Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل العندية الإلهية والصف الأول عند اللّه تعالى

نفس تلك الصورة التي أدركها البصر وفي وقت آخر يعطيه الكشف بما تكلم به ذلك الشخص فيه قلبه وهو الكلام على الخاطر عن علم معين له وكشف لا عن زجر ولا حدس ولا موافقة وفيه علم ما يبقى الرفق الإلهي بالعالم وفيه علم حكمة وجود العالم وفيه علم أسباب النزول وفيه علم الوهب والكسب وفيه علم ما هو الأمر الذي يقوم فيه العبد مقام سيده وفيه علم رعاية الأسباب التي أعطت الخير لصاحب النظر فيها وفيه علم الإبدال أي علم الصور التي يدركها البدل على صورته حيث شاء على علم منه وإن منزلته منزلة عيسى عليه السلام في قوله والسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ ويَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا وعلم الصور التي يقيمها الحق بد لا من صورة هذا الذي يقام عنه حيث شاء الحق على غير علم من هذا الذي يقام عنه ومنزلته فيها منزلة يحيى عليه السلام في قول الله وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا وأي المقامين أتم وأعلى وكون يحيى لم يجعل لَهُ من قَبْلُ سَمِيًّا واختصاصه بذبح الموت يوم القيامة وفيه علم ما السبب الذي يدعو الإنسان أن يطلب الانفراد بالأتم والأعلى والتفوق على غيره وفيه علم رفع المقادير هل ترفع في نفس الأمر أو لا يصح رفعها وإنما ترفع في حق من ترفع في حقه وهي مقدرة عند الله من حيث لا يشعر العالم بذلك وفيه علم إن كل شي‏ء يعلمه الإنسان إنما هو تذكر لا ابتداء علم وأن كل علم عنده لكنه نسيه وفيه علم صورة تسليط الجن على الإنس والإنس على الجن وهل تسليط الجن على الإنس ظاهر أو باطنا أو هو في حق قوم ظاهرا خاصة والباطن معصوم أو كيف هو الأمر وكذلك القول في تسليط الإنس على الجن إلا إن الإنس ليس لهم تسليط إلا على ظاهر الجن الأمن تروحن من الأنس وتلطف معناه بحيث يظهر في ألطف من صور الجن فيسري بذاته في باطن الجن سريان الجن في باطن الإنس فيجهله الجني ويتخيل أن ذلك من حكم نفسه عليه وهو حكم هذا الإنسي المتروحن وما رأيت أحدا نبه على هذا النوع من العلم وأطلعني الله تعالى عليه فما أدري هل علمه من تقدم من جنسي وما ذكره أم لا وفيه علم الدواء الذي يزيل به الإنسان ما أثر فيه الجن في تسلطه عليه وفيه علم ما ينكشف له بعد ذهاب هذا الأثر منه وفيه علم صدور الكثرة عن الواحد وهل صدر عن الواحد أحدية الكثرة أو الكثرة وفيه علم الصادر عن المصدر أنه يؤذن أن يكون له حكم المصدر فإن ثبت هذا فيكون مال العالم المكلف إلى الراحة فإن الحق ما صدر عنه العالم من يوم الأحد إلى يوم الجمعة ودخل يوم الأبد وهو يوم السبت والسبت الراحة وهو السابع من الأيام الذي لا انقضاء له وما مس الخالق من لغوب في خلقه ما خلق ولكن كان يوم السبت يوم الفراغ من طبقات العالم وبقي الخلق من الله فيما يحتاج إليه هذا العالم من الأحوال التي لا ينتهي أبدها ولا ينقضي أمدها وفيه علم نش‏ء الملائكة وفيه علم نش‏ء الإنسان ومرتبته وما له من الحضرة الإلهية وتفاضل أشخاص هذا النوع بما ذا يكون التفاضل هل بالنش‏ء أو بما يقبله من الأعراض وفيه من العلوم غير هذا ولكن قصدنا إلى المهم فالمهم من ذلك لننبه القلوب عليه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

(الباب السابع والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل العندية الإلهية والصف الأول عند الله تعالى)

كم بين من يعلم ما كان له *** وبين من زاد على علمه‏

هذا الذي في علمه يرتقي *** وذاك ما يبرح من حكمه‏

فالحال للأول من كيفه *** والعلم للآخر من كمه‏

كمه لا ينتهي حكمه *** فعلمه يربي على فهمه‏

لو لا وجود الحرف ما كان لي *** فهم وقد يدرك من وهمه‏

فالعلم والفهم لعيني معا *** وليس للحق سوى علمه‏

[إن الله جعل عنديته ظرفا لخزائن الأشياء]

وقال تعالى وما عِنْدَ الله باقٍ وقال آتَيْناهُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً وقال وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كما تصف الملائكة عند ربها

وقال تعالى إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وقال تعالى وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ فاختلفت إضافات هذه العندية باختلاف ما أضيفت إليه من اسم وضمير وكناية وهي ظرف ثالث وما رأيت من أهل الله من تنبه له حتى يعرف ما هو فإنه ليس بظرف زمان ولا ظرف مكان مخلص بل ما هو ظرف مكانة جملة واحدة على‏

الإطلاق وكذلك هو في قوله تعالى ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ فجعل لنا عندية وما هي ظرف مكان في حقنا فعجبت من العلماء كيف غفلوا عن تحقيق هذه العندية التي اتصف بها الحق والإنسان ثم إن الله جعل عنديته ظرفا لخزائن الأشياء ومعلوم أنه يخلق الأشياء ويخرجها من العدم إلى الوجود وهذه الإضافة تقضي بأنه يخرجها من الخزائن التي عنده فهو يخرجها من وجود لم تدركه إلى وجود ندركه فما خلصت الأشياء إلى العدم الصرف بل ظاهر الأمر إن عدمها من العدم الإضافي فإن الأشياء في حال عدمها مشهودة له يميزها بأعيانها مفصلة بعضها عن بعض ما عنده فيها إجمال فخزائنها أعني خزائن الأشياء التي هي أوعيتها المخزونة فيها إنما هي إمكانات الأشياء ليس غير ذلك لأن الأشياء لا وجود لها في أعيانها بل لها الثبوت والذي استفادته من الحق الوجود العيني فتفصلت للناظرين ولا نفسها بوجود أعيانها ولم تزل مفصلة عند الله تفصيلا ثبوتيا ثم لما ظهرت في أعيانها وأنزلها الحق من عنده أنزلها في خزائنها فإن الإمكان ما فارقها حكمه فلو لا ما هي في خزائنها ما حكمت عليها الخزائن فلما كان الإمكان لا يفارقها طرفة عين ولا يصح خروجها منه لم يزل المرجح معها لأنه لا بد أن تتصف بأحد الممكنين من وجود وعدم فما زالت هي والخزائن عند الله إذا المرجح لا يفارق ترجيح أحد الممكنين على هذه الأشياء فما لها خروج من خزائن إمكانها وإنما الحق سبحانه فتح أبواب هذه الخزائن حتى نظرنا إليها ونظرت إلينا ونحن فيها وخارجون عنها كما كان آدم خارجا عن قبضة الحق وهو فيه قبضة الحق يرى نفسه في الموطنين فمن رأى الأشياء ولم ير الخزائن ولا رأى الله الذي عنده هذه الخزائن فما رأى الأشياء قط فإن الأشياء لم تفارق خزائنها وخزائنها لم تفارق عندية الله والضمائر والعندية الإلهية لم تفارق ذاته فمن شهد واحدا من هذه الأمور فقد شهد المجموع‏

عندية الحق عين ذاته *** فيها لأشيائه خزائن‏

ينزل منها الذي يراه *** فهي لما يحتويه صائن‏

إنزاله لم يزله عنها *** لأنه أعين الكوائن‏

عندية ظرفها نزيه *** ما هي عندية الأماكن‏

ودهرها الله لا زمان *** والدهر ظرف لكل ساكن‏

يملكه بالسكون فيه *** مسكنه أشرف المساكن‏

ليس لها نقلة بلا هو *** فهي كملزومه تعاين‏

ما صفته من دقيق معنى *** وما أنا للغريم ضامن‏

فما في الكون إن كنت عالما أحدية إلا أحدية المجموع لأنه لم يزل إلها ولا يزال إلها وما تجدد عليه حكم لم يكن عليه ولا حدث اسم لم يكن تسمى به فإنه المسمى نفهس ولا قام به نعت لم يكن قبل ذلك منعوتا به بل له الأمر من قبل ومن بعد فهو ذو الأسماء الحسنى والصفات العليا والإله الذي لم يزل في العماء والرحمن الذي وصف نفسه بالاستواء والرب الذي ينزل كل ليلة في الثلث الباقي من الليل إلى السماء وهو معنا أينما كنا وما يكون من نجوى عدد معين إلا وهو مشفع ذلك العدد أو موتره فهو رابع الثلاثة وسادس الخمسة وأكثر من ذلك وأدنى فهل رأيت أو هل جاءك من الحق في وحيه إلا أحدية المجموع لأنه ما جاء إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ولا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ... الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ

[إن الأسماء الإلهية وإن ترادفت على مسمى واحد لكن تدل على معان مختلفة]

وأنت تعلم أن كنت من أهل الفهم عن الله أن هذه الأسماء وإن ترادفت على مسمى واحد من حيث ذاته فإنا نعلم أنها تدل على معان مختلفة قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فما ندعو إلا إلها واحدا له هذه الأسماء المختلفة الحقائق والمدلولات ولم تزل له هذه الأسماء أزلا وهذه هي الخزائن الإلهية التي فيها خزائن الإمكانات المخزونة فيها الأشياء فقابل الجمع بالجمع والكثرة بالكثرة والعدد بالعدد مع أحدية العين فذلك أحدية الجمع وكل مصل يناجي ربه في خلوته معه وإن الله واضع كنفه عليه فهو المطلق المقيد العام في الخصوص الخاص في العموم‏

[أن الله جعل لنا موطنين في التصفيف‏]

واعلم أن الله جعل لنا موطنين في التصفيف لم يجعل ذلك لغيرنا من المخلوقين صف في موطن الصلاة وصف في موطن الجهاد فقال إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ‏

وأمرنا بالتراص في الصف في الصلاة وذكر أن الملائكة يتراص في الصف عند ربها وجعل صفوفنا كصفوف الملائكة وليس ذلك لغيرنا من الأمم وجاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وهو الإمام والْمَلائِكَةُ صَفًّا فالإمام صف وحده لأنه مجموع وأحديته أحدية المجموع ولذلك كان صفا وحده وتجلى الحق لأهل الصفوف في مجموع الأحدية لا في أحدية المجموع لأن كل شخص من أشخاص الصفوف يناجي من الحق ما يعطيه حضوره وما يناسب قصده وما هو عليه من العلم بربه ولهذا تجلى لهم في مجموع الأحدية فسبق لهم المجموع وأضافه إلى الأحدية حتى لا يشركوا مع الله أحدا في عبادتهم مع اختلاف مقاصدهم وعقائدهم وأحوالهم وأمزجتهم ومناسباتهم ولهذا تختلف سؤالاتهم وتكثر فلو تجلى لهم في أحدية المجموع لم يتمكن لهم النظر إلى المجموع مع وجود تقدم الأحدية ولو كان ذلك لكانت مقاصدهم مقصدا واحدا وسؤالهم سؤالا واحدا وحالاتهم في الحضور حالا واحدة وعلمهم بالله علم واحد والواقع ليس كذلك فدل على إن التجلي كان في مجموع الأحدية وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فرجع المجموع إلى الواحد وأضيف إليه لئلا يتخيلوا أن المجموع وجود أعيان وهو وجود أحكام وأن الله ما شرع الإمام في الصلاة إلا ليقابل به الأحدية التي أضاف المجموع إليها ويقابل بالجماعة مجموع الأحدية فالإمام يناجي الأحدية خاصة ولهذا اعتقد من اعتقد عصمة الإمام في الصلاة حتى يسلم وهم أصحاب الإمام المعصوم لأن الواحد لا يسهو عن أحديته إلا المعلم بالفعل فإنه يقوم به السهو ليعلم كيف يكون حكم الساهي من الجماعة وليس إلا الأنبياء خاصة وما عدا الرسل فهو متبع واحد من أهل الصف فإذا تقدم هو وليس برسول فهو معصوم لأنه ليس بمعلم هذا الذي جعل أصحاب الإمام المعصوم الذين هم الإمامية يقولون بعصمة الإمام والواقع خلاف ذلك فإنه ما من إمام إلا ويسهو في صلاته وإن لم يسه عن صلاته والجماعة تناجي مجموع الأحدية كل شخص مأموم يناجي ما يقابله من مجموع الأحدية فأي مصل صلى ولم يشاهد ما ذكرناه من إمام ومأموم فما صلى الصلاة المشروعة بالكمال وإن أتمها فما أكملها لأن تمام الصلاة إقامة نشأتها واستيفاء أركانها من فرائضها وسننها من قيام وتكبير وقراءة وركوع وخفض ورفع وهيأة وسلام إذا أتى بهذا كله فقد أتمها وإذا شاهد ما ذكرناه فقد أكملها لأن الغاية هي المرتبة وما وضعت الصلاة إلا لغايتها وهو المعبر عنه في العموم بالحضور في الصلاة أي استصحاب النية في أجزائها من أول الدخول فيها والتلبس بها إلى الخروج منها فانظر يا أخي هل صليت مثل هذه الصلاة إماما كنت أو مأموما وهل فرقت بينك وبين إمامك في الشهود أو ميزته عنك بالتقدم المكاني وبتقدم المكانة في الحكم فلا تكبر حتى يكبر ولا تركع حتى يركع ولا ترفع حتى يرفع ولا تفعل شيئا من أفعال الصلاة حتى يفعل فإن رتبتك الاتباع فالإمام متقدم على المأموم مكانا إن كان في جماعة ومكانة إن لم يكن معه إلا واحد فهو إمام بالمكانة يقابل الأحدية ويقابل مجموع الأحدية بانضمام الآخر إليه حتى كأنه الصف فالإمام إذا تقدم بالمكان والجماعة خلفه لم يشهد سوى الأحدية وإن كان في الصف مع المأموم لوحدانية المأموم شهد الإمام مجموع الأحدية وأحدية المجموع أو شهد المأموم مجموع الأحدية لا غير فميزته عنه المكانة لاتباعه إياه واقتدائه به فإن خالفه فإن ناصية المأموم بيد شيطان والشيطنة البعد والصلاة قرب فهذا قرب في عين بعد وبعد في عين قرب فلم يشهد هذا المأموم مجموع الأحدية لأنه ليس بمأموم لا مكانا ولا مكانة وإذا كان بهذه المثابة فإن الإمام في حال مخالفة المأموم له ما يشاهد إلا الأحدية لأنه ليس في صف لفقد المأموم لما زال عن مأموميته فالإمام في هذه الحال كالمصلي وحده بالنظر إلى حال هذا المأموم وهو إمام بالنظر إلى من يصلي خلفه من الملائكة والملائكة لا تصف إلا خلفه والملائكة تصف عند ربها وهي في هذه الحال عند الإمام المصلي بها وهي لم تزل عند ربها فالإمام خليفة فسجد له الملائكة والإمام يسجد لله فالله قبلة الإمام والإمام قبلة الملائكة وما أم جبريل عليه السلام بالنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إلا ليعلمه الصلاة

بالفعل فصلى به مكانة لا مكانا فإنه صلى به وحده ولم يتقدم عليه فعلمه عدد الصلوات في أوقاتها وهيأتها على أتم الوجوه ثم أمره إذا كان في جماعة أن يتقدمهم بالمكان ومن رأى أنه تقدم بالمكان جبريل أيضا فلم يكن ذلك إلا حتى كشف الله الغطاء عن بصر النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فرأى الملائكة فرأى الجماعة فصف معهم خلف جبريل وأما على الستر فلا ولهذا

صلى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بالرجل وحده وجعله على يمينه‏

في صف واحد

لأن ذلك الشخص لم يشاهد الملائكة فراعى الإمام حكم المأموم وما كنت بجانب الطور إذ نادى الله موسى ولا بالجانب الغربي إذ قضى إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ وما كُنْتَ من الشَّاهِدِينَ كذلك ما كنت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذ أم به جبريل في الصلوات الخمس وما كُنْتَ من الشَّاهِدِينَ وما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ وليس حكم من شاهد الأمور حكم من لم يشاهدها إلا بالأعلام فللعيان حال لا يمكن أن يعرفه إلا صاحب العيان كما إن للعلم حالا لا يعرفه إلا أولو العلم ليس لغيرهم فيه ذوق رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ‏

ولكن للعيان لطيف معنى *** لذا سأل المعاينة الكليم‏

وما زال سجود الملائكة لبني آدم في كل صلاة كما سجدوا لأبيهم آدم فما زالت الخلافة في بنى آدم ما بقي فيهم مصل يقول الله الله فإن الأمر الإلهي والشأن إذا وقع في الدنيا لم يرتفع حكمه إلى يوم القيامة وقد وقع السجود لآدم من الملائكة فبقي سجودهم لذريته خلف كل من يصلي إلى يوم القيامة كما نسي آدم فنسيت ذريته كما جحد آدم فجحدت ذريته كما قتل قابيل هابيل ظلما فما زال القتل ظلما في بنى آدم إلى يوم القيامة وعلى الأول كفل من ذلك كما للأول في الخير نصيب من كل من فعله‏

فمن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة

وهم الذين يحملون أَثْقالَهُمْ وأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ فكل مصل إمام للملائكة والملائكة خلفه تسجد له إلا إن الفرق بين الأصل والفرع أعني آدم وذريته إن الملائكة تسجد لسجود بنى آدم في القراءة والصلاة وآدم سجدوا له سجود المتعلم للمعلم فاجتمعا في السجود واختلفا في السبب وإنما المقصود الذي أردناه أن نبين أن السجود من الملائكة خلف بنى آدم ما ارتفع وأن الإمامة ما ارتفعت من آدم إلى آخر مصل والملائكة تبع لهذا الإمام كما قررناه فنحن عند الله في حال إمامتنا والملائكة في هذه الحال عندنا بالاقتداء فهي عند ربها لأن الإمام عنده فالملائكة عنده لأنها عند الإمام وكل صف إمام لمن خلفه بالغا ما بلغ وقولي‏

فعندية الرب معقولة *** وعندية الهو لا تعقل‏

وعندية الله مجهولة *** وعندية الخلق لا تجهل‏

وليس هما عند ظرفية *** وليس لها غيرها محمل‏

الضمير في لها يعود على الظرفية وفي هما يعود على عندية الحق والخلق‏

[أن العندية نسبة ما هي أمر وجودي‏]

واعلم أن العندية نسبة ما هي أمر وجودي لأن النسب أمور عدمية ثابتة الحكم معدومة العين وسيأتي الكلام إن شاء الله في أحوال الأقطاب فيمن كان هجيره ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ الله باقٍ من هذا الكتاب وإنما قلنا إن عندية الله مجهولة لأن الله بما هو الله لا يتعين فيه اسم من الأسماء الإلهية دون اسم فإنه عين مجموع الأسماء وما تخصصه إلا الأحوال فإنه من قال يا الله افعل لي كذا فحاله تخصص أي اسم أراد مما يتضمنه هذا الاسم الله من الأسماء فلهذا يقال فيه إنه مقيد في إطلاق أي تقيده الأحوال بما تطلبه من الأسماء المندرجة فيه ومطلق من حيث انتفاء الأحوال فهو الاسم القابل لكل اسم كما أن الهيولى الكل قابلة لكل صورة وعندية الرب قريبة من هذا إلا إن الفرق بينهما إن الرب ما أتى قط إلا مضافا فمن كان عنده فهو عند من أضيف إليه ولا يضاف إلا إلى كون من الأكوان وعندية الخلق معلومة فعندية الرب معقولة وأما عندية الهو فإن الهو ضمير غائب والغائب لا يحكم عليه ما كانت حالته الغيبة لأنه لا يدري على أي حالة هو حتى يشهد فإذا شهد فليس هو لأن الغيبة زالت عنه إلا ترى الساكت لا ينسب إليه أمر حتى يتكلم ولا مذهب ولهذا لا يدخل في الإجماع بسكوته وهذه مسألة خلاف والصحيح ما قلناه كما إن ترك النكير ليس بحجة إلا في بقاء ذلك الأمر على الأصل المنطوق به في قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ ما في الْأَرْضِ جَمِيعاً وكلام بنى آدم مما خلق في الأرض وجميع أفعالهم فإذا رأينا أمرا قد قيل أو فعل بمحضر رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولم ينكره فلا نقول إن حكمه الإباحة فإنه لم يحكم فيه بشي‏ء إذ يحتمل أنه لم ينزل فيه شي‏ء عليه وهو لا يحكم إلا بما أوحى الله فيه إليه فيبقى ذلك على الأصل وهو التصرف الطبيعي الذي تطلبه هذه النشأة من غير تعيين حكم عليه بأحد الأحكام الخمسة وهو الأصل الأول أو نرده إلى الأصل الثاني وهو قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ ما في الْأَرْضِ جَمِيعا

وليس بنص في الإباحة وإنما هو ظاهر لأن حكم المحظور خلق أي حكم به من أجلنا أي نزل حكمه من أجلنا ابتلاء من الله هل نمتنع منه أم لا كما نزل الوجوب والندب والكراهة والإباحة فالأصل إن لا حكم وهو الأصل الأول الذي يقتضيه النظر الصحيح ويتضمن هذا المنزل من العلوم علم حمد السواء وتفاصيله فإنه عم الطرفين والواسطة وأضافه إلى العالمين لم يخص عالما من عالم فقال في الطرف الواحد في أول فاتحة الكتاب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وجعل هذا التحميد بين الرحمة المركبة فإنه تقدمه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وتأخر بعده الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فصار العالم بين رحمتين فأوله مرحوم ومآله إلى الرحمة وجاء في وسط سورة يونس في صفة أهل الجنة إن آخر دعائهم أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وجاء في سورة والصافات والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ بعد قوله وسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وهم المرحومون السالمون فحمد الله رب العالمين عقيب نصره وظفره بخيبر فهو حمد نعمة فظهر حمد النعمة في أول السورة وفي وسطها وفي آخرها فعم الطرفين والواسطة فهل هذا الحمد في هذه المراتب على السواء من كونه حمد سواء أو هو مختلف المراتب لاختلاف الطرفين والوسط وأي المراتب أعلى فيه هل أحد الطرفين أو الوسط ولمن هو الحمد الأول من العالمين والوسط والآخر كل ذلك علم يعطيه الله العلماء بالله الذين يَخْشَوْنَهُ ولا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا الله وفيه علم المراتب الملكية والبشرية وهل مراتبها على السواء أو أي المراتب أعلى هل مراتب البشر أو مراتب الملائكة أو لكل صنف منهما مراتب تعلو على مراتب الآخر وفيه علم جلب المنافع وهل المضار في طيها منافع أم لا وتعيين المنافع وفيه علم الاتباع في الإلهيات هل يتبع التابع فيها الذكر أو الفكر وفيه علم توحيد الإضافة لا توحيد الإطلاق وهل التوحيد توحيدان أم لا أعني توحيد الذات وتوحيد الإله في الألوهة وبما ذا يدرك كل واحد من هذا التوحيد وفيه علم نسبة الله إلى الأشياء هل هي عين نسبة الأشياء إلى الله أو تختلف وفيه علم هل للشي‏ء الواحد وجوه متعددة أو ليس للشي‏ء الواحد سوى وجه واحد وما يصدر عنه إذا كان بهذه المثابة وفيه علم الفرق بين الرمي الإلهي والكوني وفيه علم الديمومة وفيه علم الاختلاس وما حكمه في المختلس بكسر اللام والمختلس بفتح اللام اسم فاعل واسم مفعول وإن الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد وفيه علم ما للعالم من الخلق وفيه علم اجتماع خالقين على مخلوق واحد هل أعطى كل واحد منهما ما أعطى الآخر أم أحكامهما في خلقه مختلفة وفيما اختلفوا فيه من خلقه وفيما اجتمعوا وفيه علم الرفق بالجاهل في الحال وإمهاله ليرجع عن جهله وفيه علم النطق من الجاهل هل حكمه حكم نطق العالم في الإصابة وإن لم يعلم الجاهل المقام الذي منه نطق أم لا وأصابته التي يراها العالم خطأ فساوى العالم الجاهل في جهل المقام الذي منه نطق الجاهل والفرق بين من يدري ذلك ممن لا يدريه من العلماء وما حكم العالم الذي يعلم ذلك وفيه علم تأثير الواحد في الكثيرين من أين أثر مع أحديته وفيه علم الفصل والوصل وفيه علم جمع الصفة للمختلفين بأي حقيقة تجمعهم وفيه علم الهداية إلى الضلال وفيه علم المواقف والقول وهل للرضى مواقف كما للقهر أم لا وكم مواقف القيامة وهل تنحصر مواقف أهل الله كمواقف النفري أم لا تنحصر أو تنحصر من وجه ولا تنحصر من وجه ولما ذا كان الوقوف وهل هو وقوف سكون أم لا يزال منتقلا في وقوفه وفيه علم الفرق بين أهل الإسلام وأهل الاستسلام وفيه علم طلب العلم من الكون وفيه علم ما يعطيه الاعتراف بالحق في أي موطن كان وهل هو نافع صاحبه بكل وجه أم لا وما ينبغي أن يعترف به مما لا ينبغي أن يعترف به وفيه علم العلم النافع وفيه علم أدوات المعاني ما كان منها مركبا وغير مركب وفيه علم ما ينعم الإنسان وما يعذبه وأنه ليس شي‏ء من الله في أحد وفيه علم الخطوط والحدود الإلهية وأنها موسومة لا

تختلط وهي أعلم بمحالها من محالها بها فإن محالها معلومة لها وليس هي معلومة المكان لمحالها وفيه علم النعم التي ترفع الآلام والفرق بينها وبين النعم التي لا ترفع ألما وفيه علم الأنس بالمثل وهل يقع الأنس بالله لمن خلق على الصورة أو من حقيقة كونه على الصورة أنه لا يأنس بالله كما لا يأنس الله به وهل للعالم بجملته هذا الحكم أم لا وهل الإنسان الذي هو كالظل للحق حكمه حكم الإنسان الكامل الخليفة الذي هو جزء من ذلك الإنسان المشبه بالظل أم لا وفيه علم الالتذاذ بالنغم الواقعة بالأغيار هل هو من كمال الالتذاذ المطلوب أو هل هو نقص في المستلذ له وفيه علم النفس في قوله استفت قلبك وإن أفتاك المفتون فإن هنا لطفا



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!