Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة العيسويين وأقطابهم وأصولهم

ورأى موسى في السماء السادسة وقد رآه وهو يصلي في قبره فمن أحوال هذا الشخص بعد موته مثل هذه الأشياء لا فرق في حقه بين حياته وموته فإنه كان في زمان حياته في الدنيا في صورة الميت حاله الموت فجعله الله في حال موته كمن حاله الحياة جزاء وفاقا ومن صفات صاحب هذا المقام في موته إذا نظر الناظر إلى وجهه وهو ميت يقول فيه حي وإذا نظر إلى مجس عروقه يقول فيه ميت فيحار الناظر فيه فإن الله جمع له بين الحياة والموت في حال حياته وموته وقد رأيت ذلك لوالدي رحمه الله يكاد إنا ما دفناه إلا على شك مما كان عليه في وجهه من صورة الأحياء ومما كان من سكون عروقه وانقطاع نفسه من صورة الأموات وكان قبل أن يموت بخمسة عشر يوما أخبرني بموته وأنه يموت يوم الأربعاء وكذلك كان فلما كان يوم موته وكان مريضا شديد المرض استوى قاعدا غير مستند وقال لي يا ولدي اليوم يكون الرحيل واللقاء فقلت له كتب الله سلامتك في سفرك هذا وبارك لك في لقائك ففرح بذلك وقال لي جزاك الله يا ولدي عني خيرا كل ما كنت أسمعه منك تقوله ولا أعرفه وربما كنت أنكر بعضه هو ذا أنا أشهده ثم ظهرت على جبينه لمعة بيضاء تخالف لون جسده من غير سوء له نور يتلألأ قشعر بها الوالد ثم إن تلك اللمعة انتشرت على وجهه إلى أن عمت بدنه فقبلته ووادعته وخرجت من عنده وقلت له أنا أسير إلى المسجد الجامع إلى أن يأتيني نعيك فقال لي رح ولا تترك أحدا يدخل علي وجمع أهله وبناته فلما جاء الظهر جاءني نعيه فجئت إليه فوجدته على حالة يشك الناظر فيه بين الحياة والموت وعلى تلك الحالة دفناه وكان له مشهد عظيم فسبحان من يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ فصاحب هذا المقام حياته وموته سواء وكل ما قدمناه في هذا الباب من العلم هو علم صاحب هذا المقام فإنه من علم الأنفاس ولهذا ذكرنا ما ذكرنا من ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب السادس والثلاثون في معرفة العيسويين وأقطابهم وأصولهم)

كل من أحيا حقيقته *** وشفى من علة الحجب‏

فهو عيسى لا يناط به *** عندنا شي‏ء من الريب‏

فلقد أعطت سجيته *** رتبة تسمو على الرتب‏

بنعوت القدس تعرفه *** في صريح الوحي والكتب‏

لم ينلها غير وارثه *** صفة في سالف الحقب‏

فسرت في الكون همته *** في أعاجم وفي عرب‏

فبها تحيا نفوسهمو *** وبها إزالة النوب‏

[الشريعة المحمدية وعالمية وارثيها]

اعلم أيدك الله أنه لما كان شرع محمد صلى الله عليه وسلم تضمن جميع الشرائع المتقدمة وأنه ما بقي لها حكم في هذه الدنيا إلا ما قررته الشريعة المحمدية فبتقريرها ثبتت فتعبدنا بها نفوسنا من حيث إن محمدا صلى الله عليه وسلم قررها لا من حيث إن النبي المخصوص بها في وقته قررها فلهذا أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فإذا عمل المحمدي وجميع العالم المكلف اليوم من الإنس والجن محمدي ليس في العالم اليوم شرع إلهي سوى هذا الشرع المحمدي فلا يخلو هذا العامل من هذه الأمة إن يصادف في عمله فيما يفتح له منه في قلبه وطريقه ويتحقق به طريقة من طرق نبي من الأنبياء المتقدمين مما تتضمنه هذه الشريعة وقررت طريقته وصحبتها نتيجته فإذا فتح له في ذلك فإنه ينتسب إلى صاحب تلك الشريعة فيقال فيه عيسوي أو موسوي أو إبراهيمي وذلك لتحقيق ما تميز له من المعارف وظهر له من المقام من جملة ما هو تحت حيطة شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فيتميز بتلك النسبة أو بذلك النسب من غيره ليعرف أنه ما ورث من محمد صلى الله عليه وسلم إلا ما لو كان موسى أو غيره من الأنبياء حيا واتبعه ما ورث إلا ذلك منه ولما تقدمت شرائعهم قبل هذه الشريعة جعلنا هذا العارف وارثا إذ كان الورث للآخر من الأول فلو لم يكن لذلك الأول شرع مقرر قبل تقرير محمد صلى الله عليه وسلم لساوينا الأنبياء والرسل إذ جمعنا زمان شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما يساوينا اليوم الياس والخضر وعيسى إذا نزل فإن الوقت يحكم عليه إذ لا نبوة تشريع بعد محمد صلى الله عليه وسلم‏

[الوارث المحمدي‏]

ولا يقال في أحد من أهل هذه الطريقة أنه محمدي إلا لشخصين إما شخص اختص بميراث علم من حكم لم يكن في شرع قبله فيقال فيه محمدي وإما شخص جمع المقامات ثم خرج عنها إلى لا مقام كأبي يزيد وأمثاله فهذا أيضا يقال فيه محمدي وما عدا هذين الشخصين فينسب إلى نبي من الأنبياء ولهذا

ورد في الخبر أن العلماء ورثة الأنبياء

ولم يقل ورثة نبي خاص والمخاطب بهذا علماء هذه الأمة وقد ورد أيضا بهذا اللفظ قوله صلى الله عليه وسلم علماء هذه الأمة أنبياء سائر الأمم وفي رواية كأنبياء بنى إسرائيل‏

[العيسويون الأوائل والثواني‏]

فالعيسويون الأول هم الحواريون أتباع عيسى فمن أدرك منهم إلى الآن شرع محمد صلى الله عليه وسلم وآمن به واتبعه واتفق أن يكون قد حصل له من هذه الشريعة ما كان قبل هذا شرعا لعيسى عليه السلام فيرث من عيسى عليه السلام ما ورثه من غير حجاب ثم يرث من عيسى عليه السلام في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ميراث تابع من تابع لا من متبوع وبينهما في الذوق فرقان ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الشخص أن له الأجر مرتين كذلك له ميراثان وفتحان وذوقان مختلفان ولا ينسب فيهما إلا إلى ذلك النبي عليه السلام فهؤلاء هم العيسويون الثواني وأصولهم توحيد التجريد من طريق المثال لأن وجود عيسى عليه السلام لم يكن عن ذكر بشري وإنما كان عن تمثل روح في صورة بشر ولهذا غلب على أمة عيسى بن مريم دون سائر الأمم القول بالصورة فيصورون في كنائسهم مثلا ويتعبدون في أنفسهم بالتوجه إليها فإن أصل نبيهم عليه السلام كان عن تمثل فسرت تلك الحقيقة في أمته إلى الآن ولما جاء شرع محمد صلى الله عليه وسلم ونهى عن الصور وهو صلى الله عليه وسلم قد حوى على حقيقة عيسى وانطوى شرعه في شرعه فشرع لنا صلى الله عليه وسلم أن نعبد الله كأنا نراه فأدخله لنا في الخيال وهذا هو معنى التصوير إلا أنه نهى عنه في الحس أن يظهر في هذه الأمة بصورة حسية

[عبادة الله على الرؤية]

ثم إن هذا الشرع الخاص الذي هواعبد الله كأنك تراه ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم‏

لنا بلا واسطة بل قاله لجبريل عليه السلام وهو الذي تمثل لمريم بَشَراً سَوِيًّا عند إيجاد عيسى عليه السلام فكان كما قيل في المثل السائر إياك أعني فاسمعي يا جارة فكنا نحن المرادين بذلك القول ولهذا

جاء في آخر الحديث هذا جبريل أراد أن تعلموا إذا لم تسألوا

وفي رواية جاء ليعلم الناس دينهم وفي رواية أتاكم يعلمكم دينكم‏

فما خرجت الروايات عن كوننا المقصودين بالتعليم ثم لتعلم إن الذي لنا من غير شرع عيسى ع‏

قوله فإن لم تكن تراه فإنه يراك‏

فهذا من أصولهم وكان شيخنا أبو العباس العربي رحمه الله عيسويا في نهايته وهي كانت بدايتنا أعني نهاية شيخنا في هذا الطريق كانت عيسوية ثم نقلنا إلى الفتح الموسوي الشمسي ثم بعد ذلك نقلنا إلى هود عليه السلام ثم بعد ذلك نقلنا إلى جميع النبيين عليهم السلام ثم بعد ذلك نقلنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم هكذا كان أمرنا في هذا الطريق ثبته الله علينا ولا حاد بنا عن سواء السبيل فأعطانا الله من أجل هذه النشأة التي أنشأنا الله عليها في هذا الطريق وجه الحق في كل شي‏ء فليس في العالم عندنا في نظرنا شي‏ء موجود إلا ولنا فيه شهود عين حق نعظمه منه فلا نرمي بشي‏ء من العالم الوجودي‏

[أصحاب عيسى ويونس في زمان ابن عربي‏]

وفي زماننا اليوم جماعة من أصحاب عيسى عليه السلام ويونس عليه السلام يحبون وهم منقطعون عن الناس فأما القوم الذين هم من قوم يونس فرأيت أثر قدم واحد منهم بالساحل كان صاحبه قد سبقني بقليل فشبرت قدمه في الأرض فوجدت طول قدمه ثلاثة أشبار ونصفا وربعا بشبري وأخبرني صاحبي أبو عبد الله بن خرز الطنجي أنه اجتمع به في حكاية وجاءني بكلام من عنده مما يتفق في الأندلس في سنة خمس وثمانين وخمسمائة وهي السنة التي كنا فيها وما يتفق في سنة ست وثمانين مع الإفرنج فكان كما قال ما غادر حرفا

[زريب بن برثملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم‏]

وأما الذي في الزمان من أصحاب عيسى فهو ما رويناه من حديث عربشاه بن محمد بن أبي المعالي العلوي النوقي الخبوشاني كتابة قال حدثنا محمد بن الحسن بن سهل العباسي الطوسي أنا أبو المحاسن علي بن أبي الفضل الفارمدي إنا أحمد بن الحسين بن علي قال حدثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك ببغداد إملاء ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية أن وجه نضلة بن معاوية الأنصاري إلى حلوان العراق فليغز على ضواحيها قال فوجه سعد نضلة في ثلاثمائة فارس فخرجوا حتى أتوا حلوان العراق وأغاروا على ضواحيها وأصابوا غنيمة وسبيا فأقبلوا يسوقون الغنيمة والسبي حتى رهقت بهم‏

العصر وكادت الشمس أن تغرب فالجأ نضلة السبي والغنيمة إلى سفح الجبل ثم قام فاذن فقال الله أكبر الله أكبر قال ومجيب من الجبل يجيبه كبرت كبيرا يا نضلة ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال كلمة الإخلاص يا نضلة وقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال هو الدين وهو الذي بشرنا به عيسى بن مريم عليهما السلام وعلى رأس أمته تقوم الساعة ثم قال حي على الصلاة قال طوبى لمن مشى إليها وواظب عليها ثم قال حي على الفلاح قال قد أفلح من أجاب محمدا صلى الله عليه وسلم وهو البقاء لأمته قال الله أكبر الله أكبر قال كبرت كبيرا قال لا إله إلا الله قال أخلصت الإخلاص يا نضلة فحرم الله جسدك على النار قال فلما فرغ من أذانه قمنا فقلنا من أنت يرحمك الله أملك أنت أم ساكن من الجن أم من عباد الله أسمعتنا صوتك فارنا شخصك فإنا وفد الله ووفد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد عمر بن الخطاب قال فانفلق الجبل عن هامة كالرحى أبيض الرأس واللحية عليه طمران من صوف فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقلنا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من أنت يرحمك الله قال أنا زريب بن برثملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم عليهما السلام أسكنني هذا الجبل ودعا لي بطول البقاء إلى نزوله من السماء فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويتبرأ مما نحلته النصارى ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قلنا قبض فبكى بكاء طويلا حتى خضب لحيته بالدموع ثم قال فمن قام فيكم بعده قلنا أبو بكر قال ما فعل قلنا قبض قال فمن قام فيكم بعده قلنا عمر قال إذا فاتني لقاء محمد صلى الله عليه وسلم فأقرءوا عمر مني السلام وقولوا يا عمر سدد وقارب فقد دنا الأمر وأخبروه بهذه الخصال التي أخبركم بها يا عمر إذا ظهرت هذه الخصال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالهرب الهرب إذا استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وانتسبوا في غير مناسبهم وانتموا إلى غير مواليهم ولم يرحم كبيرهم صغيرهم ولم يوقر صغيرهم كبيرهم وترك الأمر بالمعروف فلم يؤمر به وترك النهي عن المنكر فلم ينه عنه وتعلم عالمهم العلم ليجلب به الدنانير والدراهم وكان المطر قيظا والولد غيظا وطولوا المنابر وفضضوا المصاحف وزخرفوا المساجد وأظهروا الرشي وشيدوا البناء واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا واستخفوا الدماء وتقطعت الأرحام وبيع الحكم وأكل الربا وصار التسلط فخرا والغني عزا وخرج الرجل من بيته فقام إليه من هو خير منه وركبت النساء السروج قال ثم غاب عنا فكتب بذلك نضلة إلى سعد وكتب سعد إلى عمر فكتب عمر ائت أنت ومن معك من المهاجرين والأنصار حتى تنزل هذا الجبل فإذا لقيته فأقرئه مني السلام‏

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بعض أوصياء عيسى بن مريم عليه السلام نزل بذلك الجبل بناحية العراق‏

فنزل سعد في أربعة آلاف من المهاجرين والأنصار حتى نزل الجبل أربعين يوما ينادي بالأذان في وقت كل صلاة فلم يجده لم يتابع الراسبي على قوله عن مالك ابن أنس والمعروف في هذا الحديث مالك بن الأزهر عن نافع وابن الأزهر مجهول قال أبو عبد الله الحاكم لم يسمع بذكر ابن الأزهر في غير هذا الحديث والسؤال عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر هو من حديث ابن لهيعة عن ابن الأزهر قلنا هذا الحديث وإن تكلم في طريقه فهو صحيح عند أمثالنا كشفا وقوله في زخرفة المساجد وتفضيض المصاحف ليسا على طريق الذم وإنما هما دلالة على اقتراب الساعة وفساد الزمان كدلالة نزول عيسى عليه السلام وخروج المهدي وطلوع الشمس من مغربها معلوم كل ذلك إنه ليس على طريق الذم وإنما الدلالات على الشي‏ء قد تكون مذمومة ومحمودة

[أوصياء الأنباء السابقين في زمان الشريعة المحمدية]

هذا الوصي العيسوى بن برثملا لم يزل في ذلك الجبل يتعبد لا يعاشر أحدا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أ ترى ذلك الراهب بقي على أحكام النصارى لا والله فإن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة يقول صلى الله عليه وسلم لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني وهذا عيسى إذا نزل ما يؤمنا إلا منا أي بسنتنا ولا يحكم فينا إلا بشرعنا فهذا الراهب ممن هو عَلى‏ بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ علمه ربه من عنده ما افترضه عليه من شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الطريق التي اعتادها من الله وهذا عندنا ذوق محقق فإنا أخذنا كثيرا من أحكام محمد صلى الله عليه وسلم المقررة في شرعه عند علماء الرسوم وما كان عندنا منها علم فأخذناها من هذا الطريق ووجدناها عند علماء الرسوم كما هي عندنا ومن تلك الطريق نصحح الأحاديث النبوية ونردها أيضا إذا أعلمنا أنها واهية الطرق غير صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قرر الشارع حكم المجتهد وإن أخطأ ولكن أهل هذه الطريقة ما يأخذون إلا بما حكم به رسول‏

الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوصي من الأفراد وطريقه في مآخذ العلوم طريق الخضر صاحب موسى عليه السلام فهو على شرعنا وإن اختلف الطريق الموصل إلى العلم الصحيح فإن ذلك لا يقدح في العلم‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أعطى الولاية من غير مسألة إن الله يعينه عليها وإن الله يبعث إليه ملكا يسدده‏

يريد عصمته من الغلط فيما يحكم به قال الخضر وما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي وقال عليه السلام إن يكن في أمتي محدثون فمنهم عمر

ثم إنه‏

قد ثبت عندنا إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الرهبان الذين اعتزلوا الخلق وانفردوا بربهم فقال ذروهم وما انقطعوا إليه‏

فأتى بلفظ مجمل ولم يأمرنا بأن ندعوهم لعلمه صلى الله عليه وسلم أنهم على بينة من ربهم وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتبليغ وأمرنا أن يبلغ الشاهد الغائب فلو لا ما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يتولى تعليمهم مثل ما تولى تعليم الخضر وغيره ما كان كلامه هذا ولا قرره على شرع منسوخ عنده في هذه الملة وهو الصادق في دعواه صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى الناس كافة كما ذكر الله تعالى فيه فعمت رسالته جميع الخلق وروح هذا التعريف أنه كل من أدركه زمانه وبلغت إليه دعوته لم يتعبده الله إلا بشرعه فإنا نعلم قطعا أنه صلى الله عليه وسلم ما شافه جميع الناس بالخطاب في زمانه فما هو إلا الوجه الذي ذكرنا وهذا الراهب من العيسويين الذين ورثوا عيسى عليه السلام إلى زمان بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم تعبد الله هذا الراهب بشرعه صلى الله عليه وسلم وعلمه من لدنه علما بالرحمة التي آتاه من عنده كان ورثه أيضا حالة عيسوية من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يزل عيسويا في الشريعتين أ لا ترى هذا الراهب قد أخبر بنزول عيسى عليه السلام وأخبر أنه إذا نزل يقتل الخنزير ويكسر الصليب أ تراه بقي على تحليل لحم الخنزير فلم يزل هذا الراهب عيسويا في الشريعتين فله الأجر مرتين أجر اتباعه نبيه وأجر اتباعه محمدا صلى الله عليه وسلم وهو في انتظار عيسى إلى أن ينزل وهؤلاء الصحابة قد رأوه مع نضلة وما سألوه عن حاله في الإسلام والايمان ولا بما يتعبد نفسه من الشرائع لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بسؤال مثله فعلمنا قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على الشرك وعلم إن لله عبادا يتولى الحق تعليمهم من لدنه علم ما أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم رحمة منه وفضلا وكان فضل الله عظيما ولو كان ممن يؤدي الجزية لقلنا إن الشرع المحمدي قد قرر له دينه ما دام يعطي الجزية وهذه مسألة دقيقة في عموم رسالته وأنه بظهوره لم يبق شرع إلا ما شرعه ومما شرع تقريرهم على شرعهم ما داموا يعطون الجزية إذا كانوا من أهل الكتاب وكم لله تعالى من هؤلاء العباد في الأرض‏

[أصول العيسويين وروحانيتهم‏]

فأصل العيسويين كما قررناه تجريد التوحيد من الصور الظاهرة في الأمة العيسوية والمثل التي لهم في الكنائس من أجل أنهم على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الروحانية الحالية التي هم عليها عيسوية في النصارى وموسوية في اليهود من مشكاة محمد صلى الله عليه وسلم من‏

قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه والله في قبلة المصلي وإن العبد إذا صلى استقبل ربه‏

ومن كل ما ورد في الله من أمثال هذه النسب وليس للعيسوي من هذه الأمة من الكرامات المشي في الهواء ولكن لهم المشي على الماء والمحمدي يمشي في الهواء بحكم التبعية فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به وكان محمولا

قال في عيسى عليه السلام لو ازداد يقينا لمشى في الهواء

ولا شك أن عيسى عليه السلام أقوى في اليقين منا بما لا يتقارب فإنه من أولي العزم من الرسل ونحن نمشي في الهواء بلا شك وقد رأينا خلقا كثيرا ممن يمشي في الهواء في حال مشيهم في الهواء فعلمنا قطعا إن مشينا في الهواء إنما هو بحكم صدق التبعية لا بزيادة اليقين على يقين عيسى عليه السلام قد علم كل منا مشربه فمشينا بحكم التبعية لمحمد صلى الله عليه وسلم من الوجه الخاص الذي له هذا المقام لا من قوة اليقين كما قلنا الذي كنا نفضل به عيسى عليه السلام حاشى لله أن نقول بهذا كما إن أمة عيسى يمشون على الماء بحكم التبعية لا بمساواة يقينهم يقين عيسى عليه السلام فنحن مع الرسل في خرق العوائد الذين اختصوا بها من الله وظهر أمثالها علينا بحكم التبعية كما مثلناه في كتاب اليقين لنا أن لمماليك الخواص الذين يمسكون نعال أستاذيهم من الأمراء إذا دخلوا على السلطان وبقي بعض الأمراء خارج الباب حين لم يؤذن لهم في الدخول أ ترى المماليك الداخلين مع أستاذيهم أرفع منصبا من الأمراء الذي ما أذن لهم فهل دخلوا إلا بحكم التبعية لأستاذيهم بل كل شخص على رتبته فالأمراء متميزون على الأمراء والمماليك متميزون على المماليك‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!