت لم يجد إلا مصدقا بما جاء به في دعواه فأعطاه هذا الحال الأمان في نفسه من تكذيبه من هذين الطرفين ولو جحد الكون فإنه متيقن في نفسه صدق هذا المدعي وليس المراد إلا ذلك أعني حصول العلم بصدقه فبصورة هذه الركعة سرى التصديق في عالم الإنس والجان في بواطنهم وذلك حين وقعت منه هذه الركعة في باطن الأمر إذ كان نبيا وآدم بين الماء والطين فلم يزل تسري روحا مجردا في كل مصدق حتى ركعها صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بصورة جسمه فتجسدت وليس ذلك الروح من فعله صورة جسدية لأنها من حركات محسوسة فكان فعلها أقوى عندنا للجمع بين الصورتين كما كان تأثيره صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بظهور جسمه أقوى في بعثه منه إذ كان نبيا وآدم بين الماء والطين فإنه نسخ بصورة بعثته جميع الشرائع كلها ولم يبق لشريعة حكم سوى ما أبقى هو منها من حيث هي شرع له لا من حيث ما هي شرع فقط نش‏ء صورة الركعة السابعة من الوتر انتشا منها رجل من رجال الله يقال له عبد الرحيم اعلم أن الرحمة في عين القادر على إظهار حكمها تعود عذابا أليما على من قامت به لأنها من ذاتها تطلب التعدي إلى المرحوم وإظهار أثرها بالفعل فيه فإذا قامت بالقادر على تنفيذها في المرحوم كان لها أثر إن أثر في الراحم وهو ما زال عنه من الألم بحصول أثرها في المرحوم فالراحم مرحوم بها من حيث قدرته على تنفيذها والذي نفذت فيه مرحوم أيضا بها وبقدرة الراحم على تنفيذها فأثرها فيه من وجهين والأثر إزالة ما أدى الراحم لتعلق الرحمة بذلك المرحوم فما كل رحمة تكون نعيما إلا إذا كان الراحم قادرا على تنفيذها فللرحمة تجل في صورة العذاب في حق الراحم الذي نفيت عنه الاقتدار ولها تجل في صورة النعيم في حق الراحم والمرحوم إذا كانت في قادر على تنفيذها فقد قلبت الصورتين المتقابلتين وهذا من أعجب الأمور إن الرحمة تنتج ألما وعذابا فلو لم تقم الرحمة به لم يتصف بالألم هذا الذي لا اقتدار له ثم الذي في المسألة من العجب العجاب أن الرحمة القائمة بالموصوف

بنفوذ الاقتدار قد يكون له مانع من تنفيذها من ذاته فيقوم به ألم الكراهة وذلك حكم ذلك المانع من كونه متصفا بالاقتدار على تنفيذها وهذه المسألة من أصعب المسائل في العلم الإلهي وظهر حكم ذلك في الصحيح من الأخبار الإلهية عن نفسه تعالى عز وجل‏

حيث قال ما ترددت في شي‏ء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ولا بد له من لقائي‏

وهو الذي جعله يكره الموت ودل على أن لقاءه تعالى لا يكون إلا بالموت وهو الخروج عن الحس المطلق إلى الحس المشترك كما تراه في النوم لكون النوم ضربا من ضروب الموت فإنه وفاة وانتقال من عالم الحس إلى عالم الخيال والحس المشترك فيرى النائم ربه في نومه كما يراه الميت بعد موته غير أن رؤية الميت ولقاءه ربه لا رجعة بعد رؤيته عنه والنائم يستيقظ مرسلا إلى الأجل المسمى فإن كان اللقاء عن فناء لا عن نوم ثم رد إلى حال البقاء فحكمه حكم الميت إذا بعث يوم القيامة لا يقع له حجاب عنه فهذا الفارق بين النائم والفاني ولذلك قال عمرو بن عثمان المكي في صفة العارفين إنهم كما هم اليوم كذلك يكونون غدا إن شاء الله تعالى فلم ير أعجب من حكم الرحمة أ لا ترى الطبيب تقوم به الرحمة بصاحب الآكلة ولا يقدر على تنفيذها فيه إلا بإيلامه فعلى قدر رحمة ذلك الطبيب بصاحب هذه العلة يكون ألمه في نفسه لعدم إنفاذها فيه من غير إيلامه فلو لا رحمته به ما تألم أ لا ترى المستشفي كيف لا يجد ألما بل يجد لذة فتدبر ما ذكرته لك في العلم الإلهي ولقد رأيته في الكشف الصحيح والمشهد الصريح ورسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم معي وقد أمر تعالى بقتل الدجال لدعواه الألوهية وهو يبكي ويعتذر عنه فيما يعاقب به من أجله وأنه ما بيده في ذلك من شي‏ء فبكاؤه مثل الألم في نفس الراحم الذي ما له اقتدار على تنفيذ رحمته للمانع فما في العلم الإلهي حيرة أعظم من هذه الحيرة ولو لا عظمها ما وصف الحق نفسه بالتردد والتردد حيرة فافهم نش‏ء صورة الركعة الثامنة من الوتر انتشا منها رجل من رجال الله تعالى يقال له‏

عبد الملك‏

[المخلوق ملك على الإطلاق والحق ملك الملك‏]

اعلم أن الملك الذي أحدث هذه الحقيقة التي تسمى ملكا فإذا تسمى بها العبد واتصف الحق بالملك لم يتصف به اتصاف المخلوق فإن المخلوق ملك على الإطلاق والحق ملك الملك لا ملك على الإطلاق فإنه لا يكون ملكا للعبد حتى تظهر عند العبد عبوديته له تعالى ويظهر عنده كونه ملكا لمليكه وهو الله تعالى وإنما قلنا هذا الأجل طائفة أعطاها نظرها إلى الله إن الله لا يعلم الجزء على التعيين وإنما يعلم الكل الذي يتضمن الجزء بخلاف أهل الحق أهل الكشف والوجود ولهذا كان له اسم الملك والملك أي هذا الوصف ظهر عن شدة لكون أصحاب هذا النظر العقلي لا يثبتونه فلما لم تجتمع عليه العقول وقعت فيه المنازعة فاستخلصه الحق ملكا أي عن شدة واستخلص العبد العارف الحق ملكا له أي عن شدة لأجل المنازع فسماه ملك الملك ليفرق بينه وبين كون المخلوق ملكا لله فيتصف المخلوق بالعبودية لله في كونه ملكا له ويتصف الحق بملك الملك ولا يتصف بالعبودية له وإن كان في الحق تأثير من الخلق كما تقدم ومع هذا فلا يتصف بالعبودية لأن ذلك ليس عن ذلة لأنه تعالى الأصل في ذلك التأثير فما عاد عليه إلا ما كان منه بخلاف الخلق فإن المخلوق يعود عليه ما كان منه ويقوم به ما لم يكن منه بابتداء من الحق فاعلم ذلك نش‏ء صورة الركعة التاسعة من الوتر انتشا منها صورة رجل من رجال الله يقال له عبد الهادي اعلم أن الهداية أثر إلهي في قوله من يُضْلِلِ الله فَلا هادِيَ لَهُ وأثر كوني في قوله ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ويعود معناه إلى الأول فإن الهادي الكوني لا يكون إلا رسولا من عند الله فهو مبلغ لا هاد معناه لا موفق لكنه هاد بمعنى مبين قال تعالى في البيان الذي لهم والتبيان الذي أوجبه عليهم الله تعالى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وقال في الهداية التي هي التوفيق لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ أي ليس عليك إن توفقهم لقبول ما أرسلتك به وأمرتك بتبيانه ولكِنَّ الله يَهْدِي أي يوفق من يَشاءُ وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أي بالقابلين التوفيق فإنه على مزاج خاص أوجدهم عليه فهؤلاء الهداة هم هداة البيان لا هداة التوفيق وللهادي الذي هو الله الإبانة والتوفيق وليس للهادي الذي هو المخلوق إلا الإبانة خاصة وإنما قلنا ذلك واستشهدنا بما استشهدنا به لما تقرر عند ما لا علم له بالحقائق إن العبد إذا صدق فيما يبلغه عن الله في بيانه أثر ذلك في نفوس السامعين وليس كما زعموا فإنه لا أقرب إلى الله ومن الله ولا أصدق في التبليغ عن الله ولا أحب في القبول فيما جاء به من عند الله من الرسل صلوات الله عليهم وسلامه ومع هذا فما عم القبول من السامعين بل قال الرسول الصادق في التبليغ وما يزيدهم دُعائِي إِلَّا فِراراً فلما لم يعم مع تحققنا هذه الهمة علمنا إن الهمة ما لها أثر جملة واحدة في المدعو والذي قبل من السامعين ما قبل من أثر همة الداعي الذي هو المبلغ وإنما قبل من حيث ما وهبه الله في خلقه من مزاج يقتضي له قبول هذا وأمثاله وهذا المزاج الخاص لا يعلمه إلا الله الذي خلقهم عليه وهو قوله تعالى وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فلا نقل بعد هذا إذا حضرت مجلس مذكر داع إلى الله فلم تجد أثرا لكلامه فيك إن هذا من عدم صدق المذكر لا بل هو العيب منك من ذاتك حيث ما فطرك الله في ذلك الوقت على القبول فإن المنصف ينظر فيما جاء به هذا الداعي المذكر فإن كان حقا ولم يقبله فيعلم على القطع أن العيب من السامع لا من المذكر فإذا حضر في مجلس مذكر آخر وجاء بذلك الذكر عينه وأثر فيه فيقول السامع بجهله صدق هذا المذكر فإن كلامه أثر في قلبي والعيب منك وأنت لا تدري فلتعلم إن ذلك التأثير لم يكن لقبولك الحق فإنه حق في المذكرين في نفس الأمر وإنما وقع التأثير فيك في هذا المجلس دون ذلك لنسبة بينك وبين هذا المذكر أو بينك وبين الزمان فأثر فيك هذا الذكر والأثر لم يكن للمذكر إذ قد كان الذكر ولا أثر له فيك وإنما أثرت المناسبة التي بينتها لك الزمانية أو النسبة التي بينك وبين هذا المذكر وربما أثر لاعتقادك فيه ولم‏

يكن لك اعتقاد في ذلك الآخر فما أثر فيك سواك أو ما أشبه ذلك ولهذا قلنا في تفسير الهداية الإلهية بالتوفيق والبيان فقولنا بالتوفيق أي بموافقة النسبة بين السامع والمذكر لا بالبيان فإن البيان فرضناه واقعا في الحالتين من المذكرين ولم يقع القبول إلا في إحدى الحالين فاعلم ذلك وتحققه ترشد إن شاء الله وأقل فائدة في هذه المسألة سلامة المذكر من تهمتك إياه بعدم الصدق في تذكيره ورده وردك الحق فإن السليم العقل يؤثر فيه الحق جاء على يدي من جاء ولو جاء على لسان مشرك بالله عدو لله كاذب على الله ممقوت عند الله لكن الذي جاء هو به حق فيقبله العاقل من حيث ما هو حق لا من حيث المحل الذي ظهر به وبهذا يتميز طالب الحق من غيره نش‏ء صورة الركعة العاشرة من الوتر انتشا منها رجل من‏

رجال الله يقال له عبد ربه‏

[الربوبية موقوفة على اثنين‏]

اعلم أن الربوبية نعت إضافي لا ينفرد به أحد المتضايفين عن الآخر فهي موقوفة على اثنين ولا يلزم أن لا يكونا متباينين فقد يكونان متباينين وقد يكونان غير متباينين فما لك بلا ملك لا يكون وجودا وتقديرا ومليك بلا ملك لا يكون كذلك والرب بلا مربوب لا يصح وجودا وتقديرا وهكذا كل متضايفين فنسبة العالم إلى ما تعطيه حقائق بعض الأسماء الإلهية نسبة المتضايفين من الطرفين فالعالم يطلب تلك الأسماء الإلهية وتلك الأسماء الإلهية تطلب العالم كالاسم الرب والقادر والخالق والنافع والضار والمحيي والمميت والقاهر والمعز والمذل إلى أمثال هذه الأسماء وثم أسماء إلهية لا تطلب العالم ولكن يستروح منها نفس من أنفاس العالم من غير تفصيل كما يفصل بين هذه الأسماء التي ذكرناها آنفا فأسماء الاسترواح كالغني والعزيز ولقدوس وأمثال هذه الأسماء وما وجدنا لله أسماء تدل على ذاته خاصة من غير تعقل معنى زائد على الذات فإنه ما ثم اسم إلا على أحد أمرين إما ما يدل على فعل وهو الذي يستدعي العالم ولا بد وإما ما يدل على تنزيه وهو الذي يستروح منه صفات نقص كوني تنزه الحق عنها غير ذلك ما أعطانا الله فما ثم اسم علم ما فيه سوى العلمية لله أصلا إلا إن كان ذلك في علمه أو ما استأثر الله به في غيبه مما لم يبده لنا وسبب ذلك لأنه تعالى ما أظهر أسماءه لنا إلا للثناء بها عليه فمن المحال أن يكون فيها اسم علمي أصلا لأن الأسماء الأعلام لا يقع بها ثناء على المسمى لكنها أسماء أعلام للمعاني التي تدل عليها وتلك المعاني هي التي يثنى بها على من ظهر عندنا حكمه بها فينا وهو المسمى بمعانيها والمعاني هي المسماة بهذه الأسماء اللفظية كالعالم والقادر وباقي الأسماء فلله الأسماء الحسنى وليست إلا المعاني لا هذه الألفاظ فإن الألفاظ لا تتصف بالحسن والقبح إلا بحكم التبعية لمعانيها الدالة عليها فلا اعتبار لها من حيث ذاتها فإنها ليست بزائدة على حروف مركبة ونظم خاص يسمى اصطلاحا فافهم ذلك نش‏ء صورة الركعة الإحدى عشرة من الوتر انتشا منها صورة رجل من رجال الله يقال له عبد الفرد

[أن الفردية لا يعقلها المنصف إلا بتعقل أمر آخر]

اعلم أن الفردية لا يعقلها المنصف إلا بتعقل أمر آخر عنه انفرد هذا المسمى فردا بنعت لا يكون فيمن انفرد عنه إذ لو كان فيه ما صح له أن ينفرد به فلم يكن ينطلق عليه اسم الفرد فلا بد من ذلك الذي انفرد عنه أن يكون معقولا وليس إلا الشفع والأمر الذي انفرد به الفرد إنما هو التشبه بالأحدية وأول الأفراد الثلاثة فالواحد ليس بفرد فإن الله وصف بالكفر من قال إِنَّ الله ثالِثُ ثَلاثَةٍ فلو قال ثالث اثنين لما كان كافرا فإنه تعالى ثالث اثنين ورابع ثلاثة وخامس أربعة بالغا ما بلغ وهو قوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فمن كان في أحديته فهو تعالى ثاني واحدة ومن كان في تثنيته فهو ثالث اثنينيته ومن كان في تثليثه فهو تعالى رابع ثلاثة بالغا ما بلغ فهو مع المخلوقين حيث كانوا فالخالق لا يفارقهم لأن مستند الخلق إنما هو للاسم الخالق استنادا صحيحا لا شك فيه وإن كان هذا الاسم يستدعي عدة معان فهو يطلبها أعني الاسم الخالق بذاته لكل معنى منها أثر في المخلوق لا في الخالق فالخالق لهذه المعاني كالجامع خاصة وأثرها في المخلوق لا فيه فالحق لا ينفرد في الأربعة بالرابع وإنما ينفرد في الأربعة بالخامس لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ

شَيْ‏ءٌ ولو كان عين الرابع من الأربعة لكان مثلها وكل واحد من الأربعة عين الرابع للأربعة من غير تخصيص ولو كان هذا لكان الواحد من الأربعة يربع الحق بوجوده وليس الأمر كذلك وهكذا في كل عدد فمتى فرضت عددا فاجعل الحق الواحد الذي يكون بعد ذلك العدد اللاصق به ولا بد فإنه يتضمنه فالخامس للأربعة يتضمن الأربعة ولا تتضمنه فهو يخمسها وهي لا تخمسه فإنها أربعة لنفسها وهكذا في كل عدد وإنما كان هذا لحفظ العدد على المعدودات والحفظ لا يكون إلا لله وليس الله سوى الوحد فلا بد أن يكون الواحد أبدا له حفظ ما دونه من شفع ووتر فهو يوتر الشفع ويشفع الوتر فيقال رابع ثلاثة وخامس أربعة ولا يقال فيه خامس خمسة ولا رابع أربعة ولا عاشر عشرة فالحكماء يقولون في الفردية إنها الوتر من كل عدد من الثلاثة فصاعدا في كل وتر منها كالخامس والسابع والتاسع فبين كل فردين مقام شفعية وبين كل شفعين مقام فردية هذا عند الحكماء وعندنا ليس كذلك فإن الفردية تكون للواحد الذي يشفع الوتر وللواحد الذي يوتر الشفع الذي هو عند الحكماء فرد ولو لا ذلك ما صح أن تقول في فردية الحق إنه رابع ثلاثة وسادس خمسة وأدنى من ذلك وأكثر وهو فرد في كل نسبة فتارة ينفرد بتشفيع الوتر وتارة بإيثار الشفع وهو قوله ما يَكُونُ من نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ولا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ فما بين في فرديته بالذكر المعين إلا فردية تشفيع الوتر الذي لا يقول به‏

الحكماء في اصطلاح الفردية ثم قال في العام ولا أَدْنى‏ من ذلِكَ ولا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ سواء كان عددهم وترا أو شفعا فإن الله لا يكون واحدا من شفعيتهم ولا واحدا من وتريتهم بل هو الرقيب عليهم الحفيظ الذي هو من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ فمتى انتقل الخلق إلى المرتبة التي كانت للحق انتقل الحق إلى المرتبة التي تليها لا يمكن له الوقوف في تلك المرتبة التي كان فيها عند انتقال الخلق إليها فانظر في هذا السر الإلهي ما أدقه وما أعظمه في التنزيه الذي لا يصح للخلق مع الحق فيه مشاركة فالخلق أبدا يطلب أن يلحق بالحق ولا يقدر على ذلك لانتقال الحق عن تلك المرتبة ولهذا كان العدد لا يتناهى فإنه لو تناهي للحق الخلق الحق ولا يكون ذلك أبدا فالخلق خلق لنفسه والحق حق لنفسه ومثال ذلك أن يكون جماعة من ثلاثة في نجوى بينهم قد جمعهم مجلس فالله بلا شك رابع تلك الجماعة فإن رابعهم إنسان آخر فجاء وجلس إليهم انتقل الحق من المرتبة الرابعة بمجرد مجي‏ء ذلك الرجل أو الشخص الذي ربعهم إلى المرتبة الخامسة فإن أطالوا الجلوس بحيث أن جاء من خمس القوم انتقل الحق إلى المرتبة السادسة فيكون سادس خمس وهو سادس الجماعة أعني هذه الجماعة بعد ما كان خامس الجماعة التي خمسها ذلك الواحد فاعلم فقد نبهتك على علم عظيم تشكرني عليه عند الله فإني أرجو من الله أن ينفعني بمن علم مني ما ذكرته في كلامي هذا من العلم بالله الذي لا تجده فيما تقدم من كتب المؤلفين في هذا الفن وهذا كله نقطة من كلمة من القرآن العزيز فما عندنا من الله إلا الفهم فيه من الله وهو الوحي الإلهي الذي أبقاه الحق علينا فهذا الذي ذكرناه كان وتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من صلاة الليل وأما تمام الاثنتي عشرة فذلك المسمى المهيمن الخارج عن نش‏ء صورة الوتر القوي وهو الواحد الأول وليس إلا الله فهو المنشئ سبحانه وتعالى في كبريائه الواحد الأحد الذي لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

«وصل»

والرجل الذي كمل به الاثني عشر كما كمل الشهور برمضان ما كملها إلا باسم من أسمائه وهو رمضان عز وجل فبه كمل كل شي‏ء فكمال الأربعة بالخامس إذا كان الله خامس أربعة فإنه الذي يحفظ عليها أربعتها فإذا جاء من جنسها من يخمسها ذهبت الأربعة وكان الله سادس الخمسة يحفظ عليها خمستها لأنه الحفيظ فانظر ما أعجب هذا الأمر ومن هنا صح الفرار الموجود والانتقال من حال إلى حال فإن الله ينتقل في مراتب الأعداد لما ذكرناه واسم هذا الرجل الذي كمل الله به الاثني عشر عبد الله وإنما سمي عبد الله لأن الله يتجلى له بحقيقة كل اسم من أسمائه وهو قوله ولِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها فإذا دعوته باسم منها تجلى مجيبا لك في عين ذلك الاسم كصوم شهر رمضان فإن صومه واجب في الاثني عشر شهرا فكل صوم في شهر من الشهور الأحد عشر إنما هو تشبيه بصوم يوم من أيام شهر رمضان لأنه نافلة والواجب ليس إلا رمضان بالوجوب الإلهي الابتدائي وإنما قلنا الابتدائي من أجل النذر بالصوم الذي أوجبه الله عليك بإيجابك إياه على نفسك عقوبة لك وليثبك به إذا أديته ثواب الواجب لكن الفرق بينه وبين الواجب المبتدأ أن الواجب المبتدأ تقضيه إذا مضى زمان إيجابه وو الواجب الكوني لو نسيته لكن أو مرضت فلم تقدر على أدائه ومضى زمانه لم تقضه فهذا هو الفرق بين الواجب الإلهي والواجب الكوني فمن عرف ما ذكرناه من أمر هذه الاثني عشر فقد حصل على كنوز إلهية كما قيل في الفاتحة إن الله أعطاها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم خاصة دون غيره من الرسل من كنز من كنوز العرش لم توجد في كتاب منزل من عند الله ولا صحيفة إلا في القرآن خاصة وبهذا سمي قرآنا لأنه جمع بين ما نزل في الكتب والصحف وما لم ينزل ففيه كل ما في الكتب كلها المنزلة وفيه ما لم ينزل في كتاب ولا صحيفة وفي هذا المنزل من العلوم علم الحل والعقد وفيه علم الحلال والحرام وفيه علم ما يجمع الكافر والمؤمن ويؤلف بينهما وفيه علم إلحاق البهائم بالإنسان في حكم ما من أحكام الشرائع وفيه علم متعلق الكمال ببعض الأشخاص وما فيه علم التقديس وأسبابه وأنواعه وفيه علم الآلاء والمنن الإلهية وفيه علم المواثيق والعهود وفيه علم نش‏ء صور العبادات البدنية وفيه علم التعظيم الكوني وفيه علم المداينات الإلهية وفيه علم الايمان وفيه علم الإبدال وفيه علم النداء الإلهي وفيه علم التعريف وفيه علم إقامة البراهين على الدعاوي وفيه علم أصحاب الفترات ما حكمهم عند الله وفيه علم ما يخص الملك والسوقة وفيه علم النيابة في النداء وفيه علم الرد والقبول وفيه علم التفويض والتسليم في النفوس وفيه علم الستر ورد الأشياء إلى أصولها وفيه علم إقامة الواحد مقام الجميع في أي موطن يكون‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!